د.مزاحم مبارك مال الله: الحالات المرضية النسائية الخاصة و تعاني الكثير من النساء في الريف الى مشاكل صحية متعددة الأوجه والتي تبدو بحاجة الى الإهتمام الخاص لما تسببه هذه المشاكل من أزمات صحية بل وإجتماعية،هذه الأزمات تبدأ بسيطة مفردة وتنتهي معقدة مزدوجة أو متعددة.أن الغالبية العظمى من هذه الحالات تظهر على شكل إلتهابات إضافة الى الحالات المَرَضية الخاصة بالمرأة ،علماً إن الإلتهابات النسائية كثيرة ومتعددة وتشمل على الأغلب وبشكل عام أو هكذا ما يرد بالأحصائيات 1) إلتهابات الجهاز التناسلي،2) إلتهابات المسالك البولية،3) آلام الظهر والمفاصل ،4) الدوالي.
إن الدوالي وآلام الظهر والمفاصل رغم قسوتها إلاً إنها من الأمور الشائعة جداً بين النساء بشكل عام وبين نساء
الريف بشكل خاص وذلك لمجمل الأسباب الواردة فيما تقدم .أما الإلتهابات والحالات الخاصة (والتي نقصد بها مثلاً هبوط الرحم،النزوفات بأنواعها،الأورام السرطانية..الخ) فهي عديدة ومنوعة وتشمل كل أجزاء الجهاز التناسلي (المهبل،عنق الرحم،الرحم،الأنابيب و المبايض) وكذلك كل أجزاء الجهاز البولي (الأحليل،المثانة،الحالبين والكليتين).إن غالبية الإلتهابات سببها غياب أو تخلف الوعي الصحي بين نساء الريف إضافة الى الظروف البيئية والصحية السائدة،وما يُثير الحسرة هو إن الغالبية من هذه الأمراض سببها عدم إتباع الوسائل الصحية الخاصة بحياة المرأة والتي مردّها الجهل والبعد عن الحضارة وتقدمها.
هذا من جانب،أما الجانب الأخر والذي يشكّل 50% من الأسباب فهو الرجل القَرَوي نفسه،لأن الرجل في جهله وتخلفه لايختلف قطعاً عمّا تعاني منه المرأة،وغالباً ما تكون الأمراض مشتركة بين الزوج والزوجة.
أن أهم أسباب هذه الإلتهابات والحالات الخاصة مايلي :
1.إستخدام وسائل بدائية وغير حضارية ولا صحية أثناء حصول الدورة الشهرية.
2.التخلف الصحي من قبل الرجل أثناء الإقتران الجنسي.
3.كثرة مرات الحمل أثناء سن الإنجاب (15 ـ 45) عاماً.
4.المستوى الهابط في النظافة العامة وبشكل عمومي.
5.تعدد وسائل نقل العدوى،سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بما فيها طرائق تُستعمل يومياً كالماء مثلاً.
6.إهمال جوانب الصحة العامة.
7.إتباع مفاهيم لاصحية تفرضها قناعات الجهل والتخلف.
8.توطن العديد من الأمراض في الريف بشكل عام.

هذا إضافة الى بعض الأسباب الأخرى والتي إما أن تدخل بشكل مباشر أو غير مباشر ضمن قائمة مسببات الإلتهابات النسائية.إن الخجل والخوف يلعبان دوراً أساسياً في تحوّل الحالات المرضية الى مزمنة وربما تتفاقم الى أصعب من ذلك.
إن الأحصائيات (رغم عدم دقتها) دلّت على إتشار العديد من الأمراض التي تسببها الجراثيم والطفيليات في البيئة الريفية مقارنةً مع إنتشارها في المدينة، وهذا يُشير الى أن هناك عوامل معينة تساعد على إنتشار مثل هذه الأمراض ومسبباتها في المجتمع الريفي،مما يٌحفّز ضرورة الإهتمام الخاص بالواقع الصحي للريف.
إن مضاعفات مثل هذه الأمراض متعددة أوعلى أقل تقدير فإنها من الممكن أن تؤدي الى سلبيات أخرى ليس من الصعب أن نجملها بما يلي :
1.تفاقم الأزمة الصحية للمرأة بشكل عام،إما على شكل حالات مزمنة صعبة العلاج أو على شكل أورام سرطانية وأحياناً تؤدي الى فقدان هذا العضو أو ذاك من جسد المرأة.
2.التأثيرات النفسية المؤلمة حقاً لدى المرأة.
3.إنتشار الأمراض بطرق العدوى المختلفة.
4.تعطيل الطاقة الإنتاجية والقابلية العملية للمرأة الريفية.
5.عدم الإنجاب أو تأخر الحمل أو حصول الإسقاطات المتكررة.

