في مرحلة مبكرة من دراستي في كلية الحقوق، لم أكن أفرق بين القرآن الكريم والشريعة الإسلامية التي كانت إحدى المواد المقررة في السنة الاولى، فقد اعتمد تدريسها على التلقين الصارم وتقديم المعلومة في اطار من التوقير المطلق، فكنا نتعامل مع أقوال الفقهاء وكأنها آيات محكمات. وبهذا المعنى حفظنا ما اتفقوا عليه من قواعد فقهية اعتبرت اساس المنظومة الفكرية للشريعة وبمثابة مصد قوي لجميع محاولات التجديد في الفقه الإسلامي. ومع التقدم في العمر والمطالعة، بدت لي الفروق الجوهرية بين ما جاء به القرآن وما الزمنا به الفقهاء من ائمة المذاهب، والعلماء السائرون على نهجهم، و صار واضحا ان الشريعة التي تطبق في أرجاء بلاد المسلمين-في معظمها- هي نتاج بشري سواء كان اجتهادا أو قياسا، إستصحابا أو إستحسانا، استنباطا أواجماعا وغير ذلك من آليات الفقه عبر العصور. ومن أهم تلك القواعد، ثلاث، لعبت دورا كبيرا في صياغة الذهنية الإسلامية من ناحية، والتشريعات المتعلقة بالاحوال الشخصية من ناحية اخرى، وسأتطرق اليها بأيجاز.
لا اجتهاد مع نص
تحظر هذه القاعدة إبداء الرأي أو الإجتهاد في حالة وجود نص قرآني، أو حديث، وفي محاولة لتقصي اساس مشروعيتها، في تطبيقات صحابة الرسول (ص)، يحدثنا التاريخ بأن خليفة المسلمين الثاني عمر ابن الخطاب اجتهد فألغى سهم المؤلفة قلوبهم في أموال الصدقات،الذي ورد في القرآن الكريم باعتباره quot; فريضة من الله quot; (سورة التوبة 60)، ولم يكن قد مر زمن طويل على وفاة النبي، لكنه وجد إن الأحوال تغيرت واكتسب المسلمون قوة لم يعودوا معها بحاجة الى استمالة قلوب الناس بالمال، وبذلك فقد اعتبرأن النص غير قابل للتطبيق في عهده. وتختلف الروايات في هذا الشأن ؛ فمنها مايقول بأن عمراً شاور الصحابة بقراره، ومنها مايرى بأنه اجتهاده فحسب. ومهما يكن الأمر فقد ثبت الخليفة قاعدة مغايرة ولم يجتهد في النص فقط وإنما الغاه أو عطله لما رآه من تغير الواقع ومصلحة المسلمين. وقد روى الفقيه مالك في كتابه الموطأ: إن رقيقا
لحاطب بن أبي بلتعة، سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فأمر عمر بقطع ايديهم، ثم أوقف القطع وفكر في ان يعرف سبب السرقة، فلعلهم جياع، فجاء بحاطب وقال له: quot; انكم تستعملونهم وتجيعونهم، والله لاغرمنك غرامة توجعك quot; وفرض عليه ضعف ثمن الناقة وأعفى السارقين، كذلك فقد علّق تطبيق حد السرقة في عام المجاعة (1). وهناك أمثلة أخرى من اجتهادات الخليفة عمر في النصوص القرآنية والسنة النبوية، تتعلق بتنفيد الحدود في السفر( في الطريق لمواجهة العدو) وتقسيم الغنائم والقصاص (قتل الجماعة بالواحد) وصلاة النوافل وطلاق الثلاث وبيع امهات الاولاد، وغيرذلك (2). وتفيد روايات عن الإمام الشافعي انه راعى في فقهه تغير المكان، عندما انتقل من العراق الى مصر. مثال آخر على عدم صلاحية قاعدة لااجتهاد مع نص، يقدمه الفقه الجعفري، في مسألة إرث البنات، فالبنت الواحدة تحجب جميع الورثة، أي انها تأخذ كل التركة وليس النصف فقط، ولكن بعد استيفاء أصحاب الفروض لأسهمهم المنصوص عليها في الآية 11 من سورة النساء { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ماترك وإن كانت واحدة فلها النصف...}. وبهذا الصدد يقول محمد جواد مغنية في كتابه (الشيعة في الميزان) quot; الإعتراض على الشيعة بأن الله فرض النصف للبنت والثلثين للبنات، لايصح لأن الآية لاتدل على إن مازاد على النصف أو مازاد على الثلثين لايرد على البنت أو البنات ( في حالة عدم وجود الإبن)..quot; ويضيف بأن الرد يستند ايضاً الى آية القرابة:{ وأولوا الأرحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله..