القضية فتحت نقاشات حول توظيف الديمقراطية لأغراض إيديولوجية

الوزيرة الصبيح باقية في كرسيها

ممدوح المهيني من الكويت:على عكس جميع فصول قصتها المثيرة للجدل، فلن تكون جلسة طرح الثقة في وزيرة التربية والتعليم الكويتية نورية الصبيح المزمع عقدها في صباح اليوم الثلاثاء ساخنة. وقدبات من شبه المؤكد أن تبقى الوزيرة في كرسيها. فلم يستطع النواب في مجلس الأمة الكويتي الراغبين في إبعادها أن يجمعوا أكثر من 17 نائبًا وكانوا بحاجة إلى 8 نواب آخرين حتى يستطيعوا أن يطرحوا بها الثقة .

بعد أوقات طويلة من عض الأصابع والتراشق باتهامات أثارت الرأي العام الكويتي ولفتت انتباه حتى الناس خارج الكويت ستكون الأوضاع أهدأ في الكويت، ولكن لا شك أنها ستترك خلفها بعض الندوب والتساؤلات.

ومن الممكن للمراقبين أن يتعرفوا إلى حجم الأخطار المتبادلة التي عبرت عنها هذه القضية. أماالنواب المناصرون لإبعاد الوزيرة الصبيح فكانوا يعبرون عن حقوقهم الدستورية في الاستجواب وطرح الثقة، وقالوا عبر وسائل الإعلام الكويتية إن من الغريب أن ينتقدهم أحد بسبب ممارساتهم الديمقراطية.

وقد عبر الكتاب المؤيدون لهم في الصحف الكويتية عن مخاوفهم من هذا النقد والتخويف لهذا التصرف الديمقراطي الطبيعي، وهو يهدد بإضعاف مثل هذه الإجراءات الرقابية والتي تشكل جوهر الديمقراطية. وهذا ما يبدو أنه أحد الأخطار التي يخشى منها الجميع.

ولكن عددًا كبيرًا من الكتاب الكويتيين شنوا حملة واسعة على هؤلاء النواب معتبرين أنهم يمارسون أدوراهم الديمقراطية بشكل سيء وأنهم يختلقون الصراعات ليس من أجل تحقيق العدالة، ولكن من أجل قناعات إيديولوجية أو عرقية أو اهداف شخصية انتخابية أو مصلحية. وسخرت الكثير من الكتابات والتعليقات على الطريقة quot;الهزيلة والسطحية التي تم فيها استجواب الوزيرة وتطرقها لقضايا ثانويةquot;. وعبر هؤلاء عن الخطورة عندما تصبح العملية الديمقراطية أداة لتحقيق أغراض غير ديمقراطية إطلاقًا.

هذه القضية المثيرة الذي لفتت انتباه الكثيرين خارج الكويت تجاوزت إطارها الإداري الداخلي الكويتي ولكنها كانت تعبر بشكل ما عن أزمات العالم العربي. ولأن الكويت من أكثر البلدان العربية التي تتمتع بمستوى مرتفع من الحرية، فإن المشاكل تظهر على حقيقتها. وقدفتحت النقاش على دخول الانتماءات القبيلة والإيديولوجيات الدينية والأهداف الشخصية في توجيه العملية الديمقراطية. وهذا هو النقاش المثير والساخن حول صلاحية المجتمعات العربية للنظام الديمقراطيي حاليًا من دون أن ينقلب ويتحول إلى جهاز لترسيخ الفساد وحماية الأفكار الرجعية.

ومن الواضح أن الأسباب الدينية كانت هي المحرك الرئيس لبعض النواب لكي يؤيدوا حجب الوزيرة الصبيح وهم يعبرون بشكل صريح عن عدم ولاية المرأة شرعيًا على الرغم من أن الديمقراطية هي نظام غربي الفكرة والمنشأ. كما أن النزعات القبلية التي تم الإشارة إليها كثيرًا في وسائل الإعلام لا ترى المرأة بطبيعتها قادرة على تحمل المسؤولية والنجاح. الأهداف الخاصة والمصالح الشخصية تدخل أيضًا في صلب العملية الديمقراطية، وذلك عندما يخشى النواب خسارة نفوذهم بسبب دفاعهم عن وزير لا يتناسب مع مزاج دائرته الانتخابية.

كل هذه القضايا هي ما جعلت قضية الصبيح وغيرها تثير مثل هذا النقاش الساخن في الكويت وخارجها وهي تثير الكثير من الأسئلة التي لن تنتهي مع انتهاء جلسة حجب الثقة وعودة الوزيرة إلى كرسيها.