برلين: تختلف أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا عن مستشاري ألمانيا السابقين بإتخاذها موقفا صارما تجاه حقوق الإنسان حتى إذا أثر ذلك على العلاقات الدبلوماسية وأصاب الأعمال في ألمانيا بالقلق. وبالضغط على روسيا والصين وفي الاونة الاخيرة زيمبابوي فيما يتعلق بقضايا خاصة بحقوق الانسان ابتعدت ميركل عن الاتجاه الهاديء الاكثر عملية الذي يميز السياسة الالمانية بعد الحرب من كونراد أديناور الى جيرهارد شرودر.

ويقول مساعدو ميركل التي نشأت في ألمانيا الشرقية الشيوعية انها تؤمن بقوة بأن قضية حقوق الانسان يجب ألا تكون في المقعد الخلفي وراء مصالح العمل كما كان الامر أثناء حكم المستشار السابق لها شرودر. وقال يوزيف يوفه رئيس تحرير صحيفة دي تسايت الاسبوعية quot;كل المستشارين السابقين لها (ميركل) سواء من اليسار أو اليمين كانوا يفضلون عادة التعقل على الجرأة أو الصمت المهذب على المثالية السياسية في اصرار على أن الدبلوماسية الهادئة تؤتي بثمارها بشكل أفضل... ميركل تختلف عن ذلك بالتأكيد.quot; وموقفها المتشدد بشكل متزايد فيما يتعلق باحترام حقوق الانسان جدير بالملاحظة بشكل أكبر لانه يتناقض بشدة مع تعاملها مع السياسة الداخلية.

وتواجه ميركل انتقادات في المانيا لقبولها حلول وسط فيما يتعلق بقضايا مثل اصلاح برامج الرعاية الصحية والحد الادنى من الاجور لكي تحافظ على ائتلاف بين المحافظين والاتحاد الديمقراطي المسيحي. وفاجأت ميركل في وقت سابق من الشهر الحالي زعماء اخرين يحضرون قمة الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي وافريقيا في البرتغال بانتقاد رئيس زيمبابوي روبرت موجابي. وقالت ميركل بينما كان موجابي يستمع ان العالم لا يمكنه التزام الصمت وحقوق الانسان quot;تدهس تحت الاقدام.quot; وأضافت أن quot;الوضع في زيمبابوي يضر بصورة افريقيا الجديدة.quot; وتصريحاتها القوية في لشبونة عززت رسالة بعثتها عندما انتقدت واشنطن بسبب معاملتها للسجناء في السجن الامريكي بخليج جوانتانامو بعد وقت قصير من توليها السلطة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2005.

وفي سبتمبر أيلول أصبحت أول مستشارة ألمانية تلتقي بالزعيم الروحي المنفي للتبت الدلاي لاما. وأغضبت هذه الخطوة الزعماء في بكين مما دفعهم لالغاء سلسلة من الاجتماعات عالية المستوى. كما أثار ذلك أيضا قلق مجموعات الاعمال الالمانية من أن يثير ذلك ردا من الصين فيما يتعلق بمجال الاعمال. ويشعر رجال الاعمال بالقلق أيضا من انتقاد ميركل لسجل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يتعلق بحقوق الانسان.

ويتناقض موقف ميركل بشدة مع موقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ترك مسؤولة حقوق الانسان في فرنسا عندما زار الصين في الاونة الاخيرة كما توصل لاتفاقات في باريس مع الزعيم الليبي معمر القذافي في الاونة الاخيرة مما أثار احتجاجات من أعضاء بحكومته. وقالت كاتينكا باريش نائبة مدير مركز الاصلاح الاوروبي quot;ميركل تتصدى... تقول نعم سنقوم بأعمال مع الروس والصينيين ولكني لا أخشى الحديث عن الخلافات عندما تكون قائمة.quot;

وينطوي هذا الاتجاه على مخاطر.. شكا مسؤول بشركة ألمانية طلب عدم نشر اسمه لرويترز في الاونة الاخيرة من أن شركته خسرت عقدا في روسيا بعد وقت قصير من اعلان ميركل دعمها لشخصيات معارضة في روسيا. ولكن مسؤولين ألمانا مقربين من ميركل يقولون انها تبدو مستعدة لقبول خسارة بضعة اتفاقات على المدى القصير لانها تعتقد أن موقفها سيخدم في نهاية الامر المصالح الالمانية.

وقال فولفجانج نوفاك المستشار السابق لشرودر الذي يدير الان مركز أبحاث تابع للبنك المركزي الالماني ان اتجاه ميركل المتشدد له مزاياه. وأضاف quot;تحدثت مع الرئيس بوتين في سوخي (حيث التقت ميركل بالزعيم الروسي في يناير كانون الثاني) وقال انه يحترمها ويثق بها... يمكنك احترام والثقة بشخص صادق معك وليس بمن يبحث عن بضعة روبلات.quot; وتشيد جماعات حقوق الانسان بميركل ولكنها تواجه انتقادات من داخل حكومتها. واتهم وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير وهو من الاتحاد الديمقراطي المسيحي سياسات ميركل تجاه روسيا والصين.

وفي الوقت الذي رحبت فيه منظمة العفو الدولية بموقف ميركل من حقوق الانسان الا أنها قالت ان الاختلاف في الاراء بين المستشارية ووزارة الخارجية يهدد باضعاف موقف ألمانيا. وقالت باربرا لوشبيلر أمين عام قسم ألمانيا بمنظمة العفو الدولية quot;الحكومة تعطي اشارة خطيرة بهذا الخلاف خاصة اذا كان علنيا.quot;

ويتراجع الاتحاد الديمقراطي المسيحي وراء حزب المحافظين الذي تنتمي اليه ميركل في نتائج استطلاعات الرأي ويشعر بالقلق تجاه شعبيته مع اقتراب الانتخابات الاتحادية المقرر عام 2009 ولكن يواجه صعوبة في احراز نقاط في مواجهة ميركل بمهاجمة موقفها فيما يتعلق بحقوق الانسان.