بيروت: مدينة الخيام اللبنانية التي بدأت قبل عام كصيحة احتجاج قوية للإطاحة بالحكومة تقلصت إلى مجرد وجود رمزي لكن إحتجاج حزب الله وحليفه المسيحي لا يزال يصيب وسط بيروت بالشلل. والحشود الغاضبة التي كانت تتجمهر يوميا في كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي للمطالبة باقالة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة من منصبه تلاشت تقريبا منذئذ تاركة عشرات الخيام الخاوية التي يحرسها بضع عشرات من الشبان يحملون أجهزة اتصال لاسلكية.

رغم الطابع الرمزي للاحتجاج تصر المعارضة على الاحتفاظ بحراس على مدار الساعة في ميدانين رئيسين في قلب العاصمة اللبنانية بيروت الى أن يتم حل الازمة السياسية حول الرئيس اللبناني القادم وحصتها من السلطة. قال اميل هاشم (45 عاما) وهو المسؤول عن منطقة الخيام التي يشغلها أنصار الزعيم المسيحي ميشال عون quot;لم يتغير أي شيء لن نخرج الا عندما تسقط الحكومة. هذا وجود رمزي لكن في وقت الحاجة نستدعي الالاف.quot;

ومعظم الخيام البرتقالية المزينة بصور لعون خاوية اثناء النهار ويوجد في بعضها أجهزة تلفزيون وأكوام من الافرشة. وتوجد آلة لغسل الملابس خارج احدى الخيام. ويقول هاشم ان 100 فقط من أنصار التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون ينامون كل ليلة في 50 خيمة من أصل 125 خيمة. وقالت أوديت بطش (44 عاما) وهي مناصرة لعون تركت بيتها في طرابلس في ديسمبر الماضي وتنام في المخيم منذئذ quot;اذا كان السنيورة يحب الكرسي الخاص به كثيرا فنحن على استعداد لان نحمله هو وكرسيه الى بيته.quot;

ويشغل حزب الله ميدانا قريبا يغص بالخيام معظمها خاو يحرسه أعضاء يضعون قبعات مميزة بكلمة quot;انضباطquot;. ورفضت الجماعة الشيعية السماح للصحفيين بدخول المنطقة المحاطة بسياج من المتاريس ونقاط الحراسة. ويحول جنود مزودون بعربات مصفحة وأسلاك شائكة دون اقتراب المتظاهرين من مقار الحكومة في سلسلة من المباني التي تعود للعصر العثماني منذ أن بدأت الاحتجاجات في أول كانون الاول (ديسمبر) العام الماضي.

ولا يسمح بدخول أي سيارات غير مسموح لها الى منطقة التظاهرات. والذين يعملون في مكاتب ومحال ومقاه في وسط العاصمة عليهم أن يتركوا سياراتهم في ساحات انتظار تبعد مئات الامتار ويكملوا رحلتهم الى أعمالهم سيرا على الاقدام. والاحتجاجات في منطقة أنيقة أعاد بناءها من أنقاض الحرب الأهلية رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري تعني الدمار بالنسبة إلى كثير من المطاعم والملاهي الليلية التي كان السياح يتدفقون إليها.

قال توني باسيل المدير المالي لمقهى بوذا وهو مقهى عصري له طراز اسيوي مغلق منذ أن بدأت دوريات الحراسة التي نظمتها المعارضة quot;خسرنا هذا العام ثلاثة ملايين دولار.quot; وأقيمت لأشهر عديدة خيمة لحزب الله أمام مدخل المقهي الذي كان يستقبل 1200 عميل يوميا كانوا يحققون دخلا قدره 14 ألف دولار في اليوم. وقال باسيل ان المقهى اضطر لتسريح 60 في المئة من عامليه البالغ عددهم 125 موظفا. ووضعت لافتات وملصقات وشعارات سياسية على كثير من مباني وسط العاصمة الانيقة.

ولم يبق مفتوحا في شوارع مفروشة بالحصى سوى عدد قليل من مقاهي الارصفة على الطراز الفارسي بكراسيها المصنوعة من الخوص لكن أصحابها يقولون ان جمهور المقاهي سيظل بعيدا حتى بعد انتهاء الازمة السياسية. وقال بيير داغر وهو مدير مطعم ديو quot;الشعب اللبناني نسي عادة الذهاب الى وسط المدينة. حتى اذا انتهى الاعتصام اليوم فان انتعاش المنطقة سيستغرق وقتا طويلا.quot; وتابع داغر قائلا quot;اللبنانيون لا يخرجون ليأكلوا وحسب ولكن كي يروا الاخرين ويراهم الاخرون. ومن ثم فانهم لن يذهبوا الى منطقة خاوية.quot;

وقال أصحاب مطاعم اخرون انهم أبقوا مطاعمهم ومقاهيهم مفتوحة أملا في أن ينتهي الاعتصام قريبا. وقال بعضهم انهم سيغلقون مقار اعمالهم بشكل دائم اذا لم تنته الازمة بحلول العام الجديد. وفشل ساسة لبنانيون متنافسون في اختيار من يخلف الرئيس اميل لحود الموالي لسوريا الذي انتهت فترة ولايته الاسبوع الماضي. وقد يكون في مقدورهم الاتفاق على الجنرال ميشال سليمان رئيس الاركان ليحل محله لكن مدينة الخيام لا تزال منصوبة الى الان. وقال جان باسيلي الذي يملك مطعما في وسط المدينة quot;نحن رهائن في هذه الازمة ونحن ندفع الثمن.quot;