بوسع كلّ واحد من
القرّاء معرفة حقيقة نفسه. لا حاجة إلى علك الكلام واللّفّ والدّوران هربًا من النّظر إلى الذّات. ومن أجل إجراء تمرين بسيط، إليكم هذه المجموعة من الأسئلة للاختبار الذّاتي. يستطيع كلّ فرد أن يحاول الإجابة عليهابحريّة تامّة، غير أنّه مُلزم بالنّظر إلى نفسه في المرآة ومحاولة رؤية حقيقته كما هي في الواقع، ليس كما يحاول التّظاهر أمام النّاس. عندما سيجيب على الأسئلة بصدق بينه وبين نفسه فما من شكّ أنّه سيقترب من السّكينة ومن الرّاحة النّفسيّة.

الأسئلة:
نرجو منكم قراءة الأسئلة بتمعّن أوّلاً، ثمّ الإجابة عليها بحريّة تامّة بينكم وبين أنفسكم.
السؤال الأوّل: هل تُطالب بشدّة ببناء مسجد في دولة غير إسلاميّة لخدمة المسلمين الّذين يعيشون في تلك البلاد، إن كانوا من المقيمين أو من المهاجرين للبحث عن لقمة عيش لا يجدونها في بلادهم؟
إذا كانت الإجابة quot;لاquot;، إنتقل إلى السّؤال الثّاني.
إذا كانت الإجابة quot;نعمquot;، فهل تطالب بشدّة أيضًا وبذات الوقت ببناء كنيسة، كنيس أو أيّ معبد بوذي أو آخر لأبناء الدّيانات الأخرى الّذين يعيشون أو يعملون في مدينتك العربيّة، أو في بلدك العربي أو المسلم؟ إذا أجبت بـquot;نعمquot; على هذا السؤال، ستحصل على عشر نقاط من عشر على هذا السؤال الأوّل. وإن كانت الإجابة بـquot;لاquot;، فيبدو أنّك إنسان كاذب ولا يمكن الوثوق بك، ومن الأحرى ألاّ تسمح لك البلاد الأجنبيّة بدخولها، وإن كنت وصلت إليها، يُفضَّل أن تعيدك سلطات هذه الدّولة إلى بلدك الأصلي كي تعيش فيه مع أمراضك الذّهنيّة.

السؤال الثّاني: هل تطمح بالحصول على تأشيرة سفر، أو إقامة في بلد أوروپي، أو في الولايات المتّحدة أو غيرها من بلاد العالم خارجًا من البلاد العربيّة والإسلاميّة؟
إذا كانت الإجابة quot;لاquot;، إنتقل إلى السّؤال الثّالث.
إذا كانت الإجابة quot;نعمquot;، فهل بذات الوقت تكيل السّباب والشّتائم على شتّى أصنافها على هذا الغرب quot;الكافرquot;وتصفه بأشنع الأوصاف؟ إذا كنت كذلك، فمعنى ذلك أنّك مريض ذهنيًّا ولا يمكن الوثوق بك. ويجدر بسلطات تلك البلاد quot;الكافرةquot;، على حدّ قولك وتفكيرك، ألاّ تمنحك تأشيرة بدخول أراضيها لكي لا تطأ أقدامك ثراها quot;الكافرquot;. يُفضَّل أن تبقى على ذهنيّك هذه، في بلدك وعلى ثراك quot;المؤمنquot;.

السؤال الثّالث: إذا كنت تعيش في بلد أجنبي، لنقل مثلاً في أوروپا أو أميركا، وتعمل صحافيًّا أو رئيسًا لتحرير صحيفة عربيّة تنعم فيها أنت وصحيفتك بحريّة تامّة، هل كرّست نفسك لمهنة سبّ وشتم أوروپا وأميركا بهذه الحريّة الممنوحة لك؟
إذا كانت الإجابة quot;لاquot;، إنتقل إلى السؤال الرّابع.
إذا كانت الإجابة quot;نعمquot;، فهل بذات الوقت تُهلّل وتكبّر للأنظمة الدكتاتوريّة والأيديولوجيّات الظّلاميّة العنصريّة، قاصدًا في نهاية المطاف القضاء على حضارة هذه الحريّة الّتي تنعم بها في quot;بلاد الكفرquot;؟ إذا كنت كذلك، فمعنى ذلك أنّك مريض بمرض ذهنيّ عضال، ويجدر بسلطات هذه البلاد أن تُحمّلك على أوّل طائرة وتعيدك إلى quot;بلاد عُربانكquot;.

