مقاتلات ميغ في صلب محادثات بوتين وبوتفليقة
موسكو: يزور موسكو في هذا الأسبوع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وفي الأسبوع الماضي زارها ثلاثة ضيوف عرب كبار. ويبدو أن القادة العرب يسارعون خصيصا عشية انتخابات الرئاسة في روسيا المقرر إجراؤها في الثاني من مارس القادم لترسيخ ما تحقق في العلاقات الثنائية خلال السنين الأخيرة.

فقد أصبح الشرق الأوسط محورا مركزيا في سياسة الرئيس الأميركي جورج بوش، وكانت هذه المنطقة بالنسبة لروسيا عهد فلاديمير بوتين، واحدة من تلك المناطق حيث كانت ضرورية استعادة المواقع الروسية التي فقدت في التسعينات.

ومثلت الفترة 2000 ـ 2008، بالتالي، فترة تنافس جديد على الشرق الأوسط، ولكن ليس تنافس غريمين كما في فترة quot;الحرب الباردةquot;، وإنما تنافس شريكين استراتيجيين ـ روسيا والولايات المتحدة تحت رئاسة فلاديمير بوتين وجورج بوش في زمن تحالفات وواقعيات جديدة.

وأعلن بوش منذ بداية رئاسته عمليا عن نية تحقيق هدفين في الشرق الأوسط ـ الانتصار على الإرهاب، وحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. إن الإنجازات على الاتجاه الأول مشكوك في أمرها، وفيما يتعلق بالثاني، فلا يزال هناك الكثير من التساؤلات أيضا.

ومع ذلك، لدى الإجابة في المؤتمر الصحفي الكبير عن سؤال حول تقييم موسكو لسياسة بوش في الشرق الأوسط أكد بوتين، كرئيس للدولة، أن روسيا على العموم تؤيد خطوات الرئيس الأمريكي الأخيرة.

ففال الرئيس الروسي: quot;أنا أرى أنه يسعى بصدق إلى إحلال الاستقرار في الشرق الأوسطquot;، دون أن ينسى في غضون ذلك الإشارة إلى التناقضات الموجودة بين مواقف البلدين من قضايا هذه المنطقة المعقدة.

وجاء الرد من البيت الأبيض، أن quot;واشنطن تثمن عاليا الشراكة مع موسكو في القضايا الهامة جدا في السياسة العالمية. وأن روسيا بالنسبة لنا تعتبر شريكا هاما في العديد من القضايا ـ من الشرق الأوسط وحتى إيران. وبالرغم ومن أنه قد تنشأ لدينا خلافات في حالات معينة، إلا أننا نسعى بنشاط إلى التفاهمquot;.

ويشمل تبادل المجاملات هذا، بالطبع، كل مجريات تعاون البلدين خلال السنوات الثماني الأخيرة في الشرق الأوسط، بما فيه الجهود المشتركة لتشكيل تحالف لمكافحة الإرهاب، والخلافات حول كيفية حل قضايا برنامجي العراق وإيران النوويين، والانقسام بشأن الحرب في العراق، والتعاون في محاولة إنعاش عملية التسوية في الشرق الأوسط، والمواقف المختلفة في غضون ذلك من سبل تحقيق هذا الهدف. وكذلك رفض واشنطن التعامل مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات ومن ثم quot;حماسquot;، ومقاطعة سورية، ورفض الحوار مع quot;حزب اللهquot; في لبنان. وتندرج في إطار المجريات نفسه محاولات روسيا للإنصات إلى كافة المواقف في الشرق الأوسط وفي كل بلد في المنطقة على انفراد، ومراعاتها. وكل هذا على خلفية الصراع، وإن كان خفيا، على العقود وعلى حجوم التعاون الاقتصادي مع بلدان المنطقة. وبالطبع، على النفوذ السياسي.

وكان يبدو في عام 2000، أن روسيا فقدت الشرق الأوسط إلى الأبد، إذ تدهور التبادل التجاري مع البلدان العربية في التسعينات بشكل ملحوظ. وفيما يخص التسوية في الشرق الأوسط، فلم تؤد موسكو دور الراعي إلا شكليا، دون أي تأثير فعلي على الأحداث. ذلك أن روسيا في تلك الفترة ربطت سياستها الخارجية بالغرب، وتركت الشرق. وتغير الوضع بعد عام 2000، عندما أخذ يتعزز في السياسة الخارجية الروسية مصطلح quot;تعدد الاتجاهاتquot;.

لكن خلافا للعهد السوفيتي لا تحاول موسكو سبق الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بأي ثمن. ومع ذلك كان في السنوات الأخيرة الكثير من الأمثلة، عندما لم ترفض الولايات المتحدة نصائح الدبلوماسيين الروس، ومواقفهم المتزنة. وليس عفويا تزايد الحديث في واشنطن عن تشابه المواقف الروسية والأمريكية من البرامج النووية الإيرانية، وبناء الروس محطة quot;بوشهرquot; الكهرذرية. كما أخذت تراعى الأفكار الروسية في القرارات بشأن العراق وبصدد الشرق الأوسط.

وليكن مستوى تأثير روسيا على الأحداث في الشرق الأوسط لا يقارن بتأثير الولايات المتحدة، وكذلك لا يقارن حجم تبادل هذين البلدين التجاري مع العالم العربي، إلا أن روسيا شغلت مع ذلك حيزها في اقتصاد الشرق الأوسط، وبالمرتبة الأولى فيما يتعلق بالطاقة، والتعاون العسكري التقني. وفيما يخص السياسة فإن روسيا تأخذ على عاتقها في زمن الانشقاق دور الوسيط الذي يبرع في الإنصات.

ولا يمكن تصور الشرق الأوسط اليوم بدون مواقف روسيا الحذرة المدروسة. وإن المنطقة تثمن هذا، ولذا يسارع القادة العرب إلى موسكو عشية انتخابات الرئاسة رغبة منهم في الاقتناع بثبات نهج سياسة روسيا الخارجية.