مسيرة خضراء الشهر المقبل تغضب مدريد
ليلى تؤجل إنفراج الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: يبدو أن بوادر انفراج الأزمة الدبلوماسية لن يكتب لها أن تلوح قريبا في سماء العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، رغم تأكيد الجانبين، في أكثر من مناسبة، على ضرورة الدخول في حوار مباشر لتسوية الخلاف حول مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية، وتطالب الرباط باستعادتهما. ففيما تشهد العلاقات بينهما حاليا مرحلة هدوء، حتى مع إصرار المغرب على عدم إعادة سفيره إلى مدريد بعد أن استدعاه، لمددة غير محددة، قصد التشاور، إثر قيام الملك خوان كارلوس بزيارة للمدينتين السليبتين، دخل البرلماني المغربي يحيى يحيى على الخط، وقرر اتخاذ مبادرة قد تزيد من هوة الخلافات بين البلدين، إذ أعلن عن تنظيم مسيرة خضراء، يوم 10 من الشهر المقبل، إلى جزيرة ليلى التي كادت أن تفجر مواجهة عسكرية بين البلدين بعد أن دخلت القوات الإسبانية إليها وطردت الجنود المغاربة منها.

وأكد يحيى يحيى، رئيس مجموعة الصداقة المغربية الإسبانية، أن هذه المسيرة، التي تتزامن مع تخليد اليوم العلمي لحقوق الإنسان، تأتي للتنديد quot;باحتلال الجزيرةquot;، مشبها إياها، في بلاغ له، ب quot;الأراضي الفلسطينية المحتلةquot;، وهو ما أثار حفيظة الإسبان الذين أشارت مصادر متطابقة إلى أن أجهزتهم الاستخباراتية والسياسية أخذت هذا القرار على محمل الجد، وبدأت تتحرك استعدادا إلى هذا الموعد.

وسبق لحكومة مدريد أن حاولت احتواء الأزمة القائمة على خلفية زيارة الملك خوان كارلوس، إذ قال وزير الخارجية ميغيل انخيل موراتينوس، في لشبونة، إن إسبانيا تريد الحفاظ على quot;أفضل العلاقاتquot; مع المغرب، مضيفا، على هامش اجتماع مع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، quot;نأمل في الحفاظ على افضل العلاقات مع الرباط (...) إن الروابط بين المغرب وإسبانيا متينةquot;.

غير أن الرباط، كانت حافظت على خطابها الصارم حيال هذا الموضوع، إذ بعد إدانة الملك محمد السادس للزيارة، دعا وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، الإسبان إلى الكف عن استعمال المغرب quot;كرأس حربةquot; في سياستهم الخارجية، وإلى معاملة المملكة على قدم المساواة وباحترام تام، مشيرا إلى أن الزيارة الحالية جاءت بحثا من الملك الإسباني عن شعبيته بعد تدنيها في الفترة الأخيرة.

ولم تكن الزيارة وحدها سبب غضب الرباط من مدريد، بل انضاف إلى ذلك مذكرة للقاضي الإسباني بالتاسار غارسون الذي طالب بالاستماع إلى مسؤولين مغاربة، من بينهم قائد الدرك الملكي حسني بن سليمان، لتهمة وجهتها إليهم منظمات تابعة لجبهة quot;البوليساريوquot;. ومن بين الذين شملتهم اللائحة ياسين المنصوري، مدير مديرية الدراسات والمستندات (الاستخبارات العسكرية)، غير أنه تبين للقاضي أن هذا الأخير كان قاصرا في الوقت الذي وقعت فيه الأحداث، على حد زعم المنظمات، وهو ما دفع القاضي إلى التراجع عن قراره، غير أن المنصور اتجه نحو مقاضاة الجمعيات.

ومن الملفات الشائكة بين البلدين قضية المدينتين quot;سبتةquot; وquot;مليليةquot; السليبتين، اللتين توجدان تحت الاحتلال الإسباني منذ أكثر من خمسة قرون، وترفض إسبانيا التفاوض بشأنها والاعتراف بمغربيتهما، وقضية الصحراء التي لم تغادرها إسبانيا إلا في سنة 1975، ولكن تركت فيها جبهة (البوليساريو) التي تطالب باستقلال أقاليم الصحراء، في حين قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي الذي ينتظر أن تنطلق جولته الثالثة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بداية السنة المقبلة.

وكانت المملكة نظمت المسيرة الخضراء في سنة 1975، وهي مسيرة شعبية كبرى نجح فيها المغرب باسترداد الصحراء من الاحتلال الإسباني. وأعطيت إشارة انطلاق المسيرة من قبل الراحل الملك الحسن الثاني، وذلك في 6 نونبر 1975، للتعبير عن مدى تعلق وإصرار الشعب المغربي على استكمال وحدته الترابية. وبلغ عدد المغاربة الذين شاركوا في المسيرة الخضراء 350.000 مواطن ومواطنة.