* العلم مكروه عربياً لأنه يحتاج إلى جهد ونحن كسالى.
* العالم يقول quot;أظنquot; وquot;ربما quot; أما الدجال فهو يعرف كل شئ.
* فردوس العلم من صنعك أنت وهذه هى المشكلة.

[فوبيا العلم حالة مرضية عصابية هستيرية حادة تعيشها وتعانى منها الأمة العربية، ترى إستنكاراً وإهمالاً ولامبالاة لدور العلم فى تقدم هذه الأمة تسكن وتتغلغل فى كل الأحاديث الجانبية والبرامج التليفزيونية وحتى التصريحات الوزارية، تجد شماتة وتشفى فى تأخر أو فشل أى إنجاز علمى، يقابلك جارك فرحاً بأن الغرب الفاشل قد أخفق فى علاج الإيدز لأن الله لايرضى عنهم وعن أفعالهم!، ويتلفن لك صديقك منتشياً quot;شفت إمبارح سفينة الفضاء اللى إتحرقت ووقعت فى المحيط.. قال عايزين يوصلوا المريخ قالquot;!!، ويرقص مديرك طرباً هاهو الكمبيوتر الشيطان النجس قد هزم على يد بطل الشطرنج quot;إنتم إتجننتم عايزين تقارنوا مخ البنى آدم اللى كرمه ربنا بحتة حديدهquot;!!، وتخرج زوجتك لسانها لك وهى تستمع إلى خبير الأعشاب فى قناة الناس وهو يشفى السرطان بالبردقوش والسكر بحبة البركة والصدفية بالعسل وإلتهاب الكبد بالزيزفون والضعف الجنسى بشرش الزلوع quot;علشان تعرف إن مهما الدكاتره عملوا كيماويات سامه مافيش زى أعشاب الحاج فلان والشيخ علان والداعيه ترتانquot;!!!.
[أكثر الأشياء إزعاجاً فى هذا المرض وضع العلم فى مواجهة الدين، والشماتة فى العلم من منطلق ترسيخ الإيمان، وكراهيته نتيجة أنه ينتقص من نجاح وسيطرة الدين على القلوب والعقول، وهذا منطق مغلوط بل ومدمر، فكما قلنا من قبل وكررنا كثيراً مقاييس العلم مختلفة عن الدين، فالأول سؤال دائم والثانى يقين مطلق، والعلم أدواته التجربة والشك والدين أدواته الإيمان والطمأنينه، وعندما أناقش العلم بمنطق الدين أو العكس فأنا كمن يقيس الطول بالرطل ويزن بالسنتيمتر!، وهما ليسا فى تضاد أو حرب أو تنافس حتى نتعامل معهما بمنطق الأهلى والزمالك أو المصارعة الحرة، فهذا له مجال وذلك له مجال آخر، ولاينتقص من العلم أنه لايمتلك يقين ومطلق الدين، ولاينتقص من الدين أنه يفتقد شك ونسبية العلم.
[ترجع فوبيا العلم إلى سببين مهمين، أولهما فى المناخ الفكرى والثقافى الذى يعيشه ويتنفسه الشعب المصرى الآن، والثانى إلى طبيعة العلم نفسه، فالشعب المصرى يعيش حالة من التوهان والدروشة المزيفة والشكلية المقيتة والإهتمام بالقشور وإعتناق التفكير الخرافى وإدمان الدجل والغرق فى الغيبيات وهجران أرض الحياة إنتظاراً لحل السماء، أما طبيعة العلم التى تجعل شعبنا يكرهه فهى طبيعته المتشككة التى لاتعطى إجابات مريحة، فالعلم لايستطيع أن يقول لك أنا مصباح علاء الدين السحرى سأحقق لك كل أمنياتك، والعلم لايستطيع وعدك بشئ إلا إذا كان قادراً على إنجازه، والعالم الحقيقى عندما تسأله كثيراً مايرد عليك بإجابات مبتورة وغير مشبعة مثل quot;أغلب الظن quot; وquot;ربما quot;، وفردوس العلم الموعود مشكلته أنه من صناعتك أنت، وبيديك أنت، بإختصار العلم عايز مجهود، العلم يطرد من جنته الكسالى، هو رخم وغتت وغلس بعض الشئ لإنه لايريحك على وسائد النعام، ولايتبنى أساليب ووسائل إعلانات الفضائيات، هو لايفرش لك الدنيا بالورود والزهور بل يطلب منك أن تزرعها بنفسك.
[لن تتحقق الديمقراطية فى مجتمع يكره ويعادى العلم، فالتفكير العلمى هو بذرة التفكير الديمقراطى، فعندما تستمع إلى مناقشة منتدى أو مؤتمر علمى دولى، تستطيع بدون أن تدخل كلية سياسة وإقتصاد وبدون أن تكون مفكراً إستراتيجياً التعرف على معنى ومفهوم الديمقراطية عن قرب، فليس هناك سقف للمناقشة والإنتقاد والهجوم، لن ينجو صاحب البحث من ألسنة العلماء لأنه كبير السن أو مرهوب الجانب أو فاضل الأخلاق أو عالى المنصب، ولو تابعت كيف ينشر بحث علمى فى مجلة علمية أوروبية أو أمريكية محترمة ومعترف بها ستلمس شفافية الديمقراطية وحيدتها من خلال المحكمين المجهولين الذين يقرأون البحث ويجيزون نشره من خلال جديته وتجديده وتفرده وليس من خلال خفة دم كاتبه أو حجم سلطته.
[لاتكرهوا العلم لأنه نسبى، فهذا سر قوته، فالنظرية العلمية تظل عرضة لسهام النقد إلى أن تسقط أو تظل صامدة، ليس هناك مقدسات ولا كهنوت فى العلم، ظل نيوتن مسيطراً على الساحة إلى أن عجزت قوانينه عن تفسير الحركة فى سرعات أكبر ومجالات أدق، فظهر أينشتين بنسبيته، هو لم يلغى نيوتن بل أضاف إليه، والآن يحاول العلماء أن يدحضوا نظرية النسبية بدون أن يرفع ورثة أينشتين قضية سب وقذف، وبدون أن يكفر تلاميذه وأتباعه منتقديه ويتهمونهم بإنكار المعلوم من النسبية بالضرورة، فالعرف المتفق عليه بين العلماء هو أن العلم الصحيح هو القابل للتخطئة والنقد والتكذيب، لاتكرهوا العلم فهو لم يعد رفاهية أو ترفاً أو إختياراً بين مجموعة إختيارات، بل أصبح قضية حياة أو موت، العلم هو الذى أنقذ أطفالكم من شلل الأطفال، وإخترع محلول الجفاف، هو الذى خفض وفيات الأمهات أثناء الولادة، وهو الذى جعل الأراضى الزراعية تنتج مايكفى مليارات البشر، من الممكن أن يستخدمه البعض للدمار، ولكنها مسئولية وجريمة من يستخدمونه وليست مسئولية العلم، ببساطة إعطونى حلاً بديلاً عن العلم وأنا أرفع لكم القبعة وألعنه على المنابر، ليس
هناك طوق نجاة بديل إلا العلم، إكرهوه كما شئتم ولكنكم فى النهاية ستتسولون إنجازاته وتبكون على أعتابه.

