مي الياس من بيروت: لم تكن المرة الأولى التي ألتقيه فيها، فسبق لنا أن التقينا في كواليس عدد من حفلاته في مختلف بقاع العالم، أذكر بأن لقاءنا الأول وجهً الوجه كان خلال حفل جمعه بنانسي عجرم في مدينة تورونتو الكندية، لم نتبادل سوى التحية وبضع كلمات عابرة، والمرة الثانية كانت في كواليس مهرجان القلعة في سوريا خلال حفل جمعه بالفنانة نوال الزغبي، إلتقطت له بعض الصور مع معجبيه وسلمت عليه، وكان من المفترض أن أخذ منه لقاءً سريعًا إلا ان توتره قبل الحفل، والزحمة التي كانت تحيط به دفعتاني لتأجيل الأمر، وخلال تواجدي في دبي خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كان من المفترض أن التقيه لإجراء حوار خاص بإيلاف، وفي يومها أيضًا حالت الظروف دون ذلك.
يعني هذا لقاء أسعى اليه منذ أكثر من عام، مع فنان إشتهر بقلة أحاديثه الصحافية، وأخيرًا تحقق لي ما أردت في مساء اليوم التالي من تصويره لحلقة تاراتاتا.
كيف هو عن قرب؟ خجول، شديد الكياسة، والأناقة في التصرف قبل اللباس، ذكي، مثقف، حساس، وطموح. كنت أرقب تقاطيعه وهو يتحدث فأشعر بالصدق تنبض به كلماته.
ولا أخفيكم بأنني ذهبت دون تحضير لهذا اللقاء لأنه حصل دون توقع، وبعد أن كنت قد قطعت الأمل. أردت له أن يكون شاملاً ويتطرق لكل شيء ويهم مختلف القراء: من يتابعون الساهر لحظة بلحظة، ومن يحبون فنه ولكنهم لا يواكبون أخباره بشكل يومي.
سألته في كل شيء سياسة، فن، عام، وخاص. لم يمانع أو يعترض، بعض الأسئلة أثارت إنفعاله، وبعضها الآخر رد عليها بخجل متحفظ، وبعضها الآخر كان فيه صريحًا الى أبعد الدرجات الصراحة...

كما تعلم هذه السنة الثانية التي تفوز بها بشخصية العام في ايلاف، والمختلف هذا العام ان الترشيح كان حسب البلد، والقائمة كانت تضم إضافة الى الفنانين، مثقفين، وسياسيين وقادة من العراق، كاظم تفوق عليهم جميعًا مما يعني توحد كلمة العراقيين حوله، واختلافهم حول باقي الشخصيات، برأيك لماذا يوحد الفن الناس في الوقت الذي تفرقهم فيه السياسة؟
يجيب بدبلوماسية واضحة: لا.. لا يفترض بنا إلغاء دور السياسيين لأنه دون شك دور صعب جدًا وأحيانًا نقول quot;ربي يكون معهمquot; ، ولكن الإختلاف انه بعض الساسة يلجأ الى الكثير من المراوغة، وتجميل الصورة، ولكن الناس تكتشف العكس، فتعزف عنه، بينما في الفن الوجدان هو الذي ينطق، واللغة الإنسانية مسيطرة، وعندما يعكس الفنان واقع الناس في أعماله، يصبح منهم وفيهم.
لذا أعتقد بأنه من السهل على الناس ان يشعروا بمدى إيماني بهم، واحترامي لهم، وبالتالي لا يخفى عليهم جهدي عندما اعكس هذا الإيمان والإحترام في قصائدي، والحاني، ومواقفي، ومن خلال أغنياتي الوطنية التي أغنيها عنهم وعن قضاياهم على مختلف مسارح العالم.

