بغداد: كان يفترض أن يكون سلطان هاشم وزير الدفاع في عهد صدام حسين قد أعدم. وكذلك علي حسن المجيد ابن عم صدام بعد أن قضت محكمة بإعدام الرجلين بسبب حملة إبادة جماعية شنت ضد أكراد العراق. لكن الأمور لا تسير وفقًا لخطة الحكومة التي يتزعمها الشيعة في بغداد رغم انها بذلت كل جهودها لتحديد يوم لاعدام الاثنين مثل صدام. ويواجه قائد ثالث بالجيش أيضًا الاعدام لدوره في هذه الحملة.

وهدد طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي وهو سني بالاستقالة اذا نفذ الاعدام ويقول الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو كردي انه يعارض احكام الاعدام من ناحية المبدأ لكنه يعتقد أيضًا ان ضباط الجيش الذين كانوا ينفذون الاوامر يجب الا يواجهوا مثل هذا العقاب. ويدور جدل بأن الدستور ينص على ان مجلس الرئاسة الذي يضم أيضًا نائب الرئيس عادل عبد المهدي وهو شيعي يجب ان يصدق على تنفيذ احكام الاعدام. وتختلف الحكومة مع ذلك وشكلت لجنة لحل هذا النزاع.

وأصبح هذا النزاع القانوني معقدًا نتيجة لنداءات متكررة برفع عقوبة الاعدام عن سلطان هاشم حيث يقول كثير من السنة انه كان جنديًا شجاعًا ينفذ الاوامر فحسب. كما توجد رواية غامضة عن تواطؤ مع الاميركيين ووعود جوفاء بإصدار عفو اذا تعاون. وقال نائب الرئيس العراقي لرويترز في مقابلة في سبتمبر ايلول انه علم عن محاولة من جانب الحكومة لاعدام الرجال الثلاثة لكنه هو والرئيس تمكنا من وقف هذه المحاولة غير القانونية وغير الدستورية في اللحظة الاخيرة. واضاف انه قال انه اذا تم تجاوز الدستور ونفذ الحكم في انتهاك للدستور قبل صدور امر رئاسي فانه سيقدم استقالته. كما ادى شهر رمضان الى تأجيل تنفيذ احكام الاعدام.

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة في الاسبوع الماضي انهم سيعدمون quot;خلال ايامquot; لكن هذا التوقيت يبدو متفائلا. وفي الوقت الراهن ما زال الإثنان رهن الاحتجاز لدى القوات الاميركية في مكان سري لاسباب امنية حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها محصورة في قلب هذه المواجهة بين الرئاسة وحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي.

وقالت مجلة تايم الاميركية انه كان من المقرر اعدام سلطان هاشم يوم 11 سبتمبر/ ايلول الماضي لكن مسؤولين امريكيين رفضوا تسليمه بسبب اعتراضات زعماء مثل جلال الطالباني. وقال مسؤول امريكي رفيع لرويترز انهم في انتظار quot;طلب رسمي من الحكومة العراقيةquot; لتسليم الرجال الثلاثة لاعدامهم. وقال الكولونيل ستيف بويلان المتحدث باسم الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق quot;فهمي هو ان مجلس الرئاسة يجب ان يكون جزءا من العملية.quot;

وتنتاب بعض المسؤولين العراقيين شكوك من ان الجيش الامريكي يحمي سلطان هاشم وسط مزاعم مستمرة بأنه تعاون معهم للاطاحة بصدام حسين في عام 1996 وعام 2003. وقال ريك فرانكونا العضو السابق في قوة مهام سرية من وكالة المخابرات المركزية (سي.اي.ايه) في شمال العراق ان هاشم اتصل اولا بوكالة المخابرات المركزية الامريكية من خلال الطالباني زعيم الاكراد انذاك في عام 1996 عندما كانت الوكالة تدبر مؤامرة للاطاحة بصدام.

في عام 1988 كان هاشم قائدا لقوة حملة الانفال التي استهدفت المناطق الكردية في شمال العراق في حملة عسكرية قتل فيها عشرات الالوف ودمرت قرى بأكملها. لكن مؤيديه يقولون انه كان قائدا صوريا وان السلطة الحقيقية كانت في يد المجيد ابن عم صدام الذي كان يعرف على نطاق واسع باسم quot;علي الكيماويquot; الذي كان مسؤولا عن العملية برمتها.

لكن بحلول الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق كان هاشم قد رقي الى منصب وزير الدفاع. واستسلم يوم 19 سبتمبر ايلول 2003 بعد ان كتب اليه بتريوس الذي كان انذاك قائدا للفرقة 101 المحمولة جوا في الموصل رسالة يطلب منه فيها تسليم نفسه. وتكشف تعليقات بتريوس في الرسالة التي حصلت رويترز على نسخة منها عن احترام التسلسل القيادى للجيش.

وكتب بتريوس يقول وهو يعكس ما يردده مؤيدو هاشم quot;بصفتنا عسكريين فاننا نتبع الاوامر التي تأتي من قادتنا.quot; وقال quot;ربما لا نتفق بالضرورة مع السياسة والبيروقراطية لكننا نفهم وحدة القيادة ونؤيد زعماءنا في قضية عامة وعادلة. غير ان انهيار نظامكم يقتضي منكم تفكيرا جيدا بشأن التأييد.quot; واضاف quot;اقدم لكم وعدي بأن تعاملوا بأكبر قدر من الكرامة والاحترام ولن تساء معاملتك جسديا أو عقليا وانت رهن الاحتجاز لدي.quot;

ويقول مسؤولون امريكيون ان ذلك الوعد لم يكن عرضا بالعفو لكن مسؤول حقوق الانسان الذي تفاوض على استسلامه هو واسرته قال انه كان هناك اتفاق على انه ستكون لديه حصانة من المحاكمة. وقال محمد ابن هاشم لرويترز ان بتريوس قدم وعدا لزعيم العشائر بأنه لن يحدث له شيء وسيبقى رهم الاحتجاز الامريكي لمدة خمسة اسابيع ثم سيفرج عنه لكن هذا لم يحدث. وقال محمد ان الاسرة تحدثت اخر مرة الى هاشم بالهاتف منذ اسبوعين. وتجري محاكمة وزير الدفاع العراقي السابق الان بسبب دوره في سحق انتفاضة الشيعة بعد حرب الخليج عام 1991. وقال انه أصبح متقبلا للموت.