بوتو تبدأ رحلة العودة الى الوطن بعد 8 سنوات في المنفى

quot;أميركا تريد من مشرف خلع البذلة العسكرية
عرفان صديقي: لم نعرف المعارضة الحقيقيّة بعد

كراتشي (باكستان): وصلت الطائرة التي تحمل رئيسة وزراء باكستان السابقة بنظير بوتو إلى كراتشي حيث يحتشد الآلاف من أنصارها إحتفالاً بعودتها بعد ثماني سنوات قضتها في المنفى. وقد ترجلت (54 عامًا) من الطائرة التابعة لشركة طيران الإمارات الآتية من دبي حيث كانت تقيم. وهتف أنصارها داخل الطائرة quot;فلتحيا بوتوquot;. وقالت بوتو quot;لقد تعلمت كثيرًا في السنوات العشرين الأخيرة ولا نزال نناضل ضد الديكتاتورية. نريد عزل الإسلاميين وبناء باكستان أفضلquot;.

واقلعت الطائرة التي تحمل بوتو ونحو مئة فرد من انصارها الخميس من مقرها الحالي في دبي إلى باكستان، وذلك في اعقاب مباحثات اقتسام السلطة التي اجرتها مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف، والتي افضت الى اصدار عفو عنها في تهم تتعلق بالفساد.

وكانت بنظير بوتو، زعيمة حزب الشعب المعارض واحد الوجوه السياسية البارزة في باكستان، قد غادرت باكستان في اعقاب الانقلاب العسكري الذي قام به مشرف عام 1999 وصعد به الى سدة الحكم. وتقول مراسلة بي بي سي في كراتشي برباره بليت إن كل لوحات الاعلانات على الطريق الى المطار تحمل صور لبوتو وإن الآلاف من انصارها قد تجمعوا لإعلان تأييدهم لها. ونقلت وكالة الاسوشيتد برس عن احد مؤيديها قوله quot; لقد بدأنا السير منذ 12 يومًا، لكن هذا لا شيء مقارنة مع تضحيات بوتو من أجلناquot;.

اجراءات امنية مشددة

وقد حشدت الحكومة الباكستانية قرابة 20 الف جندي في مدينة كراتشي تحسبا لوقوع اعمال عنف، وفي اعقاب تهديدات ميلشيات اسلامية باغتيال كل من بوتو ومشرف. ورفضت بوتو توصيات السلطات الباكستانية بإلغاء الموكب الذي تعتزم المشاركة فيه من المطار وحتى ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح خوفًا على حياتها. وقالت بنظير quot; لا اعتقد ان اي مسلم حقيقي سيحاول الاعتداء علي لأن الإسلام يمنع الاعتداء على النساء والمسلمون يعرفون أنهم اذا هاجموا النساء فإنهم سيذهبون الى جهنمquot;.

وبخلاف القوات التي انتشرت في مدينة كراتشي، قال أحد مسؤولي الامن ان قرابة 2500 جندي انتشروا في محيط مطار كراتشي علاوة على اغلاق عدد من الشوارع والمدارس. واعربت السلطات الامنية الباكستانية عن ثقتها في نجاعة الاجراءات الامنية لتأمين وصول زعيمة حزب الشعب.

اقتسام السلطة

وكان الرئيس الباكستاني برفيز مشرف قد طلب من بوتو إرجاء عودتها حتى تبت المحكمة العليا في مدى دستورية تأهله للانتخابات الرئاسية إلا انها قررت أن تعود في الموعد الذي حددته سلفا وهو الموافق اليوم الخميس. ويجري مشرف وبوتو محادثات لاقتسام السلطة بينهما تحظى بدعم الإدارة الأمريكية التي تخشى من تعاظم قوة المتشددين الإسلاميين في باكستان مقابل تراجع شعبية الرئيس الباكستاني. وكان مشرف قد اتفق مع بوتو على الغاء تهم الفساد الموجهة اليها مقابل موافقتها على الدخول معه في مشروع لاقتسام السلطة.

ومن المتوقع أن تبدأ بوتو (54 عاماً)، وهي أول سيدة تتولى رئاسة الحكومة في دولة إسلامية، حملة انتخابية قد تقودها إلى رئاسة الحكومة الباكستانية لمرة ثالثة، في الانتخابات المقررة في يناير/ كانون الثاني القادم.

