الياس توما من براغ : أكدت دراسة طبية تشيكية حديثة أن النساء البدينات اللواتي تزيد أعمارهن عن الأربعين عاما يتوفين بعمر يقل بسبعة أعوام عن مثيلاتهن من النساء النحيفات فيما تقصر البدانة من أعمار الرجال بستة أعوام أما الزيادة في الوزن فتقصر بالأعمار بمعدل وسطي يصل إلى 3 سنوات .
وأشارت الدراسة إلى أن الخلايا الشحمية تنتج مابين 30ــ 50 مادة معظمها مضر بالجسم البشري وان هذه الخلايا كبيرة ومتخمة وبالتالي يزداد التراكم في الأعضاء المهمة في الجسم كالكبد والطحال أو في العضلات في حين يمتلك الإنسان النحيف خلايا اقل من هذا النوع تتمكن حتى بعد تناول الطعام من استيعاب المواد الدسمة .

وتؤكد الدراسة أن البدانة تشكل عاملا خطرا للناس الذين في أعمار شابة أو في أعمار متقدمة على حد سواء فهي تزيد من الأخطار بالنسبة للناس في أعمار مبكرة و تخلق تعقيدات لهم ولاسيما أثناء ولادة النساء الشابات وأثناء الحوادث وتضعف فرصة البقاء على قيد الحياة أما عند الناس المسنين فتتسبب بخلق مشاكل في المفاصل والتنفس وفي خلق تعقيدات بعد العمليات الجراحية ولجهاز الهضم كما تسبب مرض السكري وأمراض القلب والشرايين والسكتات الدماغية وتساهم في تشكل الأورام السرطانية . وتشدد الدراسة على أن فائدة كبيرة تنشأ بالنسبة للناس البدينين عندما ينجحون في تخفيض أوزانهم بمقدار 5 ــ 10% أما أفضل الطرق لذلك فيتم من خلال الحد من الإفراط في تناول الطعام الدسم وتغيير المضمون الغذائي وزيادة النشاطات الجسمية .
وتنبه الدراسة إلى التنامي المرتفع لعدد التشيك المصابين بمرض البدانة في السنوات الأخيرة ومن شمول هذه الظاهرة أيضا للأطفال بشكل مقلق مشيرة إلى أن 52% من التشيك البالغين الآن لديهم زيادة في الوزن منهم 17% مصابون بمرض البدانة .

ويصف القائمون على الدراسة هذا الأمر بأنه مقلق جدا لأنه مقارنه بآخر دراسة نفذت في هذا المجال في عام 2000 تبين بان الزيادة كانت بنسبة 3% لدى البالغين وبنسبة 100% لدى الأطفال . وتؤكد الدراسة أن طريقة تصرف الأمهات بعد التوقف عن عملية ترضيع أطفالهن تعتبر رئيسية في مسالة البدانة وعدمها لدى الأطفال لأنه يتم وبشكل مبكر جدا التعامل مع الأطفال على أنهم بالغين صغار وبالتالي تعديل قائمة الطعام المقدمة لهم وفق العادات المتبعة في العائلة الأمر الذي ينتج عنه حالتين متطرفتين ففي حال إطعام الأطفال ما تأكله أمهاتهم اللواتي يردن المحافظة على نحافتهم وتخفيف أوزانهن بعد الحمل أي تناول الخضار والفواكه والبروتينات فان ذلك يؤدي إلى معاناة الأطفال من نقص التغذية ونقص الكثير من المواد التي يحتاجونها أما في الحالة الثانية وهي تقديم الكثير من الطعام التي تحتوي على الكثير من المواد الدسمة والسكريات فان ذلك يؤدي إلى تشكل البدانة لديهم .

وأكدت الدراسة أن كلا الحالتين مضرتين للأطفال ويمكن أن ينتهي الأمر بإلحاق ضرر دائم بصحتهم لان الطفل ينمو ويتطور وبالتالي يحتاج إلى الكثير من الطاقة ومواد مختلفة في الطعام لا تتضمنها عادة وجبات الطعام العادية التي تقدم للبالغين . وتشدد الدراسة على حاجة الأطفال للمواد الموجودة في اللحوم والمنتجات الحليبية وعلى ضرورة تناولهم البيض مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا وان يتم تأمين الفيتامينات والمواد المعدنية لهم والابتعاد عن المبالغة في تناول السكريات ، كما تشدد على أهمية التفات الأهل إلى النظام المائي للطفل إذ يتوجب عليهم كالبالغين شرب مابين 3و1 ــ 5و2 لتر من الماء يوميا .
وتؤكد الدراسة أن من الأسباب الرئيسية أيضا للبدانة لدى الأطفال عادات الطعام السيئة مؤكدة أنه يتوجب على الأطفال أن يتناولوا خمس إلى ست وجبات خفيفة يوميا كما أن قلة الحركة تلعب دورا رئيسيا في تنامي البدانة.

ووفق الدراسة فان 25% من الأطفال التشيك لا يمارسون أي تمرينات رياضية وأنهم بدلا من الركض واللعب مع رفاقهم فإنهم يمضون وقتا عبثيا طويلا بالجلوس أمام شاشات التلفزيون أو شاشات أجهزة الكومبيوتر. وتوصي الدراسة ليس فقط باختيار النظام الغذائي المناسب للبالغين وللأطفال وإنما بالحركة على الأقل 5و3 ساعات أسبوعيا . وتؤكد الدراسة أيضا بان التشيك يعتبرون الآن من أكثر شعوب أوروبا بدانة بعد اليونانيين والألمان والقبارصة وانه من الأهمية بمكان النظر إلى البدانة على أنها مرض مزمن . ويقول المتخصص التشيكي في البدانة الأستاذ الدكتور فويتيخ هاينر بان خطر زيادة الوزن لدى البالغين ينعكس أيضا في زيادات الوزن لدى الأطفال لأنه كلما ارتفع عدد البدينين في العائلة ولاسيما من الأهل كلما ازدادت احتمالات أن يكون أولادهم لديهم زيادة في الوزن .

وأشار إلى أن الدراسة أكدت أن ثلاثة أرباع الذين شاركوا في البحث من البدينين اعترفوا بأنهم كانوا بدينين في طفولتهم وان الاحتمالات هي بنسبة 70% أن يكون الإنسان بدينا عندما يكون أهله كذلك . ويؤكد نائب وزير الصحة التشيكي والمسؤول الأول عن الصحة العامة في تشيكيا ميخاييل فيت بان البدانة هي وباء القرن 21 وأنها تؤدي إلى تشكل الكثير من الأمراض ولهذا فان الدولة تحاول أن تتخذ إجراءات في مختلف القطاعات كي يتم تخفيض البدانة ولاسيما لدى الأطفال. وأضاف من الضروري بمكان شرح أهمية الغذاء الصحي ولاسيما في المدارس والعائلات غير انه اعترف بأن الجهود المبذولة لا تحقق نجاحا في هذا المجال حتى الآن .