النظرية النبوية العائلية في الحكم

تقول الأسطورة أن الرسول ص جمع سبعين من أصحابه في غدير خم فقال لهم أن الحكم يجب أن يكون في علي ونسله إلى يوم القيامة، وهو حديث يقول عنه ابن خلدون أمور يقولونها ولا يسلم لهم بها.
ولكن الإيديولوجيات بنيت دوما على الأساطير، مثل رومولوس في قيام روما، والأساطير النوردية، أو النرتية عند الشراكس.. وأوزيس وأوزرويس حول ألوهية الفراعنة.. وفي عام 1979م كنت في إيران بمناسبة الذكرى الثانية للثورة فرأيت العجب..
كنا نطوف بين طهران وقم بين الملالي والتكايا، في رحلة عودة للعقل لألف سنة أيام المستنصر بأمر الله والعلقمي، ونشم رائحة غير نظيفة، واكتشفنا أننا أمام ثورة غير إنسانية، وكانت رحلة الوداع مع أطنان كتبهم إلى غير رجعة، بعد هذه الصدمة الكبرى..
كنا أول الأمر مستبشرين جدا، ولكن رابنا كثرة السجون واكتظاظها، إلى درجة أن غربيا صرخ ونحن لم نصرخ، لأنهم قوم تأصلت فيهم روح العدالة، ونحن مازلنا نعيش ضباب القرون؟
قال دعوهم يتكلمون ؟
كان ذلك في زيارة سجن إيفين، وكان مكتظا على نحو مخيف، مع كل مظاهر التخفيف والتزيين (الميك أب)، وأما معسكرات أسرى الحرب من العراقيين، فكانت الأسرة إلى السقف فيتسلقون للنوم كالقردة، وربما نام في الغرفة الواحدة مائتي شخص، بما تخجل منه زربية ماعز وخرفان..
والقصة ليست هنا بل الجدل العقائدي؟
قلت في نفسي نعم كان الأفضل بعد عمر ر أو ربما قبل أبي بكر وعمر لو تسلم علي كرم الله وجهه الخلافة لتغير مجرى التاريخ؟ كما هو مجراه في أدمغة الشيعة؟ خاصة أن عليا كان صغيرا في العمر، وهو من تشرب النبوة منذ نعومة أظفاره؟ وإلى هنا لا بأس، ولكن كل المشكلة بعد ذلك؟
فإن مات علي فمن سيكون بعد علي؟
هنا الطامة الكبرى وداهية الدواهي قاصمة الظهر؟
قلت لاشك أن الجميع سيتفق كما هي في النظرية الشيعية، أن من سيأتي بعد الحسين حسونة؟
ومن بعده ستوزع الهدايا على الرؤوس، بين طواقي بيضاء وسوداء، فمن لبس الأسود كان دمه نقيا نبويا، تجري في عروقه كريات حمر مختومة نبي نبي.. معصوم معصوم..، ومن كانت عمامته بيضاء كان دمه هجينا، في انقلاب كامل من الفكر والثقافة إلى الدم والعرق، مذكرا بالنظرية النازية الآرية من صفاء الدم وأرومة العرق وتسطح الجمجمة حسب روزنبرج؟
وهم ليسوا الوحيدين في العالم من المؤسسات الدينية، ونظرة لألوان القلنسوات والعمائم وأحجامها، من بطريرك الأرثوذكس في روسيا الذي رش بماء الكنيسة، سبعة ملايين قربان بشري في الحرب العالمية الأولى، فأفسح الطريق للإلحاد الشيوعي بالقدوم، على المراكب سباحة في أوقيانوس من الدم البشري.
وانتهاء بمفتي الجمهورية، وشيخ الديار الإسلامية مفتي العثمانيين، الذي كان يوصي بخنق أولاد الخليفة مثل الدجاج مع اعتلائه العرش، بآية قرآنية أن الفتنة أشد من القتل؛ فيقتلون بالجملة، كما خنق السلطان مراد 14 أخا دفعة واحدة في ضربة سلطانية واحدة، مالها من فواق..
