أزمة صنعتها الحروب الأهلية وفشل العالم في مواجهتها
مبعوث دولي يعرب عن قلقه لتصاعد الموقف في دارفور

نبيل شرف الدين من القاهرة: في تصريحات صحافية أدلى بها يان الياسون، مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة إلى إقليم دارفور السوداني، وصف فيها الوضع هناك بأنه أصبح صعبًا للغاية، وأعرب عن قلقه البالغ حيال التصعيد الدامي الذي جرى مؤخرًا، متمثلاً في الاقتتال المستعر بين قبائل الإقليم. وقال الياسون إن quot;ثمة تطورات مزعجة، وتصعيدًا شهده إقليم دارفور مؤخرًا، فضلاً عن المشكلة الأخرى القائمة على الحدود بين السودان وتشادquot;، مشيرًا إلى أن تلك التطورات السلبية انعكست على مجمل الأوضاع السياسية والإنسانية بالإقليم السوداني المنكوب بالحروب الأهلية. وأوضح المبعوث الخاص للأمين العام للامم المتحدة أن صعوبة نشر القوة متعددة الجنسيات في دارفور، لا تزال العقبة الكبرى التي تعيق إقرار السلام في الإقليم. وكانت قبيلة quot;السلاماتquot; قد أعلنت في وقت سابق مقتل ثمانية من أفرادها في هجوم شنته عليها قبيلة quot;الهبانيةquot;، في الطريق بين منطقتي السنطة والفردوس بولاية جنوب دارفور.

خلفيات الأزمة

ويأتي هذا التطور ضمن سلسلة الصراعات القبلية في إقليم دارفور، وفي إطارالصدامات المسلحة المتلاحقة بين قبيلتي السلامات والهبانية في جنوب دارفور والذي أسفر حتى الان عن مقتل أكثر من 150 شخصًا وإصابة العشرات، على الرغم من محاولات الصلح العديدة بين القبليتين. ويرى الدكتور حسن أبو طالب، رئيس تحرير التقرير العربي الاستراتيجي، أن أزمة دارفور مثلت ـ ولم تزل ـ نموذجًا كاشفًا للأزمات التي تفتح أبواب التدخُّلات الخارجية من كل نوع ومن كل جهة تقريبًا، فبينما قاومت الحكومة المركزية في الخرطوم الضغوط الغربية التي قادتها الولايات المتحدة، إلى أن تمت مراعاة بعض مطالبها وتحفظاتها، مما سهَّل إصدار قرار دولي بنشر القوات الدولية هناك.

غير أن الفشل الدولي والإقليمي في جذب حركات التمرد المسلح لمائدة المفاوضات والوصول إلى حل سياسي شامل وعدم رغبة القوى الكبرى في محاصرة هذه الحركات، وإنما توظيفها قدر الإمكان في مناكفة السودان وحكومته، مما أبقى الأزمة على حالها تقريبا تبحث عن مخرج. ومضى أبو طالب قائلاً في سياق قراءته لجردة سنوية هناك، إنه على الرغم من التحسن الأمني النسبي وعودة بعض اللاجئين لقُراهم، فالوضع في الإقليم يُـعد بُؤرة قابلة للانفجار، خاصة أن التعهدات الدولية بتوفير الأموال والمعدّات لنشر القوات الدولية لم تؤخذ بجدية، كما أن حركات التمرد ما زالت على موقفها، الساعي إلى اتفاق يُلقي بكل العبء على الحكومة ويطلق أيدي الحركات في شؤون الإقليم، كأنه ولاية مستقلة.

ومنذ سنوات مضت شهد إقليم دارفور صراعات دامية بين الرعاة والمزارعين غذتها النعرات القبلية بين البدو والأفارقة، فضلاً عن النزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة، ونظرًا لحدود الإقليم المفتوحة ومساحته الشاسعة ووجود قبائل لها امتدادات داخل عدة دول أفريقية، فقد ظل الإقليم بؤرة صراعات مزمنة، تأثرت تارة بالصراعات التشادية الداخلية، وتارة أخرى في أفريقيا الوسطى، فراجت هناك تجارة السلاح التي أسهمت في شيوع العنف.