نبيل شرف الدين من القاهرة : وسط نذر تلوح في الأفق، وتنذر باتجاه المواطنين في جنوب السودان نحو خيار الانفصال ـ كما تقضي بذلك اتفاقيات دولية مع الحكومة المركزية ـ فقد بادر اليوم عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية إلى القيام بمساع عاجلة، تستهدف محاصرة تداعيات أسوأ أزمة سياسية قد تهدد وحدة السودان منذ توقيع اتفاق سلام الجنوب في مستهل العام 2005 .

وفي تصريحات أدلى بها من العاصمة السودانية الخرطوم، قال موسى إنه أجرى محادثات هاتفية مطولة مع سيلفا كير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني، اتفقا في ختامها على لقاء قريب يجمع بين موسى وسيلفا كير، على أن يحدد لاحقاً لوجود النائب الأول في مدينة جوبا جنوب البلاد، وأكد موسى اهتمام الجامعة العربية في هذا الصدد بكافة القضايا في السودان من أجل تنفيذ الاتفاقات الخاصة بتحقيق السلام هناك، والتي تهيئ الأجواء لتفضيل خيار الوحدة بين شماله وجنوبه .

ومضى موسى قائلاً إنه تطرق خلال اتصاله مع سيلفا كير إلى المشكلة الراهنة بين شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني - الحركة الشعبية)، مشيرا إلى أنه لمس استجابة واضحة من سيلفا كير، تعكس ما وصفه موسى بالنية الصادقة لإنهاء الوضع القائم المعلق بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، التي نشبت مؤخراً، وهو الرأي ذاته الذي أعلن موسى توافقه مع موقف الرئيس السوداني عمر البشير، على حد تعبير أمين عام الجامعة العربية .

وقبل أيام اعترف العقيد الليبي معمر القذافي بفشل المفاوضات الخاصة بإقليم دارفور السوداني، والتي استضافتها مدينة (سرت) الليبية وسط غياب ممثلي أبرز جماعات التمرد الرئيسة في الإقليم، وهما حركتا quot;جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواةquot; .

وسبق أن أعلنت quot;الحركة الشعبية، الشريك الثاني في الحكم في السودان أن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس عمر البشير قبل أيام ، جاء وفق مقترحاتها، واعتبرت ذلك خطوة كبيرة نحو تسوية القضايا العالقة في اتفاق السلام الشامل، إلا أنها تحدثت عن قضايا لازالت عالقة في مقدمتها انسحاب كامل للقوات المسلحة من الجنوب، وتنفيذ بروتوكول منطقة أبيي، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلى تحقيق خطوات جادة وملموسة نحو التحول الديمقراطي والتعددية والتداول على السلطة .

واندلعت الأزمة الراهنة حين أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان (حركة التمرد الجنوبية سابقاً) تعليق مشاركتها في حكومة الخرطوم المركزية، بسبب خلافات مع الشماليين، حتى يتم حل الخلافات العالقة بين الشريكين، اللذين تبادلا الاتهامات بشأنها ومن أهمها التأخير في تطبيق اتفاق السلام الشامل، الذي أبرم في مطلع العام 2005 وأنهى حرباً أهلية دامت لأكثر من عقدين بين الشمال والجنوب .