بغداد: فجر الثلاثين من كانون الاول/ديسمبر 2006، اعدم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين شنقا في احد سجون بغداد لتنتهي بذلك حقبة قاسية عاشها العراق.
وانهت عملية الاعدام السريعة لصدام حسين لذي كان في سنته التاسعة والستين رحلة من القسوة والعنف. ووري جثمان اعلى سلطة في العراق لعدة عقود الى مثواه الاخير في بلدة العوجة (شمال بغداد).
ويعتبر غالبية العراقيين ان صدام اعدم وانتهى عند اجتياح العراق من قبل الجيش الاميركي في العشرين من اذار/مارس ثم سقوط بغداد في التاسع من نيسان/ابريل 2003.
وكان آخر ظهور علني لصدام حسين سجل في التاسع نيسان/ابريل في منطقة الاعظمية (شمال بغداد) قبل هروبه من بغداد.
وبعد عدة اشهر من المطاردة، تمكن جنود اميركيين من العثور على صدام في قبو تحت الارض في 13 من كانون الاول/ديسمبر 2003 في بلدة الدور القريبة من مدينة تكريت (180 كم شمال بغداد) التي ينتمي اليها صدام وتسكن عشيرته وغالبية انصاره.
في اليوم التالي، قامت القوات الاميركية بتسليمه الى الحاكم المدني في العراق انذاك بول بريمر الذي اعلن الخبر الذي تناقلته معظم القنوات التلفزيونية العالمية، قائلا quot;اعتقلناهquot;.
وعرض حينها صورة لصدام حسين على شاشة كبيرة، وهو بلحية بيضاء وشاحبا مجعد الشعر خلافا للصور التي علقت لتمجيده على الجدران في المدن العراقية خصوصا العاصمة بغداد.
وبعد ذلك اصبح صدام حسين بطلا لما اراد الاميركيون ان يصفونه بانه رمز ولادة العراق الجديد، وهو محاكمة استجوب خلالها على جرائم ارتكبها في بلد انكر فيه حق مواطنيه في محاكمات مماثلة.
وفي 19 من تشرين الاول/اكتوبر 2005، دخل صدام حسين قفص الاتهام، بعد ان حكم العراق اكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
وظهر ببزة رصاصية وقميص ابيض ليحاكم في قضية مقتل 148 قرويا شيعيا اثر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها موكبه في بلدة الدجيل (شمال بغداد) في تموز/يوليو 1982.
وخلال جلسات محاكمته التي ادرك ما ستؤول اليه، اتهم صدام حسين مرارا هيئة القضاة بانهم ينفذون ما يخدم المحتلين، في اشارة الى الولايات المتحدة.
ودافع صدام عن سياسته التي مارسها في ادارة البلاد، كرجل الامة العربية والضامن لمستقبل العراق الذي يواجه تحديات ايرانية واطماع الشركات الاميركية.
وبعد صدور قرار المحكمة الذي حدد مصير الرجل الذي اراد جعل العراق اكبر قوة اقليمية، التف حبل المشنقة في الثلاثين من كانون الاول/ديسمبر لتنهي حياة الرجل الذي اراد جعل العراق اكبر قوة اقليمية، فيما كان المسلمون يحتفلون بعيد الاضحى.
واعتبره البعض بطلا بينما رأى آخرون انه مصاب بجنون العظمة.
واحتفظ هواة تصوير بلقطات في هواتفهم النقالة، تصور اللحظات الاخيرة من حياته. وقد بدا فيها صدام حسين وهو يقف بثبات مرتديا معطفا أسود رافضا وضع غطاء على عينيه وهو يتقدم الى منصة الاعدام دون مساعدة احد.
وقد رد على صرخات اهانة اطلقها بعض الحضور، قبل ان يفتح باب المنصة تحت قدميه quot;الله اكبرquot;.
وكانت نهاية صدام حسين في الساعة السادسة وعشرة دقائق عندما شد حبل المشنقة على عنقه.
واحتفل عدد كبير معظمهم من الشيعة الذين عانوا الظلم في عهده بفرح وبالرقص في الشوارع باعدامه في حين رفض اخرون معظمهم من السنة عملية الاعدام التي رأوا فيها اهانة للعراق.
ومع نهاية صدام اغلقت حقبة من تاريخ العراق هيمن عليها العنف والخوف وشكلت حلقة اخرى من مسلسل المعاناة التي عاشها العراقيين منذ استقلاله في 1958.