تشارلي ريس

أنا انعزالي وفخور بذلك. أنا أستخدم بالطبع الكلمة التي اخترعها مؤيدو مبدأ الانفتاح الدولي ليشوهوا مواقف أولئك الذين يعتقدون أن جورج واشنطن كان على حق عندما نصحنا بأن نتجنب المشاكل والصراعات والتحالفات الخارجية.
إن الامتناع عن دس أنفك في شؤون الآخرين التي لا تهمك ليس معناه أنك انعزالي. لكن معناه أنك منطقي وجار طيب. ماذا سيحدث لو أننا تنقلنا في طول وعرض شوارع حينا وتدخلنا في جميع الشؤون العائلية لجيراننا وقلنا لهم ماذا عليهم أن يفعلوا؟ سنصبح بسرعة معزولين ومكروهين إلى حد كبير. حسنا، إن ما ينطبق على الأفراد ينطبق على الأمم أيضا.
إن السلطة القضائية للولايات المتحدة تنتهي عند حدودنا. إنني آسف لأن هناك صراعا قبليا في إقليم دارفور في السودان، وصراعا قبليا في كينيا، وصراعا إثنيا في العراق وصربيا، وصراعات سياسية في عشرات الدول، ولكن ليس لنا سلطة قضائية، ولا سلطة ولا حق بأي شكل من الأشكال للتدخل في أي منها. إن حقيقة أننا نتدخل هي السبب الذي يجعلنا إحدى أكثر الدول المكروهة على وجه الأرض.
الامبريالية الحديثة، والتي هي السياسة الحالية للولايات المتحدة، تختلف عن الشكل القديم للاستعمار. لم نعد نرسل مستعمرين ليحتلوا أراضي الشعوب الأخرى. نحن ببساطة نحاول أن نرشي أو نخيف حكومات الدول الأخرى ليفعلوا ما نريدهم أن يفعلوه. وعندما يقاوم زعيم أجنبي، تبدأ حكومتنا بحملة لتجريد الزعيم الأجنبي من مصداقيته. أحيانا نحاول الإطاحة به أو معاقبته اقتصاديا. مؤخرا، تبنينا سياسة الحرب الوقائية وقمنا بالفعل بغزو بلدين لم يهاجمنا أي منهما.
هوجو شافيز، وهو مثال آخر، هو الرئيس المنتخب في فنزويلا. أنا شخصيا لا أعتقد أن الاشتراكية ناجحة بشكل جيد، ولكنني لكوني أمريكيا، لست مهتما بنوع الحكومة التي يفضلها الشعب في فنزويلا. لقد استثمرت عدة ساعات من حياتي لأستمع إلى ترجمات لخطابات ألقاها شافيز ولم أسمع فيها شيئا ينبئ بأنه يكن أي نوع من العداء نحو الشعب الأمريكي. لديه خلاف مع إدارة بوش التي حاولت أن تطيح به في كل مناسبة. العدالة في جانبه.
اهتمامنا الوحيد في فنزويلا هو في شراء النفط. لا تزال فنزويلا إحدى أهم الدول التي تزودنا بالنفط. يجب أن تكون تلك نهاية القصة. إذا كانت لفنزويلا مشاكل مع بعض الشركات متعددة الجنسيات التي استغلت البلد وشعبه على مدى سنوات، فتلك ليست مشكلتنا. لسوء الحظ فإن لب إمبرياليتنا هو تماما أرباح الشركات متعددة الجنسيات، والتي لم تبد أبدا أي مقدار من الوطنية.
إن الشعب الأمريكي على حق في اعتقاده أن حكومته لم تعد تمثل مصالحه. إنها في الواقع لا تفعل ذلك. إنها تمثل مصالح الذين يقرضون الأموال والشركات متعددة الجنسيات. ليس ذنب شافيز أننا ندفع ثمنا كبيرا للمحروقات. إنه ذنب الشركات متعددة الجنسيات والمضاربين في سوق بورصة وول ستريت، وجميعهم يحققون أرباحا طائلة.
لسوء الحظ فإن الأقلية الأمريكية الحاكمة تمتلك قبضة محكمة على كلا الحزبين الأمريكيين. وهم أيضا يمتلكون وسائل الإعلام الرئيسية. لذلك فإن الأمريكيين محرومون دائما من الخيار الحقيقي وحتى من فرصة أن يكون هناك نقاش نزيه حول قضية السياسة الخارجية. بدلا عن ذلك، يضمن أفراد الأقلية الحاكمة دائما وجود عدو على الأبواب ليخيفوا الشعب الأمريكي ويجعلوه يتبع الإمبريالية بشكل أعمى.
إن نوعية المسؤولين الذين تفضلهم الأقلية الحاكمة هم، أولا، محتالون يأخذون رشاويهم. وإذا لم يكونوا كذلك، فأشخاص يمكن استغلالهم بسهولة. وإذا لم يكونوا كذلك، فأشخاص أغبياء. أما بالنسبة للناخبين، تفضل الأقلية الحاكمة الجهل والأنانية، ولذلك أزالوا جميع متطلبات التصويت. إن ما يحتاجه هذا البلد في الواقع هو مزيد من الانعزاليين.
* كاتب أمريكي، خدمة كينج فيتشر (خاصquot;الوطنquot;)