آخر إنقسامات البلقان دولة أوروبية جديدة
بريشتينا تحتفل بإستقلال كوسوفو

خارطة البلقان تتغير من جديد
بريشتينا وعواصم، وكالات: بدأت في كوسوفو الإحتفالات إستعدادًا لإعلان استقلال الإقليم عن صربيا، وقد إنطلقت تلك الإحتفالات بعد أن أعلن رئيس وزراء الإقليم هاشم تاجي عن أن يوم الأحد سيكون يومًا عظيمًا لكوسوفو، حيث ستتحقق إرادة الكوسوفيين، حسب تعبيره.

ففي العاصمة بريشتينا تجمع الآلاف من الكوسوفيين من ذوي الأصول الألبانية مطلقين الألعاب النارية ورافعين الأعلام الوطنية باللونين الأحمر والاسود التي يتوسطها النسر الكوسوفي. كما إحتشدت السيارات في الشوارع وهي تطلق منبهاتها، كما زينت البنايات بالملصقات التي تحمل عبارات الشكر للولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد الأوروبي لدعمها استقلال كوسوفو.

وتوضح أن احتمالات وقوع مواجهات وصدامات بين الصرب والالبان من سكان الاقليم واردة جدًا. وقال تاجي إن بلغراد لم يعد لديها أي تأثير على مجرى الأحداث في كوسوفو. وفي وقت سابق، وافق الاتحاد الأوروبي على إرسال قوات للشرطة، وجهاز قضائي. وستأخذ هذه البعثة، وقوامها ألفي شخص، مواقعها ابتداء من الأسبوع المقبل. وتستعد الولايات المتحدة وعدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بكوسوفو. لكن روسيا وصربيا تعارضان بشدة هذا القرار.

وعلم منبروكسيل ان الاتحاد الأوروبي تمهل إلى حين تنصيب بوريس تاديتش رئيس صربيا الجديد والمحسوب على التيار الموالي للغرب، وذلك قبل السماح للبعثة الأوروبية بأخذ مواقعها.

وتهدف هذه البعثة إلى مساعدة مؤسسات الدولة الفتية المقبلة وتجنيبها أي نوع من الضغوط ذات الطابع السياسي.

وستنشط البعثة على وجه التحديد في عمليات من قبيل محاربة الرشوة والجريمة المنظمة، كما ستعمل على تعقب الضالعين في جرائم حرب.

وتعد ألمانيا وايطاليا من أكبر المساهمين، وسيشارك في التمويل كل بلدان الاتحاد، باستثناء مالطا، إلى جانب عدد من الدول غير الأعضاء في هذا الاتحاد مثل تركيا والولايات المتحدة.

وتقول مراسلتنا إن الموقف الأوروبي رسالة واضحة وقوية لصربيا، وروسيا اللتين ترفضان بقوة استقلال كوسوفو، وتعتبران أن الحضور الأوروبي في هذا الإقليم يفتقر إلى الشرعية.

وفي بلجراد عاصمة صربيا تجمع نحو ألف من لامحتجين الصرب الرافضين لاستقلال كوسوفو، التي يعتبرونها رمزا لهويتهم القومية.

وقد عمدت قوات حفظ السلام الدولية إلى وضع حواجز من الاسلاك الشائكة لعزل الصرب عن الالبان.


كوسوفو: التاريخ والجغرافيا والاستقلال


لم يكن استقلالاً قادما من فراغ، بل جاء بعد صراع مرير مع صربيا استمر زهاء عشرة اعوام، وراح ضحيته قرابة عشرة آلاف انسان، في بلد صغير فقير معظم سكانه من المسلمين ذوي الاصول الالبانية، لكنه ظل مواليًا للغرب متمتعًا في السنوات الاخيرة بدعم اميركي بريطاني مسنود بمساعدات متواصلة من الاتحاد الاوروبي، وخصوصًا من دول مثل ألمانيا وإيطاليا.

إلا أن كوسوفو مع ذلك ظلت لسنوات من الناحية العملية تحت الانتداب الدولي، اقليم تديره المنظمة الدولية بموجب تفويض من مجلس الامن، حيث ظل الاقليم معلقًا في منتصف الطريق بين التبعية الصربية تاريخيًا والطموح الصعب في تقرير المصير والخروج من عنق الزجاجة نحو الاستقلال.

