لا استطيع أن أقول عن كلام رئيس وزراء قطر عن المحكمة الدولية، الذي ذكره في تصريحاته بالقاهرة في الأسبوع الماضي إلا انه استغفال وضحك علي العقول من النوع الذي مارسه ويمارسه الإعلام البروباغندي التجهيلي،ولقطر باع طويل فيه، الذي ساد العالم العربي في السنين الأخيرة. وإذا كنا لا نستغرب الاستغفال من كثير من أجهزة الإعلام المغرضة فكيف لنا أن نقبله من مسئول علي رأس الهرم السياسي لدولة عربية في هذا الوقت بالذات الذي تحاول فيه كل الدول الخروج من المأزق الحضاري الذي تعيشه الدول العربية.لكن وكما يقال إذا لم تستح فافعل ما تشاء، وإذا لم تجد من يرد عليك فقل ما تشاء، وهذا بالضبط ما صار يحدث في عالمنا العربي في السنين الماضية إذ أن كل من يرتكب حماقة أو يجر جريرة على الشعوب يدافع عنها بكلام فالت وساذج بل وقد يكون عبثيا وغبياً، غير ان قائله يقوله وهو مطمئن البال، ليس بسبب صدق ما يقول ولكن لأنه يعلم ان لا احد سوف يرد عليه أو يسأله أو يغالطه.
قال رئيس الوزراء القطري : (ان قطر لا تعطل المحكمة الدولية بل إنها تؤيد تشكيل محكمة لمحاكمة من ارتكب هذه الجريمة الشنعاء ولكن فقط نريد توافقاً لبنانياً من جميع الإطراف)، ونقول له انك تعرف، كما يعرف الجميع ان هناك طرف من هذه الأطراف لا يريد قيام هذه المحكمة، وكل أقواله وأفعاله تدل على أنها لن تقوم ألا علي جثته، والكل يعلم ان هذا الطرف تحركه أطراف أخرى خارج لبنان تعلن بصراحة ووضوح انها ضد قيام المحكمة الدولية، فإذا كانت قطر لا تريد ان تعطل المحكمة الدولية فعلاً فلماذا تتبنى أطروحات هذه الأطراف وتكرر أقوالها وتضع نفس العصي التي تضعها هذه الأطراف في دواليب المحكمة؟ ان من يوافق على قيام المحكمة لا يمكن ان يدعم أطروحات مناهضيها والخائفين منها، وإذا كان الموقف القطري في كثير من المفاصل يقف ضد الإجماع العربي بوضوح، فلماذا التمويه في هذه القضية؟ ولماذا لا تعلن قطر موقفها الرافض للمحكمة،والذي ظهر جلياً في مجلس الأمن، لماذا لا تعلنه بوضوح وتقول انها ترفض هذه المحكمة وتريحنا وتستريح، أو إذا كان الأمر ليس كذلك فلماذا لا يواجه رئيس وزراء قطر الذين يعطلون قيام المحكمة - وهم أصدقائه ndash; ويطلب منهم سحب العصي من دواليبها؟ فهؤلاء بأقوالهم وأفعالهم يؤكدون كل يوم أنهم مدانون فكيف يتوقع منهم الإجماع على المحكمة وبالتالي لف الحبل حول رقابهم؟ وسؤال آخر لرئيس الوزراء : متى وأين اجمع كل الناس على شئ، خاصة في عالمنا العربي؟
ويحذر رئيس وزراء قطر في تصريحاته تلك من (حدوث نشئ لم يكن في الحسبان) إذا قامت المحكمة من دون توافق لبناني عليها. ونقول له لا، انه في الحسبان وقد أعلنه صراحة من تدافع عنه أنت بالمواراة، وها هو الآن يحاول تنفيذه من خلال عصاباته المهزومة في مخيم نهر البارد، والذي اثبت ان الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني في جانب وسوريا وعصاباتها في لبنان في الجانب الآخر، فمع أي الجانبين تقف قطر؟
ويضيف رئيس الوزراء : quot; هناك جهة في مجلس الأمن تصر على المحكمة الدولية، وهناك دول مؤمنة بأنه يجب ان يكون هناك توافق لبناني، وهناك دستور لبناني يجب عدم اختراقه quot;. ونقول لرئيس الوزراء أيضا هناك في لبنان جهة تصر على الحكمة الدولية وتسعى إلى ذلك بكل قوة ووضوح و جهة أخرى تقف ضد المحكمة بكل قوة ولكن بلا وضوح بل بالتمويه والمداورة والمداراة ويعلقون ذلك على الاجتماع كما تفعل قطر والدول الرافضة في مجلس الأمن. أما الدستور اللبناني فقد ذُبِح منذ زمن بعيد بمعسكرات التهريج المنصوبة في ميادين لبنان وشوارعها، وبخطب وتصريحات بشار الأسد التي يلقيها مباشرة أو من خلال لسان حسن نصرا لله. والآن يُعاد ذبح ذلك الدستور في نهر البارد، ونقول أخيرا لرئيس الوزراء، إذا كنت جاداً في حديثك عن الدستور اللبناني فعلك بمخاطبه هؤلاء الذين يذبحونه.

(كاتبة من منازلهم)