شباب وفتيات يقفون في حشود غفيرة وراء الأئمة

المساجد تمتلئ عن آخرها في العشر الأخيرة لرمضان بالمغرب

أيمن بن التهامي من دار البيضاء: للعشر الأخيرة من رمضان خصائص ليست لغيرها، إذ تصبح نفوس المسلمين أقرب أكثر فأكثر من خالقها، ما يجعلها تمتاز بتقدير روحي خاص لدى المغاربة الذين يرتفع إقبالهم على أداء صلاة التراويح في المساجد التي تفيض بروادها، رجالا ونساء وشبانا وأطفالا، حتى يضطر الكثير منهم إلى الصلاة في الساحات العامة والحدائق والشوارع القريبة من المساجد.

من اللافت للانتباه هو تزايد عدد الشباب والفتيات الذين يترددون على المساجد، حيث تراهم يخرجون بعد أدائهم صلاة التراويح في شكل مجموعات متفرقة، فيما يلتصق الأطفال بآبائهم، الذين يحرصون على اصطحابهم معهم في هذه الفترة حتى يكون لهم نصيب من هذه الليالي النورانية ويحسون بقوة الإيمان، في مشهد روحاني يجسد تماسك الأسرة. غير أن الشحنة الإيمانية والشعور الأكبر بالسعادة والراحة النفسية، يظهر بشكل قوي في مسجد الحسن الثاني، حيث تصطف ألوف المواطنين وراء الإمام عمر القزابري الذي تجذب تلاوته المؤثرة للقرآن حشود كبيرة من مختلف الشرائح الاجتماعية.

يقول طاهر. س (44 سنة)، تاجر، quot;في العشر الأخيرة أحرص أنا وأسرتي على الاعتكاف على قراءة القرآن، بعد الانتهاء من أداء صلاة التراويح في جو ديني جميل وخشوع تام يجهش فيه البعض بالبكاء متأثرين بصوت القزابري الذي تحملنا قراءته إلى مستوى روحي أعمقquot;.

وأوضح الطاهر، ل quot;إيلافquot;، أن quot;تزايد عدد المترددين على المسجد، في هذه الفترة، يضطرنا إلى الإسراع في تناول وجبة الإفطار لإيجاد مكان لنصلي فيه، ورغم ذلك أرغم على أداء التراويح في الهواء الطلق لأن مجموعة من الناس يتناولون وجبة الإفطار بجانب المسجد حتى يحظين بمكان في الصفوف الأولى ليكونون قريبين من الإمامquot;، مضيفا أن إقبال الشباب والفتيات على المساجد بكثرة أثلج صدره.

ويوافقه الرأي سعيد م (19 سنة)، طالب في كلية الحقوق، إذ أكد أن quot;اكتضاض المساجد بالمصلين، خاصة الشباب، دليل على توسع دائرة اختيار طريق الخير والتواب والطاعة التي يجب أن نعتمدها منهج في مختلف جوانب حياتناquot;، مبرزا أن quot;التراويح في رمضان تخلف أثرا روحيا قويا في نفوس المغاربة، خاصة الشباب الذين قد تكون بداية لهم لاتباع المسار الأصلحquot;.

وليس مسجد الحسن الثاني وحده من يشهد إقبالا كبيرا بعد الإفطار، بل إن هذه الظاهرة ميزت، خلال هذا الشهر، عدد من بيوت الله المنتشرة في بعض الأحياء الشعبية، ومنها حي رياض الألفة الذي يحتشد فيه آلاف المصلين وراء الإمام الإيراوي.

وذكر أن محمد. ف (17 سنة)، طالب، أن quot;مجموعة من الشباب يختارون، في الأسبوع الأأخير من رمضان، لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله، بهدف نيل التواب والمغفرةquot;، مشيرا إلى أنهم quot;شريحة واسعة منهم أضحت أشد الناس تحمسا بالدين وتأثرا بهؤلاء الأئمة الذين يتحولون إلى نجوم، وحديث الناس في مختلف المجالسquot;.

وأضاف محمد، ل quot;إيلافquot;، quot;منذ صغري وأنا أحافظ على أداء صلاة التراويح في المسجد كما عودني والدي، خاصة العشر الأخيرة، إذ ما إن يحين وقت الصلاة حتى أقصد أنا وأخواتي بيت الله للصلاة وإشباع روحنا بنور الإيمانquot;.

ولم تقتصر النفحات القرآنية على المساجد، بل امتدت إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي افتتحت الأيام العشر الأواخر المباركة من رمضان بتنظيم، مساء أول أمس الجمعة بالرباط، quot;ليلة القرآن الكريمquot;.

وشمل برنامج هذه التظاهرة الرمضانية، التي ترأسها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق وشخصيات أخرى، قراءات قرآنية لبعض الشيوخ، وعرض شريط وثائقي حول جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية، وتقديم نموذج من القراءة الفردية النسائية وقراءة جماعية لأطفال من السينغال.

كما جرى خلال هذه الليلة القرآنية تكريم بعض من شيوخ تحفيظ القرآن الكريم، تلتها ابتهالات وأمداح نبوية قدمتها فرقة quot;الهيامquot; لفن المديح، ثم عرض شريط وثائقي ثاني حول المصحف المحمدي، وقراءة ثنائية بالصيغة الفيلالية، ليجري بعد ذلك الإعلان عن قرعة الحج لأئمة مساجد المملكة.