بتاريخ 7 نوفمبر من عام 2007م كان الدولار الأمريكي التعيس يهبط ويهبط كجلمود صخر حطه السيل من عل؟ ووصل مقابل الدولار الكندي إلى 93 سنتا وكان قبل ثلاث سنوات 160 فهل يعقل أن يخسف الله الأرض بالعملة الأمريكية بأشد مما خسف بقارون فما كان له فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين.
إن قصة الدولار قصة مزمنة، وذهب المثل فالج لا تعالج، وفي الطب تحديات من الأمراض في رأسها السرطان.
وحالة الدولار في خريف 2007م تذكر بالسرطان، فكل مرض يرتفع إلا الهرم والسرطان، في تناقض محير، فالهرم هبوط إلى القبر ومعانقة الموت، والسرطان تمرد على الموت، وحالة الدولار الأمريكي تشبه مريض السرطان الذي يتمرد على الموت وهو يموت..
قبل ثلاث سنوات كنت في كندا، وفي جيبي دولار أمريكي، فملأت جعبتي من الدولار الكندي، وصرفت كل دولار أمريكي مقابل الكندي بـ 159 سنتا، (والسنت هي الوحدة النقدية الصغرى مثل الهللة في الريال السعودي والبفنك في المارك الألماني سابقا..) وفي خريف 2007 م اشتريت الكندي بـ 380 هللة، ما هو أغلى من الأمريكي، وعندما نظرت في أوراقي القديمة شهقت؛ فقد اشتريت الكندي من قبل بـ 250 هللة؟!
أي أن جيوبنا انبخشت، وأموالنا تبخرت، مثل آيس كريم في صيف قائظ؟؟
فهل يعقل أن الريال السعودي المرتبط بالدولار برقم لايتزحزح في حدود 376 هللة، أن يتبخر حوالي 40% من قوته أموالنا أمام أعيننا لمجرد أننا نمسك في أيدينا بهذا الدولار التعيس؟؟
وفي ربيع 2007م كنت في فرنسا ولم يعد من فرنك أو مارك، فكنا نملأ ليتر البنزين بأكثر من يورو أي حوالي 12 ضعفا عما هو في السعودية؟ وتذكرت أيام الخير في ألمانيا وأسبانيا..
وكلما فتحت الانترنت لأعرف صحة الدولار الذي تأتي رواتبنا الشهرية مربوطة فيه، أتذكر قصة الجني والسندباد، فقد اجتمع السندباد في أحد رحلته برجل تظاهر بأنه شيخ كبير السن يريد أحدا لحمله، فأشفق عليه السندباد وحمله على ظهره، ليكتشف السندباد أنه شيطان مريد، فقد ركب على أكتاف السندباد ولم يعد يتزحزح، وليس على السندباد سوى حمله ولو لآخر العالم، وهي قصة الريال المسكين الذي يحمل على كتفه هذا الدولار الشيطان؟
ثم اهتدى السندباد إلى حيله ليتخلص منه، فسقاه خمرا فسكر، فخضه سندباد لما ثمل، فنفض الملعون ورماه من على ظهره وتحرر، ونحن يجب أن نرمي من على ظهورنا هذا الأمريكي المترف، الذي يعيش برفاهية ليس بعرق جبينه، بل بالفهلوية ونهب العالم المنظم..
تقول أمريكا لمن له دين عندها أهلا وسهلا كم لكم عندي؟؟ مائة دولار تفضلوا؟؟ ثم تطبع العملة الخضراء ليس بسعر مائة بل ستينا، مع لعبة الانخفاض التي نراها، فتدفع أمريكا بدل المائة ستينا؛ فتسرق أربعين بكل شطارة، مثل علي الزيبق، أو اللصوص الذين يسرقون الكحل من العين؟؟
وفي يوم قرأت لكاتب أن هناك 11 سببا لعدم فك الريال عن الدولار، فعرفت أن هناك 12 سببا تدعو لفك الريال عن الدولار.
وأنا لا أزعم نفسي أنني خبير اقتصاد، ولكن ياقوم لي عقل يقول أن أموالنا تتبخر وعرقنا يتبدد وجهدنا يضيع مع ورطة الدولار المريض بمرض السرطان..
ومنذ أكثر من ثلاثين سنة وأنا أراقب السوق بحذر، فقد كنت في ألمانيا واحترت أين أضع مدخراتي التي هي تعب حياتي وعرق جبيني، فما زال من يسرقني بين الحبل والغارب، حتى ضاع الكثير بين رجلين الحرامية..
وقصة انهيار العقارات في أمريكا وصفها اقتصادي أمريكي أنها لعبه حرامية محترفين بين طرفين مغفلين، المغفل الأول الذي يستقرض وهو لايستطيع السداد، والمستثمر المغفل الثاني الذي يضع أمواله ليستفيد، ومن يستفيد هو اللص الوسيط بين فريقين من الأغبياء المغفلين..
وهي تذكرني بقصة الحصادة التي وقعت فيها، فقد جاءني صديقي التركي يوما ليغريني بشراء حصادة، نسترد قيمتها في صيفية واحدة، وفوقها ربح ثلاثين ألفا من الريالات؟؟ والجشع هوالذي يوقع الجرذ في المصيدة مع كل ذكاءه، بفعل ريح الجبن ولعابه السائل؟؟
وكان علي أن استرد قسما من مالي، وبعد ثلاث سنوات عجاف، أكلني كل من حولي بمن فيهم صديق قديم لي أعرفه منذ أيام الطفولة، أخذ الحصادة مني بدل 110 آلاف ريال بـ 48 ألفا، ولم يرض، قال: إن احتاجت للتصليح اترك لي ثلاثة آلاف، ولم أنتبه، وطارت الثلاث من 48 فبقي في جيبي 45 الفا، وأنا أحمد الله أن هناك من اشترى مني هذه الماكنية الديناصور من الحديد.
وكنت محظوظا فهناك من دخل المعمعمة وخرج خالي الوفاض، وصهري وضع مئة الف دولار مع أحد المغامرين في دمشق، فعرض عليه في النهاية خمسة آلاف دولار؟ مثل قصة القرد الناسك والقطين والجبنة وهي قصة مسلية أخرى، فقال صهري للزرزور لن آخذ شيئا؟ وضع الخمسة آلاف في جيبك مع ما أخذت؟ وأنا كان رأيي أن يأخذ أي مبغ يصله فقد ضاع كل شيء؟!..
وهكذ فنحن اليوم في كازينو دولي، يشرف عليه عصابة من المضاربين، وقلوب الناس تنخلع كل يوم مع الدولار المتسرطن نزولا وصعودا، بدون أمل في الشفاء، فهو يتحدرج على منحدر مائل منذ خمسين عاما أو يزيد..
وإذا استيقظنا يوما على الدولار بنصف سعره مثل البات التايلاندي والدينار الأردني والليرة السورية العجفاء العوراء أو الجنيه المصري والسوداني الذي يموت كل يوم درجة؛ فعلينا أن لانتعجب..
أولا يرون أنه يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لايتوبون ولا هم يدذكرون؟؟

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقة قانونية