كاظم الساهر اصبحت رمزًا مهمًا، العراقيون ينظرون اليك على انك سفيرهم في الخارج، ويفخرون بإنجازاتك الفنية ومواقفك الوطنية، ألا يدفعك هذا الى التفكير في خوض غمار السياسة، وأنت تمتلك هذه القاعدة الشعبية الواسعة التي تثق بك وبوطنيتك؟
لا.. انا لم افكر في خوض هذا المجال، بقدر تفكيري بان اكون رسولاً لايصال معاناة شعبي، والتعريف بثقافته، أن أوصل صوت الكثير من ادبائنا، وفنانينا، وعلمائنا، وأطبائنا . أن استغل كل مناسبة لأتكلم عن بلدي وما يحويه من مواهب وامكانات وقدرات وحضارة.
كنت حريصًا على ايصال كل هذا في لقاءاتي لدى تواجدي في مختلف بلدان العالم، وخصوصًا الأجنبية منها، أن أظهر لهم الوجه الاخر المخفي من العراق... لأنه ليس من مصلحة بعض الإعلام الغربي ان يبين لشعوبهم سوى وجه القتل والحروب، وليس الوجه الجميل للعراقيين.
ويكمل: حتى من خلال تواجدنا على المسرح أنا وفرقتي الموسيقية، من خلال التزامنا على المسرح، كنا ننبه بعضنا البعض quot;انتبهوا نحن نمثل العراق، لسنا هنا لنغني فقطquot;.
ويضيف: أذكر في بداياتي عندما خرجت من العراق وكان يرزح في حينها تحت ظل الحصار الإقتصادي، وبعض الإعلام العربي أسوة بالغربي كان يسوق لصورة سلبية عن العراقيين، وكانت دول عربية كثيرة لاتعرف شيئًا عن ماهيتنا، وعندما كنا نزور هذه البلدان كانوا يتفاجئون ويسألوننا أنتم عراقيون؟ ولا أنسى كلام سيدة قالت لي في وقتها: للأسف يسعى الإعلام دومًا لتصويركم على أنكم وحوش لا تعرفون سوى الحرب، والعنفquot;.

هناك تحقيق نشر على إيلاف وقت عرض أغنيتك المصورة الأخيرة quot;مدينة الحبquot;، وعبر خلاله بعض المثقفين العراقيين عن إعتراضهم بأن كاظم بهذا الكليب كان سوداوي، وعكس حالة قاتمة من التشاؤم؟!
معهم حق، أساسًا كان عندي أيضًا إعتراض على الكليب ، لم اكن راض عنه، و للأسف لم اكن حاضر خلال المونتاج، كنت أريد له أن يكون عاطفيًا أكثر، أن نظهر الحالة الرومانسية من داخل هذا البلد المليء بالمشاهد التي نراها كل يوم على شاشات التلفزة، هذه حقيقتنا وواقعنا، إلا إذا كانوا يريدون مني أن أزيف الواقع، ولا يمكن طبعًا أن أزيف الواقع، ولكن عندهم حق... وعودتنا أنا وهي (البطلة) في نهاية الكليب وبيتنا مهدم... كان القصد منها بإننا على الرغم من هذا الدمار عدنا الى بلدنا، وهنا تمكن فسحة الأمل في الكليب، ولكن ربما لم ينتبه هؤلاء لهذا الأمر... اعتقد بان هذا بلدنا.. وهذا واقعه، ولم أستورد واقعًا بديلاً.

إعتراضهم كان بأنهم بحاجة الى من يبث فيهم جرعة الأمل، وليسوا بحاجة إلى من يصور لهم، او يذكرهم بواقع يعيشونه كل يوم لحظة بلحظة...
نعم اتفق معهم في ذلك ... والحق معهم في إعتراضهم على هذه النقطة 100%.

على سيرة الكليبات في فترة من الفترات في كليب لا تتنهد أو كل عام وأنت حبيبتي ... أخذت صورة الشاب الرياضي الوسيم quot;المودرنquot; بلباسه وتصرفاته، وعلى الرغم من نجاح هذه الأعمال، الا أن بعض جمهورك طالبك بأن تكون وفيًا للصورة الكلاسيكية الملتزمة... والظاهر أنك إستجبت لهذه الفئة ... وبدأت بالظهور بأسلوب مختلف لاحقًا وبقيت تسير على ذات النمط في أعمالك المصورة؟
في الواقع أتمنى أن أجد من يمنحني ذات الصورة التي حصلت عليها في أغنية كل عام وأنت حبيبتي ، لأن هذا العمل نجح نجاحًا كبيرًا، ولا يزال في موضع مقارنة مع أغنياتي المصورة الأخرى الى يومنا هذا.