} ( الأنفال 75)، هذا على خلاف تطبيقات فقه المذاهب الأربعة (الحنفي،المالكي،الشافعي والحنبلي) التي تلتزم بحرفية النص، مع ورود قول لأبي حنيفة وابن حنبل، برد الباقي من النصف على البنات في حالة عدم وجود أصحاب فروض أو عصبات. والعصبة في الفقه الحنفي تعني القرابة التي لاتتوسطها انثى: أي ان الذي يستحق مشاركة البنات في الإرث هو إبن اخ المتوفي أو ابن عمه أو أخوه لأبيه، على سبيل المثال، وليس ابن اخته أوأخيه لأمه أو ابن خاله، والعصبة بهذا المعنى هي ايضاً اجتهاد في النص لأنها مضافة اليه. كما إن بعض فقهاء الشيعة لايجيزون توريث الزوجة في ارض زوجها، ومنهم من اجتهد بمنع توريث النساء في الارض والعقار معا وتعويضهن ( بقيمة الطوب والبناء والخشب والقصب ndash;الطوسي في كتابه التهذيب والمجلسي في بحار الانوار) استنادا الى حديث صح عندهم (3)، مع ان النص القرآني لم يحدد موضوع إرث النساء، بل جاء مطلقا. ويذكر في هذا السياق قرار البرلمان الإيراني قبل اربعة أعوام بالموافقة على مقترح اللجنة القانونية بتعديل القانون المدني لمصلحة الارامل، وذلك بأن ترث الزوجة كل تركة زوجها اذا لم يكن له ولد، وفي حالة وجوده، ترث نصيبها
(الثمن) من كل التركة ( أي في الاموال المنقولة وغير المنقولة ). وقد استحدثت مجموعة من فقهاء السنة، كابن حزم الظاهري، حكم quot; الوصية الواجبة quot; وتعني توريث الحفيد في تركة جده (لأم أولأب) مع وجود ابناء للجد
وذلك في حالة وفاة والدته او والده اثناء حياة الجد، فيستحق حصة ابيه او امه، على افتراض ان الجد قد أوصى له قبل موته. وقد اسندوا رأيهم الى الاية القرآنية quot; كتب عليكم إذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين quot; على اعتبار انها لم تنسخ وانها قائمة الى جانب الآية 11 من سورة النساء، وبان رأيهم يستجيب لدواعي الرحمة والعدل (4).
ولا يقر الفقه الجعفري هذا النوع من الإرث. مما تقدم يتضح كم اجتهد الفقهاء في النصوص مع انهم فرضوا على المسلمين قاعدة لااجتهاد مع نص، متجاهلين عدم صلاحها حتى في العهد الاول للاسلام. وهنا اذكر قول الدكتور حسن حنفي quot; لااجتهاد مع الواقع quot; وانه لايرى تعارضا بين الايمان بالاسلام ومتطلبات الواقع، لذلك فإنه قسّم مايملك بين ابنته وابنه لأن وضع المرأة قد تغير فلا موجب للتمييز بين الذكر والانثى (5) ولأن الاسلام خاطب واقع الناس وحدثهم بلغتهم ونبههم الى اهمية الرجوع الى العقل.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
تقوم هذه القاعدة على رفض التفسير التاريخي للنص المقدس،اي ربط الآيات باسباب نزولها وبالبيئة الاجتماعية التي احتضنت اولى تطبيقاتها، ويرى الفقهاء الذين ابدعوها، ان سبب النزول ما هو الا وسيلة لتشريع حكم قرآني، يسري في كل زمان ومكان، الى يومنا هذا. يقول الباحث الإسلامي المجدد جمال البنا: quot; لاجدوى من القراءة التاريخية للقرآن في قضية تجديد الدين quot; ويرى ان الآيات التي نزلت بشأن القضايا الدنيوية، جاءت لحكمة وعدالة، ولكن إذا ثبت في التطبيق إنها لم تعد تحقق العدل فيمكن تغييرها، حتى لو ادى ذلك الى تغيير كل الشريعة. ويضيف البنا، ان رأيه هذا هو مبدأ عام، بدأه الخليفة عمر ابن الخطاب، ولو اتبعوه لوفروا الف سنة من التطور(6). ولو شئنا إعمال هذه قاعدة العبرة بعموم اللفظ... فإن الآيات الواردة بشأن الجواري والعبيد، مازالت واجبة التطبيق لان الاسباب غير مهمة امام عمومية النص، وشهادة امراتان ورجل على الدّين المكتوب، إجراء يتبع في كل القضايا، وكذلك الامر في آية السيف فإنها لاتتحدد بظروفها التاريخية وإنما تستدعي مقاتلة كل من لايستجيب لدعوة الاسلام في كل العصور(7) - حسب رأي ابن تيمية واستناده الى احاديث صحث عنده - والامثلة كثيرة، لكن ابرزها ما تعلق بالنساء، فعبرة الفقهاء تلك تجد اقصى تطبيقاتها في الآيات الخاصة ب (الحجاب )، ويكاد معظم الفقهاء ان يضربوا طوقا فكريا على كل من يحاول ان يتحرى تفسيرها خارج صيغ الاقدمين، ويصرون على تكييف التفاصيل المتعلقة برداء النساء في مرحلة معينة، على انها فريضة، على الرغم من ان القرآن الكريم لم يقل بذلك.
