مقدمة: الوعي بالتغيير
بادئ ذي بدء، ينبغي القول ان ما سأطرحه اليوم باسمي هو خلاصة جملة نقاشات وحوارات مع العديد من الاصدقاء السياسيين والمفكرين العراقيين الذين يحملون هموما وطنية عراقية صرفة، وهم من شخصيات مستقلة، يؤمنون بالتفكير المدني ووحدة العراق.. بل ويحلمون بمشروع وطني حضاري للعراق، ويؤمنون بتحقيقه مهما طال الزمن أو قصر.. انني اعتقد ان الملايين من العراقيين باتوا اليوم ينتظرون مشروعا وطنيا ينقذهم مما آلت اليه أوضاعهم المهترئة، وبعد ان كانوا ينتظرون من لم ينتظرهم.. ان الكثيرين، بدأوا يؤمنون بحقيقة الاشياء بعد ان وجدوا بأن ما روّج له من شعارات كاذبة، من كل الاطراف القديمة والجديدة، كانت مجرد سراب اودى بالعراق الى التهلكة بعد ان غدا جزءا حيويا في الصراع الدولي ومادة مستلبة في حروب وحصارات ولجان تفتيش.. الخ وان دورة الارهاب لا يمكنها البقاء على امتداد الزمن، وشعب شهد الموت بعينه، فرضى الان بالحّمى.. وكان ولم يزل هناك من أبنائه، يراهن، على الصراع، وعلى النهب، ومشروع القتل، وعلى ايهام الناس باسم حزب ديني او عصبة مافيوية او عودة الدكتاتورية، او شرذمة اقليمية، او تحالفات ساذجة، او لعبات سياسية، او تحطيم كل شيئ من اجل القوة والسلطة والنفوذ والمال. ان الوعي بالتغيير لا يمكنه ان يأتي بسرعة البرق، ان لم يسبقه تفكير مستنير، وجرأة كبيرة، وادراك متبادل للتناقضات الجديدة. انني ادرك صعوبة حصول ذلك، ولكن ليس لدينا من خيار او طريق الا اياه. ان المشروع المدني، ليس شخصا، ولا دينا، ولا طائفة، ولا عرقا، ولا عشيرة، ولا حزبا.. حتى ينقسم ابناء العراق معه او ضده. انه مجرد اسلوب عمل مدني لبناء العراق وتوحيد العراقيين وان يبقى كل من يتبناه فوق كل ميوله ومذهبه وعرقه وطائفته ودينه ومؤدلجاته السياسية.. انه مشروع وطني عراقي يتجه الى كل العراقيين من دون اية محاصصات ولا اية تمايزات الا العمل والكفاءة واداء الواجب مع التمتع بكل الحقوق المدنية التي يضمنها الدستور. انني اعتبر كل ما يخالف هذا quot; النهج quot; هو دمار للعراق، ويكفي العراق دمارا منذ خمسين سنة حتى اليوم.
الاسس والمرتكزات
ان العراقيين اليوم ليسوا بحاجة الى اية تبريرات لأقناع انفسهم بضرورة الحياة المدنية، واعادة النظر بمجمل العملية السياسية، واعادة كتابة الدستور، بروح عراقية منبثقة من مبادئ مشروع وطني، لا غير، بل أنهم بأمس الحاجة الى مستلزمات عمل أساسية من اجل جعل الحلم حقيقة واختزال الزمن. ان هذا وذاك لا يمكن تحقيقهما من دون عاملين اساسيين في حركة المجتمع: وعي جماهيري بالمشروع الوطني ومبادئه الاساسية أولا، ثم قيادة عراقية وطنية بعيدة جدا عن كل التمايزات التي تبلورت في السنوات الاخيرة ثانيا. ان الحلم لا يتحقق ان بقيت الامور على حالها، تنتقل من سيئ الى أسوأ، أو بقيت الاخطاء تولّد اخطاء، وبقي المسؤولون والمعارضون معا يتكلمون باسم quot; العراق quot; ويهذون او يهددون وهم من ابعد الناس عن اي مشروع وطني مدني عراقي! ان التغيير لا يمكن تبلوره من دون اي حراك اعلامي جاد، ونقد صارم لكل الاخطاء.. ومن دون اعتراف من كل القوى السياسية المشاركة او غير المشاركة في ما يسمى بـ quot; العملية السياسية quot; بحجم الاخطاء الكارثية التي وقعت سواء قبل الوجود الامريكي ام من بعده. ان الحلم ليس من الهين تحقيقه من دون ضرورات عمل وطني لا دخل لأي طرف اجنبي او اقليمي فيه، ولا يمت بصلة الى كل الشعارات التي راجت ولم تزل رائجة حتى اليوم.. ان على كل القوى السياسية العراقية ان تعي التغيير بضرورة الانتقال من شعارات الماضي الى تكريس مبادئ للحاضر من اجل بناء المستقبل.