وبذا هربنا من المطر لندخل تحت المزراب، ونؤسس بيتا جديدا للحكم (ديناستي Dynasty)، مثل بيت تشين والمغول في الصين، بفارق أن الاسم لن يكون عبد الملك بن مروان، بل حسن بن علي بن الحسن بن علي.. إلى آخر السلسلة المعصومة؟
باعتبار أن آل البيت معصومين، وفي آية صريحة بزعمهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهنا يخرج من البيت كل نساء النبي الآخريات، وكل المجاهدين معه، وكل الصحابة الذين رباهم على عينه عشرات السنوات، بمن فيهم سلمان منا آل البيت، وهو حديث يردوه فلهم أحاديثهم التي لا ترد؟
لتتحدد الطهارة على نحو (دموي) فكل من يدخل دمه كريات حمر دم النبي تحول إلى مقدس ومعصوم، مثل بابوات الفاتيكان، حتى كتب فيهم يونج السويسري أنهم يحملون البلايا التسع؟
وهكذا تؤسس الأسر الحاكمة في التاريخ تحت ذريعة المقدس والإلهي، وأن الشمس بزغت والقمر استدار وملوك الأرض حملوا الهدايا لطفل يثغو؟ والبيعة لآل الرضا من آل البيت.
وكان في تأسيس البيت العباسي، وآخر من شكله أزواج شاهد مفجع، على أن أعظم الدماء تقوم تحت أعظم الأسماء، وانه لم يظلم الإنسان بقدر ظلمه تحت ما يسمى الدول الإسلامية، وان سيقان محمود طه في السودان، تدلت من حبل المشنقة باسم تطبيق الشريعة، وأن 200 ألفا من خيرة شباب السودان ماتوا في الجنوب تحت اسم الجهاد، التي كان وراءها الترابي الذي يدعو للحريات هذه الأيام؟ والتي لم تزيد عن حفلة مترعة من قرابين بشرية في حج غير مقدس..
لقد نبش العباسيون قبور بني أمية وصلبوهم، وذبحوهم لآخر طفل، ودفعوهم للهرب إلى الباسك ليشقوا الدولة الإسلامية إلى رأسين، ووضعوا بقايا الأموات تحت السجاد، وهم يحشرجون، وبن علي يشرب الخمر ويفترس الدجاج مع أصوات المحتضرين.
وإذا كان بيت مروان أنتج عمر بن عبد العزيز لسنتين وثلاث أشهر ليسمموه، فإن بني العباس وأولاد فاطمة في المغرب ومصر لم ينتجوا إلا طغاة، أو في أحسن الأحوال أناس يدّعون الألوهية، كما في الحاكم بأمر الله، الذي قام بتصفية عرقية للكلاب في ليلة غضب عارمة حين نغصوا نومه، فذبح ثلاثين ألفا من الكلاب مسومين، بحجارة من سجيل منضود، الذي هرب أتباعه من مصر إلى جبال سوريا، فأنشئوا ديانة مغلقة لأنفسهم، كما فعل أتباع يزيد بن معاوية بطل معركة الحرة في استباحة مدينة النبي، فهربوا إلى شعف الجبال، يعبدون الشيطان الرجيم، ويسمونه طاووسا بذيل وثيل..
هنا وقفت وتأملت وقلت: أليس عجيبا أن مثل هذا الدماغ الجبار (باقر الصدر) أن يتورط،وهو كاتب فلسفتنا واقتصادنا ومشروع بنك لا ربوي فيعتقد أن رجلا دخل سردابا، هو على قيد الحياة، بما هو ضد قوانين البيولوجيا، ليبعث بعد عشرة آلاف سنة؛ فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا؟؟؟..
هنا أعرف أن الموضوع سيكولوجي ولا علاقة له بالوعي مطلقا..
ولذا كان على المفكرين أن يفهموا القضية في هذا البعد، فيسمحوا لكل الخرافات أن تنمو مثل العفن، حتى يأتي دور البنسلين..

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية