ماكين أمام اختبار ميتشيغان

واشنطن ndash; من هشام ملحم

عشية مناظرة محورية في ولاية نيفادا بين المرشحين الديموقراطيين للانتخابات الحزبية، يتوقع ان تتطاير فيها الشرارات بين السناتور هيلاري كلينتون والسناتور باراك اوباما، وعشية مواجهة صعبة اليوم بين المرشحين الجمهوريين حاكم ولاية ماساتشوستس السابق ميت رومني والسناتور جون ماكين في ولاية ميتشيغان، بلغت المعركة الانتخابية الى مرحلة استخدام السلاح الابيض، على خلفية التراشق بالتهم باستغلال اوراق quot;العرقيةquot; وquot;الجنسquot;، في السباق الديموقراطي تحديداً، وبعدما تخلى الجميع تقريباً عن أي ادعاءات لخوض المعركة وفقا للقوانين والاعراف المقبولة.
وفي الايام الأخيرة أثارت الخلافات القوية والحادة بين حملتي كلينتون واوباما والمتحورة على خلفيتيهما، قلقاً واستياء واضحين في اوساط الحزب الديموقراطي، خصوصاً ان فئتي النساء والاميركيين ذوي الأصل الأفريقي تمثلان نقطة الثقل في الحزب، وهما السبب الرئيسي عادة لفوزه في الانتخابات، وتالياً فان توتير نقاط التماس بين هاتين الفئتين سيؤدي الى مضاعفات عميقة وبعيدة المدى، على الحزب وعلى البلاد كلاً .
ومع اقتراب مواعيد الانتخابات المتبقية هذا الشهر، تمهيدا quot;للثلثاء الكبيرquot; في 5 شباط المقبل عندما ستصوت 22 ولاية، اتسمت تحركات معظم المرشحين ومواقفهم بالقلق والتوتر والميل الى حرق الجسور، وتبادل التهم بتشويه المواقف، نظرا الى ضيق الوقت، لاصلاح الاخطاء واعادة تعبئة الصفوف، ولشح الموارد المالية الضرورية لانفاقها على التنظيم والدعايات التلفزيونية وخصوصاً في الاسواق الاعلانية الضخمة في الولايات الكبيرة. ويظهر بعض الاحصاءات ان نفقات أي حملة اعلانية لاسبوع واحد في كاليفورنيا ونيويورك وغيرها من الولايات الكبيرة ستزيد عن 35 مليون دولار.
وعكس استطلاع للرأي على المستوى الوطني، أجرته صحيفة quot;الواشنطن بوستquot; وشبكة quot;أي بي سيquot; الاميركية للتلفزيون، الطبيعة المتقلبة بسرعة لاوضاع المرشحين ومواقف الناخبين منهم، واهمية الانتصارات التمهيدية في ايجاد الزخم الانتخابي. وجاء في الاستطلاع ان ماكين يحتل الان المركز الاول في السباق الجمهوري بنسبة 28 في المئة، ويليه حاكم ولاية اركنساس السابق مايك هاكابي بنسبة 20 في المئة، ثم رومني بنسبة 19 في المئة، بينما احتل رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جيولياني المرتبة الرابعة بنسبة 15 في المئة، واحتل المرشح فرد طومبسون المرتبة الاخيرة بنسبة ثمانية في المئة.
وعزز ماكين موقعه بعد فوزه في انتخابات نيوهامبشير، وكانت تلك المرة الاولى التي يحتل فيها المركز الاول. وصعود ماكين يسترعي الانتباه، لانه مماثل في سرعته ودراميته للهبوط او الانهيار السريع لجيولياني، الذي احتل المركز الاول في استطلاعات الرأي التي اجريت على الصعيد الوطني في معظم اشهر 2007. وفي الاسابيع الاخيرة، تركز جهده على اقامة المتاريس الدفاعية في ولاية فلوريدا التي ستصوت في 29 كانون الثاني الجاري، وفقا لاستراتيجية مبنية على القفز فوق الولايات الصغرى، والتركيز على الولايات الكبرى لاحقا.
من جهة اخرى، تزداد المعركة بين هاكابي وطومبسون في كارولينا الجنوبية بشاعة مع مرور كل يوم، إذ يتهم هاكابي منافسه بأنه كان وكيلا مأجورا لشركات ودول اجنبية بينها ليبيا، ويرد عليه طومبسون بان هجماته الشرسة تبين وجهه الحقيقي. وكلاهما، لاسباب تثير التساؤل، يتفادى مهاجمة ماكين بالشراسة ذاتها.
وأوضحت استطلاعات الرأي في ميتشيغان ان رومني متقدم ماكين بنسبة ضئيلة جداً لا قيمة احصائية لها، لكن رومني في حاجة ماسة الى الفوز في هذه الولاية، التي ولد وترعرع فيها والذي كان والده جورج رومني حاكما ناجحا لها، كي يؤكد للناخبين انه قادر على الفوز في ولاية مهمة بعد اخفاقه في معركتي آيوا ونيوهامبشير، وليوجد الزخم الذي سيحتاج اليه في ولاية كارولينا الجنوبية التي سينتقل اليها السباق الجمهوري السبت (السباق الديموقراطي في تلك الولاية سيكون في 26 من الجاري).
وفي المقابل، يحتاج ماكين الى انتصار ثان في ميتشيغان لتعزيز انتصاره الاول في نيوهامبشير، ولتحسين وضعه الانتخابي قبل انتخابات كارولينا الجنوبية التي خسرها في 2000 في مواجهة كانت مشهورة بشراستها مع المرشح جورج بوش، نظراً الى ان الناخبين في ميتشيغان، الولاية الصناعية التي تعاني صناعة السيارات فيها مشاكل مزمنة، قلقون جدا من اقتراب ولايتهم، ان لم نقل البلاد كلاً، من دخول ركود اقتصادي مكلف.

وأبرز استطلاع quot;الواشنطنquot; بوست للسباق الديموقراطي ان اوباما نجح الى حد كبير في ردم الهوة التي كانت واسعة في السابق بينه وبين منافسته هيلاري كلينتون التي كانت تسبقه بنحو 30 نقطة قبل شهر. ويبين الاستطلاع ان كلينتون متفوقة بنسبة 42 في المئة في مقابل 37 في المئة لاوباما. وفي مؤشر مقلق لهيلاري، كشف الاستطلاع انتقال عدد كبير من الناخبين السود الى معسكر اوباما الذي يفضله الآن 60 في المئة من السود في مقابل 32 في المئة يؤيدون كلينتون.
ومع ان استطلاعات الرأي في الولايات هي أهم، على الاقل في هذا الوقت من السباق، الا ان تلك التي تجري على المستوى الوطني توفر خريطة طريق أولية، كما انها تتأثر باستطلاعات الرأي التي تجري على صعيد الولاية.
ويأتي هذا الاستطلاع عقب ارتفاع حدة الهجمات بين المعسكرين في ضوء نتائج نيوهامبشير وعلى خلفية التوترات الناجمة عن عوامل العرق والجنس، ومحاولات تشويه سجل المرشح المنافس او الطعن في شخصيته، وكان آخرها هجوم نافر شنه مليونير أسود من مؤيدي كلينتون، على اوباما قائلا ان لهيلاري وبيل كلينتون تاريخاً طويلاً في دعم السود quot;حين كان باراك اوباما يفعل اشياء في حيه لا اريد ان افصح عما هي لانه كتب عنها في كتابهquot;، في اشارة واضحة الى اعتراف اوباما في سيرته الشخصية بأنه جرّب الكوكايين في شبابه. واثارت هذه الاشارة عاصفة من الانتقادات والاستهجان من حملة اوباما والمعلقين واعتبروها جزءا من نمط تمارسه حملة كلينتون من خلال بعض مؤيديها الذين اثاروا هذه المسألة اكثر من مرة في السابق.
والاحد تبادل المرشحان الاتهامات في شأن ما قالته هيلاري كلينتون عن قائد حركة الحقوق المدنية القس الراحل مارتن لوثر كينغ من ان quot;حلمهquot; بعالم غير عنصري لم يكن ليتحقق لولا قرارات الرئيس ليندون جونسون، وهي تصريحات اعتبرها الكثير من السود مهينة.
واتهمت كلينتون حملة اوباما quot;بتشويه مقصودquot; لما قالته، وكررت الادعاء أن معارضته للحرب في العراق لم تكن دوماً ثابتة. ورد اوباما بان هيلاري وزوجها قررا شن quot;حملة سلبية لا هوادة فيهاquot; عليه، وان ما قالته هيلاري عن القس مارتن لوثر كينغ quot;طائشquot;، كما ان وصفها لمواقفه عن الحرب quot;خاطئة كلياًquot;.
وتلقى اوباما دعما قويا من مصدر مفاجئ، حين قال منافسه الثالث السناتور جون ادواردز انه يشعر باعتزاز كبير وهو الذي ترعرع في جنوب البلاد خلال حقبة التمييز العنصري والفصل بين البيض والسود، وهو يشاهد النجاح الذي حققه اوباما في الحملة الانتخابية. وأضاف انه يرفض كليا أي ادعاء يقول ان التغيير في وضع الاميركيين ذوي الاصل الافريقي لم يكن نتيجة لنضال القس كينغ بل جاء من السياسيين في واشنطن. ووصف في انتقاد ساخر وجهه الى بيل كلينتون، مثل هذه الادعاءات، بأنها quot;خرافة خياليةquot;. وكان كلينتون وصف قبل انتخابات نيوهامبشير مواقف اوباما بانها quot;خرافة خياليةquot;.