أسامة مهدي من لندن، بغداد: صادق مجلس الرئاسة العراقية الجمعة على قرار حكم الإعدام بحق علي حسن المجيد الملقب بquot;علي الكيماويquot; إبن عم الرئيس الراحل صدام حسين، حسبما أفاد مسؤول عراقي رفيع المستوى. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن إسمه أن quot;الرئاسة صادقت على اعدام علي الكيماويquot; مؤكدا ان quot;وقت الاعدام لم يحدد بعدquot;. وquot;علي الكيماويquot; (66 عاما) وزير سابق للداخلية يتحدر من مدينة تكريت (170 كلم شمال بغداد) وكان من رفاق الدرب الاوائل لصدام حسين ومن اوفى الاوفياء له. وقد اوقف المجيد في 21 آب/اغسطس 2003. وهو متهم بقصف مدينة حلبجة الكردية باسلحة كيميائية في 1988 قبل ان يشارك في اجتياح الكويت في 1990 وقمع الانتفاضة الشيعية في 1991

وكانت هيئة التمييز التابعة للمحكمة الجنائية العراقية العليا صادقت في ايلول/سبتمبر الماضي على قرار حكم الاعدام بحق المجيد. وقد اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا في 24 حزيران/يونيو الماضي احكاما باعدام ثلاثة من المتهمين في قضية الانفال هم علي حسن المجيد ووزير الدفاع الاسبق سلطان هاشم احمد الطائي ومعاون رئيس الاركان حسين رشيد محمد التكريتي. ولم تنفذ الاحكام بسبب تاخير مجلس الرئاسة على المصادقة عليها اثر الجدل حول المصادقة على الحكم بحق سلطان هاشم احمد وزير الدفاع الاسبق. وكان الرئيس جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي ابديا رفضهما المصادقة على الحكم بحق سلطان هاشم احمد. وادين هؤلاء بارتكاب quot;ابادة جماعيةquot; وquot;جرائم ضد الانسانيةquot; quot;وجرائم حربquot; في قضية الانفال التي راح ضحيتها حوالي مئة الف كردي في 1987-1988.

الى ذلك أعلن في بغداد عن إحالة نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز و7 آخرين من كبار رموز النظام السابق الى المحكمة الجنائية العراقية العليا بتهمة المشاركة في اعدام 42 تاجرا عراقيا صيف عام 1992 والتي تدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية إضافة إلى إصدار أحكام بقطع الأيدي والوشم بين الحاجبين ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة. وأبلغ مصدر قضائي عراقي quot;إيلافquot; أنه برغم أن عزيز (72 عاما) قد أنكر خلال التحقيق علاقته بجريمة إعدام التجار في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 التي عرفت آنذاك بمذبحة التجار غير أن تهمة المشاركة في قرار الإعدام وجهت له. وأشار إلى أن عزيز رد في وقت سابق إزاء التهم الموجهة إليه وهي القتل العمد للعراقيين عام 1979 وعام 1991 قائلا: هل هي جنائية وهل قتلت شخصا أو أعدمت أحدا .. مؤكدا أنه بريء ولم يرتكب أية جريمة والتهم الموجهة إليه باطلة.

واوضح المصدر ان مجلس قيادة الثورة السابق نفذ حكم الاعدام باثنين واربعين تاجرا كبيرا في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 وحمل قرار الاعدام الذي وقعه رئيس النظام السابق صدام حسين تهم رفع الاسعار وعدم التبرع للمجهود الحربي والمضاربة في السلع في وقت كان العراق فيه تحت حصار اقتصادي . وقال ان هذه التهم كانت غطاء لاتهامات وجهت للتجار بحشد المواطنين ضد السلطة من خلال اقامة مآدب طعام يومية لفقراء الناس والتبرع للمساجد مما اعتبر توجها معاديا لها .. بالاضافة الى عدم دفع عمولات لعدي صدام حسين الذي كان يهيمن على الحياة التجارية في العراق عن تعاملاتهم التجارية حيث كان يتقاضي نسبة من ارباح الشركات والتجار . ومعروف ان عزيز يعاني من مرض في القلب وقد تدهورت صحته في المعتقل مؤخرا .

واضاف المصدر ان السلطات قامت قبل صدور قرار الاعدام باقتياد التجار من بيوتهم ومحالهم واقتادتهم الى جهة مجهولة بعد ان ابلاغهم ان اجتماعاً ينتظرهم مع شخصيات مسؤولة في الحكومة وبعد يومين اعادت جثثهم الى عائلاتهم بعد تنفيذ حكم الاعدام بهم من دون ذكر أي اسباب لذلك لكنه تم تحذير العائلات من اقامة مجالس للفاتحة على ارواحهم لأنهم quot;متهمون بالخيانة العظمى كونهم من التجار الجشعينquot; على حد قول السلطات . وقد تم اعدام عدد منهم وتعليقهم على اعمدة الكهرباء في بعض مناطق بغداد . وقال ان من بين المعدومين تاجرين كبيرين هما الحاج رعد طبرة والحاج لطيف السامرائي اللذين عرفا يتوزيعهما معونات شهرية على عدد كبير من العوائل الفقيرة اضافة الى مساهمتهما في تأمين مصاريف حج بيت الله الحرام لعدد كبير من الناس . واكد المصدر ان الاسعار التي كان يتعامل بها التجار المعدومين كانت طبيعية ولم ترتفع الا بعد تنفيذ الاعدام بهم وهرب العشرات من التجار الاخرين الى خارج العراق خوفا من مصير مماثل .

ومن جهته ابلغ مصدر قضائي في المحكمة الجنائية العليا وكالة انباء quot;اصوات العراقquot; ان المحكمة احالت قضية عزيز وبقية المتهمين الى محكمة الجنايات الاولى التي يترأسها القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن وذلك بعد استكمال التحقيقات معهم من قبل قضاة التحقيق في المحكمة. واضاف ان المحكمة ستنظر في ملف القضية خلال الاسابيع المقبلة بعد أطلاع أعضاء هيئة محكمة الجنايات الاولى عليه. واوضح ان هناك ثمانية متهمين في القضية هم كل من وطبان ابراهيم الحسن وزير الداخلية خلال تنفيذ عملية الاعدام بالتجار وسبعاوي ابراهيم الحسن مدير الامن العام للفترة بين عامي 1991 و 1995، وهما الاخوين غير الشقيقين لصدام حسين، وعلي حسن المجيد وطارق عزيز ومزبان خضر هادي أعضاء مجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية لحزب البعث المنحلين وعبد حميد محمود سكرتير رئيس الجمهوري السابق، واحمد حسين خضير وزير المالية السابق بين عامي 1992 و 1995، وعصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي منذ عام 1994 لغاية 2003.quot;

واشار الى أن quot;نوع الجريمة التي سيحاكم وفقها المتهمون تقع تحت مسمى جريمة ضد الانسانية وان زمان وقوع الجريمة كان ضمن سياسة منهجية لاعتقال التجار استمرت بين عامي 1992 و 1995 متضمنة أصدار أحكام بالاعدام وقطع الايادي والوشم بين الحاجبين ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة.quot; وقال المصدر ان quot;الادلة المتحصلة لادانة المتهمين هي أقوال المشتكين والمدعين بالحق الشخصي والشهود، ووثائق وكتب رسمية واضابير خاصة باعدام التجار العراقيين وقرارات أحكام قطع الايادي والوشم بين الحاجبين، وكذلك شهادات الوفاة وهويات الاحوال المدنية وشهادات الجنسية العراقية فضلاً عن ألاقراص الصوتية والمرئية المدمجة وتدوين اقوال المتهمين مع افادات الشهود الناجين والمشتكين التي تزيد على 300 شكوى وافادة.quot;

وعن اهم الوثائق والصور في ملف القضية قال المصدر القضائي أن quot;الوثائق والاقراص المدمجة تبين ان صدام حسين أصدر توجيهاته في الخامس والعشرين من تموز عام 1992 الى وزير الداخلية ومدير الامن العامة للقيام بحملة كبيرة لاعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وجميلة في بغداد وهو ما اسفر عن اعتقال اكثر من مائتي شخص تم اختيار 42 منهم ارسلوا عصر اليوم نفسه الى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية انذاك واستمرت المحكمة حتى بعد منتصف الليل وانتهت باصدار احكام الاعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم او توديعهم وبدون حضور الادعاء العام او رجل دين.quot; واضاف quot;أن عملية أستهداف التجار استمرت لغاية العام 1995 quot;كاشفا عن وجود quot;قرص مدمج يظهر اجتماعا عقده صدام مع وزرائه بعد يوم من اعدام التجار يطالبهم خلاله باجراءات صارمة تتمثل بقطع اليد والاعدام بحق من يتاجر بالدولار الاميركي.. وجرت المناقشة بين الوزراء بان من تقطع يده اليمنى يجب ان تقطع معها الساق اليسرى وفي حال العودة للمارسات نفسها يوشم جبينه بين الحاجبين بعلامة أكسquot;. وقال أن مديرية الامن العامة انذاك قد عممت كتابا الى مديرياتها في بغداد والمحافظات بتنفيذ حملة اعتقال لعدد من التجار وتم تشكيل محكمة خاصة في المديرية اصدرت قرارات بقطع ايادي التجار المعتقلين ونفذت الاحكام عام 1995 بحق تسعة منهمquot; . واوضح أن الادلة والاثباتات بحق المتهمين تشير الى قيام النظام السابق بتشكيل محكمة صورية في وزارة الداخلية ومديرية الامن العامة السابقتين واضطهاد التجار العراقيين خلال الاعوام 1992 و1994 و1995 ضمن سياق المحاكم الخاصة التي لم يكن فيها من حق المتهمين تمييز الاحكام او تمتعهم بأي ضمانات قانونية .

وكان مصدر عسكري اميركي اعلن في الحادي والعشرين من تموز (يوليو) من العام الماضي 2007 ان طارق عزيز قد خضع لفحوصات طبية اثر اصابته بوعكة صحية في السجن لكنه اعيد في اليوم التالي الى زنزانته في العاصمة العراقية. وجاء في بيان للجيش الاميركي في بغداد ان quot;عزيز نقل الى قاعدة بلد العسكرية (شمال بغداد) بعد ان سقط في السابع عشر من تموز فيما كان يسير في سجن كامب كروبر وقد خضع لفحوصات طبية اظهرت ان وضعه الصحي طبيعي وقد اعيد الى زنزانته في كامب كروبر بعد يومين . واشار نجله زياد عزيز الى ان quot;طبيب السجن عاينه بعد ان اغمي عليه واطلع على ملفه الطبي وبعد ان تبين له انه اصيب بجلطة دماغية في عام 2002 قرر نقله الى المستشفىquot;.

وكان طارق عزيز وهو من مواليد 1936 قد استسلم للقوات الاميركية في نيسان(ابريل) عام 2003 وهو محتجز في سجن كامب كروبر بمطار بغداد الدولي في ضواحي بغداد الغربية وتطالب عائلته باستمرار باطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي. وقد سلم من الناحية القانونية إلى السلطات العراقية في الثلاثين من حزيران (يونيو) عام 2004 وتتولى قوات التحالف في العراق فقط quot;توفير الامن والحماية للموقوفين ومن بينهم عزيز الذي أفهم بالجرائم المنسوبة إليه أصوليا وتليت عليه حقوقه وفقا لأحكام القانون وبذلك إنتقلت عملية توقيفه بشكل قانوني من مسؤولية قوات التحالف إلى القضاء العراقي. وبعد ذلك اوكل مجموعة من المحامين منهم المحامي بديع عارف عزت لكي يحضر معه في جلسات التحقيق ويقدم النصائح القانونية إليه.