الثلاثاء: 2006.06.06

د. أحمد البغدادي

في مصر, حركة quot; كفايةquot; تقلق الحزب الحاكم. وفي لبنان يتظاهر اللبنانيون ضد الوجود السوري, ولا يكتفون بذلك بل يطالبون اليوم بتنحي رئيس الجمهورية, وفي سوريا حراك صعب من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان, وفي السعودية نشهد تدخلاً أميركياً سافراً من خلال مؤسسة quot;فريدم هاوسquot; لمراقبة المناهج الدراسية الدينية, وما الكويت عن كل هذا ببعيدة, حيث خرج الشباب إلى الشارع للضغط على الحكومة من أجل تغيير الدوائر الانتخابية ومحاربة الفساد, وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ الكويت منذ تأسيس الدولة الدستورية حيث يصبح الشارع أكثر قوة من البرلمان ومن الحكومة التي تتحكم في أكثر أعضائه, مع ملاحظة تنامي دور العنصر الشبابي من الجنسين, ويضطر التيار الديني الذي طالما وقف ضد الحقوق السياسية والمدنية للمرأة, أن يقف مع شباب الشارع السياسي, وأن يستقبل الفتاة غير المحجبة, والتي كان يصفها من قبل بـquot;الكاسيات العارياتquot; وفقاً لتوصيف التيار الديني لغير المحجبة. وفي البحرين تجاذب سياسي- ديني حول حرية الصحافة برزت فيه قوة الدعوة لحرية التعبير ورفض لهيمنة التيارات الدينية- السياسية. إنه مخاض جديد وعجيب لن يمر مرور الكرام في الحياة السياسية العربية. هل نحن أمام ثورة اجتماعية أم حركة رفض لما آلت إليه الأمور بعد أكثر من نصف قرن من الركود السياسي؟

ليس من السهل التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور, لكن لا يبدو من ظاهر الأحداث أن قاطرة الاحتجاج ستتوقف أو أنها ستبطأ وتيرة تحركها. كما يبدو أن بعض الأنظمة العربية عاجزة عن القيام بأي شيء كابح, من اعتقال تعسفي أو فصل من الوظيفة، بسبب المراقبة الصارمة لمنظمات حقوق الإنسان, والدعوة الأميركية للديمقراطية والإصلاح السياسي. لقد ولى ذلك العهد الذي يستطيع فيه النظام السياسي أن يفعل بالناس ما يريد. ومن يتابع ما يحدث في الكويت يرى مدى صدق هذه المقولة حيث جاء الحل دستورياً ومترافقاً مع الدعوة لانتخابات برلمانية قريبة جداً, خلافاً لما كان يتوقع البعض!!

ويمكن القول إن الحالة السياسية السائدة اليوم في العالم العربي تعبِّر عن تململ شعبي ما عاد يمكنه الاستمرار في لعبة التجاهل للأوضاع الصعبة في كل المجالات. لقد أدخلت بعض الأنظمة العربية شعوبها في نفق التخلف في كل المجالات حتى التعليم وانتشار الفساد الإداري والسياسي بشكل لم يسبق له مثيل, ولم يعد هناك من حل سوى العمل على تهدئة هذه الشعوب قدر الإمكان. لكن ما ترفض الأنظمة الانتباه إليه, هو أن الوقت قد فات, ولابد من روح جديدة لمجتمع فسدت الروح فيه طوال مدة تزيد على نصف قرن.

الحل الوحيد المتاح حالياً والذي يصب في صالح الجميع يتمثل في الإسراع في عملية الإصلاح السياسي قدر الإمكان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه, فالولايات المتحدة ما عادت قادرة على الاستمرار في مساندة الدول المستبدة بسبب ضغط الشعب الأميركي ومطالبة حكومته القيام بدور حقيقي من أجل شعوب كريمة وحرة, بعيداً عن المصالح السياسية.

المشكلة أن الخيار أمام بعض الأنظمة العربية منعدم, لكنها تحاول أن تطيل أمد بقائها قدر الإمكان, دون أن تعي أنها بذلك إنما تخيط كفنها السياسي!!