تقديرات حكومية تختلف عن تقديرات جهات معارضة
الحقيقة الضائعة لإحصاء عدد قتلى العراق منذ بداية الغزوالأميركي

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف:
بلغ عدد قتلى العراق منذ بداية الغزو الأميركي للعراق أي منذ عام 2003 حوالي 151 ألف قتيل وذلك وفق إحصاء حكومي عراقي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، و تتضمن النتائج أن العدد يقل بكثير عن النتيجة التي توصلت إليها جامعة quot;جون هوبكينزquot;. فقد أسفرت الدراسات الجديدة التي أجرتها الحكومة العراقية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية عن أن ما يقدر بـ 151 ألف من مواطني العراق قد لقوا حتفهم خلال السنوات التي تلت الغزو الأميركي على العراق. و قد توصل الحصر الذي تم إجراؤه، و هو الأحدث على الإطلاق بين الدراسات المماثلة، إلى نتائج تشير إلى أن معدل الوفيات في العراق خلال فترة الحرب لا يتجاوز ربع ما توصلت إليه العديد من الدراسات التي أجريت قبل ذلك مثل الدراسات التي أشرفت على إجراؤها الحكومة العراقية بالتعاون مع جامعة quot;جون هوبكينزquot; في وقت سابق.

و ترجح الدراسات الحديثة أن (9) من كل (10) حالات وفاة لقوا حتفهم على يد الجنود الأميركيين، أثناء العمليات العسكرية الأميركية، أو من خلال الهجمات التي كانت القوات تقوم بها لقمع المتمردين أو أثناء العمليات العسكرية التي انطوت عليها الحرب الطائفية في العراق. إضافة إلى ذلك يشير تقرير الـ quot;وشنطن بوستquot; إلى أن هناك زيادة في معدل الوفيات تصل إلى 60% و التي تمثل الوفيات الناتجة عن الأمراض و الوفيات الطبيعية التي لا ترجع إلى ممارسات العنف.

جدير بالذكر أن معدلات الوفيات، طبقاً لما ورد في الحصر السكاني، قد تضاعفت في فترة الحرب، علاوة على ارتفاع الوفيات الناتجة عن أعمال العنف و هي المعدلات التي تضاعفت عشر مرات خلال الفترة التي شهدت الهجمات على يد القوات متعددة الجنسيات. وكانت الفئات العمرية الأكثر تعرضاً للوفاة أثناء تلك الهجمات نقع ما بين (15) و (60) سنة. علاوة على ذلك، أشارت الـ quot;الواشنطن بوستquot; إلى أن الأرقام التي جاءت على لسان الجنرال quot;دايفيد بيترويسquot;، قائد القوات الأميركية في العراق، في الفترة ما بين يناير 2006 و ديسمبر 2007 أشارت إلى وصول معدلات الوفيات في العراق من المدنيين إلى 40 ألف لقوا حتفهم خلال العامين الماضيين.

بينما أكد مسؤولوا منظمة الصحة العالمية المشاركين في هذه الدراسة التي تغطي الفترة من 2003 : 2006 للـ quot;غارديانquot; أن الأرقام الجديدة التي سجلتها الدراسة تتراوح ما بين 104 ألف و 223 ألف بما في ذلك حساب إمكانية الخطأ و سوء التقدير للأعداد الحقيقية، كما أكدوا على أن مطلع عام 2003،عام الغزو، شهد ارتفاع معدل الوفيات مما أدى إلى العديد من النتائج السلبية على المستويين الصحي و الإنساني استمراراً لمسلسل الأزمة الإنسانية.

على الجانب الآخر أشرفت مجموعة صحة الأسرة على إجراء أحد المسوح، و الذي نفذ على أيدي مجموعة من الموظفين المدربين اذين قاموا بزيارة 10860 من العشائر العراقية التي تتألف عشرة من بينها من أكثر من 1000 جماعة تنتشر في جميع أنحاء العراق على امتداد الـ (18) محافظة. و بسبب انعدام الاستقرار الأمني في العديد من المواقع، لم تتمكن مجموعة الحصر من زيارة (115)، (11%) من عينة الحصر، من الجماعات العراقية المكونة للعشائر و هي الجماعات التي غالباً ما تقطن بمحافظتي بغداد و الأنبار، مما اضطر القائمين على الحصر إلى تقدير معدل الوفيات في هاتين المنطقتين مع التقدم بطلب لشيوخ و رؤساء تلك العشائر بالتبليغ عن الوفيات التي حدثت بين أفراد عشائرهم في منذ وقوع الغزو في 2003 و حتى الآن.