إن تطبيق القاعدة المعنية في مجتمعاتنا، يجري وفق انتقائية عجيبة وقد اتضح ذلك من خلال المناقشات الفقهية التي دارت بين شيوخ الازهر والدكتور عزة عطية الرئيس السابق لهيئة الحديث فيه. وكان عطية قد افتى بجواز إرضاع الكبير، خمس رضعات، لتحقيق نوع من البنوة المؤقتة بن المرأة العاملة وزميلها الذي قد تضطر للإختلاء به لدواعي العمل، وذلك اعتمادا على رواية تقول: ان سهلة بنت سهيل، زوجة الصحابي أبي حذيفة جاءت الى الرسول ( ص) تشكي له زوجها وغيرته عليها، من ربيبه ومتبناه، وقد اصبح رجلا بالغا، فقال لها الرسول: quot; إذهبي فارضعيه، قالت: كيف ارضعه وهو رجل كبير؟ قال: ألا اعلم إنه رجل كبير؟ إذهبي فارضعيه quot;. تخبرنا الرواية إن سهلة أرضعت ربيبها سالم، خمس رضعات، فما عادت ترى في وجه زوجها شيئا يكدره.
وعلى ذمة الروايات التي استند لها عطية فإن السيدة عائشة أم المؤمنين، تمسكت بهذا الحديث بعد وفاة النبي، وطبقته فكانت تطلب من اختها أو زوجة اخيها، بإن ترضع أيا منهما، من يطلب لقاءها أو سؤالها أمرا في الدين أو الحديث، على اعتبار صلتها الوثيقة بالرسول وما ثبت عند ائمة الحديث من قوله (ص) عنها: quot;خذوا نصف دينكم من عائشة quot;. ويبدو إن الفتوى احرجت الازهر فأصدر مجلسه الاعلى بيانا، ينتقد فيه الدكتور عطية ويعتبر إن ماجاء على لسانه quot; يتنافى مع مبادئ الدين، ويخالف مبادئ التربية والاخلاق...quot; ولم يشر البيان الى مرجعية الفتوى من الحديث الصحيح. والاهم من ذلك ما صرح به وزير الاوقاف حمدي زقزوق،تعليقا على فتوى عطية quot; قال: quot; ليس كلما مكتوب في الكتب التراثية القديمة، صحيح ومسلم به، وانما لابد ان نعمل عقولنا فيما نقرأ فقد نجد في هذه الكتب اشياء تخالف العقل الانساني فلا يجب ان نقولها او يذكرها اي داعية لانها تسئ الى الرسول quot;. إن التاكيد على مرجعية العقل في الحكم على الامور، رأي صائب، ولكن ماكان ينقص تصريح الوزير هو الأقرار بأن الحديث الذي رجع اليه عطية والذي تعتبره المؤسسة الدينية، حديثا صحيحا، إنما هو منسوب الى الرسول (باعتقادي)، أي من صناعة الوضّاعين. وكذلك الامر مع ما قيل عن السيدة عائشة، فكيف يمكن الجمع بين التوجيهات القرآنية للمرأة بأن تتوخى الحشمة في ملابسها، والترخيص لها بأن تتعرى امام أي رجل تريد الاختلاء به ؟ كما ان الاقرار بصحة حديث إرضاع الكبير، من شأنه ان يلغي كل التعاليم الصارمة التي فرضها الفقهاء على النساء، واسبغوا عليها صفة القداسة بغير حق.
