قرأت خبرا يقول ان تبرعات الشعب الاميركي للاعمال الخيرية قد سجلت العام الماضي رقما بلغ 295 مليار دولار.
لا أعلم ان كان الرقم دقيقا ام لا، لكني لا استبعده على اية حال، فبيل جيتس وحده تبرع بنصف ثروته او اكثر.
أذكر يوم كنت في المملكة المتحدة قرأت عن ارقام تبرعات خيرية فردية، تخطت حاجز عشرة مليارات جنيه استرليني. ولست اذكر اهو رقم سجل في عام واحد او اكثر.
بصرف النظر عن دقة الرقم، فان صفرا ناقصا او زائدا لن يغير من حتمية الاعتراف بأن الغرب افضل منا نحن المسلمون الذين نطنطن كل يوم برأفتنا وبرنا بالفقراء مقارنة بالغرب المادي الجشع.
ان شئنا القول ان المسيحيين افضل منا في الرأفة بالآخرين فلن نكون جانبنا الصواب.
أنا لست اتكلم عن المسيحية والاسلام، أو اقول ان هذا افضل من ذاك. بل اتكلم عن المسيحيين والمسلمين، لأقول، انه في مسألة التبرعات للآخرين لهدف انساني خالص، فالمسيحيين افضل.
لمن يغضب من رأيي، او يعارضه، سأقول له إحسب معي:
كم عدد الاثرياء في العالم الاسلامي. لنفترض انهم مائة ألف فقط من اصل مليار انسان او يزيد. لنفترض ايضا ان حجم دورة رأس مال كل واحد منهم 100 مليون دولار فقط. 2% زكاة مفروضة، تعني مليوني دولار، مضروبة في مائة الف تعني 20 بليون دولار.
لو انفق اثرياء المسلمين 20 بليون دولار على فقراءهم لما كان هناك فقير بينهم. او في احسن تقدير لأصبح فقراؤنا نصف فقراء.
واذكر هنا بأني اتحدث عن الزكاة المفروضة، ناهيكم عن الصدقات الغير مفروضة.
أين هو الاسلام الذي نؤمن به، واثرياؤنا لاهون عن فقرائنا؟
اين هو التكافل؟
اين هي الرحمة فينا؟
لست اهاجم دينا، او اتباع دين. بل اقول اننا ندعي سماحة لا نطبقها.
وان كان اسلامنا يعجز عن اقناعنا بالتبرع للضعفاء والمحتاجين والمعوزين، وان كان اسلامنا يعجز عن جعلنا اناسا صالحين، فلم الصلاة والصياة وتكفير الآخر وتحقيره على اساس ان ديننا وحده هو الافضل والاكمل والاكثر انسانية؟
سيقول قائل ان الغرب يتبرع من جهة ويقتل الابرياء من جهة.
سأرد على ذلك بالقول انهم يقتلون ويتبرعون.. حسنا، لا بأس. أليس ذلك افضل منا نحن الذين نقتل بعضنا ولا يتبرع احدنا للمحتاج فينا؟
وردت الي يوم كنت رئيسا لتحرير مجلة quot;سيدتيquot; رسالة من امرأة سعودية توفي زوجها ولها ثلاثة ابناء يعانون من اعاقة عقلية. كانت تطلب مساعدة طبية عاجلة لخلل في غددها، ووظيفة تأكل منها وتحمي عرضها قبل ان تصبح وابنائها في الشارع.
ارسلنا حينها من يتأكد من حالها. فوجدناه اكثر سوءا مما ذكرته لنا.
حادثت بشأنها صديقا تتخطى ثروته حاجز 10 مليارات دولار، فوعدني خيرا.
بعد اسبوعين لم يصل المرأة شيئا، فحادثته من جديد، فوعدني خيرا.
بعد شهر لم يصل المرأة شيئا فأرسلت له رسالة عبر الهاتف الجوال، فأقسم انه ارسل مبلغا يعين المرأة على ما هي فيه.
بعد ثلاثة ايام اتصلت بي المرأة تشكر من ارسل لها مبلغ 1000 ريال كانت هي كل ما ارسله الصديق الثري.
اتصلت عليه استفسر ان كان هذا كل شيء، فقال: وما تريد اكثر؟
لا شيء.. قلت له!
قبل ان انهي المحادثة دعاني الى رحلة على يخته لمدة اربعة ايام لصيد سمك التونة.
سيقول البعض ان هذا نموذج لا يتكرر، او هو حالة استثنائية؟
دعوني اقول مطأطئا رأسي انه ليس استثناء.
دعوني اقول مرة اخرى.. انه ليس استثناء.

[email protected]