بعد اعطاء بوش الضوء الأخضر لتنفيذها
الفلسطينيون ينتظرون عملية عسكرية إسرائيلية في غزة


إيمان العلمي من غزة : يعيش الشارع الفلسطيني على وقع عملية عسكرية وشيكة قد تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، خصوصا بعد التسريبات الإعلامية التي بثتها وسائل الإعلام الاسرائيلية المختلفة حول إعطاء الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ عملية عسكرية واسعة تستهدف قطاع غزة الذي يأوي أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني والذين يعانون من أوضاع اقتصادية وأمنية واجتماعية سيئة بسبب الحصار الذي فرضته إسرائيل.

وكانت اسرائيل قد أعلنت قطاع غزة quot; كيانا معادياquot;، بعد سيطرة حماس عليه في حزيران ( يونيو) من العام الماضي، وتكثيف اطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية، حيث فرضت عليه عقوبات اقتصادية وكثفت من وتيرة الهجمات الصاروخية الجوية والبرية، وأدى ذلك الى مقتل أكثر من عشرين شخصا أكثرهم من الناشطين منذ مطلع كانون الثاني quot; ينايرquot; الجاري.

ولم يكترث الفلسطينيون في قطاع غزة كثيرا بالزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي بوش كونهم يعرفون سلفا مضمونها، بل كان الكثير منهم يعول على ضغط بوش على اسرائيل لفك الحصار عن غزة، وإعادة الحياة لطبيعتها بعد أن ساءت احوالهم وأصبحت اوضاعهم الاقتصادية والامنية في حالة يرثى لها نظرا للعمليات العسكرية المتواصلة التي يشنها الجيش الاسرائيلي بين الفينة والأخرى على مواقع مختلفة في القطاع والتي تسفر أيضا عن سقوط العشرات من الفلسطينيين بشكل يومي بين قتيل وجريح.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ quot; إيلاف quot; أن خطر قيام اسرائيل بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، بات وشيكا من أقرب وقت مضى، خصوصا وأن العمليات العسكرية ستتصاعد خلال الأيام المقبلة بشكل غير مسبوق وصولا لاجتياح عسكري كامل للقطاع ، وما يعزز ذلك هو الضوء الأخضر الذي تلقته اسرائيل من سيد البيت الأبيض الذي أفضى في الجلسات المغلقة لهذا القرار بعد وضعه في صورة التحليل الاسرائيلية للواقع في قطاع غزة، وتصويره كقطاع يأوى إرهابيين مدججين بالأسلحة دون الاكتراث للوضع الصعب الذي يعايشه السكان المدنيين.

وأضافت المصادر ذاتها، أن جهات فلسطينية من داخل قطاع غزة لم تسمها، أكدت بأن السلطة الفلسطينية عليها بالتحرك الجدي هذه المرة، لكبح جماح العدوان الاسرائيلي من خلال الاتصالات مع الجهات العربية والدولية والضغط على اسرائيل لوقف هذا المخطط الذي يستهدف القطاع الساحلي الذي يعد واحدا من أفقر بقاع العالم من جميع النواحي.

ويرى مراقبون عسكرويون ، أن الخطة الاسرائيلية معدة سلفا لاجتياح غزة، وهي عمليا بدأت على الأرض لكنها تسير بوتيرة يراها المستوى السياسي الاسرائيلي قابلة للتمرير للمجتمع الدولي لكنها وبعد زيارة بوش ستنقلب لتصبح اكثر اتسعا وخطورة.

ودأب الجيش الاسرائيلي منذ منتصف العام الماضي على توجيه ضربات جوية مركزة تستهدف الناشطين الفلسطينيين سواء بالقصف الجوي حيث لا تفارق الطائرات سماء غزة أو عبر التوغل داخل مناطق سكنية في قطاع غزة، حيث يتوقع أن يتم توسيع العملية تدريجياً بما في ذلك اجتياح كامل للقطاع لتدمير 'البنية التحتية' للقدرة العسكرية لـلفصائل الفلسطينية المسلحة ومن ضمنها حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وذلك على غرار عملية quot; الدرع الواقي quot; التي قام بها ارييل شارون في الضفة الغربية في آذار (مارس) من العام2002.

في غضون ذلك، حاولت اسرائيل التقليل من اهمية التسريبات الاعلامية حول العملية الاسرائيلية الوشيكة ، حيث قال وزير الدفاع السابق ووزير البنى التحتية الحالي بنيامين بن اليعيزر أن الرئيس جورج بوش لم يعط الضوء الأخضر لإسرائيل.

وأضاف بن اليعيزر إن هذا الموضوع هو مسألة إسرائيلية داخلية ، مؤكدا في الوقت ذاته أنه شخصيا لا يدعم تنفيذ عملية كبيرة في القطاع وإنما يفضل الاستمرار في طريقة عمل الجيش الراهنة من خلال تنفيذ عمليات الاغتيال والاجتياح المحدودة.

وتناقض تصريحات بن اليعيزر ما ذكرته وسائل الإعلام بأن الرئيس بوش أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لاجتياح غزة عقب لقاءه برئيس الوزراء أولمرت ووزير الجيش باراكquot;.

وكانت تقارير صحافية اسرائيلية قد تحدثت عن الاستفادة الاسرائيلية من إطلاق الفلسطينيين لصواريخ محلية الصنع على بلدتي سيديروت والنقب الغربي إبان زيارة بوش لاسرائيل، حيث أوضحت تلك التقارير أن إطلاق هذه الصواريخ لعب في صالح إسرائيل.

وقال محللون عسكريون اسرائليون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت ووزير الجيش ايهود براك عرضا على الرئيس الأميركي جورج بوش خلال لقائهم الأخير الخطر المستمر جراء استمرار إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل من قطاع غزة.

وقد أخبر براك الرئيس بوش بأن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار بالسكوت على إطلاق الصواريخ تجاه أراضيها من قطاع غزة،وبحسب تلك التقارير فقد تفهم بوش ما قاله براك - وهذا الأمر يعني إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بالعملية العسكرية الكبيرة التي أعدها الجيش الإسرائيلي ، لكن المحللين أشاروا إلى أن بوش لم يقل هذه العبارة بشكل مباشر، ولكنه طلب بأن تأخذ إسرائيل في الحسبان عدم المساس بالمدنيين الفلسطينيين داخل القطاع ، لكن ذلك لن يستثني ضرب البنية التحتية للفصائل الفلسطينية بما في ذلك المساس بكبار قادتها.

وكان بوش قد قال في مؤتمره الصحفي مع أولمرت :quot; لن يكون هناك سلام من دون وقف الهجمات على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزةquot; ، مضيفا : quot; ما دام الرعب مستمرا في غزة فسيكون من الصعب التوصل إلى تفاهم حول السلام مع الفلسطينيينquot;.يذكر أن زيارة بوش إلى الأراضي الفلسطينية رافقها العديد من التظاهرات المنددة بهذه الزيارة والمطالبة بالضغط على اسرائيل لفك حصارها عن الفلسطينيين ووقف الاستيطان.