وسط إقبال ضعيف على الاقتراع
quot;حكومة ملتحيةquot; أو حكومة ائتلاف في المغرب؟

لمتابعة أبرز التطوّرات

ملف: إيلاف
في الانتخابات المغربيّة

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء، وكالات:
أنهى الناخبون المغاربة، أمس الجمعة، يومهم الانتخابي الطويل الذي شهد حركة إقبال متفاوتة على صناديق الاقتراع، بدأت بنسب ضعيفة، قبل أن تسير نحو الارتفاع بعد صلاة الظهر إلى أن تصل إلى أعلى الأرقام في الأنفاس الأخيرة من زمن التصويت.
ومرت العملية الانتخابية في أجواء عادية يطبعها الهدوء على امتداد التراب الوطني، باستثناء بعض الأحداث الطفيفة المسجلة في كل من إقليمي أزيلال والخميسات، والتي فتحت فيها السلطات المختصة تحقيقات لمعرفة ملابساتها.
ويعول المغرب كثيرا على الانتخابات الحالية بهدف تأسيس مرحلة جديدة في الممارسة الديمقراطية، وتكوين مؤسسات ذات مصداقية وتمثيلية حقيقية.
ومع إغلاق مكاتب التصويت أبوابها، تضاربت التوقعات حول الوجه الجديد للحكومة المقبلة، ففي الوقت الذي يميل فيه مراقبون إلى ترجيح كفة quot;الحكومة الملتحيةquot;، أكد خالد الناصري، محلل سياسي وأستاذ العلوم السياسية، أنها ستكون quot;حكومة ائتلافquot;، مستبعدا احتمال quot;دخول أحزاب الكتلة في تحالف مع الإسلاميين بعد الانتخاباتquot;.
وعلى الرغم من أن أغلب التوقعات تشير إلى توجه الإسلاميين، بتقدم حزب العدالة والتنمية، نحو توسيع قاعدتهم البرلمانية والفوز بالمرتبة الأولى، مقابل تراجع أحزاب الكتلة، إلا أن محللين سياسيين يرون أن الحزب لن يتمكن من الحصول على الأغلبية الكافية لتشكيل الحكومة.
كما أن تقديراتهم ذهبت إلى ترجيح احتمال تحقيق أحزاب الكتلة والإسلاميين توازنا في عدد الأصوات، فيما توقع البعض أن تأتي المفاجأة من الأرياف، حيث يتمتع الحزب البربري quot; الحركة الشعبيةquot; الذي عزز وحدته أخيرا بوجود كبير.
وقال خالد الناصري، في تصريح لـ quot;إيلاف quot;، quot;لا أنتظر ثورة ستخرج من صناديق الاقتراع، إذ لا أتوقع أن يتجاوز الإسلاميون النسبة التي ستصل إليها أحزاب الكتلةquot;، مضيفا quot;ليس هناك حزب لوحده يمكنه تشكيل الحكومة المقبلةquot;.
وعاشت أحزاب الكتلة مخاضا عسيرا وخلافات حادة، اندلعت في أوقات حاسمة إثر تضارب المصالح الشخصية لقياديي هذه الأحزاب، ما أدى، في 2002، إلى ضياع كرسي الوزارة الأولى عليهم بسبب عدم توصلهم إلى تقديم quot;وزير أول مشترك، عاد هذا المكون السياسي، في 2007، للبحث على ما ضاع منه عبر التوقيع على quot;ميثاق عمل مشتركquot; جديد التزموا من خلاله موقفا موحدا إزاء حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 7 أيلول (سبتمبر) المقبل، كما اتفقت على مواصلة نهج الإصلاح والتحديث وترسيخ علاقات الثقة والتضامن.
كما تعهدت أحزاب الكتلة بموجب الميثاق، الذي وقعه أخيرا كل من عباس الفاسي عن حزب الاستقلال، ومحمد اليازغي عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وإسماعيل العلوي عن حزب التقدم والاشتراكية، بآليات التصالح والتحكيم لفض كل الخلافات التي يمكن أن تحدث على أي مستوى من مستويات عملها المشترك.
واتفقت أحزاب الكتلة، التي ساهمت في تدبير الشأن الوطني منذ بدء مشاركتها في الحكومة عام 1997، في نطاق التحضير للاستحقاقات الانتخابية والسياسية المقبلة على التحلي المطلق بأخلاقيات التنافس الشريف خلال الحملات الانتخابية في ما بين مرشحي أحزابها، والعمل بقوة على التوجه صفا واحدا نحو التصدي لخصوم الديمقراطية، والالتزام بموقف موحد لأحزاب الكتلة بشأن الحكومة التي ستؤسس بعد الانتخابات، والاتفاق المسبق بينها على الأطراف الأخرى التي قد يجري التحالف معها.
الإسلاميون يؤكدون أن الفساد حرمهم من تحقيق فوز كبير في الانتخابات
هذا في وقت أكد فيه اسلاميو حزب العدالة والتنمية السبت انهم حرموا من تحقيق فوز واسع بسبب الفساد الانتخابي الذي مارسه خصومهم على حد تعبيرهم.
وقال الحسن داوودي الرجل الثاني في الحزب والذي اعيد انتخابه في فاس، لوكالة فرانس برس quot;سنحصل على 56 مقعدا على الاكثر لان الاموال تدفقت. نعتقد اننا سنكون مع ذلك الحزب الاول والا فان العالم مقلوب فعلاquot;.
وكان داوودي اكد ان الحزب سيحصل على ثمانين مقعدا مقابل 42 في الدورة السابقة بينما توقع الامين العام للحزب شعد الدين عثماني ان يشغل حزبه سبعين مقعدا.