* فوبيا المراهقة. . . مراهقون أم مرهقون!
* المراهقون عندنا شيوخ فى شرخ الشباب، وعواجيز بلابطاقات هوية.
* المراهق عندنا يتحول من طاقة بناء إلى قنبلة تدمير.
[فترة المراهقة إما أن تكون مساحة من الجنة أو قطعة من جهنم، إما أن تكون إستراحة على ضفة شاطئ نهر أو غرقاً فى محيط متلاطم الأمواج، والمراهق إما أن يكون شمعة فى نهاية النفق المعتم أو قنبلة فى جدار هذا النفق، إما طاقة بناء وإما طاقة تدمير، والمراهق المصرى ينتمى إلى الإختيار الثانى، إختار له المجتمع أن ينتمى إلى قبيلة ساكنى جهنم وغرقى المحيط، وتيمر وفتيل قنابل التدمير الزمنية التى على وشك الإنفجار.
[المراهقون لدينا مرهقون!، المجتمع لايثق بهم، متوجس منهم، وصى عليهم، يرفع علناً شعار كنز الحاضر وأمل المستقبل، أما سراً فهو يكبت حاضرهم ويصادر مستقبلهم، ينشئ لهم مجلس قومى أعلى ويعاملهم معاملة عبد أجرب ذليل أوطى!، المراهق فى مصر مرعوب خائف مضحوك عليه بعدة لافتات كتبها خطاطو ومخططو ومخلطو ومخربطو الوطن من الحرامية والأفاقين، لافتة مكتوب عليها كليات القمة، يظل المراهق مشدوداً مجذوباً إلى نداهتها السحرية، ليكتشف بعد أن يرتمى فى أحضانها، أنه قد تم إنتهاك عرضه وتدمير شخصيته، فخريجوها على قارعة الطريق يتسولون، دفنت مواهبهم وبددت طاقاتهم، ولم ينج من سفينتهم الغارقة إلا أصحاب الكوسة والواسطة وأبناء دادى الملياردير، ولافتة مكتوب عليها ممنوع الحب، ليصحو على وهم كبير، ويصدم بأنه قد بدد رصيد أجمل أيام حياته بلا مشاعر، فى صوبة الزيف الأخلاقى المزعوم، فيكون الحل أن يتحول إلى صايع يعاكس بفجاجة على نواصى الشوارع لأنه لم يعرف كيف يصرف طاقة المشاعر الكامنة لديه بصورة صحية، أو ينعزل الولد فى زاوية ليجتر كبته المزمن، ويجد فى اللحية والجلباب وطاعة الأمير نجدة السماء، وتنعزل البنت فى نقاب وإسدال يرسم خريطة لجزيرة تحيط بها الذئاب البشرية من الذكور الدراكولية، تجر جسدها كالعورة، وتلعنه وتكفنه فى زى الملثمات الأسود، تحيا فى كفن أسود، يقنعها المجتمع المذعور المنافق أن ربنا عايز كده، وأنها لو تعاملت مع جسدها بفخر وإعتزاز وإحترام، وبأنه هبة وليس مصيبة، فستجر من ناصية شعرها ويلقى بها فى أتون تتصاعد منه حمم البراكين، تهبط فى سبعين خريفاً لتتعذب إلى الأبد لأن خصلات شعرها شوهدت من ثعبان أرقط يسمى كذباً وبهتاناً الزميل أو الصديق.