يمكن تحتاج الى التجديد في المخرجين الذين تتعامل معهم؟
لا... هذا العمل مختلف لأنني صورته في إيطاليا، كان الكادر بأكمله إيطالي.. كان التصوير في ميلانو.

مالذي يمنعك من التعامل مع مخرج يعطيك الصورة التي تطمح لها؟
لا يمنعني شيء، قدمت عدة أعمال مع المخرج حسين دعيبس، كان التصوير حلو، كليب quot;نايquot; كان جميل، الكليب مع حنان الترك أنا أعتبره أكثر من رائع، والعمل الذي جمعني بسولاف فواخرجي، هذه الأعمال التي أحببتها وأقولها بكل صراحة.

ولكن كانت كلها على نمط واحد تقريبًا في الصورة أو روحية الشخصية التي تظهر بها، حتى الشكل الخارجي والملابس لم تكن تحمل أي تجديد أو إختلاف كذلك الذي كنا نراه في (لا تتنهد، وكل عام وأنت حبيبتي).
هذا واقعنا اليومي، ولا يمكننا إستيراد واقع من الخارج.

أتحدث عن التجديد ، الدم الجديد الذي تحتاج إلى ضخه في أعمالك المصورة...
هذا ممكن نعمله بطريقة أو بأخرى بالإعتماد على التقنيات والتكنولوجيا...

لا أتحدث عن التقنيات فقط، هناك اللبس والصورة والشخصية (الكاركتر الذي تمثله)..
لا التقنيات فقط أما من ناحية اللبس ...

أقاطعه: لا تفارقك البدلة السوداء....
صحيح أقتني الكثير من البدلات، ولكنها كلها مواكبة للموضة.

نحن لا نشكك بأناقتك ...
ما قصدك بالتجديد بالضبط؟

قصدي بالتجديد ان هناك جيلاً جديدًا متعودًا على صورة مختلفة، طريقة لباسه مختلفة، ويبحث عن امور تختلف عن الجيل الذي سبقه، اين انت من مخاطبة هذا الجيل بالشكل الموسيقي، والصورة؟
اود ان اروي لك حادثة، بالأمس كان مهند محسن يتكلم عن ابنه، عمره أربع سنوات ونصف فقط، ومتأثر بمدينة الحب بشكل كبير.

نحن ندرك بأن جمهورك واسع، ولكن هذا لا يمنع من مخاطبتك لفئات أخرى ...
أعتقد بأنني والحمد لله أؤثر بالأطفال والشيوخ والشباب ... وهذا لا يعني بأنني محتاج ان أصل اليهم بملابسي...

الفنان صورة شاملة ومتكاملة ... والتجديد والتنويع أمر مطلوب ... ولا أعرف فيما إذا كان قصدي يصلك بوضوح؟
أنت معك حق، والآن أنا مقدم على عمل جديد يمكن راح يكون مختلف... أحياناً الإمكانية ... ويتنهد ثم يكمل: حسين صور لي quot;تقول إنسىquot; وأرسلها لي وقفتها، ثم صورتها مجدداً، نحاول أن نخرج بشي جديد، حتى في كثير من المعجبين والمعجبات يرونني بالجينز، فيسألونني كاظم لماذا لانراك بهذه الصورة في أعمالك المصورة.

أبتسم وأقول له: هذا ما كنت أود أن أقوله لك لماذا لانراك بهذه الصورة (يرتدي قمصياً أبيض معرق بالأسود أنيق وشبابي، مع جينز، وحذاء رياضي)؟
يبتسم يقولون لي انت رجل رياضي، وجسمك تقاسيمه جميلة لماذا لاتظهر بهذه الصورة الشابة، لماذا تبدو أكبر سناً في أعمالك المصورة؟ فأجيبهم لا أعلم، لا أمتلك الرغبة في إيلاء هذه المسألة أهمية.

ولكنك لجأت اليها وهذه الأعمال بالتحديد لاقت رواجًا كبيرًا (أعود للحديث عن لا تتنهد وكل عام وأنت حبيبتي).
معك حق، وأُلام كثيرًا من قبل الناس، أذكر عندما كنت أنوي تصوير quot;كل ما تكبر تحلاquot; مع نادين لبكي، إتفقنا وقالت بأنها ستظهرني بطريقة مختلفة، كما تراني في الأيام العادية، عندما كنا نلتقي لنناقش الفكرة. واعتقد بأن السبب في ترددي هو الخجل الذي يطبع شخصيتي. ويقول مبتسمًا: ولكن إذا اتفق الجمهور على هذا الأمر خلص، سنلبي طلبكم ونصور بطريقة مختلفة، ولباس مختلف.

في الفترة الأخيرة أنت تقوم بتصوير أعمالك المصورة على حسابك الشخصي؟
لا ليس على حسابي الشخصي، فأنا حريص على توفير الموازنة للمخرج مقدمًا، وكما تعلمين احيانًا االإجراءات في الشركات تأخذ وقتًا طويلاً، لذلك أدفع له أنا، ثم نتحاسب أنا وروتانا.

أفهم من ذلك بأن علاقتك بروتانا جيدة وراض عنهم؟
بالطبع العلاقة جيدة جداً.

قبل فترة تم الحديث في وسائل الإعلام عن تجديد وعدم تجديد العقد، وأن كاظم لا ينوي العودة، ثم قيل أنك جددته لسنة واحدة على سبيل التجربة ما مدى صحة هذا الكلام؟
حتىالان لم أجدد العقد، حاليًا أنا متفرغ quot;لملحمة جلجامشquot;، ولا أفكر حتى بطرح البوم جديد هذا العام. على الرغم من إلحاح جمهوري علي، ولكنني لا انوي ذلك، ليبقى تركيزي في العمل الضخم الذي أستعد له، وهذه الملحمة أمانة في يدي. لذلك لا توجد مشكلة في حال وقعت عقد أم لم أوقع، والإتصالات موجودة ومستمرة، ولكن بسبب إنشغالاتي وسفري الدائم يتعذر اللقاء أحيانًا، بالأمس تلقيت إتصالاً من سالم الهندي، كان يود القدوم الى بيروت للقائي، فإعتذرت منه لأنني مسافر اليوم. وتواعدنا على أن نرتب لجلسة أخرى.

بالنسبة الى جلجامش، في أي مرحلة أنت؟ إنتهيت من التأليف الموسيقي؟ وكيف ستعرض؟
حتى الآن تسيطر علي فكرة السينما، أن أقدمها على شكل فيلم غنائي، لا يمكنك أن تتخيلي الى أي درجة تسيطر علي هذه الفكرة.

فيلم موسيقي؟
نعم موسيقى وحوار مغنى، من أوله الى آخره...

مثل فيلم شبح الأوبرا مثلاً؟
نعم ولكن بأسلوب مختلف .. بأسلوبنا الشرقي ...
كتبت حتى الان 100 ورقة ... أي حوالي ساعتان ونصف من الموسيقى والحوار المغنى، لوحات رومانسية، لوحات إحتجاج، الفريق المعارض، والفريق المؤيد، الحرس، الآلهة، عشتار، حب، وخلود الخ
شخصيات متعددة، وأغلبها رئيسية (جلجامش، عشتار، أم جلجامش، إنكيدو، قائد الحرس) العمل سيتمحور حولهم جميعاً وليس حول جلجامش فقط.

إنتهيت منها بالكامل؟
نعم موسيقيًا إنتهيت منها. وهي حالياً في مرحلة التوزيع لدى الدكتور فتح الله أحمد.

هل تبحث عن منتج للعمل؟
لا، أنا لا أبحث عن منتج.

كيف إذن؟ تنوي إنتاج العمل بنفسك؟
حالياً أنوي أن أقوم بتسجيله أولاً على نفقتي الخاصة، فهذا عملي، أود أن يبقى لي. وتلقيت عروضاً كثيرة لتقديمها على المسرح من عدة بلدان، ولكنني لأ أشعر بالرغبة بتقديمها كعمل مسرحي.

قرأنا في وسائل الإعلام أن كاظم الساهر ينوي الإعتزال بعد ملحمة جلجامش، ما مدى صحة ذلك؟
ممكن آخذ إجازة طويلة.

كم سنة؟
والله لا أعرف حسب مزاجي..

وجمهورك؟
سيكون بين إيديهم عمل يغني عن 10 البومات... بل أكثر بكثير...