ولكن ما هي حقائق الجغرافيا والتاريخ الاولية عن كوسوفو؟
تقول الجغرافيا إن مساحة كوسوفو لا تتعدى 10900 كيلومتر مربعًا، وهو تقريبًا بحجم بلجيكا، او بحجم ولاية كونيتيكيت الاميركية، وله حدود مع البانايا ومقدونيا، ومعظم اراضي كوسوفو عبارة عن مرتفعات ووديان ما عدا العاصمة برشتينا والمنطقة المحيطة بها، إذ هي عبارة عن سهول واراضي منبسطة منخفضة.

ويبلغ عدد سكان كوسوفو زهاء مليوني نسمة، منهم نحو 90 في المئة من ذوي الاصول الالبانية غالبيتهم الساحقة من المسلمين، باستثناء اقلية صغيرة جدا من الكاثوليك، اما الصرب الارثوذوكس فيشكلون نحو 10 في المئة من اجمالي سكان الاقليم.

اما التاريخ فيقول ان كوسوفو هو موقع اول معركة كبرى بين الصرب والاتراك في عام 1389، ولهذا يعتبرها الصرب ارضا شبه مقدسة، ومسقط الرأس التاريخي لهويتهم القومية الصربية، بينما يقول الالبان من سكان كوسوفو انهم اول من سكن هذه الارض من الاقوام الآرية التي وطئت تلك التخوم.

وحتى استقلال كوسوفو ظل الاقليم من الناحية الرسمية احدى محافظات صربيا الكبرى، لكنه تحول إلى الادارة الدولية براعية الامم المتحدة وحلف شمالي الاطلسي منذ اخراج قوات الرئيس الصربي الراحل سلوبودان ميلوسوفيش عام 1999 لوضع حد للقمع الذي كانت تمارسه القوات الصربية على الانفصاليين الكوسوفيين المتمثلين في جيش تحرير كوسوفو.

الغاء الحكم الذاتي
وتعود ازمة كوسوفو إلى عام 1989 عندما ألغى ميلوسيفيتش الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به الاقليم بموجب قرار من جوسف بروس تيتو آخر رئيس اشتراكي للاتحاد اليوغسلافي عام 1974.

وقد رد ألبان كوسوفو على إلغاء الحكم الذاتي بإجراء استفتاء حول استقلال الإقليم في سبتمبر/ ايلول من عام 1991 حيث صوت كل الالبان تقريبًا لصالح الاستقلال، وترتب على هذه النتائج اجراء انتخابات رئاسية وصل فيها ابراهيم روجوفا، الاكاديمي السابق في جامعة برشتينا، إلى سدة الحكم ممهدًا الطريق امام حلم الالبان الكوسوفيين بالاستقلال بطريق التفاوض السلمي وعبر القنوات الدبلوماسية.

إلا أن صربيا وقفت ضد هذا المسار بالقوة العسكرية، فتشكلت مليشيات اطلقت على نفسها تسمية جيش تحرير كوسوفو تكونت اساسًا من مجاميع من الشباب الكوسوفيين ذوي الاصول الالبانية.

وشرع هؤلاء في خوض حرب عصابات ضد القوات المسلحة الصربية التي تكثف وجودها في الاقليم خلال عام 1998 و 1999 وقد ردت صربيا بحملات قمع شديدة في المناطق التي تعتقد ان مليشيا جيش تحرير كوسوفو كان ينطلق منها.

فشل المفاوضات
وتدخلت الولايات المتحدة واوروبا في هذا الصراع لصالح الكوسوفيين الالبان بعد اخفاق جهود الوساطة السلمية والتي كان آخرها مفاوضات quot;رامبوييهquot; مطلع عام 1999.

وبعد حملات سلاح الجو التابع لحلف الاطلسي، وبدرجة رئيسة للقوات الجوية الاميركية، في مارس/ آذار من نفس السنة لتدخل بعدها قوات الاطلسي البرية كوسوفو في التاسع من يونيو/حزيران، دخل الاقليم مرحلة الادارة المدنية الدولية الموقتة بإشراف الأمم المتحدة مدعومة بقوة تابعة للحلف قوامها نحو 16 ألف جندي.

