واشنطن: سيكون ملف إيران التي ترفض وقف أنشطتها النووية الحساسة والوضع في لبنان الذي هزه مجددًا اغتيال نائب مناهض لسوريا محور اللقاء الذي يعقد الجمعة بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الفرنسي برنار كوشنير. وسبق أن إلتقى كوشنير ورايس عدة مرات منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى السلطة، لكن هذا اللقاء هو الأول لهما الذي يعقد في واشنطن.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزيرين quot;سيبحثان ملف ايران وجهودنا المشتركة في مجلس الأمن وأماكن أخرى لوقف الطموحات النوويةquot; لطهران مشيرًا ايضًا الى تطرق البحث الى لبنان والوضع في الشرق الاوسط ودارفور ومحادثات كوسوفو. وستجتمع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبرطيانيا وروسيا) الجمعة ايضًا على مستوى المدراء السياسيين في العاصمة الأميركية للبحث في دفعة عقوبات ثالثة ضد طهران.

وتشك واشنطن وباريس في أن تكون موسكو وبكين على استعداد لفرض عقوبات جديدة ضد طهران على الفور في اطار قرار ثالث في مجلس الامن الدولي، وتدعوان الى عقوبات خارج الامم المتحدة اذا لزم الامر. وقال كوشنير الخميس quot;لست اكيدًا من انه سيقبل الذهاب ابعد من ذلكquot; في اشارة الى نظيره الروسي سيرغي لافروف. والرئيس الاميركي جورج بوش اكد الخميس رغبته في حل الازمة النووية الايرانية عبر الوسائل الدبلوماسية في مواجهة المخاوف من شن حرب جديدة.

من جهته، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان فرنسا quot;لا تريد حربًاquot; مع ايران متهمًا في الوقت نفسه طهران مباشرة بمحاولة امتلاك السلاح النووي. وسيتطرق كوشنير ورايس ايضًا الى الملف اللبناني. وكان لبنان اكد الخميس التمسك باجراء الانتخابات الرئاسية كما هو مقرر بعد خمسة ايام، على الرغم من جو الانقسام الشديد والشكوك إثر اغتيال النائب انطوان غانم من الغالبية المناهضة لسوريا. وبعد الاعتداء حامت شبهات المجموعة الدولية وقسم من الطبقة السياسية في لبنان حول سوريا التي كانت تمارس وصاية على لبنان لسنوات.

وكوشنير الذي استقبل غانم في تموز/يوليو في لاسيل سان كلو قرب باريس في اطار مؤتمر بين الاطراف اللبنانيين، تحدث الخميس مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة للتعبير له عن دعمه. وانهى وزير الخارجية الفرنسي للتو جولة في الشرق الاوسط شملت بيروت. وتحاول فرنسا تشجيع حوار سياسي بين الاطراف اللبنانيين. وسيبحث كوشنير ورايس ايضا المأزق الذي وصلت اليه المفاوضات حول كوسوفو والمحادثات مع مجموعة الاتصال التي تضم فرنسا وبريطانيا والمانيا وروسيا وايطاليا والولايات المتحدة.

وابدى الاميركيون والاوروبيون تشاؤما ازاء فرص التوصل الى اتفاق طالما ان مسألة الاستقلال التي يرفضها الصرب ويطالب بها البان كوسوفو، لم تحل. وتفكر واشنطن وباريس على المدى الطويل في اعتراف متفق عليه بين الاميركيين والاوروبيين باستقلال كوسوفو من دون قرار من الامم المتحدة.

وكانت قد قالت رايس إن المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط المزمع عقده في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل يجب ان يتناول القضايا الخلافية الرئيسة بين اسرائيل والفلسطينيين ولا سيما مسألة الدولة الفلسطينية المستقلة. وقالت رايس في تصريحات أدلت بها بعد اجرائها محادثات في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لا معنى من دعوة الاسرائيليين والفلسطينيين لحضور المؤتمر إذا كان الغرض منه رمزيًا لا أكثر.

وتأتي تعليقات رايس بعد يوم واحد من اعلان الحكومة الاسرائيلية، أنها قررت اعتبار قطاع غزة quot;كيانًا معاديًاquot;، وهو قرار من شأنه قطع امدادات الوقود والتيار الكهربائي عن مليون ونصف فلسطيني من سكان القطاع. وقد اتخذ الاسرائيليون هذا القرار ردا على استمرار الهجمات الصاروخية من قطاع غزة على اهداف داخل اسرائيل.
وقد ادان الرئيس عباس والامين العام للامم المتحدة بان كي مون القرار الاسرائيلي.