كاظم نقرأ دائمًا بأن كاظم الساهر يحارب الفنانين العراقيين الشباب ... بينما الواقع مختلف تمامًا...
يقاطعني بإستياء ولا يتركني أكمل جملتي: كيف يعني أحاربهم؟

لا أعلم هذا إتهام متكرر في وسائل الإعلام من بعض الأقلام بأنك تحارب الفنانين العراقيين الشباب مثل رضا العبد الله، وماجد المهندس وغيرهم... لابد وأنك قرأت هذا الكلام...
فيقول ساخرًا: كيف يعني؟ أحمل بيدي بندقية وأحاربهم؟

لا حسب الإتهام تعرقل إمكانية بروزهم لكي لا يغطي أحد منهم عليك.. ولكن فعلياً نحن لمسنا خلال حضورنا كواليس تاراتاتا مثلاً مدى الدعم الذي تبديه لمهند محسن، أو شذى حسون...
فيقاطعني مجددًا ويصر على ان أفسر له كيف يمكن أن يحارب الفنانين الشباب...

وأدرك ما يرمي اليه فأجيبه بأنها ليست قناعتي وإنما هو إتهام كتب، وأنا لمست العكس وأردت أن أُثير الموضوع لأضيء على معلومة ربما تكون خافية على هذا البعض الذي يهاجمك بإستمرار...
فيرد: قبل أن نضيء ونجيب، أود أن أفهم كيف يمكنني أن أحارب الفنانين الشباب هل لك بتخيل سيناريو لهذه الحرب؟

لا أدري هم يدعون إعلاميًا، أو ربما إنتاجيًا...
فيجيبني ضاحكًا: إذا كنت ملاماً بسبب إبتعادي وقلة ظهوري الإعلامي، كيف سأحاربهم إعلاميًا؟ وإنتاجيًا ما علاقتي أنا بالإنتاج؟ لست مسؤول إنتاج.... أود أن اعرف كيف يمكن لي أن أحاربهم؟ انا متهم بانني بعيد عن الصحافة، ومقل بلقاءاتي التلفزيونية، ومنعزل ... هل قرأت عن لساني يومًا هجومًا على أحد؟

لا ... ولكن بعض الصحافيين يكتب أحياناً لأجل أن يكتب...
فيقول بلهجة إنتصار: أهااااااااا أنت إذن أجبت على سؤالك بنفسك.

وأحاول مجددًا إكمال جملتي الأساسية: بالإضافة الى ما لمسته منك وشاهدته بأم عيني في تاراتاتا، علمت أيضًا بأن هناك تعاونًا فنيًا بينك وبين الفنان ماجد المهندس، منحته لحنًا من ألحانك، وإتصل بك خلال البروفات التي كنت تجريها في تاراتاتا يستأذنك بالدخول الى الأستوديو للبدء بالتسجيل، وقلت له بأن اللحن ملكك ولست بحاجة لتستأذنني... أي أن العلاقة بينكما قائمة على المحبة، والتعاون، والإحترام المتبادل... ولا أساس لكل هذه الإتهامات...
صحيح ماجد اخذ مني لحن من كلمات مدير أعماله فائق حسن ... الرجل محترم ....

إذن العلاقة ممتازة وكل ما يكتب عن التنافس، والحروب الخفية لا أساس له من الصحة وهذا ما كنت اود أن أصل اليه بالأساس من سؤالي هذا.
تعرفين أنت خباثة بعض الأقلام، وتعرفين بأن الحسد موجود، والقليل من الناس لا يسعدهم نجاحي... وكل ناجح محارب.. كانوا كلما برز أحدهم ... الصقوه بجانب إسمي لخلق قصة مثيرة ... أرادوا مرة أن يخلفوا بيني وبين محمد عبده ولم ينجحوا، لأن إحترامنا لأنفسنا أكبر منهم. وحاولوا خلق مشكلة بيني وبين حنان ترك عندما صورت معي وفشلوا، وأرادوا أن يفتعلوا مشكلة بيني وبين ماجدة، وفشلوا كذلك، ومؤخراً عندما برز ماجد حاولوا خلق مشكلة بيننا، وفشلوا مجدداً. في النهاية لا يصح إلا الصحيح، واللغة الإنسانية اكبر من إدعاءات المنافقين.

جمهورك سيشتاق اليك كثيراً بعد قرار الإبتعاد الذي أخذته، قبل هذا القرار وقبل البدء بمشروع تصوير جلجامش، هل هناك نية لتصوير أعمال أخرى من البومك الأخير تكون بمثابة مخزون يعين جمهورك على الغياب؟
سيتم عرض تقول إنسى قريباً، وسأختار أغنية اخرى لتصويرها.

بعد تاراتاتا هل هناك مشاريع لتعاون فني بينك وبين غادة رجب، او شهد، او شذى، أو مهند...؟
لايوجد شيء جدي حتى الآن، ولكن في داخلي أشعر بالرغبة بأن أقوم بشيء ما.

في البروفات كاظم وصل في تمام الثالثة وإنتهى في تمام الثامنة، وهي يمكن اطول فترة بروفات يشهدها البرنامج لفنان، بعض الفنانين كان يصل من المطار مباشرة ويبدأ التصوير دون ان يقوم بعمل بروفات... هذا الحرص والتحضير لتظهر انت بأحسن صورة أم ....
يقاطعني: لا .. كنت أشعر بأنني مسؤول عن هذا البرنامج ... ولأنهم ضيوفي يجب أن يظهروا بأفضل صورة.. لو كنت لوحدي كان سيكون الأمر عادي.

لا تعرف الأنانية الفنية؟
على العكس بالأمس كنا ننتهي من الأغنية ... فأقول لهم هناك خلل لنقوم ببروفا أخرى... وغيرنا أغنيات بأخرى حسب لون صوتهم. فعندما تستضيفين شخص أنت لا تستضيفينه لتستعرضين عضلاتك عليه، وإنما تستضيفينه ليظهر بصورة صحيحة. فكنت حريصًا على أن يظهروا بأجمل صورة، لأنهم يستأهلون ذلك فجميعهم يمتلكون أصواتًا جميلة.

رفضت ان تقوم ببروفاتك فقط، وحرصت على التواجد خلال بروفاتهم على أغنياتهم السولو (المنفردة أيضاً).
بالطبع لأعرف كيف ستظهر صورتهم ... ولاحظت بان المنظمين كانوا مصدومين ... وقالوا لي هذه أول مرة نرى شيئًا كهذا ... فأجبتهم ما الداعي للإستغراب، هذا المفروض والطبيعي ولا يفترض أن يكون الإستثناء.

جلت العالم ووقفت على العديد من المسارح العربية والدولية، هل هناك مسرح تحلم بالوقوف عليه اليوم؟
فيجيبني بحسرة: مسرح مهرجان بابل ...

تعاونت مع فنانين أجانب في أكثر من عمل ... هل هناك مشاريع أخرى؟
إتصل بي المخرج الإنجليزي الأرمني فارتان والذي من المفترض أن يخرج جلجامش وقال لي بأن الفنان التون جون سمع بأنك تعمل على ملحمة جلجامش وأبدى رغبة بالمشاركة بهذا العمل... ولدي طموح إذا وفقنا في العمل بنسخته العربية أن يترجم الى الإنجليزية..

كاظم الإنسان بعيداً عن كاظم الفنان، كيف يقضي وقته، وأين يجد نفسه؟
عندما أكون في المنزل لابد وأن يكون العود على يميني أو يساري، أوراقي المبعثرة بقصائد الشعر، والطين حالياً...

الطين؟
نعم أقوم بصنع التماثيل ...

هل تفكر بعمل معرض؟
لا... كنت أحلم بإقامة معرض ... ولكن لا... لأنني أعتبر نفسي لا زلت تلميذًا في هذا المجال ولم يأن الأوان بعد.

الإرتباط في حياة كاظم الساهر وارد أم لا؟
ليس بعد...

مالذي يؤخر الموضوع؟
نصيب... لا أعتبره حظًا بقدر ماهو قسمة ونصيب... كلما أقرر بأن التزم وأرتبط يحدث شيء ما.. وأعتقد في النهاية مشاعرنا هي التي تقرر ... وهذا لا يعني أن هناك خللاً بيني وبين حبيبتي... ولكن أحياناً الأحاسيس هي التي تحكم...

حكي كذلك عن قصة حب جمعتك بفتاة فرنسية وكانت السبب وراء قرار إستقرارك في فرنسا؟
كانت حبيبتي... وبوقتها اعلنتها... ولكن بعد... ويستدرك هي ليست فرنسية ... ولكن تقيم في فرنسا.. وما صارت قسمة ...
ويخفت صوته في بقية الجملة بشكل لا أفهم منه ماذا قال ... أستشعر حرجه فأغير الموضوع...
بعد العراق أي بلد يعتبره كاظم وطناً بديلاً؟
وطننا العربي جميل، لفيت العالم كله، ولكنني دوماً أعود للوطن العربي... هناك دفء في الوطن العربي لا تجدينه في أي مكان آخر من العالم. ما زال لدينا الأمل في أن نعود الى بلدنا 100% ...

حصلت على جنسية أخرى عربية ...
يبادر بالقول: قطرية..

وأكمل: وهذا الشيء كذلك أثار زوبعة من الإعتراضات لماذا يقبل كاظم بجنسية بديلة عن جنسيته العراقية ...؟
لا يوجد خطاً في ذلك فهذا تكريم، وأرجو أن يفهموا الأمر على هذا النحو.

ورفضها يشكل إهانة للبلد المانح ...
بالطبع، الفنان يكرم وهذا تقدير للفنان وللبلد، يعني هذا تقدير لي ولجمهوري في العراق... ثم عندما كرمت كنت أغني أغنية بغداد تعالي أقبل وجهك ... وهو شرف لي أن أكرم من دولة قطر ... لو تأتين على تاريخ الفنانين هل تعرفين كم فنان كرم، وكانوا كلهم فخورين ...

هل تشعر بأن العراق خذلك وأغفل تكريمك بينما تكرم في كل البلاد عربية وأجنبية؟ هل هناك عتب أو غصة؟
يعني.. الجهات الرسمية يمكن غائبة عني،، وليس لدي عتب عليهم فالظروف التي يمرون بها صعبة جداً، quot;ربي يحرسهم جميعاًquot;.

ولكننا سمعنا مؤخراً عن منح شذى حسون مثلاً جواز سفر دبلوماسي، والظروف لم تمنعهم عن هذا التمييز او التكريم...؟
لا علم لي بهذا الموضوع...

هذا مجرد مثال ....السؤال هو الا يوجد عتب؟
لا ... أنا رجل فنان وأعمل لأجل بلدي منذ سنوات ... وتكريمي يأتي من جمهوري، هو الذي يقيمني...

الثنائيات الغنائية منتشرة في هذه الفترة، شاهدنا أكثر من عمل لأكثر من فنان ... كاظم الساهر إذا فكر اليوم بديو من سيختار؟ وهل المشروع وارد؟
لا أفكر بالموضوع حاليًا...

في يوم من الأيام كنت أقوم بحوار مع السيدة ميادة الحناوي وقالت كانت تتمنى أن تكون أحدى أغنياتك (أشكيك لمين) لها ...
الأغنية أمامها وأعلنها عبر إيلاف بأني أمنحها تنازلاتها متى شائت...

هل تفكر بمنحها لحناً خاصاً بها؟
ميادة من الأصوات المهمة جداً ... ومن الأصوات التي أحبها كثيراً.. واذا شاءت لا مانع بالتأكيد.

وهي من الأصوات المغيبة إنتاجياً...
فيقول بحسرة: هذا هو زمننا غريب قليلاً... لكنها تبقى حاضرة ... فمن لا يعرف أغانيها ولا يرددها...

على صعيد المهرجانات أين ستتواجد هذه الفترة؟
لدي مهرجان الدوحة في 28 من الشهر الجاري، وإنتهينا مؤخرًا من مهرجان ليالي دبي، وهناك دعوة من الجزائر التي هي عاصمة ثقافية وسنغني في حفل الختام.