حراك جديد
ثمة حراك سياسي وطني من اجل اجراء تحولات اساسية، ولكنها ليست مصيرية.. ثمة تجمعات وبيانات وتحالفات لقوى عراقية وطنية سواء كانت ليبرالية ام قومية ام يسارية راديكالية تريد التحالف او التآلف، ولكنها متحفزة فقط للانتخابات من اجل السلطة، في اطار مدار العملية السياسية الجارية، ومن دون اي تجديد في المواقف والخطاب والحركة والاعلام لانطلاق مشروع وطني عراقي حقيقي.. ثمة سعي واضح لبعض القوى السياسية العراقية من اجل التغيير، بعد خيبات الامل، وبعد فشل القوى السياسية والدينية المؤتلفة والمتوافقة والمتحالفة.. وهي الممثلة لما سمي بـ quot; المكونات العراقية الاساسية quot; ليس في حكم العراق حسب، بل في المشاركة ببناء مشروع وطني مدني حقيقي للعراق وارساء مبادئ اساسية للعراق، وسيرورتهم في تحديد شكل العلاقة بين العراق وكل من المجتمع الدولي اولا (وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية) والمجتمع الاقليمي (وعلى رأسه كل من ايران وتركيا والعرب).
السيرورة الجديدة
اكتب لكم اليوم هذا quot; الخطاب quot;، وثمة ما يدفعني الى ان يكون الجميع يشاركون في المشروع الوطني.. وسواء عمل من اجله هذا الطرف او ذاك، فليس هدفنا ابدا السعي من اجل الانتخابات القادمة، الا وسيلة لجعل العراق بيد قوى وشخصيات نظيفة تؤمن بالمؤسسات المدنية، ولكن يبقى الطموح بالعمل الدؤوب لانقاذ العراق ضرورة تاريخية، واستعادة الروح العراقية بكل مبادئها وقيمها وأصالتها بعيدا عن كل ما راج من تسميات وتقسيمات وشعارات واصطفافات وتخندقات ومحاصصات.. نجح في تكريسها الانقساميون. وعليه، لابد ان يكون على رأس quot; المشروع الوطني المدني quot; الطموح، كل من عرف بكفاءته وتجربته وسمعته ونظافته وتاريخه.. او اعادة المسير من جديد وفق اي سياق مدني يلتزم هوية عراقية، وعقائدية عراقية، وكل المبادئ المدنية التي عرفها العراق منذ الاف السنين.
انها لا يمكن ان تخرج عن ستة مبادئ يتفق عليها من يؤمن بالمشروع الوطني المدني، (وهي ستة مبادئ اسوة بكل المشروعات الوطنية المدنية في تجارب شعوب اخرى في التاريخ الحديث). ومن الاشياء الاساسية التي ينبغي التنبيه اليها، تتمثل باخضاع اي تجربة او عملية سياسية في العراق لمبادئ المشروع الوطني، لا العكس، اي لا يحق ان يخضع اي مشروع وطني لما يسمى بالعملية السياسية.. فضلا عن جعل المشروع الوطني فوق الجميع، اذ لا يمكنه ان يخضع ايضا لارادة أي قوة سياسية او دينية او قومية او اقليمية.. وهنا، ينبغي ان يعاد النظر في الدستور العراقي وفق مبادئ مدنية المشروع الوطني، لا تبعا لاهواء ونزوعات اية قوى سياسية معينة، او حسب رغبات ايديولوجية مرحلية، او وفق مصالح انقسامية لهذا الطرف او ذاك.