وقد حاولت المسؤولة الامريكية طمأنة الرئيس عباس اثناء لقائها به في رام الله الى ان المؤتمر الدولي سيكون ذا مغزى، حيث قالت: quot;اذا كنا نتوخى النجاح للمؤتمر، فيجب ان يكون شاملا وان يسعى لتحقيق هدف تأسيس الدولة الفلسطينية، وليس مؤتمرا يعقد لاجل تبادل اطراف الحديث.quot;

وقالت رايس إن عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت يعكفان على اعداد مسودة وثيقة quot;تضع الحجر الاساس لمفاوضات جديةquot; لتعرض على المؤتمر. ويقول روجر هاردي محلل بي بي سي لشؤون الشرق الاوسط إن رايس تعلم علم اليقين انه سيكون من الصعب جدا على واشنطن اقناع دول عربية كالسعودية بحضور المؤتمر ما لم تر املا في تحقيق تقدم ملموس.

من ناحيته، يطالب الرئيس عباس المؤتمر باقرار اطار عام لاتفاق بين الجانبين يتضمن جدولاً زمنيًا يؤدي في نهاية المطاف الى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة - الامر الذي ترفضه اسرائيل حتى الآن. ويخشى الرئيس الفلسطيني من ان حضوره مؤتمرًا ضعيفًا او غير ذا مغزى سيقوي موقف خصومه في حركة حماس الذين ما برحوا يصفون المؤتمر بأنه مضيعة للوقت. وكان اولمرت قد اعلن يوم الخميس عن ان حكومته ستطلق سراح المزيد من المعتقلين الفلسطينيين قريبا دون ان يسهب في التفاصيل. على صعيد آخر، القت القوات الاسرائيلية القبض في مدينة نابلس بالضفة الغربية يوم الخميس ايضا على 35 فلسطينيًا.

حصار خانق

يذكر ان جولة رايس الحالية في المنطقة قد طغى عليها قرار اسرائيل اعتبار غزة كيانًا معاديًا. فقد دافعت المسؤولة الاميركية عن القرار الاسرائيلي يوم الاربعاء الا انها حرصت على التمييز بين المدنيين من سكان قطاع غزة وحركة حماس التي بسطت سيطرتها على غزة في شهر يونيو حزيران الماضي. وقالت رايس إن اميركا quot;لن تخذل الفلسطينيين الابرياء من سكان غزةquot;.

من جهته، وصف الرئيس عباس القرار الاسرائيلي بالـ quot;ظالمquot; مضيفًا ان القرار لن يفلح الا في تضييق الحصار الخانق المفروض على مليون ونصف المليون من الفلسطينيين. اما الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، فقد قال إن الخطوة الاسرائيلية تتنافى مع التزامات اسرائيل نحو سكان غزة من المدنيين بموجب القوانين والشرع الدولية الخاصة بحقوق الانسان.

من ناحيتها، وصفت حركة حماس القرار الاسرائيلي بأنه بمثابة اعلان للحرب. ولكن وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني قالت إن قرار حكومتها لا ينتهك القانون الدولي، ولن يؤثر سلبًا في الوضع الانساني في غزة.

وكان شاب فلسطيني يبلغ من العمر 16 عامًا قد قتل عندما دهسته جرافة اسرائيلية في قطاع غزة اثناء عملية نفذها الجيش الاسرائيلي. كما قتل في العملية مسلح فلسطيني. يذكر ان الحكومة الاسرائيلية ما لبثت تواجه ضغوطًا من الرأي العام للرد على القصف الصاروخي الفلسطيني الذي ادى الى اصابة 69 عسكريًا اسرائيليًا في الاسبوع الماضي. وتقول الفصائل الفلسطيني في غزة إن القصف نفسه جاء ردًا على استمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة والضفة الغربية. يذكر ان اسرائيل مسؤولة بموجب القانون الدولي عن قطاع غزة رغم انسحابها منه منذ عامين، وذلك لأنها لا زالت تسيطر على حدود القطاع وسمائه ومياهه الاقليمية.