كسل القارئ أم رداءة المعروض؟

الاقبال الكبير على رواية" بنات الرياض" ونفادها من المكتبات، وتداولها مصورة، وكذلك الاقبال على روايات أحلام مستغانمي وتركي الحمد وغيرهم قبل ذلك يدل على أن هناك أناس تقرأ وتريد الاطلاع على الجديد، وأن اتهام الشعوب العربية بالعزوف عن القراءة يعود في أكثر الأحيان الى رداءة المعروض وليس لكسل القارئ ، وفي تصوري أن الرواية هي التي ستكون الفن العربي القادم الذي نستطيع أن ننافس فيه عالميا وسط المجالات القليلة التي نستطيع أن ننافس فيها فعلا، ولعل نوبل نجيب محفوظ أكبر دليل على ذلك بل تكاد تكون الرواية والكتابة بشكل عام هي المجال الوحيد الذي يمكن أن يبدع فيه الخليجيون والمرأة الخليجية بشكل خاص. روايات تركي الحمد-في رأيي - لم تكن على مستوى فني غير عادي لكن ما جذب العالم لها هوصدقها واخلاص كاتبها في نقل الواقع كما يراه لأمة اشتاقت لمرآة صافية ترى نفسها من خلالها، وبكل التفاصيل التي تميز مجتمعنا وكل تناقضاته، ورواية" بنات الرياض"أيضا نجحت لنفس السبب حيث فتحت الباب لعالم غامض وجعلت القراء يدخلون في تفاصيل وحكايات لم يقرأوا عنها من قبل، وعندمانقرأ روايات الكاتب البرازيلي المقروء باولو كويليو سنجدها روايات في غاية البساطة لكنه من خلال هذه البساطة يصطحبنا الى فهم أعمق ما في الانسان سواء من خلال حكاية امرأة كانت تريد ان تنتحر وينقذونها على آخر لحظة فتعيد فهمها للحياة أو من خلال قصة امرأة مومس تعرف عليها في جنيف ويحكي قصتها .
من الأسباب التي تساعد على أن تكون الرواية هي الفن العربي القادم أن الرواية فن بلا تاريخ عربي وبالتالي ستكون للكاتب العربي الحرية في خوض تجربته الخاصة وكتابة روايته بالطريقة التي تروقه وهو يضمن تحقيق قدر من النجاح طالما استطاع الاحتفاظ بصوته الأصيل ودون أن يتهم بخيانة لتراث روائي أو رواية (عمودية) مثلا.

هل أنت روائي؟

سألت قارئة الأديبة غادة السمان مرة : "خطيبي يدعي أنه روائي فكيف لي أن أتأكد؟"فأجابت غادة : "ببساطة.. اصطحبيه الى عرض ستربتيز، لو وجدته يحدق في العرض فهو ذواقة وليس روائيا، لكن لو وجدته يحدق في وجوه الحاضرين فهو بالتأكيد روائي وكاتب". وسألها مرة أحد قرائها : "كيف أعرف ان كنت روائيا؟"فأجابت : "لو شاهدت التفاحة وهي تسقط من الشجرة وفكرت بقانون الجاذبية فأنت عالم، لو أخذت التفاحة وبعتها فانت تاجر، لو التهمت التفاحة فأنت واقعي، لو أحزنك موت التفاحة فأنت شاعر، لو انحزت للأفعى ضد آدم فأنت سياسي أما لو "فكرت في كل ذلك ولم تملك سوى أن تكتبه فأنت كاتب وروائي.
سمعت مقولة مرة بأنه لا يوجد انسان عاش أربعين سنة لا يستطيع أن يكتب رواية، ويقول ريتشارد رودس: "أنت انسان ولك قصتك الخاصة والمختلفة، لوحكيتها بحماس واخلاص كثيرون سيستمعون اليك، اننا بحاجة للقصص كي نعيش وقصتك ستوسع الدائرة". ويقول أحد الكتاب عن كتابة الرواية أنها : "تشبه قيادة سيارتك في الظلام، فأنت لا تستطيع أن ترى أبعد ما يسمح به ضوءسيارتك لكنك تستطيع أن تكمل الرحلة الطويلة بأكملها على هذا النحو!"
اننا نعيش اليوم مرحلة( الديمقراطية الابداعية)، حيث يملك كل فرد فرصته لخلق موقعه الخاص وكتابة قصته فلنشجع على فتح باب الرواية على مصراعيه وندع الباقي للزمن الذي سيعرف كيف يبقي على السمين وما ينفع الناس

[email protected]