من اجل السلام العادل؟

قبل عدة أسابيع، كان التوجه الأمريكي العدائي تجاه سوريا يمتد إلى حد منع إسرائيل من إعادة فتح ملف التفاوض معها.. والى تشديد الحصار والعزلة المفروضة عليها.. والى تكذيب كافة ما تسرب من أقاويل حول الرسل والرسائل الإسرائيلية التي حملت إلى دمشق والرئيس بشار الأسد شخصياً على لسان كبار المسئولية الأوربيين والعرب..
اليوم.. يؤكد المراقبون الدوليون أن الاتصالات تجرى بين الطرفين على قدم وساق بعد أن حصل شؤول موفاز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الضوء الأخضر ndash; الذي ألغيت في ضوئه موجبات العداء واستبدلت بمجسات النبض - على اثر اجتماعه المطول ( يوم 6 الجاري ) في واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكية، ويقولون أن النتائج الأولية لهذه الرسائل العلنية والخفية ستناقش يوم 19 من الشهر الحالي عندما يلتقي أولمرت مع بوش الابن تمهيداً لبدء الخطوة الأولي التي ربما يعلن الرئيس الأمريكي عن آلية تفعيلها قبل نهاية الشهر ذاته!!..
قال إيهود أولمرت أنه يرغب في quot; إعادة هضبة الجولان إلى سوريا quot; إذا ضمنت حكومته وفائها بالواجبات التالية:
- التخلي تدريجياً عن تحالفها مع إيران
- و فض ارتباط حزب الله بها مادياً ومعنوياً
- و إغلاق الباب بإحكام أمام المنظمات الإرهابية الفلسطينية وعلى رأسها حماس
- ورفع يدها نهائياً عن النظام الحاكم في لبنان
- وأخيراً زيادة مساهمتها في الحرب ضد الإرهاب..
المدقق في هذه المطالب يلحظ بلا كثير جهد أنها تعبر اصدق تعبير عن مدى الترابط الاستراتيجي بين أمريكا وإسرائيل حول أهداف مشتركة في الشرق الأوسط الكبير كما صك اصطلاحه الرئيس الأمريكي منذ بعضة أشهر.. وأنها تقوى من ذراعيهما الضاغطتين على شعوب المنطقة بلا تفرقة.. وأنها تسعي إلى إعادة تأهيل مناطق الخلل التي أصابت مخططاتهما في المنطقة ذاتها بعد فشل الحرب الإسرائيلية ضد الشعب اللبناني في الصيف الماضي مضافاً إليها توالي مسلسل الفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان..
ما يهمنا بعد هذا التدقيق..
هل تصدق سوريا أن إسرائيل فعلاً صادقه في مسعى التفاوض الجاد معها على أسس عادلة لبناء سلام مستقر ؟؟ وهل وقر لديها أن تحالف تل أبيب الإستراتيجي مع واشنطن يُبطن نية إعادة الحقوق لأصحابها ؟؟..
إذا كانت تصدق ذلك.. إذن فهي مستدرجة إلى فخ عظيم الشأن حيث تنوي المفاوضات استخدامها للعب ضد الهدف السوري الرئيسي من وراء هذه العودة ونقصد به استعادة أراضي هضبة الجولان كاملة، لأن اسرائيل لن تفرط فيها:
-لأنها تخطط بمعاونة أطراف دولية لاستئجارها منها لمدة 25 عام بعقد quot; قابل للتجديد quot; تشهد عليه الشرعية الدولية..
-أو لأنها تخطط لتحويل 60 % من أراضيها المحيطة ببحيرة طبرية الى حديقة دولية ومنتج عالمي بإشراف وإدارة دولية تدعهما أيضا تحالفات دولية تزكيها الأمم المتحدة..
وهي مطالبة أيضا بفض تحالفها الاستراتيجي مع طهران بعد أن ثبتت جدواه كل منهما في استخدامه واللعب بأوراقه خلال السنوات العشر الماضية وما يترتب عليه من إنهاء دعمها المادي والمعنوي لحزب الله بالإضافة إلى استكمال استدارتها بعيداً عن لبنان، واستعاضة ذلك بتحالف فوري مع واشنطن لكي تنضم إلى مجموعة الأنظمة الشرق أوسطية المعتدلة.. يعقبه تحالف تدريجي مع إسرائيل من أجل استغلال أراضي الهضبة سواء رضيت دمشق بتأجيرها أو قبلت بتحويلها إلى حديقة دولية ومنتجع عالمي..
استفتاءات الرأي العام في إسرائيل حول حكومة إيهود أولمرت ومدي الثقة فيها تواصل الهبوط منذ أكثر من شهرين، لكن هذا التدني لن يسارع إلى التخلص منها خصوصاً بعد انتخاب إيهود باراك رئيسا لحزب العمل واختيار الكنيست لشمعون بيريز رئيس للدولة.. لأن كلاهما يؤيد بقاء حكومة أيهود أولمرت على الأقل إلى نهاية شهر يولية القادم وكلاهما له تجارب سابقة فيما يتعلق بالتفاوض مع سوريا، وكلاهما اعتبرته الأوساط السياسية الأوربية من العوامل التي ستساعد دولة إسرائيل على الخروج من المستنقع الذي انزلقت إليه عسكريا وامنيا وسياسيا منذ أغسطس 2006 وحتى اليوم!!..
فهل دمشق على استعداد للقيام بدور في عملية الإنقاذ هذه ولو من باب جس النبض وبالونات الاختبار؟
استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
[email protected]