من سانا ومجلس الوزراء عن الرجل القوي
39 كلمة تنعى كنعان: كبش فداء النظام

نصر المجالي من لندن: لو دهست سيارة دابة في شارع من شوارع دمشق لكان الخبر نال اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام كونه يتعلق بالسلامة العامة،، لكن أن ينتحر الرجل القوي في الحكم السوري وممثل النظام في حكم دمشق في لبنان لاثنتي عشرة سنة وتنعيه الوكالة الرسمية للأنباء (سانا) بخبر عدد كلمته 21 كلمة وكذلك مجلس الوزراء بـ 18 كلمة أمر يثير الدهشة والاستغراب في وداع رجل "ظل يمثل الذراع الضاربة أمنيا وقمعيا للنظام في سورية منذ أوائل سبعينيات القرن الفائت"،، وهذا يقود إلى تساؤلات مثيرة،، هل ضحى حكم دمشق المحاصر دوليا برجله القوي في إطار صفقة "تديم له الحياة سنين أطول".

واليه هذا نص خبر (سانا) عن غازي كنعان "توفى السيد اللواء غازى كنعان وزير الداخلية فى مكتبه قبل ظهر اليوم منتحرا ، وتقوم السلطات المختصة باجراء التحقيقات اللازمة فى الحادث"، ومن بعد هذا الخبر بقليل أوردت ذات الوكالة نعي مجلس الوزراء الذي كان غازي كنعان أهم رجالاته بالنسبة للحكم وقال المجلس "ينعى مجلس الوزراء وفاة السيد اللواء غازى كنعان"، وهو كرر تعبير "وتقوم السلطات المختصة باجراء التحقيقات اللازمة فى الحادث.

*غازي كنعان : هذا ربما تصريحي الأخير

*إنتحار اللواء غازي كنعان في ظروف غامضة

*غازي كنعان .. نُحر أم انتحر ؟

وفي التفاصيل، ووفقا للمعلومات الرسمية إن غازي كنعان" انتحر في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم بتوقيت دمشق " . وكان من اللافت أن " الانتحار " المزعوم جاء بعد 45 دقيقة فقط من قراءته تصريحا مكتوبا لإذاعة صوت لبنان الرسمية أعلن في ختامه أنه سيكون " التصريح الأخير له " !؟ .

ويقول المجلس الوطني للحقيقة والمصالحة وهو حركة سورية معارضة وناشطة في مجال حقوق الإنسان وتعمل في باريس والأراضي السورية "إلا أن المعلومات الخاصة المتوفرة لنا حتى الآن تفيد بأنه " أرغم بقوة السلاح على قراءة بيانه المكتوب له " ، وأضاف أن ما جرى ليس سوى جزء من عملية القتل المتسلسل الذي بدأ حين قام عملاء غازي كنعان نفسه بتصفية اللواء مصطفى التاجر ، نائب رئيس شعبة المخابرات العسكرية في حينه ، نهاية شهر آب / أغسطس 2003 ، بمعرفة وتواطؤ وكالة المخابرات المركزية الأميركية التي وشت به للنظام السوري بعد أن فتح " قناة خاصة " مع البنتاغون والإدارة الأميركية فيما يتصل بأموال صدام حسين المهربة إلى سورية ولبنان ، وبشكل خاص " بنك المدينة " في بيروت ، وضلوع غازي كنعان ورستم الغزالة بها ، إلى جانب مسؤولين لبنانيين في مقدمتهم إميل إميل لحود ( نجل الرئيس اللبناني ) و اللواء جميل السيد و كريم بقرادوني زعيم حزب الكتائب .

وكانت معلومات خاصة حصل عليها " المجلس " ، ونشرها في تقرير خاص في عدد " الحقيقة " الصادر في الثامن من الشهر الجاري بعنوان " عمق التحقيق في اغتيال الحريري يتناسب عكسا مع عمق التغيير في سورية " ، قد أشارت إلى صفقة بين النظام السوري والإدارة الأميركية تقضي بالتخلص من " بقايا الحرس القديم في سورية ، وبشكل خاص المشبوهين بالتورط في اغتيال الحريري " و " تبرئة المؤسسة الرئاسية السورية وتوابعها مثل الحرس الجمهوري بالنظر لعدم توفر بديل لرأس النظام في الوقت الراهن " . وذلك كجزء من " عملية انتقالية تمهد على المدى المتوسط للتخلص من النظام ككل " .

وأخيرا، قال المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية أنه "إذ يذكر بالماضي الإجرامي لغازي كنعان ، سواء على الساحة اللبنانية أو السورية ، يعتبر أن مصداقية التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري باتت تتوقف ، وأكثر من أي وقت آخر ، على التحقيق في ظروف وملابسات "انتحار" غازي كنعان المزعوم . ولذلك فإنه يطالب المحقق الدولي ديتليف ميليس ، وجميع الجهات الدولية المعنية والفاعلة بإجراء تحقيق دولي مستقل في ظروف " انتحار " غازي كنعان باعتباره شاهدا أساسيا ، وربما مشتبها به ، في قضية اغتيال الرئيس الحريري ، أو على الأقل لديه ما يكفي من المعلومات لمعرفة الفاعل الحقيقي . وبغير ذلك ، فإن جميع ما يجري على الأرض لن يعمل سوى على تأكيد وجود صفقة أميركية ـ سورية لتبرئة أعلى هرم النظام مقابل التضحية بكبش أو عدة أكباش من هذا النظام !".