وكانت رئيسة الوزراء السابقة قد عقدت مؤتمرًا صحافيًا الأربعاء في إمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي توقفت بها في طريق عودتها إلى وطنها، قالت فيه إنها تأمل في أن تتمكن من إعادة الديمقراطية إلى بلدها. تأتي عودة بوتو إلى باكستان، بعد قليل من صدور قرار من الرئيس مشرف بالعفو عنها، في خطوة من شأنها تعزيز الاتفاق بينهما لتقاسم السلطة في البلاد، بعد تخلي الرئيس الباكستاني عن قيادته للجيش.(القصة كاملة)

وبموجب ذلك العفو، الذي وصف بالتاريخي، تسقط عن بوتو، التي شغلت رئاسة الوزراء مرتين من 1988 إلى 1990 ومن 1993 إلى 1996، عدة تهم من بينها اتهام بعمليات نصب بملايين الدولارات. ويعتبر ذلك العفو جزءًا من quot;مرسوم المصالحة الوطنيةquot;، الذي ينص على إسقاط ملاحقة السياسيين أمام القضاء الباكستاني، بسبب جرائم تتعلق بالفساد.

ويسمح المرسوم بالعفو عن السياسيين الذين تعود التهم المنسوبة إليهم للفترة الممتدة من 1988 وحتى 1999، ولا يطبق على رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي أطاح به مشرف في انقلاب أبيض عام 1999، باعتبار أنه مدان بـquot;جريمةquot;، ولأن القضايا المرفوعة بحقه تعود إلى العام 2000. ووفقًا لهذا الاتفاق يتم انتخاب الرئيس مشرف لفترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات، ويتم في المقابل إسقاط كل قضايا الفساد الموجهة إلى بوتو، إضافة إلى إجراء تعديل دستوري يسمح بإعادة انتخاب بوتو رئيسة للوزراء لفترة ثالثة.

شرعية مشرف

ومن ناحية أخرى، استأنفت المحكمة الباكستانية العليا نظرها في مدي دستورية تأهل مشرف للانتخابات الرئاسية التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري. وكانت المحكمة قد اوعزت باجراء الانتخابات في موعدها على الرغم من الطعون التي قدمت في اهلية مشرف للترشح. الا ان المحكمة العليا رفضت المصادقة على نتيجة الانتخابات حتى تبت في دستورية ترشح مشرف، مما ادى الى تعميق الغموض السياسي الذي يلف بباكستان. وكان البرلمان الباكستاني قد صوت باغلبية كبيرة لصالح اعادة انتخاب الرئيس مشرف لفترة ولاية جديدة في السادس من شهر اكتوبر/ تشرين الاول الجاري.

الا ان الرئيس مشرف لم يتمكن بعد من اداء اليمين الدستورية لأن المحكمة العليا لم تبت بعد في الطعون التي تقدم بها مناوؤوه السياسيون، الذين حاججوا بأن مشرف لم يحق له الترشح للرئاسة طالما احتفظ بمنصب قائد الجيش. ومن المتوقع ان تستمر مداولات المحكمة العليا لبضعة ايام اخرى.

ولا يتوقع المحللون ان تحكم المحكمة ضد مشرف في هذه المرحلة، ولكنها إن فعلت ذلك فسيؤدي القرار الى تفاقم الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد، حيث هناك مخاوف من ان يعمد مشرف الى اعلان الاحكام العرفية من اجل الاحتفاظ بالسلطة. وكان نواب المعارضة قد امتنعوا عن التصويت لمشرف او قاطعوا جلسة التصويت اساسا مدعين بأن عملية الانتخاب غير دستورية.

يذكر ان باكستان تشهد اضطرابًا سياسيًا متزايدًا في الاشهر الاخيرة، كما تعرضت قوات الامن الباكستانية لسلسلة من الضربات المؤثرة وجهتها لها جماعات متشددة مؤيدة لحركة طالبان الافغانية التي تعارض الدعم الذي يوجهه الرئيس مشرف للـ quot;حرب الاميركية ضد الارهابquot;.