خطوط حمراء
اما الاعتراضات الروسية، الحليف الرئيسي والاكبر لصربيا، الرافضة لاستقلال كوسوفو، فقد أصبحت، إلى جانب قضية نشر الدرع الصاروخي الاميركي في شرقي أوروبا، من القضايا الحادة في علاقات موسكو مع واشنطن ودول أوروبا الغربية.

ويرى مراقبون ان القضيتين تحولتا الى خط أحمر للسياسة الخارجية الروسية، اذ يشكل استقلال كوسوفو بادئة خطيرة من وجهة نظر موسكو تفتح الباب امام النزعات الانفصالية الاخرى، وخصوصًا داخل الاتحاد الروسي، ومنها نزعات الانفصال في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.

إلا ان عدم الاعتراف الروسي باستقلال كوسوفو، وهي العضو الدائم في مجلس الامن الدولي، قد لا يكون نهاية المطاف، اذ يمكن لموسكو، حسب مراقبين، ان تعمل على اقامة قواعد عسكرية روسية في البلقان، وهو ما لم يستبعده الجنرال ليونيد إيفاشوف رئيس أكاديمية الدراسات الجيوبوليتيكية بموسكو.

ويرى هؤلاء ان الخلافات بين موسكو والعواصم الغربية قد تتفاقم مع الاعلان عن استقلال كوسوفو وما بعد ذلك، حيث يعتقد جنرال روسي آخر هو اناتولي خرامتسوف، الخبير العسكري الروسي، أن روسيا ستتعلم من اخفاقات سابقة لسياستها العسكرية، وستشرع في توسيع نطاق نفوذها العسكري إلى مناطق ابعد في العالم لمحاولة اعادة بعض التوازن لكفة الميزان التي مالت بقوة نحو الغرب والولايات المتحدة على الاخص بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وخضوع العالم إلى سيطرة القطب المنتصر في الحرب الباردة، الولايات المتحدة.

شرطيون وقانونيون اوروبيون quot;سيواكبونquot; استقلال كوسوفو

إلى ذلك سيواكب حوالى الفين من رجال الشرطة والقانونيين الاوروبيين الخطوات الاولى من استقلال اقليم كوسوفو، وافق الإتحاد الأوروبي على ارسالهم تعبيرًا عن ارادته احلال الاستقرار في دول البلقان وادخالها الاتحاد بعد فترة.

وتهدف هذه البعثة الاوروبية التي اطلق عليها اسم quot;يوليكس كوسوفوquot; -- اكبر بعثة مدنية في تاريخ الاتحاد الاوروبي -- الى quot;توجيه المؤسسات الكوسوفية وتقديم النصح لها في كل المجالات المرتبطة بدولة القانونquot; واقامة quot;نظام قضائي مستقل ومتعدد الاتنياتquot; فضلاً عن شرطة متعددة الاتنيات.وسيتمتع بعض عناصر الشرطة الـ 1500 بصلاحيات تنفيذية ايضًا ولكن محدودة، لسد أي ثغرات في شرطة الاقيم.

وكانت الدول الـ 27 الاعضاء في الاتحاد اعطت في الرابع من شباط/فبراير الضوء الاخضر القانوني لإطلاق هذه البعثة. وكانت تنتظر ضوءًا أخضر اخيرًا جاء ليل الجمعة السبت، لتتمكن من بدء انتشارها.

لكن لن تنتشر طلائع هذه المهمة، أي حوالى 15 من كوادرها، قبل اسبوع او اسبوعين.وبدأ quot;طاقم تخطيطquot; مؤلف من 120 شخصًا عمله في بريشتينا نهاية العام 2007.

وستكون المانيا وايطاليا المساهمين الرئيسين في هذه المهمة التي سيشارك فيها ايضا الف موظف محلي. واضافة الى كل الدول الاعضاء باستثناء مالطا لاسباب لوجستية، ستساهم دول اخرى في المهمة هي تركيا والولايات المتحدة وكرواتيا والنروج وسويسرا.وقد تم حتى الان اختيار مئات المرشحين للعمل في هذه المهمة في اطار عملية انتقائية اولى.

وبين الشروط الواردة في الاعلانات التي وضعت على المواقع الالكترونية للاجهزة الدبلوماسية الاوروبية ان يتمتع المرشح quot;بقدرة على التفاوضquot; وquot;اتقان الفرنسية والانكليزيةquot; وquot;خبرة في شؤون البلقانquot;.