ان اي مشروع وطني مدني متحضر لا يمكن استيعابه من دون الوعي به فكريا واعلاميا.. انه بوابة مفتوحة للجميع في ان يثريه المستنيرون بالمزيد من الافكار والتطلعات.. اذ لا يمكنه ان يتحقق من دون اي فعل سياسي مؤثر، او حراك اعلامي فعّال، وان يدخل التفكير المدني من خلاله الى كل بيوت العراقيين وان يخاطبهم من كل من يصلح لقيادة quot; المشروع quot; بدل اية قنوات اخرى، خصوصا وان العراقيين يقبلون اليوم لخوض تجربة جديدة من الانتخابات القادمة التي تعد مرحلة اخرى من مراحل التغيير، فبدل ان تكون نحو الاسوأ على ايدي اشخاص عرفهم الناس، لابد ان يسعى كل المدنيين الى جعل العراق يمضي نحو الاحسن. وعليه، اقترح على الشعب العراقي كله، وعلى القوى المدنية الوطنية خصوصا، مقترحاتي أدناه:
مقترحات ركائز جديدة
نظرا لضرورة العراق التاريخية الى quot; مشروع وطني quot; حقيقي تلتف حوله الجماهير على تراب الوطن او في الشتات، فأنني أقدّم اليكم المقترحات التالية، وان يجعل كل عراقي حقيقي من نفسه جنديا مجهولا ليس للسعي وراء منفعة شخصية او مادية او سياسية، بل للعمل ضمن مبادئ عراقية، والقيام بدور سياسي واعلامي للتنسيق من اجل استعادة العراق هويته الوطنية، وارجاع كرامته التاريخية، والنضال من اجل وحدة ترابه ضد كل الغزاة الدوليين، والطامعين الاقليميين، والانقساميين الداخليين.. فضلا عن العمل من اجل حياة سياسية مدنية يكون الاكفأ والاذكى والانظف على رأس قيادتها.. ونحن نواجه المتغيرات القادمة. وعليه، وانا اطرح مقترحاتي بتجرد وتواضع، اقول بالسعي والتحرك منذ هذه اللحظة باتجاه كل العراقيين اينما وجدوا، راجيا التأمل في مقترحاتي التالية:
1.لائحة مبادئ
العمل على اصدار لائحة المشروع الوطني المدني التي تتضمن ستة مبادئ أساسية (كنت ولم ازل انادي بها منذ العام 2003 من اجل انقاذ العراق ووضعه على طريق المستقبل). وهي quot; مبادئ quot; مدنية لا يمكن النهوض بأي مشروع وطني من دونها، وهي كتلك التي رسمها كل المؤسسين الاوائل للدول والكيانات الوطنية في العالم، وبالامكان اقتراح المبادئ التالية للمشروع الوطني العراقي (وبالامكان التعديل والتغيير ضمن السياقات نفسها):
1) العقائدية العراقية (مع احترام كل الانتماءات الدينية والاثنية ضمن الهوية العراقية).
2) الدولة المدنية (ضمن دستور مدني يفصل نظام الحكم عن تباينات المجتمع وتناقضاته).
3) الديمقراطية الاستقلالية (عن اية ارتباطات ايديولوجية وخارجية غير وطنية).
4) التنمية والتحديث (انطلاق ثورة في الاعمار والتربية والخدمات والاستثمارات والثقافة).
5) الامن والسلام (فرضهما في الداخل والاقليم والخارج بسيادة الدولة بلا اي مليشيات).
6) الاتحادية اللامركزية (لكردستان العراق فقط).
(وليسمح لي القارئ الكريم ان اشرح هذه quot; المبادئ quot; في مقال آخر خشية الاطالة الان).
