هذا هو السؤال الذى يمثل هاجسا للمصرين، بلدهم رايح فين؟ وليس لدى المصريين فقط ولكن لدى الكثير من المهتمين بالشرق الاوسط فى العالم كله.اذا كان هذا هو السؤال الهاجس فهل هناك افضل من تدشين بدء نشاطنا فى منتدى الشرق الاوسط للحريات بمصر بالبحث عن اجابة عن هذا السؤال. ولكن كيف نجيب على هذا السؤال و ماذا يخبئ هذا السؤال من عوامل للقلق؟. يعنىالقلق على اوضاع الدولة المدنية، وعلى اوضاع التعليم و الصحافة واستقلال القضاء و حقوق الانسان و المجتمع المدنى ومستقبل الديمقراطية و الثقافة و التعايش بين المسلمين و الاقباط وعلاقات مصر الدولية وخاصة مع امريكا و اسرائيل؟.

ولهذا قرر القائمون على منتدى الشرق الاوسط للحريات، بأن يكون افتتاح المنتدى فى القاهرة هو عبارة عن مؤتمر مكثف يجمع افضل الخبراء المصريين للاجابة على هذا السؤال.وبالفعل تحدث خمسة و عشرون خبيرا مصريا من المفكرين والباحثين المتخصصين يوم 28، 29 نوفمبر 2007 فى مقر المركز فى ظل تواجد كثيف من الحضور ووسائل الاعلام، و جاوب كلا فى مجال تخصصه على السؤال عن تقييمه لاوضاع مصر الحالية و المستقبلية.حول مستقبل الثقافة تحدث الاستاذ احمد عبد المعطى حجازى، والصحافة الاستاذ صلاح عيسى، اما مستقبل الاصلاح الاسلامى فقد تحدث الاستاذ جمال البنا، وعن التعليم كان هناك ثلاث متحدثين هم د.محمد ابو الغار عن مستقبل الجامعة و الدكاترة منى ابو سنة وكمال مغيث عن مستقبل التعليم ما قبل الجامعى، و عن الدولة المدنية والدولة الدينية تحدث كل من د.مراد وهبة ود.عصام عبد الله ود.سيد القمنى، و عن مستقبل الديمقراطية تحدث د.اسامة الغزالى حرب، اما عن مستقبل علاقات مصر الدولية فقد تحدث د.عبد المنعم سعيد عن العلاقات المصرية الامريكية ود.عماد جاد عن العلاقات المصرية الاسرائلية، وافادنا الاستاذ حسين عبد الرازق عن اوضاع الاحزاب السياسية ومستقبلها فى مصر.اما موضوع استقلال القضاء المثار هذه الايام فقد تحدث حوله د.ثروت بدوى والاستاذ امير سالم المحامى، ويبقى الخوف على مستقبل التعايش بين المسلمين و الاقباط وقد تناول هذه القضية كلا من الدكتور شريف دوس و المهندس يوسف سيدهم، وتحدث الاستاذ نبيل عبد الملك عن مستقبل حقوق الانسان، وحتى مستقبل الدولة فقد حاضر فى ذلك الدكتور سامر سليمان الاستاذفى الجامعة الامريكية وهو الوحيد الذى اكد لنا بأنه لا خوف على الدولة المصرية سواء من الانهيار او التفكك او التقسيم فهى دولة راسخة منذ الاف السنين، اما مستقبل النظام السياسى نفسه فقد وعد د.عمرو حمزاوى بارسال بحثا حول هذه الجزئية القلقة لضمها للكتاب. و هناك اوراق اعدت للمؤتمر واعتذر اصحابها عن الحضور لظروفهم الخاصة مثل د.رشدى سعيد عن مستقبل المياه، ود.جابر عصفور عن مستقبل الدولة المدنية ود.فوزى اسطفانوس عن مستقبل الطب ود.محمد السيد سعيد عن مستقبل اليسار و الاستاذة فريدة النقاش عن مستقبل المرأة.

الاجابات التفصيلية عن كل هذه الاسئلة والمحاور بالاضافة الى بحث لمجدى خليل عن مستقبل الاقباط وبحث للمهندس عادل جندى عن مستقبل الحريات الدينية سيحتويها.كتاب سيصدر قريبا يجمع اعمال المؤتمر والابحاث المقدمة له وسنضعه بين يدى المصريين والخبراء الدوليين ليعرفوا كيف يرى الخبراء المصريون مستقبل بلدهم؟وما هو الطريق الذى سوف يسلكه؟ وهل استعد المصريون للاحتمالات المختلفة؟.
لقد حرص المؤتمر على استضافة كل الوان الطيف السياسى والثقافى فى مصر، فحضر من الحزب الوطنى الدكتور عبد المنعم سعيد، ومن حزب التجمع امينه العام الاستاذ حسين عبد الرازق، ومن حزب الجبهة الديموقراطية الدكتور اسامة الغزالى حرب نائب رئيس الحزب ومؤسسه، ومن حزب الغد المحامى امير سالم وحتى جماعة الاخوان فقد مثل فكرها الدكتور ثروت بدوى الذى دافع بشراسة عن فكرالجماعة وحقوقها السياسية. ومن مراكز حقوق الانسان المهندس احمد رزق مدير مركز بن خلدون وشقيق الدكتور سعد الدين ابراهيم والاستاذ نبيل عبد الملك رئيس المنظمة المصرية الكندية لحقوق الانسان. ومن جماعات الاصلاح الدكتور محمد ابو الغار مؤسس حركة 9 مارس لاستقلال الجامعة المصرية. حضر مسلمون واقباط وبهائيون ولادينيون، اكاديميون من الجامعات ومفكرون ومثقفون مستقلون، يسار ووسط ويمين، شباب وشيوخ، رجال ونساء.


