أسامة العيسة من القدس: تدرك إسرائيل، بعد الاتهامات التي وجهها لها حزب الله باغتيال عماد مغنية، بان رد الحزب على عملية الاغتيال ما هو إلا مسالة وقت، لذا فان الاستنفار أعلن ليس فقط في الدولة العبرية، ولكن أيضا وسط الجاليات اليهودية في العالم، حيث لا تستبعد إسرائيل أن يرد حزب الله، أو متعاطفين معه، باستهداف أفراد من هذه الجاليات، ورغم أن المراقبين يستبعدون أن يرد حزب الله خارج منطقة الصراع، مشيرين إلى أن السيد حسن نصر الله، أمين عام الحزب، لم يعلن بوضوح أن حزبه قرر نقل المعركة إلى الخارج، إلا إذا أرادت إسرائيل ذلك، إلا أن المصادر الإسرائيلية تضع جميع الاحتمالات على محمل الجد، خصوصا وأنها كانت تتهم مغنية نفسه بالوقوف خلف تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين، قبل عدة سنوات.

ومنذ الإعلان عن مقتل مغنية، وإسرائيل، تدرس خطواتها بحذر، حتى في الردود الإعلامية على عملية الاغتيال، حين اضطر المستشار الإعلامي لاولمرت، إلى إصدار بيانا مقتضبا من ثلاثة سطور رد فيه على عشرات المكالمات التي انهالت عليه من مراسلي الصحف الإسرائيلية والأجنبية، قائلا أن إسرائيل ليس لها علاقة بمغنية، وهو ما يخالف تصرف إسرائيل في مرات مشابهة، كاغتيال عباس الموسوي وعائلته، أو اغتيال رموزا فلسطينية مثل الشيخ احمد ياسين، أو عبد العزيز الرنتيسي، حيث كان اعلان مسؤولية اسرائيل عن ذلك مدويا.

وعقد في مدينة القدس، الليلة الماضية، اجتماع استثنائي لمناقشة، ما وصفتها المصادر الإسرائيلية، التهديدات المحتملة التي تواجهها جاليات يهودية ومصالح إسرائيلية في أنحاء العالم يعد اغتيال عماد مغنية في دمشق.

وشارك في الاجتماع الذي عقد في نطاق منتدى خاص سكرتير الحكومة الإسرائيلية عوفيد يحزقيل، ورئيس الوكالة اليهودية زئيف بييلسكي، ومسؤولون كبار من وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين.

ولم يكشف عن تفاصيل ما دار في الاجتماع، الذي وصف بالمهم، وانه يعكس مخاوف إسرائيل من ردود حزب الله المحتملة على اغتيال مغنية، ويعتقد انه نوقش في الاجتماع الخطط التي وضعتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بما فيها الجيش وأجهزة الاستخبارات، لمواجهة أي ردود محتملة لحزب الله، ويعتقد أن هذه الخطط وضعت أصلا قبل تنفيذ عملية الاغتيال، وخلال التحضير للعملية، باعتبار أن ذلك جزء من التخطيط للعملية، التي لا تنتهي بمجرد الضغط على الزناد، أو زر التفجير، ولكن القدرة على مواجهة ردود فعل الخصم هي المهمة.

وفي الحالة الفلسطينية مثلا، لم تقدم إسرائيل على اغتيال ياسين، والرنتيسي، إلا بعد أن كانت وجهت ضربات قاسمة للجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وتمكنت من شل قدرة الحركة على الرد القوي والفعلي.

وأصدرت هيئة مكافحة الإرهاب في إسرائيل تحذيرا لليهود في جميع أنحاء العالم جاء فيه quot;إن حزب الله اللبناني يتهم إسرائيل مرارًا وتكرارًا بمقتل مسؤول الحزب عماد مغنية مما يزيد من خطورة التهديدات الإرهابية لحزب الله بالاعتداء على أهداف إسرائيلية في الخارج، وبالتالي تنصح هيئة مكافحة الإرهاب المواطنين الإسرائيليين الموجودين في الخارج بالامتناع قدر الإمكان عن الإقامة في تجمعات إسرائيلية كبيرة. كما تشدد هيئة مكافحة الإرهاب من خطورة تحذيرها القائم حول تعرض الإسرائيليين لمحاولات اختطاف في الخارج بما في ذلك رجال أعمال خاصةً أولئك منهم الذين يقيمون اتصالات مع رجال أعمال عرب أو مسلمينquot;.

ونصحت هيئة مكافحة الإرهاب الإسرائيليين الموجودين خارج البلاد بالتقيد بالتعليمات التالية quot;مراعاة اليقظة والتنبه لأي ظاهرة شاذة، والامتناع تمامًا عن زيارة دول عربية أو إسلامية تنطبق عليها الإنذارات الحالية، ورفض أي اقتراح مغرٍ أو غير متوقع ورفض تسلم الهدايا غير المنتظرة أو عروض التسلية المجانية التي قد تقدمها عناصر مشبوهة أو غير معروفة، ورفض الدعوات لحضور اجتماعات غير متوقعة خاصةً في أماكن نائية والحرص على حضور الاجتماعات برفقة أناس موضع الثقةquot;.

ووسط هذه التحذيرات والمخاوف والاستعدادات، أعلن اولمرت بان إسرائيل سترد بالقوة على كل من يخطط لارتكاب ما وصفها اعتداءات إرهابية، مشيرا إلى إن إسرائيل لن تتردد في استهداف مسؤولين كبار في quot;المنظمات الإرهابيةquot;.

واختار اولمرت أن يعلن تهديده هذا، خلال كلمة أمام المشاركين في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الذي يعقد في القدس.

ولم تقتصر تلميحات اولمرت على حزب الله، ولكنها شملت قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.

وقال أولمرت، خلال كلمته إنه ليس متفائلاً بشأن الاتصالات الرامية إلى الإفراج عن الجندي المخطوف غلعاد شاليط، مشيرًا مع ذلك أن إسرائيل تواصل الاتصالات الخاصة بالجنديين المخطوفين في لبنان استنادًا إلى الافتراض بأنهما لا يزالان على قيد الحياة.

وأضاف إنه ليس متأكدا من التوصل إلى اتفاقية شاملة مع الفلسطينيين ولكنه يأمل للتوصل إلى إعلان مبادئ، وفي محاولة تطمينية لليهود الأميركيين، قال أولمرت أنه اتفق مع رئيس السلطة الفلسطينية على أن تكون قضية القدس آخر موضوع تتناوله المفاوضات السلمية.

وربما كان أخر ما يشغل اولمرت الان هي المفاوضات السلمية، حيث يعتقد المراقبون، انه يتجهز لحرب جديدة في الربيع المقبل، ضد غزة ولبنان، وانه أطلق شرارتها الأولى باغتيال مغنية.