[نظرة على أبنائنا فى الثانوية العامة، تجد جيشاً جراراً من محنى الظهر، شاردى الذهن، تفضحهم مآقيهم الحزينة، وأياديهم المرتعشة، لايعيشون سنهم، شيوخ فى شرخ الشباب، وعواجيز بلابطاقات هوية!، السن الذى لابد أن يفخر فيه المراهق بجسده وعقله وجموحه وتمرده وإنفتاحه على الحياة، يصبح سن الكآبة والإحباط، منتحرون يتنفسون، قبور متحركة ترتدى البلوجينز، وأمانى مؤجلة تنتظر التنفيذ حين ميسرة أو بالأصح حين مسخرة!!.
[تلهب ظهور المراهقين المرهقين الفتية الغضة سياط العيب والحرام والواجب والمفروض والنواهى والزواجر، آباؤهم بلاذاكرة، يتناسون أيام عادة الفضول السرية وهم صغار، وفى الكبر وبعد الزواج يؤجرون لأبنائهم دعاة يصرخون فى وجوههم أنهم لو فعلوها لخربت وخلخلت ركبهم، ونبت الشعر فى باطن أيديهم وسيصابون حتماً بالجنون، وأن من فعلها كمن جامع أمه فى حجر الكعبة، وسيأتى يوم القيامة ويده الحامل المشوهة تفضحه، ويتناسى هؤلاء الدعاة الصارخين المتشنجين أنهم هم أنفسهم قد مروا بهذه المحطة، وأنها مجرد محطة وستمر ومرور الكرام والمهم ألا يتوقف عندها المراهق ويتسمر فى أنانيته وينسى بعد الزواج أن له رفيقة تقتسم معه ديالوج المتعة، إنها ليست دعوة لهذه العادة ولكنها محاولة للفهم وللتسامح.
[نحن الآباء مصابون بالألزهايمر، وأبناؤنا المراهقون مصابون بأنيميا التواصل وتجاعيد الهم والنكد وفقدان البهجة والكبر قبل الأوان، كل مانملكه أن ننصحهم بالصوم حتى يتزوج فى سن الأربعين!، نتميز ونتفرد فى مصر بأن أوان الورد المتفتح فى ربيع الأفراح يتحول بقدرة قادر إلى أوان الصبار فى خريف المقابر.

