الأفكار الواردة في هذا الكتاب تدعمها الحقائق والأرقام التي توصل إليها ميدانياrlm;، في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية،rlm; فريق معهد الحرية والديمقراطية في ليما ببيرو، وهو ثاني أهم مركز للتفكير في العالمrlm;، حسب الايكونومست. يرأس هذا المعهد quot; هرناندو دي سوتو quot; أحد أبرز خمسة مجددين في أمريكا اللاتينية في القرن العشرينrlm;،rlm; كما جاء في تقرير لمجلة التايمrlm;.rlm;
السؤال الأساسي الذي يطرحه دي سوتو في كتابه quot; سر رأس المالrlm; quot;:rlm; لماذا تزدهر الرأسمالية في الغرب وحدهrlm;,rlm; كما لو كانت قد غلفت بناقوس زجاجي؟ ويجيب بأن حجر العثرة الأساسي الذي يحول دون استفادة باقي العالم من الرأسمالية يتمثل في عجزه عن إنتاج رأس المالrlm;.rlm; فرأس المال هو القوة التي تزيد انتاجية العمل وتخلق ثروة الأممrlm;,rlm; وهو شريان الحياة بالنسبة للنظام الرأسمالي وهو مالم تستطع بلدان العالم الفقيرة أن تنتجه لنفسها علي الرغم من أن معظم الفقراء يملكون بالفعل الأصول التي يحتاجونها لتحقيق نجاح الرأسماليةrlm;.rlm;
إن قيمة المدخرات لدي الفقراءrlm;(rlm;خمسة أسداس البشريةrlm;)rlm; هائلةrlm;,rlm; أربعون مثل كافة المعونات الأجنبية التي تم تلقيهاrlm;,rlm; في كافة أنحاء العالمrlm;,rlm; منذ عامrlm;1945.rlm; وفي مصر مثلاrlm;,rlm; تساوي الثروة التي تراكمت لدي الفقراء خمسة وخمسين مثل مبلغ كافة الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي سجلت فيهاrlm;,rlm; بما في ذلك قناة السويس والسد العاليrlm;.rlm; بيد أنهم يحتفظون بهذه الأصول ـ حسب دي سوتو ـ في شكل معيبrlm;:rlm; بيوت بنيت علي أراض ملكيتها ليست مسجلة بالشكل السليمrlm;، دور أعمال لا تأخذ شكل الشركاتrlm;،rlm; كما أن مسئولياتها غير محددة. وصناعات قائمة حيث لايستطيع الممولون والمستثمرون رؤيتها.
ونظرا لأن الحقوق في هذه الممتلكات ليست موثقة علي النحو السليمrlm;، فإن هذه الأصول لايمكن تحويلها بسهولة إلي رأس مال، ولايمكن مبادلتها خارج الدوائر المحلية الضيقة التي يعرف الناس فيها بعضهم ويثقون ببعضهم بعضا، ولايمكن استخدامها كرهن لضمان القروضrlm;.rlm; كما لايمكن استخدامها كحصة في استثمار ماrlm;.rlm;
وأكبر التحديات التي واجهت العقل البشري على مر العصور، فهم أو الوصول الى الاشياء التي نعرف أنها موجودة ولا نستطيع ان نراها. إذ ليس كل ما هو حقيقي ومفيد، يُلمس ويُرى. فالزمن مثلاً، حقيقي ولكن لا يمكن إدارته بصورة كفء إلا عندما تمثله الساعة والتقويم الزمني. واخترع الانسان، على مر العصور، أنظمة وصفية تمثيلية مثل: الكتابة، النوتة الموسيقية، الرموز، الرياضيات وغيرها، ليدرك بالعقل ما لا يمكن لمسه أبداً. كما ان للحياة درجات مختلفة من الواقع كثير منها غير مرئي ولا نستطيع الوصول إليها إلا من طريق التوصل لأدوات التمثيل المناسبة.
وأشهر قياس للتمثيل هو ما أورده أفلاطون في كتابه laquo;الجمهوريةraquo; حيث تم تشبيهنا بالسجناء المقيدين بالسلاسل في كهف وظهورنا للداخل بحيث ان كل ما نعرفه عن العالم هو الظلال الساقطة على الحائط الذي أمامنا. وما يدل عليه هذا التصوير هو ان أشياء كثيرة مما نسترشد بها لتحديد مصيرنا ليست واضحة بذاتها، وهذا هو السبب في ان الانسان عمل بجد لاقامة نظم التمثيل اللازمة للوصول الى وإدراك الجانب الافتراضي في واقعنا وتمثيله بمقاييس يمكننا فهمها، وهو ما سماه الفيلسوف quot; دانيال دينيه quot; بالتمديد الأصطناعي للعقل. ومن خلال التمثيل فإننا نجسد جوانب أساسية للعالم حتى نغير من الطريقة التي نفكر بها فيه. وبحسب الفيلسوف جون سيرل فإننا من طريق الاتفاق الانساني: نخلع منزلة جديدة على ظاهرة ما.
ولأن بلدان العالم الثالث تفتقر إلي هذه العملية الوصفية التمثيلية، وبسببهاrlm;، فإن معظمها يشكو من نقص الرسملة، فضلا عن أن أصولها تعد رأسمالا ميتا غير منتج. وإذا كان الفقراء يملكون لكنهم يفتقرون إلي هذه العمليةrlm;، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هوrlm;:rlm; كيف يمكن إدماجهم في اقتصاديات بلدانهم؟
ويمضي المؤلف إلي ما وراء المناقشة الجامدة حول الملكية التي تضع اليسار مقابل اليمين. ذلك أن الملكية الرسمية هي شيء أكبر من مجرد التملك. فهي العملية التي لا غني عنها التي تزود الناس بالأدوات اللازمة لتركيز فكرهم علي تلك الجوانب من مواردهم التي يستطيعون استخلاص رأس المال منهاrlm;.rlm;
ان الملكية الرسمية ليست مجرد نظام، إنها أداة للتفكيرrlm;،rlm; تمثل الأصول بطريقة تستطيع عقول الناس أن تعمل بها لتوليد فائض القيمة. وهذا هو السبب في أن الملكية الرسمية يجب أن تكون متاحة للجميعrlm;:rlm; لربط الجميع في عقد اجتماعي واحد.
وخلاصة القولrlm;،rlm; ان رأس المال ينتج عن قدرة الغرب علي استخدام نظم الملكية لتمثيل موارده في سياق افتراضي. وهنا فقط يمكن للعقول أن تلتقي لتحديد وإدراك معني الأصول بالنسبة للجنس البشري،rlm; ويتمثل الاسهام الثوري لنظام الملكية المتكامل في انه يحل مشكلة أساسية للمعرفة. ذلك أن حواسنا الخمس ليست كافية لنا لمعالجة الواقع المعقد لسوق تزداد اتساعا،rlm; وتم عولمتهاrlm; بالفعل.
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
[email protected]