وعلى ما يبدو فإن المعضلة الاساسية لدى معظم المرجعيات الدينية، سواء المؤسسات او الافراد، هي الخشية من ان تؤدي مكاشفة المسلمين بحقائق معينة، الى انتقاص هيمنتهم على المجتمع، لما لهم من سلطة حقيقية، ولما للدين من أهمية في حياة الناس، لذلك كانت ردود شيوخ الازهر على الدكتور عطية، مرتبكة وغير مقنعة، فهم مع تمسكهم بقاعدة ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) يناقضون انفسهم ويقولون إن حديث إرضاع الكبير صحيح، لكنه خاص بسهلة وربيبها وزوجها، وهم لايوضحون لنا، هل هم يكذّبون السيدة عائشة أم المؤمنين قولا ً وفعلاً، لأنها اعتبرت الحديث عام ؟ كما انها عززت موقفها برواية يؤمن بها غالبية الفقهاء، وتفيد بأن هناك آيات نصت على رجم الزناة وإرضاع الكبير، وكانت الرضعات عشراً، ولكنها نسخت فأصبحت خمساً، وإن تلك الآيات فقدت (أكلتها النعجة) أثناء انشغال عائلة الرسول بمرضه ثم وفاته (ص). (8) إن اعترافهم بأنهم يكذّبون تلك الروايات، يجعلهم يجحدون معلوما من الدين، اي الروايات التي سبق ان صحت عندهم، وهذا حسب فقههم ينتقص من ايمانهم بدرجة خطيرة. ومن هنا انتقل الى القاعدة الفقهية الثالثة التي صاغها الاقدمون:

من جحد معلوما من الدين بالضرورة يكفر
هذه القاعدة وثيقة الصلة بالسياسة، وبعيدة عن سيرورة الدعوة الاسلامية ونزوعها الى الحوار والمحاججة وتحكيم العقل، وتعني ان من خالف ماهو ثابت لدى الفقهاء على إنه من الدين، يكفر. ووجه علاقتها بالسياسة يتمثل في تاريخ دولة المسلمين فقد تحولت الخلافة الاسلامية بعد العهد الراشدي، الى ملكية مستبدة،وكان الحكام يضطهدون الكثيرمن العلماء والفقهاء، بل ويقتلونهم احيانا، وعملواعلى توظيف الدين لمصلحة دوام سلطانهم، فمن خالفهم يكفر وليس من خالف الدين، لأن مخالفة الدين ومسألة الايمان، من الامور التي يقضي فيها الله وليس البشر مهما ادعوه من فقه أو علم، وهذا ماتشير اليه ألآية السابعة عشر من سورة الحج، كما ان القرآن أقر بحرية الإعتقاد ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ). لذلك يمكن الاستنتاج بأن حديث الردة quot; من بدل دينه فاقتلوه quot; الذي نقله البخاري عن عكرمة مولى ابن عباس (9)، ربما وضع في إطارمواجهة المعارضين السياسيين أو العلماء المجددين. والدليل القوي على عدم صحته رفض مسلم اي حديث منقول عن عكرمة، وكما هو معروف فإن صحيحي البخاري ومسلم من اهم المصادر المعتبرة في الحديث لدى جمهور واسع من الفقهاء، فلماذا جرى الإنحياز الى أحدهما دون الآخر؟

إن سيطرة مفهوم (جحود المعلوم..) على الفكر الديني، في معظمه، جعلت أغلب الفقهاء يقبلون بأحاديث رواها أبو هريرة، على الرغم من ورود روايات عن الخليفة عمر ابن الخطاب والسيدة عائشة، تفيد بأنه كذّاب، فكيف أعرضوا عن رأي قطبين بارزين في الاسلام لمصلحة ابي هريرة الذي نقل عنه كماّ هائلاً من الاحاديث لايتناسب مع قدرة الانسان العادي على الاستماع والحفظ، كما لاتتسع له السنوات أو الاوقات التي قضاها في صحبة الرسول. لابد إن المصالح السياسية هي التي اضطرت القدماء الى ذلك، واوقعت المعاصرين من الفقهاء في مأزق، فلو قبلوا بشهادة ابن الخطاب في حق أبي هريرة، فسيضطرون الى إبطال آلاف الروايات التي بنوا عليها فقههم، ما يؤثر في مصداقيتهم ومكانتهم، وبالتالي مصالحهم الدنيوية.