* فوبيا الكلب. . . سر لعنة الكلاب فى كتب الفقه!
* أبو هريرة راوى حديث نجاسة الكلب كان يكره الكلاب ويحب القطط!.
* القرآن تحدث عن كلب أهل الكهف وأباح أكل مايصطاده كلب الصيد

[كنت لاأتصور أن يثير الكلب كل هذا الجدل الفقهي الشديد فى المملكة المتحدة، ففى سابقة تعد الأولى من نوعها في التاريخ سوف يصبح كلب يملكه مراهق مسلم بريطاني ضرير أول كلب يدخل مسجداً، يذكر أن الكلب أكمل تدريبه في جمعية quot;كلاب ترشد العميانquot;، وسيكون بإمكانه زيارة المسجد الذي يصلي فيه مالكه في مدينة ليستر، وانه سيتصرف وفقا لذلك، وكما ورد فى الخبر فإن الكلب، الذي يملكه محمد خاطري البالغ من العمر 17 عاما، سيجلس في مكان محدد ولن يقترب من المصلين الآخرين وفقا لما تلقاه من تدريب، وسوف يسمح مسئولو المسجد للكلب بدخوله لإرشاد مالكه، وقال خاطر أن تدريب كلبه سيمكنه من الصلاة من دون إعاقة، وسيتيح له أن يحيا حياة طبيعية، ولكن هل مجرد تحقيق رغبة هذا المراهق كافية لإقناع الفقهاء؟، أعتقد أن المشكلة عويصة لأنها تتعلق بأكثر حيوان ظلمته كتب الفقه.
[لن أدخل فى جدل فقهى ولكنى سأطرح مجرد تساؤلات عن سر هذه الكراهية للكلب فى تراثنا الفقهى، ففى البلاد الغربية يمثل الكلب حيواناً أليفاً يجلس على قمة الأمانة والإخلاص والوفاء، ويتعاملون معه هناك على أنه ملك متوج وواحد من أفراد الأسرة، أما نحن فنتعامل معه على أنه نجاسة مركبة تحتاج إلى أن نتطهر منها سبع مرات إحداهن بالتراب، وأن بيوتنا لن تدخلها الملائكة إذا كان فيها كلب!!، يعنى بإختصار هو حيوان ملعون ملعون ياولدى، ومالوش حل، حتى عندما نشتم ونسب نقول للآخر العدو quot;إنت إبن ستين كلب quot;، علامة على شدة إحتقارنا لهذا الشخص، أما إنت إبن ستين قطة مثلاً فلاتعد سباً ولاقذفاً، والمدهش أن القطة فى التراث الفقهى ليست ملعونة هذه اللعنة الكلابية، فنقرأ فى كتب الفقه quot; إن الهر طاهر، ففي الموطأ والمسند والسنن أن أبا قتادة دخل على كبشة بنت كعب بن مالك وهي زوجة ابنه، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقالت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: quot; إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين أو الطوافاتquot;، يعنى القطة نجاستها مقتصرة على بولها فى بعض الآراء.


[الفقه المعادى للكلب يعتمد على الأحاديث التى تؤكد نجاسته مثل quot; إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مراتquot; وهو أشهرهم وأكثرهم تكراراً، quot; الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورةquot;، quot; من يقتنى كلبا ينتقص من أجره كل يوم قيراطاً quot;. . . . الخ، وكنت قد قرأت مقالاً قديماً للدكتور أحمد صبحى منصور يفسر فيه سر هذا العداء الفقهى للكلب برغم أنه يذكر تكريم القرآن لهذا الحيوان المظلوم يقول صبحى منصور quot;لو كان الكلب حيوانا نجسا ما صحبه أهل الكهف معهم وهم يتسللون لواذا من قريتهم الظالم أهلها، أهل الكهف شباب أطهار وصفهم الله تعالى بأنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله تعالى هدى، فكيف لمن كان فى منزلتهم فى التقوى والايمان أن يصحب معه كلبا اذا كان الكلب نجسا يتأفف المؤمن من الاقتراب منه كما نفعل نحن الان؟، ويقول أيضاً quot; لقد أباح الله تعالى لنا أن نأكل مما تصطاده لنا كلاب الصيد، فاذا ماتت الفريسة بين انيابها فلا حاجة لذبحها بل نطهوها مباشرة لأن أسنان الكلب طاهرة مثل السكين الذى نذبح به، وأذا كان رب العزة قد جعل هذا تشريعا فى كتابه الحكيم (المائدة 4 )، فلماذا يكون الكلب نجسا نجاسة مغلظة وهو
الذى نأكل مباشرة مما يصطاده لنا بأسنانه؟، ويحاول د. أحمد صبحى منصور تفسير هذا العداء بأن قائل وناقل أهم الأحاديث عن الكلب هو أبو هريرة، خاصة الحديث الأول الأشهر الذى ذكرناه، وذلك لأنه يحب القطط جداً، وأنا أطرح هذا التفسير للمناقشة، ليس دفاعاً عن الكلب ولكن دفاعاً عن العقل.

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية