بوش فاقد عالمه وعباس نصف دولته وأولمرت يواجه التشكيك
انحباس سياسي في انابوليس.. منع هطول السلام
أنابوليس في إيلاف

بوش وأولمرت وعباس يعقدون لقاءً ثلاثيًا اليوم

خلف خلف من رام الله: سار أمس ثلاثة أشخاص معاً مقابل السماء الغائمة لانابوليس: رئيس أميركي فقد عالمه في العراق، وقائد فلسطيني فقد نصف دولته المرتقبة لحماس، وزعيم إسرائيلي يواجه رأياً عاماً متشككاً وشعبية ضعيفة لشبهات تدور حول تورطه بالعديد من قضايا الفساد. ولكن المفاجأة وخيبة الأمل عمت قلوب اغلب الفلسطينيين عندما انهي الرئيس جورج بوش خطابه الذي شدد خلاله على يهودية إسرائيل والتي تعني عملياً إعدام حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، كما لم يتطرق الخطاب لمعاناة الشعب الفلسطيني سوى بكلمات خجولة، مركزاً بالدرجة الأولى على أمن إسرائيل.
ولكن الخيبة هذه لم تقتصر على الفلسطينيين وحدهم، فقد وصلت للشارع الإسرائيلي أيضا الذي لم يتوقع هكذا نتائج من مؤتمر جرى التحضير له لعدة شهور مضت. وبإلقاء نظرة على جل ما كتبته الصحف العبرية الصادرة اليوم الأربعاء تبدو السوداوية من النتائج واضحة بين السطور، وكتبت يديعوت على صدر صفحتها الأولى تحت عنوان quot;بالغواquot;، في مقارنة منها بين النتائج والتحضيرات التي سبقت المؤتمر: quot;من هي شؤون الشرق الأوسط غريبة عليه كان بوسعه أن يعتقد أن احتفال أمس يتم على التوقيع على سلام خالد، وليس بداية مفاوضات، في ظروف غامضةquot;.
هذا فيما يرى اليمين الإسرائيلي الذي نظم عشية انعقاد المؤتمر مظاهرة أمام منزل أولمرت شارك فيها ما يقارب 1000 شخص، أن ذهاب الأخير إلى المؤتمر كان مجرد هروب من تحقيقات الفساد التي تطارده.
أما المحللون السياسيون في الدولة العبرية وكذلك العديد من أعضاء الكنيست والوزراء فيرون أن السلام مع الفلسطينيين من الصعب تحقيقه حالياً، وصرح أمس زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتيناهو أن التوقيع اليوم مع الرئيس (أبو مازن) على الاتفاق الدائم يشبه بناء مبنى متعدد الطوابق بلا أسس، سينهار هذا المبنى علينا إن آجلا أو عاجلاquot;.
وأضاف نتنياهو في تصريحات نشرتها صحيفة يديعوت: quot;يمكن أن يكون الأمر مغايرا. يجب على حكومة مسؤولة أن تجري تفاوضا بحزم، وبتصميم وبفخر. وان تقدم على نحو عملي تطويرا اقتصاديا للفلسطينيين الذين يريدون السلام وان تشجعهم في مقابلة ذلك على بناء مؤسسات حكم وقضاء مستقرة. الحكومة المسؤولة تحافظ على الأمن، وتصر على المشاركة وتفرق تفريقا حسنا بين السلام الحقيقي والسلام الوهميquot;.
بينما قال ايتان هابر رئيس ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحاق رابين إن الذي أسر عيونه أمس في مشهد انابوليس، أمر واحد، وهو عدم الانفعال، حيث أن ثلاثة زعماء منتوفي الريش مصابون بجراح المعارك ومتعبون وقفوا على منصة الخطباء وكانوا يرغبون، بل يرغبون جدا، في الوصول في هذه الحكاية الدموية إلى خاتمتها السعيدة. يريدون ولكنهم لا يستطيعون على ما يبدو.
وأضاف هابر في مقال افتتاحي له نشر اليوم في quot;يديعوتquot;: بوش quot;عالقquot; في العراق مع أربعة آلاف قتيل، وسيدخل التاريخ الأمريكي على ما يبدو كرئيس متعثر فوضوي. أبو مازن؟ يعيش (على الأقل في منصبه كرئيس) على الزمن المستقطع حيث توجد القوة الحقيقية في يد خصومه من حماس. أما ايهود خاصتنا، اهود اولمرت، فما زال يعاني من متلازمة لبنان ومرض فينوغراد (وأقل من ذلك من التحقيقات الشرطية) ويتمتع بدعم شعبي قليل.
أما الكاتب الإسرائيلي شموئيل روزنر فيرى في مقال نشر في صحيفة هآرتس اليوم أن كل المشاركين في انابوليس والمراقبين يعرفون أن انابوليس هو مجرد بداية وان الطريق نحو الدولة الفلسطينية طويل وصعب وليس بمثل البساطة التي يظنها البعض، وباعتقاد روزنر فأن بوش لا يشبه الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الذي حاول حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في العام الأخير من منصبه، وبالتالي فالعملية السلمية ستبقى معقدة ودون راعي لها.
ويقول روزنر: quot;بوش شُبه ببيل كلينتون مرات كثيرة في الآونة الأخيرة. رئيس يوشك على انهاء فترته الرئاسية ذات الثماني سنوات ويحاول بما تبقى لديه من قوة إحلال السلام في الشرق الأوسط. الحقائق صحيحة، إلا أن التفسير غير ملائم تماما. بوش ليس كلينتون وهو لا يريد أن يكون كذلك رغم الإغراء. هو لم يُبد الاهتمام بالمرة في تفاصيل تفاصيل الصراع الإسرائيلي ndash; الفلسطيني، ولم يدع أبدا انه الساحر الذي سيستخرج الوصفة العجيبة للحل من قبعتهquot;.
وفي صحيفة معاريف كتبت المحامية تسيبي حوتوبيلي تقول: quot;يوصف مؤتمر أنابوليس على لسان الكثيرين كرحلة طيران إلى اللامكان. وخلف هذا القول يختبئ استخفاف بقوة المتباحثين في الوصول إلى نتائج، بسبب ضعفهم السياسي. ولكن الحقيقة أن هذه ليست هي المشكلة المركزية. المشكلة الحقيقية ليست في قوة السياسيين بل في حقيقة أن المواقف الإسرائيلية والفلسطينية توجد في تضارب للمصالح حاد لدرجة أن كل محاولات الجسر محكومة بالمأزقquot;.
وفلسطينياً، ترى جماهير غفيرة عبرت عن سخطها أمس في مسيرات واعتصامات في معظم مدن الضفة الغربية وقطاع غزة بأن ما جرى في المؤتمر هو لصالح إسرائيل فقط، وبأن انابوليس برمته محاولة لتحريك سيارة لا يوجد هواء في إطاراتها من الأساس، في أشارة لعملية السلام.