-1-
في القرن العشرين، دخل العرب في أكثر من خمسة حروب طاحنة، لم ينتصروا في حرب واحدة منها. بل إن هذه الحروب قد اقتطعت أجزاء كثيرة من الأرض العربية ما زالت تحت سيطرة المنتصرين مسلمين ويهود من الإيرانيين والإسرائيليين والأتراك.

-2-
ورغم أن الجيوش العربية هي أكبر الجيوش عدداً في منطقة الشرق الأوسط، وأن عدتها مجتمعة أكبر عدة في هذه المنطقة، وأن ميزانية دفاعها من أكبر ميزانيات دفاع المنطقة، إلا أن هذه الجيوش لم تحقق نصراً واحداً حاسماً. ومن يدّعي أن حرب أكتوبر 1973، كانت نصراً عسكرياً مصرياً بامتياز، فهو يُمني النفس العربية المنكسرة سابقاً ولاحقاً، من جرّاء الحروب الخاسرة سابقاً ولاحقاً. فلولا معاهدة السلام (كامب ديفيد 1979) ودفع أمريكا لثلاثة مليارات دولار تعويضاً لإسرائيل لإزالة مطاراتها من سيناء، لما quot;انتصرتquot; مصر، واسترجعت سيناء وطابا وكامل أرضها المحتلة.
إذن، فالسلام هو الذي نصر مصر نصراً محدوداً وليست الحرب.
وهذا النصر المحدود، كان يتجلّى باسترجاع أارض مصرية فقط، وليس باحتلال أرض إسرائيلية، أو استرجاع أراضٍ فلسطينية، كانت في قبضة إسرائيل.

-3-
كذلك، فقد وقف أحمدي نجاد في زيارته الأخيرة لأبو ظبي (13/5/2007)، وحذر دول الخليج تحذيراً سياسياً وعسكرياً مهيناً، وعلى أرض خليجية، من أن تسمح لأمريكا باستعمال أراضيها لشن حرب على إيران. ولم نسمع من مسؤول خليجي كلمة احتجاج واحدة على هذه المهانة، وعلى هذا التحذير المهين. وكنا كالأرانب التي تقف مذعورة أمام الذئب الإيراني الذي خطف من الأمارات عام 1971 ثلاثة خراف (طمب الكبرى، وطمب الصغرى، وأبو موسى). وأكلها ونحن نتفرج كالأرانب.
وهناك صور سياسية وعسكرية كثيرة تقول، بأننا أصبحنا أمة أرانب، نفخر بجيوش الأرانب، وقوة الأرانب.

-4-
بالمقابل نحن نفخر ليل نهار - وخاصة رجال الدين منا - بقوة ثقافتنا، المتمثلة بالشعارات السياسية الفارغة من أي محتوى واقعي وموضوعي. والمتمثلة بالمزايدات السياسية التي يطلقها حكام عسكريون استولوا على السلطة بقوة السلاح، وبالوعود الرومانسية السياسية الكاذبة. والمتمثلة بخطاب الجهاد الديني، والتاريخ التقديسي.
ولقد أمكنتنا ممارسة العنف، واستعمال ثقافة القوة هذه، إلى تسلّط أصحاب القوة الحقيقية في الشرق الأوسط (إسرائيل مثالاً) علينا، ودحرنا في كل مواجهة عسكرية، رغم خطابات النصر الكاذب، وأناشيد النصر الكاذب، وإعلام النصر الكاذب، وكتّاب النصر الكذابين، وحسابات النصر الوهمية.

-5-
وما زلنا حتى لحظة قراءة هذه السطور، نبرز عضلات الأرانب في كل مناسبة، حتى إذا انهزمنا واجهنا الهزيمة بالهزيمة.
أي انهزمنا، وفررنا من مواجهة أسباب الهزيمة، ودواعيها، وتداعياتها، وحساباتها، وعقابها.
وبذا، أصبحنا أمة مستباحة حقاً.
ووكالة من غير بواب.
فلو أرادت إسرائيل، أو إيران، أن تتوسع على حساب أوطاننا، وكان لديها المبرر الوطني، أو السياسي، أو العسكري، أو الاقتصادي لذلك، فلن يكون اجتياحنا صعباً.
أنه أسهل من أكل قمع آيس كريم.
وما خشية هاتين الدولتين من قضم قطعة جديدة من أوطاننا، إلا من الردع الغربي، الذي لا يريد لبقرة النفط أن تُقتل، أو يجفَّ ضرعها، بفعل الصراعات الإقليمية.
فبوركت هذه البقرة المقدسة.
السلام عليكم.

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلافتسبب ملاحقة قانونية