السّؤال الرّابع: إذا كنت مواطنًا من أصول عربيّة وتعيش في بلد أوروبي أو في الولايات المتّحدة، هل تدّعي أنّك ليبرالي، وتكتب وتنشر دعاواك اللّيبراليّة، في الصّحافة والمواقع العربيّة كموقع quot;إيلافquot; على سبيل المثال، مبشّرًا بها للمجتمعات في البلدان العربيّة؟
إذا كانت الإجابة quot;لاquot;، إنتقل إلى السؤال الخامس.
إذا كانت الإجابة quot;نعمquot;، فهل أنت ممّن يدعم التيّارات المحافظة، القديمة والجديدة، في هذه الدّولة الأوروپيّة أو في هذه الولاية الأميركيّة أو غيرها من دول العالم؟ إذا كنت كذلك، فهذا يعني أنّ كلّ كلامك عن اللّيبراليّة الموجّه للقارئ العربي، ما هو إلاّ مجرّد كذب على الذّقون، ويعني أنّك دجّال لا يمكن الوثوق بكلامك بأيّ حال من الأحوال، إذ أنّ اللّيبراليّة لا تتجزّأ وهي تنفع للأوروپيين وللأميركان مثلما تنفع للعربان. لذلك حريّ بك أن تخرس، أو أن تنقلع وquot;ترينا عرض أكتافكquot;، كما نقول في عاميّتنا.

السؤال الخامس: إذا كنت عربيًّا يافعًا أو عربيًّا مراهقًا في العقد الثّالث أو الرّابع من عمرك (أقول هذا، لأنّ سنّ المراهقة العربيّة تطول كثيرًا)، فهل بدأت تكتب قصيدة النّثر وترسل ما تكتبه للنّشر في الصّحافة أو المواقع العربيّة، ظنًّا منك أنّ كلّ التهويمات الكلاميّة، مهما سخفت، ستجد طريقها إلى النّشر في ملاحق ومواقع quot;السّخافةquot; العربيّة؟
إذا كانت الإجابة quot;لاquot;، فحريّ بك أن تبدأ على الفور بفعل ذلك، وذلك ابتغاء الانضمام إلى صفوف العربان. إذ يتّضح في هذه الأيّام أنّ المرء حيثما أحدث خرية، فما من شكّ أنّها ستسقط على شاعر أو شاعرة قصيدة-نثر عربيّة. لقد بدأت أصل إلى قناعة مفادها أنّ العرب هم أحوج الشّعوب إلى أقراص الأدوية الّتي تُسبّب الإمساك الشّعري. أليس كذلك؟
إلى هنا الاختبار.

والآن، بوسع كلّ واحد أن يجريه مع نفسه، وأن يُقيّم إجاباته بينه وبين نفسه أوّلاً قبل أن يكتب تعليقه.

ولكن قبل ذلك، هذه ملاحظة حول التّعليقات:
يلاحظ القرّاء الكرام أنّي لا أنشغل بالرّدّ على التّعليقات على ما أنشره هنا من مقالات. وأنا لا أفعل ذلك، ليس لأنّي لا أوليها اهتمامًا، بل لأسباب أخرى مختلفة تمامًا. وأقصد بذلك، تلك التّعليقات الّتي تُنشر بأسماء مستعارة لا يعلم أحد هويّتها، وهل هي تأتي من أجهزة مخابرات هنا وهناك، أم من زمر المتأسلمين، جددًا كانوا أم قدماء. إنّ مجرّد قراءة السّباب والشّتائم لا يعنيني بقدر ما تفضح هؤلاء اللّغة الّتي يكتبون بها معبّرين عمّا خفي في بواطنهم. ولأنّي أحترم لغتي العربيّة، على ما تحمله من مفردات وتعابير وحريّة لغويّة امتلكتها للتّعبير بلغتي هذه الّتي أعشقها، فإنّي أحتقر هؤلاء المتأسلمين ومن لفّ لفّهم من مراهقي العروبة، لأنّ ركاكة لغتهم تعني شيئًا واحدًا؛ إنّها تعني أنّهم لا يقرؤون، وإنْ هم قرؤوا فلا يفهمون، وإن لم يفهموا فلا يجرؤون على سؤال من هو أبعد وأكثر وأعمق منهم فهمًا. ولأنّ حالهم هذه تنمّ عن إعاقة بنيويّة في تكوينهم فإنّهم يجنحون إلى الصّراخ والزّعيق، وإلى العنف في أحايين كثيرة.
إنّ هذه الإعاقة اللّغويّة لها إسقاطات بعيدة المدى على المجتمعات العربيّة بأسرها، لذا نوصي وزارات التعليم العربيّة، كما تُسمّى، بتحديث البرامج والمناهج التّعليميّة العربيّة لأنّ جزءًا كبيرًا من أسباب العنف المتفشّي في المجتمعات العربيّة، كما ينضح من نفسيّات هؤلاء وأمثالهم، مردّه إلى هذه الإعاقة البنيويّة في التّفكير وفي التّعبير عن الذّات بلغة أمّهم.

إذن، وقبل أن أردّ على أمثال هؤلاء،
أحيلهم أوّلاً إلى الذّهاب لدراسة لغتهم وتراثهم المنصوص بها، والتّعلُّم أوّلاً الكتابة باللّغة العربيّة. وعندما يتعلّمون كتابة جملة عربيّة سليمة، دون أخطاء، سأجد متّسعًا من الوقت لكي أردّ عليهم بأحسن منها. وفي هذه الأثناء، لا تزال تنطبق على أمثال هؤلاء مقولة: quot;كلاب العنصريّين تنبح في الظّلام، وقافلة المتنوّرين تسير في النّور الشّعشعانيquot;.
والعقل ولي التّوفيق!