عن منشورات زمان في القدس صدرت هذه الأيّام المجموعة الشّعريّة الجديدة بعنوان quot;لغة أمquot; للكاتب والشّاعر سلمان مصالحة. وهذه هي المجموعة السّادسة الصّادرة له اللّغة العربيّة، وقد سبقها إصدار المجموعات التالية: مغناة طائر الخضّر، كالعنكبوت بلا خيوط، مقامات شرقيّة، ريش البحر، وخانة فارغة. كما كانت صدرت له قبل عامين مجموعة شعريّة أخرى بعنوان quot;داخل المكانquot;، مكتوبة أصلاً باللّغة العبريّة، عن دار نشر عام-عوڤيد العبريّة في تل-أبيب. ويشار إلى أنّه نشر بالمشاركة مع ألبير أرازي مجلّدا بعنوان quot;العقد الثّمينquot; الّذي ضمّ طبعة علميّة لدواوين الشّعراء الستّة الجاهليّين مشتملة على معجم مفهرس لأشعارهم، وقد صدرت دواوين الشّعراء والمعجم في مجلّد ضخم عن معهد الدّراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة العبرية في القدس.
أمّا مجموعته quot;لغة أمquot; الصّادرة حديثًا فقد اشتملت على 41 قصيدة، وقد جاءت في 120 صفحة. لقد تنوعّت قصائد هذه المجموعة من ناحية الأشكال والبنى الشّعريّة، وشملت الأشكال والبنى الشعرية التي تدور في فضائها القصيدة العربيّة قديمها وحديثها، بدءًا من القصيدة العموديّة، مرورًا بقصيدة التّفعيلة، وانتهاءً بالنثريّة. ومن أجواء مجموعة quot;لغة أمquot; الجديدة هذه القصيدة:

إذا حَمَلَ الطَّيْرُ غَرْبًا فُؤَادِي
(رحلة فلسطينيّ في الرّبوع الأندلسيّة)

رَكِـبْتُ ضُحًى صَهْوَةَ القَلْبِ شَوْقَـا
كَـمَـنْ شَــدَّهُ الحُـلْـمُ، أَوْ رَامَ نُطْـقَـا

وَيَـمَّـمْــتُ وَجْهِــيَ صَــوْبَ رُبـُـوعٍ
نَمَــتْ فِـي الجَـنـَـانِ، فَـأَوْرَقَ رَوْقَـا

وَأَعْمَـلْـــتُ فِكْـــرِيَ بَـعْـــضَ نَـهَــارٍ
بِمَا أَوْرَثَ البَحْـرُ فِـي الأَرْضِ أُفْـقَـا

وَرُوحًا سَـمَـتْ فَوْقَ مَوْجٍ كَطَـيْـــرٍ
تَسَــلَّـقَ حَـبْـــلَ الـرِّيــاحِ، فَـأَلْـقَـــى

عَلَـى الغَرْبِ نَجْمًا، وَمَالَ فَـثَــنَّــى
عَلَــى الشَّرْقِ غَـيْـثًـا، وأَشْعَلَ بَرْقَـا

رَكِبْتُ ضُحًى صَهْوَةَ الحُلْمِ حُزْنًا
وَوَدَّعْـــتُ طِـفْـــلاً بِـقَـلْـبِــــيَ عَقَّـا

تَـرَكْــتُ وَرائِــي كَـلامًــا كَـثِـيـــرًا
وَرَمْـــلاً كَـثِـيـــفَ الظِّـــلالِ وَرِقَّــا

وَلَــمْ أَدْرِ أَنَّ الـدُّرُوبَ رَمَــتْــنِـــــي
إلَـى شَــاهِــقٍ مِـنْ زَمـانٍ مُـنَــقَّــى

وَراءَ جِـبَــالٍ غَـفَـتْ خَلْــفَ بَحْـرٍ
بهــا غـابِــرٌ عـامِــرٌ لَيْـــسَ يُـرْقَــــى

عَـلا أَسْرُجَ الخَـيْـلِ، يَبْـغِـي هِـلالاً
هَوَى مَغْـرِبَ الشَّمْسِ فَارْتَدَّ أَلْـقَـا

بَـنَــى أَجـْـنُــحًــا لِلـرِّيـَـاحِ، وَبَـيْــتًـا
بِهِ الرُّوحُ شَـادَتْ صُرُوحًا وَأَبْقَــى

حـُــرُوفًــا مُسَـــطَّــرَةً كَـالـقَـوَافِــــي
وَنَظْمًا عَلَى هَامِ مَنْ هَامَ عِشْقَــا

هُــنـا رحْــلَةٌ فـي رُبُـــوعِ حَكـايـــا
لَهــا أَوّلٌ لَـيْــسَ يَـفْنَــى، فَـيَبْـقَــى

كَلامًا عَلَى القَلْـبِ، إذْ عَـزَّ قَوْلٌ
تَـصَـــوَّبَ غَـيْـــثٌ عَـلَـيْـــهِ فَـرَقَّــا

هُـنَـا خُطْـوَةٌ دَرَسَـتْ فِــي تُـرابٍ
هُـنـَـا آيـَــــةٌ تَـرْفَـــعُ الـرَّايَ فَـوْقَـــا

تَــرَكْــتُ وَرائِـي بِـلادًا تَـلَظَّـــتْ
بِـنـَارِ جَهَـنَّـــمَ فَـازْدَدْتُ حـَـرْقَــــا

حَمَـلْــتُ مَـعِـي شَهْقَـةً مِنْ بِـلادٍ
تَقِـي شَاعِـرًا زادَهُ المَشْهَدُ شَـهْـقَا

تَــرَكْــــتُ وَرائِــي بِـلادًا وَدَمـْــعـًـــا
جَرَى مِنْ شُجُـونِ العُيُونِ، فَشَـقَّـا

عَـلَـــيَّ الرَّحِــيــــلُ، لِـبَـعْــضِ زَمــانٍ
يُذَكِّـرُنـِــي بِالَّـذِي سَـــوْفَ أَلْــقَـــى

فَـيـَـا أيـُّهَــا الطَّـيْـــرُ دَعْـنِــي أُغَــنـِّـــي
وَخُـذْ بَعْـــضَ لَـحْـنِـي لِقَلْبِكَ خَفْقَا

كَـلامـُــكَ رَجْـــعُ حُــرُوفٍ تـَــوارَتْ
عَـنِ السَّـمْــعِ، يـا طَـيْـــرُ بِاللّــهِ رِفْقَـا

فَــإنِّــــي، وَإنْ زَانَ قَــوْلِــــيَ سِـــحـْــرٌ
فَقَدْ كَـذَبَ السِّحْرُ، لَوْ كانَ صِدْقَـا

إذا حَـمـَـــلَ الطَّـيْــــرُ غَـرْبًــا فُــؤَادِي
فَـيَــا عَـجَــبَ القَـلْــبِ يَزْدادُ شَـرْقَـا