وأول ما أتمناه للعام القادم أن يؤمن الناس كل الناس أن الدين لله، ومصدره الله. وأن الدين إيمان وقناعة واختيار حر. ومن يُكرَه أو يُجبَر على هذا الدين أو ذاك يصبح منافقا، ويقضي عمره حاقدا معاديا لمن أجبروه، كارها لهم، مخربا لدينهم. وأن يؤمنوا أن غاية أديان الله بناء المجتمعات وتوحيدها، لا تفريقها أو تمزيقها، ولا التحريض على الكره والقتل والبغضاء بين أبنائها، بل تهذيب النفوس وتوجيهها للخير والتآلف ونشر الحب والعدل والوئام بين الناس كل الناس، لأن الحقد والضغينة والكراهية والتمييز والقتل والعدوان شرٌ. وأن الشر دين الشيطان، ومصدره الشيطان.
وثاني ما أتمناه أن يكون الناس جميعا، نساء ورجالا، سواسية أمام القانون كأسنان المشط، يتمتعون بحقوق متساوية، وواجبات متساوية، وفرص متساوية، وحماية متساوية، وعدالة تظلل الجميع. وأن يكون حق الاختيار والانتماء حقا مقدسا لكل أفراد المجتمع. وأن يعيشوا في ود وتقارب وتعاون ووئام. وأن يغسل ماء الحب قلوبهم، وينير بصيرتهم، ويداوي نفوسهم. وأن تكون قيمة الإنسان لا بحسبه ونسبه، ولا بانتمائه لهذه الأثنية أو ذاك الدين. بل بعلمه وأخلاقه وحسن سلوكه وتعامله مع الآخرين، وصدقه ووفائه وحبه للمساعدة، والتزامه وإخلاصه في العمل والبناء.
وثالث ما أتمناه أن تصير القراءة وحب العلم والبحث والتقصي والتمحيص والمعرفة، والجري خلف الحقيقة وقبولها مهما كانت مرة، عادة مرغوبة مطلوبة في مجتمعاتنا، يعشقها الصغير والكبير والرجال والنساء. وأن يصير الجهل والشعوذة والترهيب والخرافات والمتاجرين بها ألد أعدائنا، نتجند جميعا في نبذهم ونبذها، ومحاربتها والقضاء عليها. وأن يعرف أبناءنا أن الاستعمار الفكري هو أخطر أنواع الاستعمار، وأخطر أنواع الأسلحة التي تهدم وتدمر الإنسان والمجتمع.
ورابع ما أتمناه امرأة قهرت الخوف والضعف في أعماقها. امرأة ترفض أن يُحجر عليها، ويُنتقص من عقلها بسبب جنسها. امرأة تأبى أن يهدر أحد أو يقلل من شخصيتها وكرامتها، امرأة تأبى الوصاية والتبعية. امرأة صنو الرجل في الإرث والشهادة والتعليم والعمل، لها حق الخلع والوصاية أو الولاية على أولادها. امرأة تؤمن بحقها في الحياة الكاملة، والحرية والتعبير عن الرأي بكافة الوسائل السلمية. امرأة تحميها القوانين من عبث العابثين، أو اتهام الحمقى والطامعين. امرأة تنال كامل حقوقها الاجتماعية والسياسية والثقافية كأي مواطن في بلدها، لتساهم في بناء أسرتها ومجتمعها ووطنها.
وخامس ما أتمناه أن تكون غايات الإنسان شريفة، ووسائله شريفة. أن يكون شفافا طموحا يكره الموت ودعاة الموت، ويحترم الحياة وحق الحياة. إنسان يحافظ على كلمته ووعده وشرفه، لا يُباع ولا يُشرى بمنصب أو مال. شعاره الصدق في الحياة والعمل، يؤمن بالحق والعدل، ويدافع عنه بكل قواه. يكره ويحارب الظلم والظالمين ما استطاع إلى ذلك سبيلا. إنسان ينادي بالحرية المسؤولة للجميع، وحق التعبير عن الرأي للجميع، وحق الاختيار لكل الناس دون استثناء. إنسان يرفض الجبر والإكراه والإجبار. يرفض الغش والتزوير، والاستقواء بالغير. يرفض التملق والمحاباة والكيد والمخاتلة. يسخر من الخرافات، ويعتبر الرشوة والمرتشين أعداء الله والوطن. إنسان يتكلم في وضح النهار، ويعمل في وضح النهار. إنسان يفعل ما يقول، ولا يقول ما لا يفعل. إنسان لا يخدع الناس ولا يسخر من أمانيهم وحقوقهم واختياراتهم. يكره المظاهر المزيفة، والتظاهر بما ليس فيه.
وسادس ما أتمناه سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية يصنعون مجدا للشعب والوطن. ويذكرهم التاريخ بفخر وحب وخير، ويكتبهم في أنصع صفحاته بأحرف من نور. يرسون القوانين التي تكفل تقدم وازدهار الوطن والمجتمع، ويعملون على نشرها وتنفيذها بكل السبل اللازمة. ويقيمون العدل والمساواة والأمان والحب والتآلف بين كل المواطنين، لا يخشون في الحق والعدل لوم لائم. ويكونون على مسافة متساوية من الجميع، لا يحابون أحدا، ولا يفرقون بين قريب وبعيد، أو بين ضعيف وقوي، أو بين فقير وغني. ينشرون الخير والرخاء. ويؤمنون أن ليس للإنسان إلا ما سعى، ومن يعمل لبلاده وشعبه مثقال ذرة خيرا يرى، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يرى.
[email protected]

اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه