تسييس الإعلام العراقي وإبعاده عن المصداقية تحت ذريعة الأمن
إختراق خصوصيات العاملين الشخصية والفكرية والسياسية

شعار شبكة الاعلام العراقي
أسامة مهدي من لندن: أثار تعميم شبكة الإعلام العراقية إستمارة معلومات أمنية على منتسبيها في داخل العراق وخارجه، البالغ عددهم حوالى 11 ألفًا تطلب الإدلاء بمعلومات شخصية عنهم وأفراد عائلاتهم المقربين وأخرى عن إنتماءاتهم السياسية الحالية والسابقة، إستغرابًا وإستياء واسعين لدى المنتسبين إلى الشبكة والإعلاميين العراقيين بشكل عام، معتبرين ذلك عودة لممارسات النظام السابق الذي كان يفرض على العاملين في مؤسسات الدولة الكشف عن معلومات تتيح فتح ملفات أمنية لهم. وتطلب هذه الإستمارات التي سميت quot;بطاقة معلوماتquot; وجاءت الواحدة منها بصفحتين من العاملين في الشبكة أو الراغبين في الإلتحاق بمديرياتها وأقسامها الكشف عن أسمائهم ووالديهم الرباعية وقومياتهم وأديانهم وخلفياتهم السياسية لعشر سنوات مضت، وفيما إذا كان لهم أقارب في خارج البلاد وأسماؤهم ومقر إقاماتهم، وفيما إذا كانت لهم أرصدة مالية أو ممتلكات. وتتضمن الإستمارات حقولاً تطلب معلومات على الشكل التالي:

.. الاسم واللقب وتاريخ الولادة ومكانها .
.. القومية .. الديانة .
.. صورة شخصية .
.. اسم الام والاب الرباعي ومكان وتاريخ الولادة .
.. عنوان السكن خلال الاعوام العشرة الماضية .
.. اسماء افراد الاسرة ومواليدهم .
.. اسماء افراد الاسرة المتزوجين ومواليدهم .
.. هل تعرضت للملاحقة او لإجحاف وسلب حقوق في زمن النظام البائد؟ ولماذا؟ . هل لديك اهل او اقارب خارج العراق؟ واين هي اقامتهم مع ذكر الاسماء ؟.
.. هل سبق وان غادرت العراق؟ في اي مناسبة؟ واين كنت مقيمًا ؟ سبب المغادرة؟
.. المهنة اوالعمل السابق؟
.. المهنة او العمل الحالي .
.. هل لديك اهل او اقارب محكومين سياسيًا أو معدومين؟ لماذا؟
.. التنظيم الحزبي السابق؟ الدرجة الحزبية؟ المنصب لمدة 10 سنوات في الحزب؟
.. التنظيم الحزبي الحالي؟
.. هل كنت من المنتسبين إلىالاجهزة الامنية سابقا؟ الرتبة .. المنصب .. طبيعة العمل؟
.. هل كنت من رجال الاعمال او التجار وعلى علاقة برموز النظام البائد؟ طبيعة العمل؟
.. هل لديك اموال او ارصدة او ممتلكات مسجلة بأسمك او بأسم احد افراد عائلتك في الخارج؟
.. هل شاركت في تنفيذ احكام جائرة للنظام البائد؟ أين؟
.. ما هو رأيك بنهج حزب البعث المنحل او اهدافه وممارساته؟

أياد الزاملي رئيس منظمة كتاب بلا حدود
وفي ختام الاستمارة يتوجب توقيع مالئها مع تعهد يقول quot; أتعهد بصحة ودقة المعلومات التي ادليت بها اعلاه وبعكسه سوف اكون مسؤولاً امام القانون ولأجله وقعت في ادناهquot;. معروف ان عدد العاملين في مؤسسات شبكة الاعلام العراقية في بغداد وحدها يبلغ حوالى 6 الاف منتسبًا، وفي جميع المحافظات العراقية حوالى 11 ألفًا. وعن رأي منظمة كتاب بلا حدود في ارغام المنتسبين إلى شبكة الاعلام العراقية على تدوين هذه المعلومات، قال رئيسها اياد الزاملي في تصريح لـ quot;ايلافquot; اليوم، إن هذا الاجراء يشكل سابقة خطرة حين تفرض مؤسسة اعلامية عراقية تمول من المال العام، وعلى منتسبيها ملء استمارة خاصة الغرض منها اقتحام خصوصياتهم الأسرية ومعرفة ولاءاتهم السياسية. وأضاف أنه من الواضح ان هدف مضمون هذه الاستمارة، كما هو يتضح من اسئلتها الأمنية هو فرز الاعلاميين العراقيين العاملين في هذه المؤسسة، بحسب قومياتهم واديانهم وانتماءاتهم... معبرًا عن مخاوف من امكانية تسريب هذه البيانات الى مؤسسات اخرى بغرض محاصرتهم وتهديدهم بها لاحقًا، اذا لم يستجيبوا الى املاءات مؤسساتهم .. او حصول مليشيات مسلحة عليها لتصفية المعارضين لها. وشدد على ان طلب المعلومات هذا الذي اخفي تحت مسمى quot;بطاقة تعريفquot; ينتهك quot;كل الاعراف وقواعد العمل الصحافي والاعلامي، ويعد تدخلاً سافرًا ومنكرًا في خصوصيات العاملين في حقل الاعلامquot; . واكد قائلاً: quot;هذه الاستمارة تعد انتهاكًا خطرًا لحقوق الانسان نستنكره وندينه بشدةquot;.

واضاف ان خطوة هذه المؤسسة في إلزام منتسبيها على الاجابة على اسئلة هذه الاستمارة وما تشكله من خطورة على حياتهم يمكن إعتبارها خلفية قد تستغلها بعض الجهات التي ترى في العمل الصحافي المستقل يشكل خطرًا عليها. وقال quot;ان منظمة كتاب بلا حدود ترى في هذه الخطوة من قبل مؤسسة تسيطر عليها الحكومة وناطقة باسمها تدخلاً سافرًا في حرية وقناعات الصحافي والاعلامي العراقيquot; . وطالب المؤسسات الاعلامية والصحافية الدولية بالتدخل لحماية الاعلامي والصحافي العراقي quot;هذه المرة ليس من ارهاب الميلشيات، وانما من ارهاب مؤسساتهم التي يعلمون فيهاquot;. ودعا الى quot;شجب واستنكار كل ما تحاول هذه المؤسسة وغيرها فعله من اجل تقييد حرية الصحافي والتدخل في قناعاته واقتحام خصوصياته لما يشكله هذا من خطر واضح على حياته وحياة اسرته من جهة، وعلى ممارسته لمهنته الاعلامية بحرية وقناعة من جهة اخرى. وناشد الزاملي وهو رئيس تحرير الموقع الالكتروني quot;كتاباتquot; الذي نشر quot;بطاقة التعريفquot; مجلس النواب العراقي باعتباره مؤسسة تمثل الشعب العمل على سن قوانين خاصة تحمي العاملين في مجال الاعلام والصحافة وتحد من ابتزاز مؤسساتهم والسلطات الحكومية لهم بحجة الأمن.

وأكد أحد العملين في شبكة الاعلام العراقية فضل عدم ذكر اسمه في اتصال هاتفي مع quot;ايلافquot; ان قسم الامن في الشبكة هو الذي يروج لبطاقة التعريف هذه والتي تضمنت أكثر من عشرين سؤالاً دقيقًا ومتشعبًا تشبه إلى حد كبير الأسئلة الامنية التي كانت تروجها الأجهزة الأمنية القمعية للنظام السابق. وأشار إلى انه تم الإيعاز الى محطات تلفزيون العراقية في المحافظات واقسام الشبكة المختلفة واذاعاتها وصحفها بضرورة تعبئة الاستمارة من قبل جميع المنتسبين quot;الملاك والعقود والاجراءquot; وبإشراف دقيق من قبل ضباط امن تلك المؤسسات التابعة للشبكة. وأكد أن توزيع الاستمارة قد quot;أثار تذمرًا وسخطًا واسعين في أوساط منتسبي الشبكة كونها تركز في خصوصيات الموظفين اولاً .. وتنتهكك أعراف وقواعد العمل الإعلامي وحقوق الانسان ثانيًا .

الصفحة الثانية لبطاقة التعريف
يذكر انه بعد سقوط النظام العراقي السابق في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 وقع اختيار سلطة الأئتلاف المحتلة على شركة quot;سايكquot; ألأميركية لتشغيل المحطات والمواقع التابعة لأذاعة وتلفزيون النظام السابق حيث باشرت عملها في الرابع عشر من الشهر نفسه بأطلاق البث الأذاعي على الموجة المتوسطة وفي موقع بسيط يحتوي على ستوديو صغير في متنزه الزوراء وسط بغداد. وفي الاول من ايار (مايو) من العام نفسه بدأ البث التلفزيوني فعليا من ستوديو واحد فقط حيث اختارت الشركة احد الأستوديوهات المتوفرة في قصر المؤتمرات داخل المنطقة الخضراء بوسط بغداد لغرض الأنتاج التلفزيوني والبث الفضائي ومحطة الصالحية في بغداد للبث الأرضي . اما المحطات في المحافظات فتم تشغيلها في المرحلة الأولى بجهود ذاتية وبرامج محلية .. وفي تموز (يوليو) 2003 تم البث على الموجه (F M). وفي العشرين من آذار (مارس) عام 2004 أصدرت سلطة الأئتلاف المؤقتة الأمر المرقم ( 66 ) الذي تشكلت بموجبه شبكة الأعلام العراقي quot;وفق معايير البث العام الحر المستقل وأهمها الأستقلالية والتنوع والتميز والحياديةquot; كما قال امر التشكيل . وقد تكونت الشبكة حينذاك من quot;قناة العراقية وأذاعة جمهورية العراق وجريدة الصباحquot; لتؤدي خدماتها الأعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة للعراقيين . وفي تشرين الأول (اكتوبر) عام 2003 كانت شركة quot;هارسquot; الأميركية قد حصلت على عقد إعادة إعمار وتشغيل وإدارة المؤسسات الأعلامية لشبكة الأعلام العراقي وباشرت اعمالها في كانون الثاني 0يناير) عام 2004 وانتهت في السابع من نيسان (ابريل) عام 2005 حيث رفضت الإدارة العليا للشبكة تمديد عقدها وأوكلت المهمة الى ملاكات عراقية .

وقد كلف التعاقد مع الشركتين الاميركيتين 221 مليون دولار .. وقد تعاقب على إدارة الشبكة كل من جلال الماشطة للفترة من تموز (يويلو) عام 2004 ولغاية تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه .. ثم حبيب محمد هادي الصدر للفترة من الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004 ولحد الان . وقد تم وضع اهداف مكتوبة للشبكة في ان quot;تكون خدمة البث العام المستقل التي تتولاها الشبكة موجهة لجميع أبناء الشعب العراقي ومهيأة له بشكل عام وممولة منه وهو الذي يسيطر عليها... وإعلام الشعب بكل التطورات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والصحية والدينية وغيرها... وتشجيع تقبل الرأي الآخر وتعزيز ودعم المبادئ الديمقراطية وإشاعة ثقافتي الحوار والتسامح وضمان الحريات الاساسية وغير ذلك، مما نص عليه الدستور العراقي والقانون الدولي... والحيلولة دون إخضاع الإعلام للرقابة او النفوذ غير الملائم او التدخل الحكومي في شؤونه او تعريضه للضغط من قبل قوى سياسية أو قوى خارجيةquot; . لكن انتقادات برلمانية وسياسية توجه عادة الى الشبكة وتتهمها بالانحياز الى مكون واحد هو الائتلاف العراقي الشيعي الموحد على الرغم من نفي القائمين على الشبكة لذلك.

ولشبكة الاعلام العراقية في الاعلام المرئي: قناة الرياضية العراقية الفضائية وقناة الاطياف الفضائية التي تهتم بالثقافات واللغات الكردية والتركمانية والسريانية والانكليزية وكذلك المندائية والايزيدية والشبك. وهناك تلفزيونات تبث ارضيًا في البصرة وكركوك والكوت والديوانية والنجف وكربلاء والعمارة والسماوة. وفي الاعلام المسموع للشبكة إذاعة القرآن الكريم والبرامج الدينية وإذاعات شهرزاد والجيل وأصدقاء الرافدين والبصرة وبابا كركر في كركوك وإذاعات بابل والكوت والنجف والغراف في الناصرية وإذاعة السماوة . اما الاعلام المقروء فيضم مجلة الشبكة العراقية، وتصدر في الشهر مرتين وجريدة الاخبار في البصرة وجريدة الديوانية في الديوانية وجريدة الأعلام في كربلاء وجريدة الفيحاء في بابل و جريدة نوى في كردستان باربيل وتصدر باللغات الكردية والتركمانية والسريانية واليزيدية . اما بالنسبة إلى المكاتب الخارجية فهناك مراسلين في واشنطن وبيروت ودبي ومكتبين اقليميين في القاهرة وعمان ومكتب في طهران.