إن الإصرارعلى حجية تلك القاعدة تسبب بتوجيه المئات من التهم الى الباحثين الاسلاميين والادباء وكل من يأتي برأي مخالف للسائد المصادق عليه من المرجعيات المسيطرة. والملاحظ على ماذكرت من قواعد الفقهاء الثلاث، أنها تناقض بعضها البعض، فهم يقولون لا اجتهاد في نص، لكنهم يجتهدون فيه حين يغيرون معناه فيحملونه من الخاص الى العام في آية الشهادة مثلا، وعندما توجه الآية المرأة بان تسدل خمارها على صدرها فقط وان تطيل ثوبها، يأتون فيأمرونها بأن تغطي شعرها وكل جسمها وان لا يبدو منها الا الوجه واليدين والقدمين ثم يشدد عليها بعضهم بأن تتوارى في رداء لايظهر منها شيئاً. وحين يقررون بان إنكار معلوم من الدين يعني الكفر، يتجاهلون هم انفسهم آيات بيناّت مثل: quot; لاإكراه في الدين quot;، quot; فذكّر انما انت مذكّر لست عليهم بمسيطرquot;.
إن تلك المحددات القسرية، منعت تطور الفقه الاسلامي لعهود طويلة، واعتبرت بديلا لقاعدة فقهية هي اقرب للعقل واكثر تجابا مع تغيرات المجتمعات وتنوعها، تلك هي: quot; إن العلّة تدورمع المعلول وجوداً وعدماً quot; أي ان لكل حكم اسبابه وإذا انتفى السبب لم يعد للحكم ضرورة، فلا ينبغي للزوجة التي تعمل وتتقاضى أجراً مجزيا، ان تطالب زوجها بالإنفاق عليها لأن علّة الزامه بالنفقة حاجتها للمال، ولا مسوغ لمنع بعض الفقهاء النساء من تولي منصب القضاء لانهن لم يعدن اسيرات البيوت، بل عملن ونبغن في جميع المجالات ولوجرى الاسترشاد بهذه القاعدة في قضايا الاحوال الشخصية مثلا لكفانا الفقهاء مباحث طويلة في مسائل الزواج والطلاق والحضانة... ولأراحوا انفسهم من مشقة البحث عن قول راجح في مذهب معين او آخر، فما كان اسهل عليهم ان يتحروا المصلحة ويراعوا تغير الزمان والمكان ويكونوا اكثر انسانية وعدلاً، بخاصة مع النساء والاطفال، وبالتالي مع المجتمع، فيقترب من حالة الانسجام ويكون اكثر قدرة على التعامل مع اوجاعه الفكرية وامراضه المزمنة.

المصادر:
1. مقال الدكتور اشرف عبد القادر في موقع الحوار المتمدن. وعلى موقع للأخوان المسلمين، وردت إشارة الى رسالة دكتوراه، اعدها عمرو محمود،بعنوان: اجتهادات عمر ابن الخطاب، يقول فيها، إن عمراً لم يخالف نص القرآن، وان اجتهاداته كانت مقاصدية، وقد استشارعشرة من الانصار والمهاجرين في قضية تقسيم الاراضي المفتوحة.
2. مروان خليفات - وركبت السفينة - ص344-361، ويشير الكاتب الى المصدرين: النص والاجتهاد لشرف الدين، والغدير للامين، كما ينقل عن الاستاذ الازهري خالد محمد خالد، قوله بان عمر ابن الخطاب ترك النص عندما دعته المصلحة.
3. موقع الشيخ الكوراني العاملي.
4. موقع الدكتور وهبة الزحيلي.
5. لقاء مع الدكتور حسن حنفي في مقر مجلة النور في لندن.
6. حديث الدكتور جمال البنا لقناة الحرة الفضائية في 4-5-08
7. المصدر السابق، يقول البنا: وجدت في كل آيات الجهاد، انها كانت بسبب اتقاء الفتنة، واولها quot; أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا...quot; بمعنى اضطرارهم للقتال. ويشير الى كتابه عن موضوع الجهاد.
8. المعلومات الواردة عن اشكالية إرضاع الكبير، منقولة، مع بعض التصرف، عن مقال للباحث سيد القمني بعنوان: الدفوع الشرعية عن المفتي عطية، منشور على موقع محاور.
9. جمال البنا، المصدر السابق.
كاتبة عراقية