عشية القمة الخليجية بالدوحة:
انقسام بين دول التعاون بشأن مشاركة ايران وتركيا
تاج الدين عبد الحق من الدوحة:
يستكمل وزراء خارجية دول مجلس التعاون غدًا (الأحد) التحضير للقمة الخليجية المقرر أن تبدأ أعمالها في الدوحة، بعد غد الإثنين، وسط شعور بوجود انقسام بين الدول المشاركة بشأن دعوة كل من الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ورئيس الوزراء التركيطيب رجب اردوكان لحضور القمة التي يحضرها أيضًا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح .
وقالت مصادر دبلوماسية خليجية إنه على الرغم من أن الدول الاعضاء لم تبدُ تحفظات علنية ازاء المشاركتين الايرانية والتركية في اعمال القمة، عندما تم استمزاجها بهذا الشأن وتركت الامر للدولة المضيفة،إلا أن بعضها عبر عن استغرابه لحماس قطر وإسراعها بدعوة البلدين إلى المشاركة في القمة، في سابقة هي الاولى منذ تأسيس مجلس التعاون قبل ما يزيد على 26 عامًا.
وتقول تلك المصادر إن بعض الدول الخليجية تعتقد ان الظرف الاقليمي غير مؤات لدعوة ايران وتركيا للمشاركة في القمة. فإيران التي تواجه عزلة دولية متزايدة بسبب برنامجها النووي من جهة ودورها في العراق ولبنان من جهة ثانية، تجد في دعوة دول التعاون لها كسرًا لطوق العزلة ومنصة لاطلاق مواقف سياسية والحصول على غطاء خليجي لموقفها المتعنت بشأن البرنامج النووي والذي يثير قلق دول الخليج ربما بدرجة أكبرمن تلك التي يثيرها لدىدول أخرى.
وقالت المصادر إن إيران لا تزال بعيدة في موقفها بشأن هذا الموضوع عن الحد الأدنى الذي يسمح لدول الخليج للقيام بمحاولة لاحتوائها، والتخفيف من حدة المواجهة الحاصلة بينها وبين المجتمع الدولي، خاصة وان دول الخليج لا تملك تفويضًا من أحد للقيام بمثل هذه المحاولة. وأوضحت ان مشاركة ايران في القمة قد تسبب حرجًا لدول الخليج التي لاتملك الا ان تكون طرفًا في اي عقوبات تفرضها الامم المتحدة على ايران. وقالت ان حضور احمدي نجاد لقمة الدوحة قد يوجه رسالة غير صحيحة للمجتمع الدولي مفادها ان دول الخليج تعتبر ان لعلاقاتها مع ايران اولوية وبالتالي انها يمكن ألا تشارك في اي عقوبات محتملة على ايران، أو انها قد تكون ثغرة في جدار تلك العقوبات في حال فرضها. واضافت ان هذا الموضوع له حساسية لدى بعض دول الخليج التي تتهم بأنها قناة اقتصادية لإيران تتدفق منها الصادرات والواردات وتتسرب منها الاستثمارات والتدفقات المالية.
وتشير المصادر الخليجية إلى أن الموضوع النووي الايراني ليس هو الامر الوحيد الذي يثير تحفظات خليجية ازاء دعوة ايران للقمة، إذ تقول هذه المصادرإن القمة التي كانت احد اهم المنابر التي تعتمد عليها دولة الامارات في عرض قضية احتلال جزرها الثلاث طنب الكبرى والصغرى وابو موسى من قبل ايران قبل 36 سنة وفي ابراز موقفها الداعي الى ايجاد حل سلمي عادل على اساس القانون الدولي، تجد ان دعوة ايران للقمة أمر غير مناسب البتة خاصة في ضوء التعنت الذي تبديه ايران في هذه المسألة واصرارها على مواصلة احتلال الجزر بل وانتقادها الدائم لدول الخليج على موقفها المساند للامارات في هذا الموضوع .
وتخشى مصادر خليجية ان تضعف دعوة الرئيس الايراني للقمة الخليجية مصداقية التاييد الذي تبديه دول المجلس ازاء موقف الامارات، فضلاً عن انه سيضر بالموقف الخليجي الذي يعتبر ان قضية الجزر من العوامل المهددة للاستقرار والامن في المنطقة ومن الاسباب التي تحول دون الوصول الى قواسم مشتركة مع ايران لكيفية المحافظة على امن واستقرار دول المنطقة.
والى جانب الجزر الاماراتية، فإن موضوع التدخل الايراني في الشؤون العراقية الداخلية يبدو من الامور التي تجعل دول الخليج متحفظة على دعوة ايران للقمة. وحسب مصادر خليجية فإن دول الخليج التي طالما اعتبرت ان تدخل الآخرين في الشؤون الداخلية للعراق هو من اسباب استمرار العنف وعدم الاستقرار في العراق ، تعطي بدعوتها ايران للمشاركة في القمة صك برأة وتعفيها من المسؤولية التي تتحمل جزءًا كبيرًا منها ازاء ما يحدث في العراق.
المشاركة التركية
ولا تقل التحفظات الخليجية عن التحفظات التي تبديها اطراف خليجية اخرى حول مشاركة تركيا في القمة. وتشير مصادر دبلوماسية خليجية الى ان هذه الدعوة تأتي في الوقت الذي تعلن فيه تركيا عزمها التدخل عسكريًا في العراق واجتياح مناطق هناك بذريعة ملاحقة عناصر حزب العمل الكرديستاني المعارض في تركيا. وترى تلك المصادر ان دعوة تركيا يحمل موافقة ضمنية على توجهات تركيا العسكرية، ولغة التهديد التي تتبناها، الامر الذي يتعارض مع المواقف المبدئية لدول الخليج التي تعارض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وتقول إن مثل هذه الدعوة تعني تبني الموقف التركي ازاء الوضع في شمال العراق وتجاهل المواقف والتصريحات التي عبرت عنها قيادة الاقليم الكردي في شمال العراق او المسؤولين العراقيين الآخرين. وأوضحت تلك المصادر أن التوازن الذي تتسم به سياسةدول الخليج في تعاطيها مع القضايا الاقليمية والدولية كان يقتضي من هذه الدول ان تعطى للطرف العراقي سواء ممثلي الحكومة المركزية او ممثلي الاقليم الكردي فرصة متكافئة كتلك التي نالتها تركيا بدعوتهم للمشاركة بالقمة .
المشاركة اليمنية
اما المشاركة اليمنية في القمة، فيبدو انها لا تثير اي تحفظات، لا سيما أنها تأتي تتويجًا لسلسلة من المبادرات التي اتخذتها دول التعاون ازاء اليمن منذ اكثر من ثلاث سنوات والتي أتاحت لليمن الانضمام لبعض الاتفاقيات والمنظمات المتخصصة التابعة لمجلس التعاون. وتقول المصادر الخليجية إن دعوة الرئيس على عبد الله صالح للقمة هو تعبير عن اصرار دول المجلس على ان تعميق علاقات دول المجلس باليمن باعتبارها العمق الجغرافي والبشري لدول المجلس كما انها تمثل ردًا على لغة الغمز واللمز التي يظهر بها البعض موقفهم من دعوة اليمن للمشاركة في اجتماعات التعاون والتي يحاول البعض اختزالها بكرة القدم ، او على حد التعبير الخليجي ( الطوبة ).