كما أخذ في الاعتبار تلك التقارير التي قدمت تقديرات تتضمن أرقاماً أقل من الأرقام الفعلية فيما يتعلق بالوفيات، و هو الأمر الشائع الحدوث في عمليات الحصر التي يتم إجراؤها بين العائلات. كما وضع في الحسبان حالات الوفيات التي لا يبلغ عنها على الإطلاق بسبب ترك عائلة المتوفى للمكان الذي توفي فيه لأنه عادة ما تنتقل الأسرة إلى مكان آخر عند وفاة أحد أفرادها. بالإضافة إلى ذلك تم تقدير أعداد الوفيات في ضوء الأعداد التي رصدتها السلطات لحالات الهجرة خارج العراق و التي وصلت إلى 2 مليون من المواطنين العراقيين و الذي غادروا البلاد في الفترة ما بين 2003 و 2006. و طبقاً لما نشر في quot;نيويوررك تايمزquot; تعتبر هذه الدراسة هي الأحدث في هذا المجال وسط العديد من المحاولات التي استهدفت حصر أعداد الوفيات بين المدنيين في العراق.

يذكر أن التقديرات قد تنوعت و شهدت العديد من الاختلافات فيما يتعلق بمعدل الوفيات بين المدنيين العراقيين فعلى سبيل المثال لدينا ما يمكن تسميته بتعداد الجثث العراقية، و هو ذلك الحصر الذي تقوم به إحدى المجموعات غير الحكومية بالمملكة المتحدة، والتي تتخذ من لندن مقراً لها. وقد اعتمد هذا الحصر على ما تنقله وسائل الإعلام من أخبار مما جعل النتيجة التي توصل إليها تقدر بحوالي 47668 حالة وفاة شهدتها العراق بين مواطنيها المدنيين منذ وقت الغزو و حتى الآن، يذكر أن ها الحصر تزامن مع الدراسة المسحية التي أشرفت عليها منظمة الصحة العالمية و ما أسفرت عنه الدراسة من تقارير. وفي اتجاه وثيق الصلة بذلك نجد أن الرئيس quot;جورج بوشquot; قد استخدم مؤخراً أرقاماً تشبه إلى حدٍ كبير تلك التي أسفر عنها مسح الـ quot;نظام تعداد الجثث العراقيةquot;.

كما أضافت الـquot;تايمزquot; أنه على الرغم من كون هذه الدراسة أقرب إلى الصحة، وأحدث الدراسات وأشملها لما تتضمنه من تغطيات لأكبر فئات المدنيين العراقيين، إلا أنها لم تعمل على تغطية ما يمكن وصفه بعصر المذابح الطائفية و الذي امتد منذ بداية النصف الثاني من 2006 و حتى نهاية الأشهر السبعة الأول من 2007. أما عما ورد في تقاري quot;بلتيمور صنquot; فقد أشارت تلك التقارير إلى ما أكده الباحثون المشاركون في الدراسة من أن أي تطرق لمسألة لوفيات العراقية سبق لهم و أن قاموا به كان و لا شك محفوفاً بالمخاطر مما عمل على توخيهم الحذر الشديد طوال فترة إجراء الدراسة. أضاف الباحثون أن ما قدموه من نتائج يعتبر هو الأحدث و الأقرب للصحة من بين جميع ما تقدم دراسات مسحية لنفس الموضوع، إلا أنهم لم يغفلوا ما تعرضوا له من متاعب و ما واجههوه من مصاعب تمثلت في مراوغة أهالي الأماكن و المناطق التي خضعت للمسح، علاوة على وجود بعض المعوقات التي منعتهم من دخول بعض الأحياء السكنية.

إضافةً إلى ذلك صرح quot;محمد عليquot; أحد الإحصائيين التابعين لمنظمة الصحة العالمية و الذي شارك في الحصر المشار إليه بأن quot;تقدير معدل الوفيات الناتجة عن مواقف الصراع أمر في غاية الصعوبة، كما أن استقبال المواطنين لعملية المسح تسبب في إثارة حالة من الحذر الشديد لديهمquot;. و أضاف أن الدراسة سيتم نشرها في الطبعة الأولى من الجريدة الطبية quot;نيو إنجلاندquot;. كما صرح احد المصادر بالـ quot;بنتاجونquot; لجريدة quot;صنquot; بالأمس بما يبدو مؤيداً التقديرات الجديدة و أعرب عن ميله إليها و اتسامها بقدر أكبر من المصداقية يفوق مصداقية تلك المسوح التي أجرتها جامعة quot;جون هوبكينزquot; و التي رفضتها الولايات المتحدة. و كانت تلك لدراسات المسحية لجامعة quot;جون هوبكينزquot; قد رصدت معدل وفيات يقر ب 600 ألف من المدنيين العراقيين قد أثارت العديد من الجدل وقت نشرها. و على الرغم من أن الجامعة لم تختلق تلك الأرقام، صرح الـ quot;بنتاجونquot; بأن نتائج الدراسة الخاصة بالجامعة تنطوي على قدر كبير من المبالغة و تضخيم الأمور. على الجان بالآخر أعلن معارضوا الحرب أن نتائج دراسات quot;هوبكينزquot; تعتبر خير دليل على التبعات الإنسانية السيئة للحرب.

بهذا الصدد شكك quot;ليستر روبرتسquot;، خبير علم الأمراض الذي شارك في عمليات الحصر الخاصة بـ quot;هوبكينزquot;، في إمكانية أن تحدث نتائج الدراسات المسحية التي يشارك فيها تأثيراً ملموساً في الرأي العام أو أن تؤدي تلك النتائج إلى إلى الدفع بالجماهير في اتجاه مراجعة موقفهم من الحرب. و يضيف quot;روبرتquot; quot;أتوقع أن تحرك تلك النتائج الجمهور نحو الحوار و ما أجدها تتميز به عن باقي الدراساتquot; و يستمر في التعليق على النتائج قائلاً ... quot;و عموماً فالأمر منوط بوزارة الصحة العراقية و القرار في تحديد معدل الوفيات منذ وقت الغزو و حتى الآن يرجع إليها بالكامل لحسم الجدل، و على الرغم من ذلك يمكن توقع قرار الوزارة من خلال التقرير الذي حددت من خلاله عدد الوفيات ب 150 ألف حتى يونيو 2006 quot;

معارض للحرب يمول دراسة إحصائية عن قتلى العراق

علاوة على ما تقدم أسفرت نتائج إحدى الدراسات الحديثة عن أن 650 ألف مدني عراقي قتلوا في أعقاب الغزو الأميركي، و هي الدراسة التي تلقت تمويلاً بصفة جزئية من الملياردير المعارض للحرب على العراق quot;جورج سوروquot;. يذكر أن quot;سوروquot;، البالغ من العمر 77 عاماً، قد تحمل نفقات البحث الذي أسفر عن تلك النتائج، والتي تقدر بحوالي 50 ألف جنيه إسترليني. جدير بالذكر أيضا أن هذا البحث نشر في مجلة quot;لانسيتquot; الطبية و هو البحث الذي يزعم عشرة أضعاف العدد المتداول لضحايا الحرب. و تعتبر هذه الدراسة المنشورة في 2006 و التي أقبل على تمويلها العديد من أنصار الحملات المضادة للحرب خير دليل على أن غزو العراق قد تسبب في أزمة إنسانية من العيار الثقيل، على الرغم من ذلك ما زالت حكومة المملكة المتحدة و الرئيس quot;جورج بوشquot; يقفات موقف التحدي لجميع هذه الآراء المناهضة للحرب في تمسك مثير للدهشة بموقفهم.

لم تتوقف الدراسات عند هذا الحد، بل استمرت في المضي تقدماً في محاولات دائبة للتوصل إلى العدد الصحيح للوفيات بين المدنيين العراقيين، فعلى سبيل المثال نشرت جريدة quot;نيو إنجلاندquot; الطبية مؤخراً بحثاً يقدر عدد الوفيات بـ (151) ألف منذ وقت الغزو و حتى الآن و هو ما يمثل ربع العدد الذي توصل إليه تقدير quot;ليسترquot; quot;كان لابد لمعد هذا البحث أن يفصح عن مصدر تمويل البحث المنشور quot;سوروquot; و غيره من المتبرعين حتى لا يتسبب في الإخلال بمبدأ التكافؤ في مجال نشر الأبحاثquot; كانت هذه كلمات أستاذ الاقتصاد بجامعة quot;رويال هولووايquot; في لندن.

أما عن دراسة quot;لانسيتquot; فقد تعهد تنسيق عمليات التمويل التي احتاجت إليها الدراسة معهد ولاية quot;ماساشوستسquot; للتكنولوجيا و كان على رأس المعدين للدراسة quot;روبرتسquot; أستاذ علم الأمراض بجامعة كولومبيا الذي علن عم مناهضته الشديدة للحرب منذ البداية. حيث قام الفريق البحثي الذي تولى quot;روبرتسquot; قيادته بمسح 1894 أسرة عراقية في 47 من المواقع المختلفة، و قد اعتمد الباحثون على مجموعة من الأسئلة اليت قامت عليها عملية المسح مثل الأسئلة التي تستفسر عن تواريخ الميلاد، تاريخ الوفاة و حالات الهجرة في أسرتهم.

أما الأستاذ quot;جون تيمانquot;، بمعهد التكنولوجيا بولاية quot;ماساشوستسquot; فقد صرح في نهاية هذا الأسبوع بأن مبلغ 46 ألف دولار، (32 ألف جنيه) من بين ال 50 ألف جنيه التي تبرع بها quot;سوروquot; تم انفاقها على البحث بمعرفة جمعية quot;سوروquot;. و بهذا الصدد قال quot;روبرتسquot; في نهاية الأسبوع الماضي ؛ quot;بالتعلم من أخطاء الماضي، يمكن القول بأن الحكمة تقتضي عدم قبول الأموال التي تستهدف بإنفاقها تحقيق مكاسب سياسية، و أتمنى ألا تؤثر الأبعاد السياسية تلك على نتائج البحث النهائيةquot; و أشار أيضا ً إلى أنه لم يكن هناك ثمة خرق للقواعد و القوانين المتعارف عليها فيما قامت به quot;لانسيتquot; من عدم الإفصاح عن مصدر التمويل المتمثل في quot;سوروquot;.