وسيصل عناصر الشرطة والقضاة ومسؤولو الجمارك الاوروبيين على مدى اربعة اشهر وقد يتم تعزيزهم في حال حصول اضطرابات، بحوالى 300 من رجال الشرطة والجمارك الاضافيين بعد ذلك لتعزيز البعثة في حال حصول اضطرابات.

وعند اكتمال هذه البعثة يفترض ان تسلم بعثة الامم المتحدة التي تدير كوسوفو منذ 1999، مهامها الى الحكومة الكوسوفية التي تشرف عليها quot;يوليكسquot; وتقدم لها النصح في مجال الشرطة والقضاء وحماية الاقليات.

وتستمر مهمة quot;يوليكسquot; التي منحت ميزانية قدرها 205 ملايين يورو للاشهر الـ 16الاولى من عملها، لفترة 28 شهرًا. لكن الاتحاد الاوروبي ينوي تقييم المهمة بعد ستة اشهر على نشرها اي نهاية العام 2008.

ويتوقع الدبلوماسيون الاوروبيون ان يبقى كوسوفو تحت رقابة دولية quot;من خمس الى عشر سنواتquot;.وسيتولى الجنرال الفرنسي ايف دو كيرمابون القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي في كوسوفو، ادارة هذه المهمة.

وسيتولى الهولندي بيتر فيث الذي عين موفدًا خاصًا للاتحاد الاوروبي في كوسوفو رئاسة المكتب المدني الدولي الذي يضم 300 شخص (بينهم 75 اوروبيا) ويفترض ان يقوم بالإشراف الاداري على سنوات الاستقلال الاولى.

ارمينيا: استقلال كوسوفو سيعزز جهود الاعتراف بقرة باغ

قال رئيس الوزراء الارميني سيرج سركسيان لرويترز في مقابلة ان استقلال كوسوفو سيعزز محاولة اقليم ناجورنو قرة باغ الانفصالي الذي تدعمه ارمينيا للاعتراف به كدولة.

وشبه سركسيان اقليم كوسوفو الصربي الذي سيعلن الاستقلال يوم الاحد باقليم ناجورنو قرة باغ حيث انفصل المنحدرون من اصل ارميني عن اذربيجان في حرب في التسعينات ولكنهم لم يستطيعوا الحصول على اعتراف دولي.

وقال سركسيان ابرز المرشحين في انتخابات الرئاسة التي تجري في ارمينيا في 19 فبراير/شباط quot;اننا نحصل على موقف مشجع الى حد ما.

quot;الاعتراف باستقلال كوسوفو يمكن ان يكون محل ترحيب من جانبناquot;.

وأردف قائلاً في ساعة متأخرة ليل السبت quot;اذا اعترفت الدول باستقلال كوسوفو ولم تعترف بعد ذلك باستقلال ناجورنو قرة باغ فسنعتقد أن هذا سيكون كيلاً بمكيالينquot;.

ولكن سركسيان وهو من مواطني ناجورنو قرة باغ قال ان الاعتراف الدولي بكوسوفو quot;لا يعني..ان ارمينيا ستعترف بشكل فوري باستقلال قرة باغquot;.

وارمينيا هي اوثق حليف لقرة باغ.

ومازالت ارمينيا واذربيجان المجاورة في حالة حرب من الناحية الفنية بسبب اقليم ناجورنو قرة باغ وهو مصدر عدم استقرار قرب طريق لخط انابيب يضخ نفط بحر قزوين الى الاسواق العالمية.

رئيس وزراء كوسوفو يدعو البرلمان لإعلان الاستقلال

وقد صرح مصدر حكومي إن رئيس وزراء كوسوفو هاشم تقي استدعى يوم الاحد البرلمان لجلسة خاصة ستعلن استقلال كوسوفو عن صربيا.

ومن المقرر أن تبدأ الجلسة الساعة الثالثة عصرا بالتوقيت المحلي (1400 بتوقيت جرينتش).

وتساند القوى الغربية الكبرى طلب الاغلبية الالبانية العرقية بالاستقلال بعد تسعة أعوام من قصف حلف شمال الاطلسي المنطقة لطرد القوات الصربية. وتعارض صربيا وروسيا بشدة الاجراء