نتائج إستفتاء إيلاف الأسبوعي 70% أيدوا و36% عارضوا:
الكنائس لا تهدد الهوية الدينية لدول الخليج

الشيخ نهيان بن مبارك ال نهيان يفتتح امس الكنيسة الإنجيلية في ابوظبي
تاج الدين عبد الحق من أبوظبي: لم تكن قطر هي الدولة الخليجية الأولى التي تفتتح بها كنيسة، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة في ظل تنامي شعور عام بأن وجود دور للعبادة لمختلف الشرائع والطوائف هو أبلغ رد على أولئك الذين يحاولون وصم الإسلام بالعصبية ورفض الآخر بل وإتهام هذا الدين بأنه دين إستئصالي لا يسمح بحرية العبادة ولا بإختيار المعتقد. وقد كانت دولة الإمارات سباقة في هذا الميدان حيث تم إفتتاح أكثر من كنيسة حتى قبل الإستقلال وقيام الدولة. ولم يعكس تعدد الكنائس تعدد الطوائف المسيحية المختلفة، بل التوزع الجغرافي لأبناء تلك الطوائف بشكل سمح بوجود دور عبادة لهم في أماكن سكنهم. كما أن الكويت ليس لديها دور عبادة مسيحية فقط، بل إن هناك من أبناء الكويت أنفسهم من يعمل في هذا المجال. والأمر كذلك في البحرين وعمان. بل هناك مصادر كنسية في الخليج تقول إنها تجري حوارًا لإيجاد ترتيبات تسمح بإنشاء دور عبادة للمسيحيين المقيمين في المملكة العربية السعودية.

في ضوء ذلك، فإن افتتاح كنيسة في قطر هو تحصيل حاصل بل ربما كان متأخرًا. ويبدو ان المجتمع القطري كان مهيّئًا لهذه الخطوة، وهو ما عكسته نتائج الاستفتاء الذي اجرته ايلاف، إذ إن 70% من بين 6220 مصوتًا قالوا ان افتتاح كنيسة في قطر هو تعزيز للحريات الدينية فيما بلغت نسبة الاجابة السلبية 36% فقط، وكانت نسبة الذين لم يثر الخبر اي اهتمام لديهم 4%.

والواضح ان التعايش الاجتماعي والانفتاح السياسي الخليجي على العالم ساهم في وجود هذا التفهم الخليجي لخطوة فتح كنائس ودور عبادة للطوائف غير الاسلامية. فالتعايش المستمر منذ عقود وازدياد حجم المصالح المتبادلة بين مختلف الطوائف اظهر للكثيرين ان المخاوف التي حالت دون السماح بفتح دور عبادة مسيحية في منطقة الخليج لم تكن مبررة وخاصة المخاوف من ان تكون الكنائس مراكز للتبشير، وهو الامر الذي لم يعد له معنى حقيقي في ظل ثورة الاتصال بين مختلف مناطق المعمورة. كما ان هذه المخاوف لم تعد مبررة بعد ان لمس الخليجيون بالعين والتجربة كيف تسمح دول الغرب بفتح المساجد في الكثير من مدنها وكيف تضمن للمسلمين حرية العبادة وتوفر لهم الحماية في اطار القانون.

وحسب ما تقوله بعض النخب الخليجية، فإن السماح بفتح دور عبادة مسيحية في المنطقة يعزز الثقة بالنفس ، اذ ان الحفاظ على الهوية الدينية لا يكمن بالانفراد بالساحة بل في المحتوى الديني الاسلامي الذي جعلته قادرًا على الاحتفاظ بالحيوية طوال هذه العقود حتى في اماكن لم تكن فيها الجاليات الاسلامية تشكل اغلبية عددية. وفي اطار هذا التفهم الخليجي افتتح الشيخ نهيان بن مبارك ال نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي بدولة الامارات صباح يوم الاحد الكنيسة الإنجيلية في ابوظبي والذي جاء متزامنًا مع الاحتفال بعيد الفصح المجيد عند الطوائف الغربية.

وهنأ الشيخ نهيان بن مبارك ال نهيان فى كلمته الحضور بافتتاح الكنيسة وبعيد الفصح المجيد متمنيًا ان يكون هذا المبنى مكانًا مناسبًا للعبادة ومركزًا مهمًا يتيح فرصًا اكبر للإلتقاء والتواصل ورعاية شؤون الطائفة في ابوظبي. وقال ان هذا المبنى يؤكد أن دولة الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة كانت دائمًا ولا تزال بلدًا آمنًا، بلد يدين اهله بدين الأسلام الذي يدعو الى التسامح واحترام معتقدات الأخرين ولعل هذا من اهم الدعائم والمرتكزات التي تنطلق منها بلادنا والتي ادت الى توفير بيئة صالحة ومناخ طيب ينعم فيه الجميع بالتعايش والأمان والسلام.

واضاف ان هذا المبنى الجديد ليس مجرد مبنى عاديًا، بل إنه رمز روحاني مهم يمثل قوة الإنتماء والولاء لدى اعضاء الطائفة الإنجيلية ويجسد حرصهم على ان يكونوا اعضاء صالحيين في الدولة يسهمون بعملهم وجهدهم في تقدم وتطور المجتمع، مؤكدًا ان المبنى الجديد وباعتباره مكانًا للعبادة ورمزًا للتسامح والتعايش انما يعبر كذلك عن دور الدين في حياة الفرد والمجتمع خاصة مكانة الكنيسة الإنجيلية في حياة رعاياها في ابوظبي، بل إنه في الوقت ذاته يجسد الحرص والإلتزام في أن يكون الدين وبصفة دائمة مصدر ثراء للفرد والمجتمع وقوة دفع للتفاهم والتعايش ونبذ الخلافات بين فئاته.

وكان القس عصام عطية برسومي راعي الكنيسة الأنجيلية في أبوظبي، قد اشاد في بداية الاحتفال بالجهود التي يبذلها اليخ خليفة بن زايد في دعم وترسيخ ثقافة التسامح بين مختلف الأديان والأعراق التي تعيش على أرض الإمارات بتناغم وتآلف متحابة ومتآخية تجسد صورة التسامح في الدين الإسلامي بتعامله مع مختلف الطوائف والشعوب معربًا عن بالغ تقديره للإمارات حكومة وشعبًا لكونها المثل الساطع للتعايش الإنساني القائم على الود والاحترام والوئام والانسجام.

كما دعا الله ان يعيد هذه الايام باليمن والخير والسعادة على العالم العربي خاصة المسلمين والمسيحيين وعلى البشرية جمعاء وان يظلل الجميع بمظلة الحب والتسامح والاخاء الخالص لوجهه تعالى. واستنكر القس عصام في كلمته الحملة الظالمة التي تطاولت على نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا ان احترام الاديان امر واجب ومقدس وان اي تطاول او نيل من اي دين يعد تطاولاً على جميع الاديان ونيلاً من جميع رسل الله.