فنتازيا عربية

قلنا في المقال السابق، إن خطوة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لم تعجب الكثيرين من أبواق الغوغائية العربية، بل انها أصابتهم بالرعب والوجل. ومثل هذه الخطوة الايجابية كان من المفروض ان تتم منذ زمن بعيد لو لا الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها سلطات الاحتلال خلال السنوات الثلاثة الماضية، يضاف إلى ذلك الأنانية القاتلة وقصر النظر الذي ميَّز سلوك بعض الساسة العراقيين. لولا تلك الأخطاء، وعلى رأسها حل الجيش وأجهزة الأمن العراقية، لما أمكن ان تسود هذه الفوضى التي تسبب فيها الذين فقدوا مناصبهم وامتيازاتهم وملهوفاتهم التي لهفوفها من قوت الشعب العراقي على مدى السنين، ويصطف معهم المتشددون المتزمتون من الإسلاميين سنة وشيعة. وكل هؤلاء يعرفون جيداً ان نجاح التجربة العراقية ما هو إلا تدمير ودحر وكشف وفضح لغوغائيتهم وجهلهم وتخلفهم، وسحب للبساط الذي اعتمدوا عليه لفترة طويلة، وهو الجهل والخوف والرعب الذي ادخلوه في نفوس الناس حتى تسود أجندتهم. أمريكا وحلفاؤها ارتكبوا الخطاء عديدة في العراق، ولكن كيف كنا ننظر إلى تلك الأخطاء ؟ البعض، وهؤلاء هم الذين تهمهم مصلحة العراقي، يريدون ان يتم الاعتراف بهذه الأخطاء والتراجع عنها وتصحيحها حتى تسير القافلة في الطريق الصحيح. أما البعض الآخر، وهو الأعلى صوتاً والأكثر انتشاراً في قنوات الردح، وفي برامج الردح في القنوات غير الرادحة، هذا البعض يظهر جلياً من نبرته وحماسه وتشنجه، ان ما يهمه هو فشل التجربة العراقية برمتها، ولكن لا يستطيع ان يعبر عن ذلك صراحة، لذا يطلق عليها اسم ( المشروع الأمريكي ) لكي يتسنى له مهاجمتها والوقوف ضدها. هذا البعض يطرب لتلك الأخطاء ويحتفي بها ويضخمها ويتمنى تكرارها وزيادتها، ولا تهمه النتائج المترتبة على هذه الأخطاء حتى لو كانت على حساب أرواح الشعب العراقي، بل ان كل همه هو ان يقول ان أمريكا فاشلة ، لذلك فان اى تقدم نحو الحلول في العراق يصيبه بخيبة أمل. ولو كان هناك احتمال 1% لنجاح التجربة العراقية، فان هذا يربك هذا البعض الذي نتحدث عنه ويخلط أوراقه، لذا هم لا يريدون أي خطوة ايجابية ولسان حالهم يقول : اللهم ادم الأخطاء وزدنا منها !!. والقافلة سوف تسير مهما كانت العراقيل التي تواجه المسيرة، وفي مهما علا صوت هؤلاء وزاد تشنجهم، لأنه في النهاية لا يصح إلا الأخير سوف ينتصر عراق الخير والأمل على عراق الشر والتدمير الصحيح.

كاتب سوداني