2.استراتجية عراقية جديدة
العمل على ان تتبنى كل القوى المدنية العراقية استراتيجية جديدة للعراق بعيدا عن كل الرواسب المؤلمة والخطايا التاريخية.. استراتيجية تحتضن المشروع المدني (في الداخل والخارج معا)، وتأسيس هيئة رقابة وطنية مستقلة، وطاقم عمل من اجل اثراء المبادئ والترويج لها اعلاميا لترسيخ الوعي العراقي بها، وعلى التأهيل قياديا ونخبويا وجماهيريا.. وربما كانت لهذا quot; الطاقم quot; ارتباطات وفروع في كل انحاء العالم. والقيام باصدار ادبيات المشروع المدني. انه من المفروض، تبّني استراتيجية المشروع المدني، ووضع الخطط والافكار، ورسم الاستراتيجية الجديدة لعراق القرن الواحد والعشرين، بعيدا عن كل ما تبنّاه العراقيون من افكار وشعارات ومؤدلجات ابان النصف الثاني من القرن العشرين. ان من الضرورة ان تعرض استراتيجية المشروع المدني، وتناقش كلها اعلاميا: تلفزيونيا وصحفيا. لقد شاركنا بأكثر من نداء منذ عام 2003، ومنها ولد ـ مثلا ـ ائتلاف (مدنيون) في العراق، وبنجاح وهو يضم شيوعيين وقوميين وليبراليين وانطلق مؤخرا كواحد من المشروعات المهمة على الساحة اليوم.
3.وثيقة مؤتمر وطني عام
لا يمكن لأي تجربة تأسيسية ان تمضي بنجاح من دون عقد مؤتمر وطني. ان العمل على عقده لابد ان ينفتح على الجميع والخروج منه بتوصيات تخص مشروعنا الوطني الذي يؤكد على مبدأ quot; العراقية اولا واخيرا quot;، وقبل اي انتماء آخر، وعلى ضوء المصالح العراقية العليا.. ونشر التوصيات على العالم اولا، وتّسلم الى الولايات المتحدة الامريكية ثانيا، والامم المتحدة ثالثا، وبقية المنظمات الدولية والاسلامية والعربية رابعا. شريطة ان تكون quot; وثيقة عراقية quot; لبناء مرحلة تاريخية. وان يجمع هذا quot; المؤتمر quot; كل الاطياف الوطنية العراقية ليس لأخذ موافقتها على المبادئ الستة، بل للاعلان عن هذا quot; المشروع quot; من خلال أي مؤتمر وطني. وينبغي ان تحدد الوثيقة اسلوب سيرورة العمل السياسي كل خمس سنوات، فضلا عن اشراف دولي محكم على الانتخابات العراقية كلها.
4.الوعي المدني: ضرورة جماهيرية
على الرغم من انتشار العشرات من الصحف، والقنوات الفضائية العراقية التي تعبّر كل واحدة منها عن طرف من الاطراف (السياسية).. ومع غياب قناة فضائية عراقية تتبنى مشروعنا الوطني، ينبغي تأسيس محطة ارسال فضائية عراقية قوية (وهو اهم هدف ميداني لتسويق المشروع المدني) تكون على درجة كبيرة من النضج السياسي والاحتراف الاعلامي، وتخصص برامجها الاخبارية والسياسية والفكرية والاجتماعية.. لصالح المشروع المدني وتكريس الهوية الوطنية، والوعي بالاستنارة، وتقديس المال العام، وممارسة الحوار الوطني، ونقد الاخطاء، وتعرية التجاوزات، ومناقشة كل المشروعات الانمائية والمستقبلية والاصلاحية والتأسيسية من قبل عراقيين اكفاء.. وحبذا لو ارتبط كل من طاقم استراتيجية المشروع بكل الاجهزة الاعلامية. انني اريد من انطلاق محطة فضائية باسم المشروع العراقي دخول المشروع الوطني المدني الى كل بيت عراقي وكل مكان يتواجد فيه عراقيون في هذا العالم الفسيح.

5.تجديد الخطاب السياسي
الانفتاح على العراقيين من خلال خطاب جديد، وفلسفة جديدة، وصياغة جديدة للفكر والحياة مع البقاء على الاسس والثوابت الوطنية التي ترّبى عليها كل العراقيين بمعزل عن كل الانتماءات الاخرى الواجب احترامها في المجتمع شريطة ان لا تدخل في رسم سياسة الدولة مع العمل على الغاء كل مظاهر التسلح والميليشيات واستعراضات القوة مع سيادة القانون.. انني ادرك ان اسلوب المحاصصات والتشظيات والانقسامات لا يمكن معالجته بهذه السهولة، ولكن اي محاولة للتجديد خلاف ما يجري في الواقع، سينتشل الاجيال الجديدة من أتون كل الانقسامات، وهذا نفسه بحاجة الى استراتيجية من نوع جديد، وهندسة من نوع جديد لتشكيل ارادة شعبية وطنية وبطروحات تعلن عن اخفاق العملية السياسية، واعلان كل ما يدور بين العراقيين والامريكيين على الشعب العراقي من محاورات ومفاوضات ومجادلات ومكاتبات وسحب البساط من تحت ارجل كل القوى التي لعبت على أوتار الطائفية والانقسامية والتبعية.
المستلزمات الاخرى وفلسفة الرؤية
ان المشروع الوطني بحاجة ماسة الى الاستقلالية السياسية من اجل اي مقاربة وطنية، فهذه quot; الاخيرة quot; لا يمكن ان يحتكرها أحد من العراقيين، بل انها من حق اي عراقي يؤمن بالعراق المدني الحضاري الموّحد لا بأي عراق من نوع آخر. لقد أثبتت التجربة التاريخية انه بقدر ما يحتاج العراق الى ابنائه جميعا، فهم كلهم من دون استثناء بحاجة اليه، فهو أقوى منهم بكثير، وهو الذي استعصى على التقسيم والتشرذم والاخرين اكثر منهم كلهم بلا استثناء! ان المشروع الوطني تتقّدم فيه المرجعية العراقية المدنية بكل ممارساتها بعيدا عن كل اية انتماءات انقسامية: دينية طائفية، أو جهوية عشائرية، او فئوية شوفينية، او جماعات ارهابية او اية ارتباطات خارجية.. كالتي اوصلت البلاد الى هذا المآل. ان المشروع الوطني يطالب كل القوى السياسية العراقية الحالية بأن تعيد النظر برؤيتها ازاء العراق، وبكل انظمة احزابها الداخلية التي كانت قد كتبت انشائياتها عبر عشرات السنين التي مضت.. انه يطالب الجميع بالعمل على ان يكونوا مع العراق المدني لا مع اي عراق آخر.. ان المشروع الوطني ما دام يعلن عن مستلزماته المدنية، فالمطلوب من كل الاحزاب الدينية والطائفية والقومية والاقلياتية ان تؤمن بأن الديمقراطية لا تستقيم الا من خلال ممارسة مدنية بعيدا عن اية وصايات، وان المؤسسات لا يمكن تأسيسها او تطويرها الا من خلال الفصل بين السلطات، وان السيادة لا تترسخ الا بالقانون المدني، وان الانتخابات لا تتم الا على اسس مناطقية وبترشيحات شخصية غير حزبية، وان الحياة لا يمكن اصلاحها الا بدستور مدني يحدد حقوق وواجبات الجميع بلا اية تمايزات وبلا اية محاصصات.. وعلى الجميع من القوى وانصار هذا التيار او هذا الحزب او ذاك النظام.. ان يعيدوا التفكير ويعترفوا بالاخطاء.. من اجل بدايات جديدة، فالعراق لا يستقر الا وهو بمشروع وطني بعيد عن اية تحالفات سياسية.. وعلى كل العراقيين دعم اي تيار سياسي مدني يثبت رقيّه الحضاري وارتباطه بالعراق اولا.
سيحيا العراق كالعنقاء من جديد؟
واخيرا، ان كان هذا quot; الحلم quot;، يغاير الواقع، فما علينا الا مجابهة هذا quot; الواقع quot; المزري، والثورة عليه.. علينا ان نطالب بكلّ ما هو كبير، كي نحقق ما هو ممكن. علينا ان لا نخنع بهذا الواقع وان لا نستكين له ونزرع حدود المستحيل.. علينا ان نحلم دوما بالتقدم نحو الامام، وان يبقى هذا quot; الحلم quot; الجميل يلازمنا دوما. صحيح ان اغلب الناس قد افتقدت آمالها بعد انسحاق العراق، ولكن ثمة بصيص لابد من ان يغدو شعلة متوهجة في قابل.. وثمة نبض لم يزل يتحرك هنا او هناك لابد ان يخفق في كل مكان.. وليبقى quot; الحلم quot; يلازم كل العراقيين انهم ابناء بلاد تخفت المهجة فيها ولكنها فجأة تحيا وتقوم كالعنقاء منذ الاف السنين.