نعود للسؤال مصر الى اين؟
هل الى فوضى؟، هل نحن ازاء فترة انتقالية ومخاض صعب للاصلاح؟، ام ان كل ما يحدث هو نوع من الصخب الناتج عن تفاعل عوامل داخلية وخارجية استطاع النظام التعامل معه بحنكة لامتصاص واجهاض اى محاولة للتغيير؟، هل نحن فى الطريق الى القاع ام فى القاع بالفعل؟، هل نحن فى طريق التقدم ام نسير بالقصور الذاتى الى ان تتوقف عجلة السيرنهائيا معلنة انهيار نظام يوليو؟، هل انقسم المجتمع بالفعل بين دعاة الدولة الدينية وحماة النظام العسكرى القائم وشلل منتفعيه.؟، هل ما نقوم به لا يؤدى الى اى تراكم حقيقى كما قال د.طارق على حسن رئيس هيئة الاوبرا السابق ومن ثم فان جهود الليبراليين و المجتمع المدنى المصرى يتأكل تاثيرها نتيجة عدم الخبرة فى تراكم العمل السياسى؟، ام ان هناك تراكم للتخلف كما قال د.مراد وهبة ومن ثم فان هذا التراكم يحتاج على الاقل الى مائة عام لازالته باحلال فكر بن رشد مكان فكر بن تيمية؟، هل يسير الليبراليون فى خطواط متوازية كما كان يقول المرحوم د.سعيد النجارومن ثم يتضائل ويتشتت ويتبعثرتاثيرهم؟ ام ان جهودنا عبارة عن مكلمة لا جدوى منها كما قال المهندس يوسف سيدهم المتفائل بجهود المجلس القومى لحقوق الانسان والمتشائم تجاه جهود المجتمع المدنى ومثقفيه؟، ام ان النظام الحاكم واجهزته الامنية يجهضون اى محاولة حقيقية لخلق بديل حقيقى ومن ثم لا يبقى فى الصورة سوى الاخوان الذين تعودوا على العمل تحت الارض ولا ينتعشون سوى فى هذه الاجواء؟، ام ان قدرة الدولة المصرية على الاستمرار مرهون باستيعابها لمنظومة حقوق الانسان الدولية كما قال د. عصام عبد الله؟.
و اذا كان كل هذا التشاؤم يحيط بنا و يغمرنا تجاه مستقبل مصر فهل يفسر لنا احد لماذا يسير المجتمع فى طريقه بدون هزات تذكركما قال د.عبد المنعم سعيد، لماذا لم ينهار النظام بالفعل رغم كل هذه التوقعات المتشائمة تجاهه ورغم وجود كل هذه المشاكل و المصائب تكتنفه وتحيط به وتحاصره؟. الحقيقة كنت انتظر الاجابة على هذا السؤال من باحث ومفكر مرموق مثل د. عبد المنعم سعيد ولكننى لم اسمعها رغم محاضرته القيمة التى القاها، واتمنى ان اسمع الاجابة فى مقالة قادمة له. هل انتصر حسن البنا على طه حسين فى مصر ومن ثم فان تحويل مصر الى دولة دينية اسلامية مكتملة الاركان هو مسألة وقت؟، ام ان هناك بقايا لهذا المجتمع تقاوم وتجعل السقوط فى وحل الدولة الدينية حلم بعيد المنال لمريديه؟ ام ان التخبط هوالسمة السائدة ومن ثم كما يقولون الجميع يرقصون على السلالم دون ان يصل اى منهم الى مبتغاه وتظل مصر كما هى تعانى من متعابها وتعصب الكثير من ابنائها وانتشار الفساد وسيطرة الامن وغياب الديموقراطية دون السقوط المذرى الى القاع؟.

ربما تجد عزيزى القارئ اجابة عن مثل هذه التساؤلات فى ابحاث المؤتمر التى ستصدر فى كتاب عن فاعلياته، اما السؤال الآخر لماذا منتدى الشرق الاوسط للحريات الآن؟فهذا هو السؤال الاسهل والذى نستطيع الاجابة عليه فى المقال القادم.
[email protected]

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية