بعد وفاة احد المعتقلين بسجون السلطة
لهجة الاتهام والتخوين تعود لخطاب حماس وفتح

خلف خلف من رام الله: فجرت وفاة الشيخ مجد البرغوثي أحد كوادر حركة حماس يوم أمس الجمعة في سجون السلطة الفلسطينية في رام الله. من جديد لغة التراشق بالكلمات والتهم بين حركتي فتح وحماس، حيث سجلت جملة من المصطلحات التحريضية والتعبوية والاستقطابية في خطاب قادة وناطقين الحركتين في حديثهم مع وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية. وهي لهجة كانت خبئت قليلاً بعد ظهورها وتفشيها القوي في تصريحات قادة ومتحدثين الجانبين في فترة المواجهات الدامية التي عرفتها شوارع قطاع غزة وبعض مدن الضفة الغربية منتصف يونيو الماضي، والذي سمي آنذاك بالخطاب الدموي.

ولكن من جديد عاد خطاب الحركتين للغة التخوين والاتهام، فقد وصف بيان صادر عن حركة حماس وفاة الشيخ مجد البرغوثي باللعنة التي ستطارد الرئيس محمود عباس وقادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وقالت الحركة في بيان صدر يوم أمس الجمعة: quot;إنّ دماء الشيخ مجد البرغوثي التي سالت ظلماً، وغيّاً، وعدواناً؛ ستكون لعنة بإذن الله على محمود عباس وزبانيته، من أمثال الطيراوي ودحلان وأبو شباك وغيرهم ممن تولوا كِبْرَ ملاحقة المجاهدين والمناضلين، وتعذيبهم، والتآمر عليهمquot;.

كما جاء في تصريح لفوزي برهوم الناطق الرسمي باسم الحركة: quot;جريمة إعدام إمام المسجد quot;محمد البرغوثيquot; على أيدي هذه الفئة المجرمة إنما يدلل على مدى النوايا السيئة التي تكنها هذه الأجهزة في تعاونها مع المحتل الإسرائيلي الذي يرتكب الجرائم اليومية بحق أبناء شعبنا في الضفة والقطاعquot;.

وأضاف برهوم: quot;وأنها تأتي في إطار التطبيق العملي والفعلي للتوصيات التي أوصت بها اللجنة المكلفة من قبل الرئيس عباس للتحقيق في أحداث غزة المتعلقة بمحاولة هذا التيار الخياني في فتح للانقلاب على حماس وتدمير شرعيتها وإسقاط مشروعها وحصارهاquot;.

والشيخ مجد البرغوثي من قرية كوبر قضاء رام الله، كانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلته قبل أسبوع، وتقول حركة حماس إنه توفي نتيجة التعذيب الذي مارسه ضده جهاز المخابرات في رام الله، ولكن حركة فتح وجهاز المخابرات الفلسطيني يؤكدان بدورهما أن الشيخ البرغوثي توفي بشكل طبيعي.

وقد استهل كبير المتحدثين باسم حركة فتح أحمد عبد الرحمن اليوم السبت حديثه مع إذاعة quot;صوت فلسطينquot; بالقول: quot;إن انقلاب حركة حماس فتح صفحة سوداء في حياتنا الوطنية من خلال إصرار الانقلابيين طوال هذا الوقت على القيام بكل ما من شأنه المساس بحياة الإنسان وكرامتهquot;.

وأضاف عبد الرحمن: quot;وكذلك التحريض لبعض عناصرهم ومناصريهم في الضفة الغربية لتشكيل خلايا عسكرية ضد السلطة الوطنية ما أدى إلى أن تقوم الأجهزة الأمنية بالتحقيق والتثبيت من نشاط هذه الخلايا لمنع انتقال الفتنة من قطاع غزة إلى الضفة الغربيةquot;.

وكانت لغة الاتهامات بين الحركتين وصلت لذروتها في فترة الاقتتال الداخلي التي سقط خلالها العشرات من قتلى والمئات من الجرحى، وتوجت بسيطرة حركة (حماس) على مواقع الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة في يونيو من العام الماضي. وهو ما أدى لإعلان الرئيس الفلسطيني محمو عباس حالة الطوارئ، وإقالة حكومة الوحدة التي كان يتزعمها القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية.

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلت من ذلك الحين من أجل إعادة الوفاق الفلسطيني- الفلسطيني، إلا أن حالة الانفصال بين غزة والضفة استمرت وتعززت، ويصر الرئيس عباس على ضرورة اعتذار حماس للشعب الفلسطيني عن انقلابها وتراجعه عنه، والقبول بإجراء انتخابات مبكرة، ومن ناحيتها ترحب الحركة بحوار غير مشروط.

