اليـاس عطـا الله

لجنة فينوغراد تحاسب السلطة الإسرائيلية العدوة في مختلف مواقعها، لأنها لم تقد المعركة وفق خيارات واضحة محددة، ما حال دون تحقيق أهدافها كاملة.

أن تهتز السلطة في إسرائيل وتصاب بالارتباك فهو أمر مفرح، ولكن في الحساب وجهين، وجها يرضي غرور الانتصار لدينا من دون السؤال عن الأثمان، ووجها حزينا ينتصب في الوجدان ليهمس دوماً: أليس لديكم أي شيء تقدمون الحساب عليه؟

أنتم بدأتم وإسرائيل العدوة لم تكن مستعدة وهي تلقى حساب إهمالها.

أما أنتم فهل خدمتكم الحرب؟ هل قطع الحوار والذهاب إلى ما بعد الخط الأزرق بشكل منفرد كان صائباً؟

هل من قيمة لديكم للإنسان، للناس، للبيوت، للحياة الحميمة؟

هل من قيمة للشريك، للشراكة في تقرير المصير؟

وفي الأساس من كل الأسئلة أنتم شركاء في الشرعية في حكومة ومجلس وموظفين، كيف أحللتم أنفسكم مكان الشرعية والشراكة والمجتمع وأمان الناس؟ كيف؟

أنا فرح لزعزعة الوضع في السلطة الإسرائيلية، ولكنني قلق جداً من قوة الدولة والمجتمع، حيث يخضع الجميع للحساب وتُدرس التجارب وتؤخذ العبر.

أما نحن فمن سيحقق في النجاحات والإخفاقات؟ من سيحقق في حق فرد أو طرف واحد بإعطاء الذريعة ومهما كانت laquo;إلهيةraquo; أو laquo;مقدسةraquo;؟ من سيحاسب على ارتداد الحرب لتتحول صراعاً داخلياً في وجه الشرعية، وجه الدولة، في وجه المحكمة الدولية وكلها واحد من أجل إسقاطها؟

فحرب الخارج كانت بحسابات laquo;خارجيةraquo; وحرب الداخل بحسابات خارجية، ولا من يحاسب.

علينا أن ننتبه الى أن هناك laquo;إلهيينraquo; laquo;لا يُمسونraquo;، حياتنا يومية عادية ودولتنا عادية وشعبنا شعب يرغب في حياة يومية laquo;عادية هانئةraquo;، أما هم laquo;فإلهيونraquo;.

شعرت بالغيرة من العدو الذي يحاسب ويتعلّم ويغيّر حكومات على عدد شعر الرأس، والدولة لا تهتز وحكّامنا يحكمون فوق الهزائم، بل قل بالهزائم ـ الانتصارات، يحكمون إلى الأبد وإلى ما بعد الأبد.

يريد حزب الله منا اليوم، ومنا: تعني شعباً وحكومة ودولة وأحزاباً ومجتمعاً، أن نقف أمام قيصر لنهتف بحياته، من دون أي سؤال يريد التأليه.

أما أشياؤنا الدنيوية من بيوت وفرش وغرف نوم وورود وقرى ومقاه وحب وقهوة ومدارس وجامعات وكتب وثقافة وشعر، فتلك ترهات دنيوية تنتقص من لمعان الانتصار، انتصر، يقول laquo;الإلهيraquo; حتى لو لم تكن تشعر بذلك.

ولكن سؤالا بسيطا، أين تريدوننا أن نشارك ونعيش الانتصار؟ هل فعلا أنتم مقتنعون بأن مسار حياتنا بعد 12 تموز هو مسار انتصاري؟ ولعلكم كذلك تريدون الانتصار علينا وعلى ما تبقى من هذا الوطن الذي نحب، ونحب العيش فيه!

كونوا على ثقة من أن من لا يعرف فضيلة التواضع، من لا يعرف أن قوته هي من قوة الشرعية القائمة وليس المفترضة، وأن المجتمع هو الدرع وهو حبل النجاة، من لا يدرك مصالح الناس، الناس يعني مواطنيه، شركاءه، فهو عاجز عن النصر، بإمكانه التسبب في هزيمتين، وما نريده لجنة تحقيق في ما واجهناه من تموز حتى اليوم سلباً وإيجاباً، ما نريده أن يجتمع المجلس النيابي ليطرح الأسئلة الصعبة على الجميع.

كفانا هروبا نحو الشعارات والخراب، تعالوا لنمتّن مداميك الدولة، مداميك النظام الديمقراطي، مداميك الطائف، فهنا خلاص الجميع وما عداه، هو سلوك يعتبر هذا الشعب أضحية على مذبح الآخرين، ولسنا كذلك.

لقد شئنا، نعم شئنا، أن نقول لن نسمح لأحد بعد اليوم أن يقول لنا laquo;شاء اللبنانيون أم أبواraquo;، لقد شئنا أن نكون دولة شؤون، أن نكون مواطنين، شئنا بلادنا وهويتنا، وعلم الكلام لن ينجي أحداً، ويوماً ما ستكون لنا لجان محاسبة، والجردة طويلة.

وlaquo;حكومة فيلتمانraquo; وفق الكلام الإلهي وحكومة المقاومة السياسية وفق كلام أقل إلهية، هذه الحكومة حكومتنا نحاسبها في مجلس النواب وليس في مضارب 8 آذار في قلب المدينة.

افتحوا أبواب المجلس، وحده صاحب الحق في الحساب الزمني، وحده زمنياً يعلو ولا يعلى عليه، أما حسابكم laquo;الإلهيraquo; فليس لنا أن نتدخل فيه ونرجو لكم راحة الضمير.

أحسدك أيها العدو الإسرائيلي يا صاحب القضايا الخاسرة يا صولجان الظلم، ولكنك تحترم شعبك وتحترم دولتك وقضاءك، لهذا علينا أن نقيم لك ألف حساب.

التحدي اللبناني الأكبر اليوم هو بناء دولة جديرة بتضحيات شعب لبنان، وهذا أمر تدركه إسرائيل، لذا هي تسعى دوماً لتكرار دماره، إنه الحقد الذي لا يرتوي ودوماً تقارب هذا الصراع الخطر من دون حساب ودراية ولغايات غير واضحة وبشعب نزيد من شرذمته وتفكيكه.

أين المجلس النيابي؟ أين لجنة فينوغراد لبنان؟

* أمين سر laquo;حركة اليسار الديمقراطيraquo;