من الجيد والضروري أن يتصدى مؤتمر القمة الإسلامية في دكار، لقضايا بالغة الحساسية والأهمية، كالاعتراف باستقلال كوسوفو، والفراغ الرئاسي في لبنان، ورتق الفتق بين زعماء تشاد وزعماء السودان، وخوف الغرب من الإسلام.
ومن المهم والضروري أكثر، أن ينجح هذا المؤتمر في وضع الخطط لمعالجة هذه القضايا، وإيجاد حلول لها، وإقناع المؤتمرين في التفاهم والاتفاق على هذه الحلول. وخاصة فيما يتعلق بخوف الغرب من الإسلام والمسلمين. وما نتج عن هذا التخوف الغربي الشعبي والرسمي من إجراءات وقوانين، ومواقف وتصرفات. وأن يسعى هؤلاء القادة والعلماء مشكورين، لإظهار الوجه الحقيقي للإسلام، وتصحيح المعلومات الخاطئة التي قُدمت للغرب عنه، وشوهت سمعته وصورته.
إن أهم ما يتوجب على قادة وعلماء الإسلام والمسلمين فعله في هذا الصدد، هو العمل على تجديد الخطاب الإسلامي الديني والسياسي، بما يتماشى مع التطورات العلمية، والحاجات الإنسانية المتزايدة للبشرية. وخاصة التأكيد على حقوق الإنسان، أي إنسان، وكل إنسان، مهما كان لونه ومذهبه، ودينه وتطلعاته. وفي هذا الإطار سيكون الاعتراف الكامل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دون التحفظ على أي بند من بنوده، سيكون لبنة تأسيسية عظيمة على الطريق الصحيح.
كما إنه من المهم أيضا، أن ينبذ أعضاء المؤتمر سياسة الخطاب الإسلامي المزدوج، التي لم تعد مجدية ولا مقنعة، ولا مقبولة ولا صالحة، خاصة في ظل التقدم الهائل للاتصالات. بمعنى أن لا يكون هناك خطابان، خطاب للداخل، وخطاب للخارج.! خطاب للتصدير العالمي، وآخر للاستهلاك المحلي.! خطاب في السر والحلقات والاجتماعات، وآخر للعلن في المؤتمرات والفضائيات.! وأن يُعتمد خطاب واحد للداخل والخارج. فإذا قيل إن الإسلام يدعو للتسامح والمحبة فيجب أن ينعكس هذا على التوجهات المحلية والممارسات اليومية. وعلى خطب الجمعة، ووقف الدعاء على اليهود والنصارى والمخالفين في الدين، بتشتيت شملهم، وزلزلة الأرض من تحتهم، وإهلاك نسلهم وضرعهم وزرعهم.
وإذا قيل إن الإسلام يؤمن بحق الإنسان في الاختيار، وإن لا إكراه في الدين، توجب على هذا وقف حملات التعصب والكراهية والتكفير، ووقف الذمّ والتحقير، وإطلاق النعوت، كالصليبيين، والكفار، والمشركين، والقردة والخنازير، التي تعبر عن البغض والحقد الدفين. والتي يقوم بها ويمارسها بعض المسلمين والمتأسلمين.
كما يتوجب على المؤتمر أن يدين بصورة واضحة قوية قاطعة، لا لبس فيها، ولا إبهام ولا تورية ولا (لكن). أن يدين الإرهاب وقادة الإرهابيين، ومموليهم، وأن يبين موقف الدين الإسلامي منهم، ومن أعمالهم ونواياهم وفتاواهم، وتغريرهم أتباعهم، وإزجاء الوعود لهم، وخاصة الشبان الصغار منهم.
وأن يبادر قادة المؤتمر كل في بلده إلى التخفيف من غلواء القوانين والمتشددين على أتباع الديانات والمذاهب الأخرى، وأن يُطلق شعار الحرية الدينية، وأن تُوضع الآية القرآنية (لا إكراه في الدين) موضع التطبيق والتنفيذ، بما يتبع ذلك من تغيير في المناهج التعليمية والتربوية، لإظهار موقف الإسلام وصورته الحقيقية.
وعلى قادة المؤتمر أيضا أن يتخذوا قرارا شجاعا، كما فعل القادة الأتراك المسلمين، لغربلة الأحاديث المنسوبة للنبي، وإعادة النظر في بعض ما احتوته السيرة النبوية من روايات. وربط بعض النصوص بأسباب النزول، والفترة الزمنية والمرحلة التاريخية المصاحبة لها، وإعادة تفسيرها بما يتلاءم مع العلم، والعصر الجديد، والإنسان الجديد.
كما لا بد للمؤتمرين من أن يركزوا اهتمامهم على المهاجرين في الغرب، خاصة أولئك الذين يسترخصون حياة الإنسان، ولا يحترمون حقوقه ولا إنسانيته. فقد شوه صورة الإسلام والعرب والمسلمين بعض المهاجرين المتخلفين الذين يكرهون العلم والمتعلمين، ويكذبون ويتحايلون ويخدعون، ويعيشون عالة على الغرب، لا شغل ولا مشغلة لهم، سوى التحريض على أهل البلاد التي استضافتهم، وتسفيه ثقافتهم وقيمهم، بعد أن منحتهم تلك البلاد التي استماتوا للحصول على إقامتها أو جنسيتها- إثر هروبهم من بلدانهم- الحرية والأمان والضمان، لهم ولأبنائهم، وقد يظن بعضهم أن الله قد سخر هؤلاء القوم لهم.
إن تفجيرات محطات القطارات في أسبانيا وبريطانيا التي أودت بحياة المئات من الغربيين، والتي نفذها بعض المهاجرين المقيمين أو المجنسين، إضافة لسلوكهم اليومي وممارساتهم، قد تركت أثرا بالغا، وخوفا شديدا في نفوس الغربيين الذين ظنوا أن هؤلاء القلة من المهاجرين الدمويين الناكرين للجميل، هم الذين يعبرون عن الإسلام، ويمثلون المسلمين.
[email protected]