من جهته، قال عثماني لفرانس برس quot;نحن متأكدون اننا سنحصل على اربعين مقعدا على الاقل لكننا نواجه صعوبات في الحصول على تعداد دقيق لان الادارة لا تعطينا كل الارقامquot;.
واضاف ان quot;النتائج جزئية جدا ولا تسمح لنا بمعرفة ما اذا كنا الحزب الاولquot;.
الإسلاميون المبتهجون يتوقعون مكاسب مبكرة
واعلن الاسلاميون المغاربة المعارضون الذين خاضوا الانتخابات البرلمانية ببرنامج مناهض للفساد انهم في طريقهم يوم السبت ليصبحوا اكبر حزب في البرلمان بعد الانتخابات التي شابها انخفاض نسبة الاقبال على التصويت بشكل قياسي.
وهتف اعضاء الحزب المبتهجون في مقار حزب العدالة والتنمية الاسلامي في المغرب quot;سنفوز سنفوز.quot;
ونقلا عن الاحصاءات التي اوردها مندوبو الحزب في مراكز الاقتراع في مختلف انحاء المغرب قال جمعة معتصم رئيس حملة حزب العدالة والتنمية للصحافيين انه بعد فرز نحو نصف الاصوات في الانتخابات التي جرت الجمعة حصل حزب العدالة والتنمية على 30 في المئة وهي اكبر نسبة حصل عليها اي حزب.
ووفقا لاحصاءاته غير الرسمية فقد حصل ثاني اكبر حزب شعبية والذي امتنع عن ذكر اسمه على 16 في المئة.
ويقول محللون سياسيون ان امام حزب العدالة والتنمية فرصة للفوز بمقاعد في مجلس الوزراء اذا اصبح اكبر حزب بعد المنافسة التي جرت الجمعة بين 33 حزبا وعشرات من المرشحين المستقلين الساعين الى الفوز بمقاعد في البرلمان المؤلف من 325 عضوا.
ولكن النظام الانتخابي المعقد يجعل فوز اي جماعة بأغلبية مطلقة امرا شبه مستحيل.
وأيا كانت نتيجة الانتخابات فان السلطة الحقيقية ستبقى في يد الملك محمد السادس .
ولم تنشر نتيحة رسمية للفرز حتى الآن ومن غير المقرر معرفة النتائج الرسمية النهائية قبل يوم الاحد.
وقال معتصم ان الحزب يتوقع الفوز بسبعين مقعدا على الاقل وهو عدد يعتبر مرتفعا بشكل كبير عن التمثيل الحالي للحزب وهو 42 مقعدا.
ويؤكد الحزب على القيم العائلية المحافظة والاخلاقيات في الحياة العامة وهي رسالة تلقى شعبية في الاحياء الفقيرة في المدن.
وهذه ثاني انتخابات برلمانية في عهد العاهل المغربي صاحب العقلية الاصلاحية الذي اعتلى العرش في عام 1999 محققا شعبية بعد حكم والده الذي اتسم بالقبضة الحديدية.
وقاد الملك محمد السادس اصلاحات اجتماعية تدريجية ولكنه احتفظ بسيطرته القوية على السلطة . وبامكانه تعيين اي شخص كرئيس للوزراء بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات ومن المتوقع ان يرأس من يقع اختياره عليه ائتلافا يضم وزراء من عدة احزاب.
وقال شكيب بن موسى وزير الداخلية للصحافيين انه في الساعة 1800 بتوقيت غرينتش بلغت نسبة الاقبال على التصويت 34 في المئة وان من المحتمل ان تصل في النهاية الى نحو 41 في المئة وهي نسبة منخفضة بشكل قياسي وأقل من توقعات الحكومة.
واضاف ان العملية الانتخابية كانت حرة ونزيهة.
ويقول محللون سياسيون ان عدم اكتراث الناخبين يعود في الاساس الى اعتقاد أن البرلمان هيئة غير مؤثرة تضم ساسة من الصفوة ذوي التفكير العلماني بشكل تقليدي والذين لا يفوا بالوعود التي قطعوها على انفسهم من اجل انتخابهم.
وقال المهندس علي سوناري (23 عاما) بعد ان ادلى بصوته في العاصمة الرباط quot;المغرب مثل أي بلد اسلامي يجب ان يختار الاسلام.quot;
واضاف quot;جميع الاحزاب الاخرى لم تحقق شيئا لنا.quot;
وفي حي السكويلة الفقير في الدار البيضاء قالت منينة بن سليك quot;صوت لمرشح ساعدنا في ما مضى. امل أن تساعد هذه الانتخابات الفقراء على الخروج من بؤسهم.quot;
وقال محمد اليازجي زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو اكبر حزب منفرد في البرلمان المنتهية ولايته انه يعتقد ان الحزب زاد من تمثيله .
واردف قائلا ان الامتناع عن التصويت في حد ذاته ليس علامة طيبة.
وقال عضو في الحزب طلب عدم نشر اسمه ان quot;الامور ليست سيئة جدا ولكن توجد صعوبات.quot;
وأقبل المستثمرون الاجانب على المغرب بسبب استقراره الاجتماعي وعزمه على تحديث اقتصاده ودمجه في الاسواق العالمية الى جانب انفتاحه بوجه عام في ما يتعلق بالتعامل مع الاجانب.
ويخشى بعض الليبراليين من ان يكون هدف حزب العدالة والتنمية هو اقامة حكم اسلامي. لكن الحزب يصف تنظيم القاعدة بأنه quot;عدوquot; ويرى البعض في المؤسسة الحاكمة اعتدال الحزب بأنه حصن ضد الجهاديين. من الامين الغانمي