في زحمة الفضائح و المآسي التي تحيط بحكومة المالكي التعبانة التي لم يكتمل نصابها حتى اللحظة و تواجه مواقفا مصيرية وصعبة، كنا نتوقع أن تتم محاسبة وزير العمل و الشؤون الإجتماعية على هول ما حدث في ( دار الحنان ) لرعاية الطفولة؟؟ و التي عبرت بوجه فاضح و قميء عن نظرة الأحزاب الدينية و الطائفية المريضة للطفولة و للحياة و لكل القيم الإنسانية التي تدهورت اليوم بشكل مرعب في العراق حتى بات الدفاع عن الجريمة و البربرية و الوحشية في حكومة المحاصصة الطائفية بمثابة فريضة محكمة و سنة متبعة! لأنه و بصراحة قد تم حاليا تجاهل الموضوع بالكامل و إسدال الستار عليه و إهالة التراب على كل متبنياته الفكرية والإعلامية و الإنسانية؟ لأن ( أصحاب الفضيلة ) الوزراء و القادمين من الأحزاب الإسلامية ( المؤمنة حتى الثمالة ) لا يملكون وقتا لمناقشة و متابعة مثل تلك المواضيع الإنسانية البحتة!! لإنشغالهم بجمع و إحصاء الرؤوس المقطوعة و الجثث المحترقة و العوائل المهجرة؟ وتعداد الرواتب الدولارية الدسمة ثم السفر لدبي و لندن للتبضع و شراء العقارات و الإتكال على الله إستعدادا ليوم الهروب الكبير؟ فكل وزير عراقي اليوم هو مشروع فضيحة مستقبلية محتملة؟ و قادة الأحزاب الذين كانوا في سالف الأيام يبيعون الجوازات المزورة في حواري دمشق؟ و يسمسرون مع المخابرات السورية في الخط العسكري بين دمشق و بيروت! ويتاجرو نببرقيات الدخول الصادرة من فرع المخابرات السوري المرقم 279!! فضلا عن بيع السبح و ( الساهون و الفستق الإيراني ) و كذلك ( النعل ) الإيرانية البلاستك!! قد تحولوا اليوم لقادة دول و حكومات؟ و من كان بالأمس القريب يلطم في حسينيات لندن أصبح اليوم من سكنة أحياء لندن الراقية و لربما يدخلون قريبا (مجلس اللوردات )!! أو يحظون برتبة ( فارس ) نظرا لخدماتهم التاريخية في الشفط و السمسرة و تحويل الأموال لصالح المستضعفين الذين تحولوا لآئمة ووارثين و زعامات تاريخية و روحية ملهمة ليس مهما عندهم الأرواح العراقية أبدا... بل ما هو مهم دائما و أبدا هو المنصب الذي تهون أمامه كل الدماء و الصعاب فإنها و الله فرصة العمر التي وفرها ( المارينز ) لأهل التقوى و الإيمان من ( الدعاة ) و ( المجاهدين )!! و (المظلومين )!! لذلك فإنهم لا يحبون الظلم و لايطيقون سماع أصداء الإنتهاكات ضد الطفولة العراقية المعذبة!! و قد إستوقفني الحديث الذي أدلى به نائب رئيس الوزراء العراقي المدعو ( سلام الزوبعي ) الذي إنتقد و بحدة من على شاشة إحدى الفضائيات ( البغدادية ) الضجة المثارة حول ملجأ ( الحنان ) للأطفال المعاقين؟ وحيث أدلى السيد النائب بدلوه محتجا على كون نزلاء ذلك الملجأ لم يكونوا من الأيتام بل أنهم من ( شديدي العوق )!! و من الذين تخلت عنهم عوائلهم؟؟؟ و من أن القضية قد تم كشفها عبر الإعلام الأمريكي!! و سيادته لا يثق بالأمريكان أبدا!!! رغم كون أولئك الأمريكان ما غيرهم هم الذين أوصلوه لمنصب النيابة كما أوصلوا سيده لمنصب الرئاسة!! و لا مصلحة لهم أبدا في التخريب أو التشويش على العناصر القيادية التي تتعاون معهم!! ثم أطلق ( السيد النائب ) معلومة غير صحيحة حينما قال من أن الأطفال كانوا موجودين في هذا المكان منذ 25 يوما فقط؟ ؟؟ و ذلك ليس بصحيح بالمرة و أود هنا توضيح جانب من الموقف إستنادا لمعلومات تقصيتها من جهات إنسانية و منظمات للمجتمع المدني تعمل في الحقل الإنساني في العراق و قد أكدت تلك الجهات من أن فضيحة دار الحنان كانت معروفة ومشخصة و أشارت إليها بعض المنظمات الإنسانية إعتبارا من أوائل عام 2005 أي في حكومة ( مولانا إبراهيم الجعفري ) قدس سره المبارك؟ حينما لفتت بعض الأطراف الإنسانية إنتباه الحكومة لما يدور هناك من سرقات وتعدي و إغتصاب و إستغلال جنسي للأطفال من بعض ضعاف النفوس من العاملين و قد كتبت تقارير مفصلة عن تلك الأوضاع البائسة لمكتب الجعفري ( نصره الله )!! و كانت جميع تلك التقارير تصل ليد أحد المقربين جدا للجعفري وهو ( الحملدار) السابق أي منظم حملات الحج المدعو ( عدنان فلفل ) أو ( أبو الآء ) وهو إيراني الأصل!! كما كانت تصل للمعاون الآخر وهو ( أياد ) أو أبو حوراء! وقتها وصلت مساعدات كثيرة من الدول و الجهات و المنظمات المانحة سرعان ما إختفت و تبخرت و لم يعرف مصيرها لأنه قد تم التصرف بها من قبل الموظفين و أطراف أخرى باعت تلك المساعدات في السوق السوداء في ظل الفوضى العراقية الخلاقة و عدم متابعة وزارة الشؤون من خلال غياب دور المفتش العام للوزارة الذي ينبغي فتح تحقيق في دوره ودور الرقابة الإدارية المفقودة و الترهل و التسيب القاتل في وزارات الدولة الخدمية الفاشلة و المتآمرة على حياة العراقيين ، وكانت القصة معروفة منذ زمن و لكن الأميركان لم يميطوا عنها اللثام إلا مؤخرا؟ و إذا كان ( السيد النائب ) يجتهد اليوم للدفاع عن الحكومة في هذا الملف الشائن و المخزي فإنه يقف موقفا متعاليا من مأساة الضعفاء الذين قال بأن أهاليهم قد تخلوا عنهم؟ و إن الحكومة لا تستطيع الإهتمام بالأصحاء بسبب الإرهاب فكيف بشديدي العوق؟ هذا و الله ما قاله؟ و هو عذر أقبح من ذنب و يؤكد أن أهل الحكومة التحاصصية متضامنين في الباطل مختلفين على الحق!! و يجتهدون في تبرير الإنتهاكات و الفشل بدلا من محاسبة النفس و الضمير.. إنها حقا حكومة محترمة؟ ...فإبشروا يا عراقيين بمآثر أهل الإيمان من أحزاب الدين و الطائفة... و لا حول و لا قوة إلا بالله، و للسيد النائب ( الزوبعي ) نقول لقد أعميتها يا مولانا بدلا من أن تكحلها؟ و لا يسعني إلا ترديد بيت شعر المعري الشهير
يسوسون الأمور بغير عقل
فيطاع أمرهم و يقال ساسة
فأف من الزمان و أف مني
و من زمن رئاسته خساسة!!
[email protected]