في دبي قرأنا مانشيتات: حالات إغماء بين الفتيات في حفل كاظم الساهر... الى أي مدى يؤثر بك أمر كهذا..؟
يؤثر بي كثيراً ويشعرني بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي. ويشعرني رغم المشوار الطويل بأنني لازلت قادراُ على إقناع الناس بفني، ويشجعني على التواصل معهم أكثر... ولذلك اعود الى جلجامش ربما يسألني سائل، مالذي ستستفيده من عمل كهذا؟ فأجيبه إنه للتاريخ ... واعتبره هدية لجمهوري الذي رفعني هذه السنوات كلها... حتى أن بعض جمهوري ساهم في تهذيبي، حتى من خلال اللغة التي يستخدمونها أحياناً، تجدين شباباً صغاراً يأتون للحديث معي فأخجل من الإسلوب الجميل الذي يتكلمون به، ومقدار الثقافة التي يمتلكونها، ويناقشونني في تفاصيل أجد نفسي معها أقول quot;الله يحرسكم وربي يخليكم لأهلكمquot;.

تؤمن بأن الجمهور يشبه الفنان الذي يحبه؟
quot;برافو عليكيquot; سؤال جميل جداً... وجوابي هو طبعاً أكيد... يبدأ التقارب...

التأثر بشخصيتك؟
ليس ذلك فقط، وإنما حتى الأصدقاء من حوله يصبحون من ضمن الأندية التي ينشؤونها، الرسائل التي يكتبونها تقطر شعراً وعذوبة، قريبة من لغة القصائد ....

هذا الشيء يمكن أن يصبح حملاً على أكتاف كاظم...
أحيانا أقول يجب أن لا أكف عن تثقيف النفس ، حتى أتمكن من إعطائهم شيئاً جديداً...

كان عندك تجربة بالتمثيل زمان هل تفكر بالتمثيل مجدداً؟
جلجامش أفكر بتقديم هذه الشخصية... ويقول ضاحكاً: أمارس الرياضة بشكل مكثف لأهيء نفسي للقيام بهذا الدور.

هل تفكر بأن تطور موهبتك بالتمثيل أكاديمياً من خلال أخذ دروس؟
بمجرد أن أنفذ تسجيلها سأبدأ بالدروس ... والمخرج الذي سيتولى إخراج العمل إذا إقتنع بأنني مناسب للشخصية سأقدمها فوراً.

هل هناك مخرج معين في ذهنك؟
بالإضافة الى فارتان الذي تحدثنا عنه قبل قليل، أشعر بضرورة وجود مخرج عراقي معه.. لأنني كلما أستذكر ما قدمته السينما العراقية في ذلك الوقت، وكلما أتذكر الشخصيات المسرحية، والشخصيات المثقفة أشعر بحالة تستفزني، وأقول لابد من أن يكونوا جزءاً من هذا العمل ... ورشح لي أصدقائي المثقفين والممثلين كذا أسم ولم أستقر على أحد منها بعد.

بعد إنتهاء عهد صدام شهد العراق هجمة للمحطات الفضائية العراقية ...
لابد وان يحدث ذلك، فهو متنفس يأتي بعد سنوات من الضغط ، الكل يحاول أن يخرج ما في داخله من طاقة .. وبعد فترة ستتم الغربلة.

الا تفكر بإنشاء مشروع إعلامي خاص بك؟
لا أنا أفكر في إغلاق بابي علي لأعمل على موسيقاي. ويكمل ممازحاً: quot;اني مقفل ابوابي ويقولون تحارب الفنانين لو افتح ابوابي شيسوون ...؟quot;

بعيداً عن الموسيقى كثر من الفنانين يقومون بإفتتاح مشاريع تجارية تقيهم غدر الزمن، أين كاظم من هذا الموضوع؟
والله انا اولادي إن شاء الله هم من سيفكر عني في هذا الأمر. أنا ربيتهم والبركة فيهم إنشاء الله.

إنتهى الحوار هنا... ودعاني لمشاهدة المونتاج في مراحله الأولى لأغنية تقول إنسى وأبديت بعض الملاحظات عليها، وسجل كاظم ملاحظاته أيضًا ليرسلها الى المخرج حسين دعيبس، ودعته لأن موعد طائرته قد إقترب، وغادرت وأنا أحمل له في داخلي إحتراماً أكبر مما كنت أكنه له قبل لقائي المطول به، والذي أردت أن أنتهز الفرصة وأسأله خلاله عن كل شي يمكن أن يسأل عنه، ولكنني نسيت عدة أمور كنت اود سؤاله عنها على الرغم من ذلك.