إن الواقع الصحي يعم بكل خصائصه السلبية والإيجابية على كافة شرائح وفئات المجتمع،وإن صحة الفرد هي الى حدٍ ما مرآة لصحة المجتمع.ولكن ورغم هذه الصورة العمومية تبقى هناك خصوصيات صحية ومَرَضية لهذه الشريحة الإجتماعية أو تلك الفئة حيث تحكمها عوامل العمر والمهنة والطبيعة الجسمانية العامة.وبما أن العمر يُعّدُ أحد أهم المؤثرات الخاصة بالأمراض لذا وإتماماً لموضوعتنا،سنتناول وببساطة وضع الطفولة الصحي في الريف.إن موضوعة وضع الأطفال الصحي في الريف لايمكن فصلها عن مجمل ما ورد أنفاً،حيث إن واقعهم هو إمتداد لواقع أمهاتهم بل هو جزء من الصورة نفسها،إلاّ إن الفئة العمرية تتحكم بطبيعة أمراضهم،أي بمعنى أن هناك أمراضاً خاصة بالأطفال،إن سبب هذا يعود الى :ـ
1.الطبيعة المَرَضية لمسببات الأمراض.
2.الصورة المناعية في أجسام الأطفال.
3.البناء التشريحي والفسلجي لأجهزة أجسام الأطفال.
لذا يمكن تقسيم ملامح الوضع الصحي للأطفال الى ما يلي :ـ
أولاً ـ نتائج إستخدام المفاهيم والتقاليد الريفية .
ثانياً ـ الأمراض الإنتقالية.
ثالثاً ـ نتائج النشأة الريفية.

ففيما يخص نتائج تطبيق وإستخدام المفاهيم والتقاليد يمكن أن نشخّص الظواهر السلبية التالية :ـ
1.الإستعانة بالجِدّة لتوليد الحامل،ورغم التطور البطئ الحاصل بأهلية المولِدات (الجدات) للقيام بهذه المهمة الخطيرة،إلاّ إن العوائل الريفية لازالت تفضّل توليد النساء لدى الجِدّات علماً إنه من الناحية الطبية لايوجد ما يمنع من الإعتماد على الجدات بتوليد النساء إلاً إن هناك ضوابط غاية في الأهمية يجب الإحتكام إليها خوفاً على الوليد وأمه.
2.إستخدام القماط،وثبت إن القماط عبارة عن قيد مؤلم للطفل،وليس له علاقة بإستقامة عظام الطفل،على العكس فقد لاحظ الأطباء إن مساوئ القماط كثيرة وهو أسلوب غير صحي للوليد.
3.إستخدام أساليب غير صحية ولا صحيحة مع بعض ما يعترض وضع الرضيع،مثال ذلك حينما يكون أنف الرضيع محتقناً (مسدود) يعمدون الى تنقيط بعض قطرات حليب الأم في أنفه ! وضع الكحل في عيني الطفل،إستخدام دهن الطبخ لحالات جلدية...الخ.
4.النظرة غير الصحية في التعامل مع حالات الإسهال التي تنتاب الطفل،فالغالبية من اهلنا في الريف لايعتقدون بوجود الجراثيم أو الإلتهابات،وإنما يعتقدون بأن الرضيع قد (كرف) شيئاً ما،أي أنه تَنَفَس رائحة إحدى الحيوانات مثل القنفذ !! أو إنهم يستخدمون الـ ((كي)) على بطن الطفل.

أما ما يخص الأمراض الإنتقالية فإن الواقع يقول إن الناس في المناطق الريفية والنائية بحاجة الى الرعاية الإستثنائية حيث أن العديد من هذه الأمراض لازالت متوطنة في العراق،وبهذا المجال نؤكد على :ـ
1.إن العديد من العوائل الريفية لاتلقح أطفالها .
2.إن العديد من العوائل لاتلتزم بالجدول الزمني للقاح أطفالها.
3.إن بعض العوائل تنتقل الى أماكن سكنية أخرى وبالتالي لاتتابع تلقيحات أطفالها.
4.إن العديد من العوائل تمتنع عن تلقيح أطفالها بحجة أن الطفل يتمرض بعد التلقيح.
5.إن العديد من العوائل تهمل لقاح الأطفال مجرد حصول مشاكل عائلية أو زعل الأم الى بيت اهلها .
وفي مجال النشأة الريفية وما ينشأ عنها من سلوكيات وتصرفات سلبية تؤثر بهذا الشكل أو ذاك أو بهذا الأسلوب أو ذاك بمجمل الصفات أو السمات الصحية العامة فإننا نستطيع أن نحصر العديد من العادات والسلوكيات التي يعتادها الطفل والتي تؤثر عليه سلباً :ـ
1.عدم الإهتمام بالصحة العامة وإنسحاب المعتقدات الريفية عليه من حيث يدري أو لايدري.
2.إهمال النظافة الشخصية،وعدم إيلاء جانب الوقاية من الأمراض المشتركة أهميتها الخاصة،ومثال ذلك : عدم الإهتمام بنظافة وتعقيم بعض المنتوجات الزراعية فيتناولها مباشرة على إعتبار إن هذه المواد طازجة ولاتحتاج الى التعقيم متناسياً إن العديد من الأمراض الطفيلية تنتقل عن طريق المأكولات الزراعية غير المعقمة أو المغسولة.
3.عدم الإكتراث بالأمراض التي من الممكن أن تنتقل بواسطة ممارسات خاطئة كالسباحة بالترع والسواقي ومثال ذلك البلهارزيا.
4.عدم نشأة الطفل بما يتناسب مع ما يجري من تطور حضاري وتقدم تكنولوجي،إضافة الى عدم الإستفادة من قابلياته الذهنية والعقلية وتنمية مواهبه.

(يتبع)

واقع المرأة الصحي في الريف العراقي(3)

واقع المرأة الصحي في الريف العراقي(2)

واقع المرأة الصحي في الريف العراقي(1)