ولكن الأزمة السابقة تفاقمت مع فرض إسرائيل لحصارها المشدد على قطاع غزة، وإعلانه quot;كياناً معادياquot;، وهو ما عمق مأساة المواطنين، ودفعهم للتدفق إلى الأراضي المصرية قبل نحو شهر، وتبع ذلك توتر بين مصر وحركة حماس، توج بحملة إعلامية شنتها وسائل الإعلام المصرية ضد الحركة، ولكن ما فتئت العلاقة بين الطرفين عادت للهدوء، ويجري وفداً من حركة حماس محادثات في مصر لأجل حل مشكلة المعابر.

ويعتبر معبر رفح الشريان الرئيس لقطاع غزة، وتصر حركة (حماس) على ضرورة تشغيله واعتباره معبراً مصرياً- فلسطينياً خالصاً، دون أي تدخل من جانب إسرائيل أو الاتحاد الأوروبي، وبحسب التصريحات الصادرة عن بعض الناطقين باسم حركة حماس فأن هناك تفهم مصري لمطالبها، ولكن القاهرة تحتاج للمزيد من الوقت للتشاور مع كافة الأطراف المعنية.

ويعيش قطاع غزة وضعاً متدهوراً، وبخاصة بعد تقليص كميات الوقود التي تدخل إليه، وهو ما قاد لتوقف عشرات سيارات الإسعاف عن عملها، حيث أشارت معطيات وزارة الصحة الفلسطينية إلى توقف 49 سيارة إسعاف عن القيام بمهامها، من أصل 57 سيارة إسعاف تتبع لدائرة الإسعاف والطوارئ.

وأفادت المصادر ذاتها أن الأزمة الحقيقية قد بدأت في الأسبوع المنصرم عندما تم تقلصت كمية الوقود التي وردت للدائرة إلى أقل من 10% من احتياجاتها الأسبوعية. وقد تلقت الدائرة 300 لتر بنزين، و 400 لتر سولار فقط طيلة الأسبوع، علما بان احتياجاتها الأسبوعية تصل إلى 4200 لتر بنزين، و3500 لتر سولار لتشغيل 42 سيارة إسعاف تعمل على البنزين، و15 سيارة إسعاف تعمل على السولار.

وقد تسبب توقف العدد الكبير من سيارات الإسعاف إلى تأخير إخلاء، ونقل وتطبيب مئات الجرحى والمرضى، وتزامن ذلك مع تنفيذ القوات الإسرائيلية أعمالاً حربية في عدة مناطق في القطاع أوقعت العديد من القتلى والجرحى.

كما كشف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان صحفي له اليوم الخميس الماضي أن باحثه الميداني أفاد بأن 5 سيارات إسعاف من أصل 7 سيارات في مستشفى أبو يوسف النجار قد توقفت تماماً عن العمل، وذلك يوم الأحد الموافق 17/02/2008، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على حياة السكان المدنيين في محافظة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة.

هذا فيما وصلت عدد المرضى الذين توفى في قطاع غزة نتيجة حرمانهم من السفر لتلقي العلاج، 101 مريض، فقد توفى اليوم السبت المواطن احمد محمد لبد، وكانت لمواطنة ريم فؤاد محمود البطش، 34 عاما، من سكان جباليا، وهي أم لـ 6 أطفال، توفت بتاريخ 16/2/2008 بعد أن أعاقت سلطات الاحتلال لمدة 5 أيام نقلها لمستشفى ايخلوف في إسرائيل، حسبما بين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

كما بين المركز ذاته، أن المواطن عبد العظيم عودة عبد ربه خضر، 59 عاما، من سكان مخيم جباليا توفي بتاريخ 18/2/2008، وكان المريض خضر، بحاجة لعملية لإجراء عملية القلب المفتوح، غير أن إغلاق معبر رفح البري حال دون سفره للعلاج في مستشفى خارج القطاع، حيث لا تتوفر إمكانيات لإجراء مثل تلك العملية الجراحية في غزة.

كما أنه بتاريخ 19/2/2008 توفي الطفل سعيد محمد سعيد العايدي، البالغ من العمر عام ونصف، من سكان حي الجنينة في مدينة رفح، نتيجة تدهور حالته الصحية، وعدم قدرته على السفر إلى أحد المستشفيات المصرية، لمواصلة علاجه فيها، كونه يعاني عيباً خلقياً في الكبد.