بقلم رودجر كوهن: بعد الحرب الباردة، كبر جيل أوروبي بكامله بسلام، بغضّ النظر عن بعض quot;الأعمال الإرهابيّة في البلقان التي تُبثّ على التلفازquot;، وبالتالي يصعُب شرح المسالة على أن quot;الواجب السياسي والأخلاقيّ يحتّم علينا الصراع في سبيل قيمنا الجوهريّة في منطقة هندوكش الجبلية. إنها كلمات جاب دو هوب شافر الهولندي الأصل، أمين عام منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). انحنى إلى الأمام وهو يتلفّظ به، مصراً أنه لا يظن أن quot;أوروبا أصبحت مسالمةquot;.

لكن الوضع في أفغانستان يختبر مدى تصميم الجيش الأوروبي وعزيمته. إنها الحرب الطويلة، إنها العراق بالنسبة إلى أوروبا. قال لي دو هوب شافر، بعد عودته من أفغانستان، حيث نشر حلف الناتو قوة من حوالى 50 ألف جندي، إن القوّات الدوليّة لن تتمكن من الانسحاب قبل 4 أو 5 سنوات، وهي تدعم بشكل محدود الجيش الأفغاني الوطني الناشئ.

وتابع قائلا: quot;تعتبر فترة 4 الى 5 سنوات نافذة مهمّة يمكننا أن نراقب من خلالها بلوغ قوّاتنا مرحلة تكون فيها بعيدة عن الأنظارquot;. سيستغرق الأمر حتى سنة 2013 تقريبا. أتساءل إذا ما كانت أوروبا ستتحمّل ذلك، هي التي تهمها كمية الكربون المنبعث أكثر من المواقع العسكريّة. لم يخفِ وزير الدفاع الأميركيّ روبرت غيتس قلقه من الالتزام الأوروبي بخوض حرب أفضل، أي حرب أفضل من حرب العراق.

تحلّى بالصراحة الكافية ليقول إن أحداث العراق أخمدت حماسة الأوروبيين لخوض معركة في أفغانستان، وطالب بمزيد من القوات والعتاد. كما حذر من وقوع التحالف في خطر quot;الانشقاق الى قسمينquot;، مع وجود quot;بعض الحلفاء المستعدين للمواجهة والموت في سبيل حماية سلامة الناس من جهة، والبعض الآخر الذي لا يهمه هذا الأمر من جهة أخرىquot;.

يتكلّم دو هوب شافر بصراحة قائلا: quot;لن أشرف على تحالف منقسم إلى شقّين.quot; بعد ذلك يستدرك كلامه: quot; الناتو ليس موحّداً متراصاًquot;، إذ تختلف quot;التحذيراتquot; بين أعضائها الـ26. لذلك وضعت الدول اللاتينيّة حدودا، رسمتها ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والحكومات الأخرى، تذكر متى ولماذا وأين سيحارب الجنود ويموتون عوضا عن التأثير على مصالح الدول الأخرى وبناء المدارس و القيام بالأمور التي يجيدها الأوروبييون.

قال لي: quot;كوني الأمين العام، سأؤيّد دائما غياب التحذيرات، وإذا كان الأمر مستحيلا، سأبذل جهدي لتكون أقلّ عدد ممكن. لكن يجب أن أكون واقعيا، إذا كان علي أن أختار بين قوات مع تحذيرات وبين عدم الحصول على أيّ قوّات، فسأتّخذ قراري بكلّ سهولةquot;.

إنه أمر واضح، فوجود 3200 فرقة ألمانيّة في الشمال الهادئ أفضل من لا شيء، لكن كما ذكرت سابقا، حان وقت الـquot;باندسماختquot;، أي التزام الألمان بخوض الحرب.

سيستلزم جذب أفغانستان من القرون الوسطى وقبضة طالبان الأثريّة كل ذرّة طاقة ممكنة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والديبلوماسي والعسكري. وهذا ليس كل شيء، فإذا تلاشت الوحدة في مرحلة الخطر، عندها سنخسر الحرب.

بدأت كندا تتحدث عن سحب قواتها التي يبلغ عددها 2500 والتي تقف في الخطوط الأمامية في جنوب أفغانستان، في حال لن يقدم الحلفاء الأوروبيون على فعل المزيد، وتعهّد الأميركيون بإرسال 3200 جنديا إضافيا من البحريّة. إنها فرصة ذهبية لرئيس جمهوريّة فرنسا، نيكولا ساركوزي، كي يثبت التزامه المتزايد بالحلف، لذلك عليه أن يرسل مزيدا من القوات الفرنسيّة.

أضاف دو هوب شافر: quot;نحن نفتقد الى 10% من المستلزمات العسكريّة التي وضعناها بنفسناquot;. والنقص الكامن هو عبارة عن فرقتين من 12 شخصا لتدريب الجيش الأفغاني. quot;لن أكون راضيا إلا حتى أحصل على ما نريد وبنسبة 100%quot;.

لكن إذا أعطى الناتو المزيد، فعلى الرئيس حميد كرزاي أن يفعل بالمثل. وفي هذا الصدد قال دو هوب شافر: quot;يمكنه أن يقوم بعمل أفضل في مواجهة الفساد وأن يحرص على تعيين مدراء نزهاء في الشرطةquot;.

في ما يتعلّق بالفوضى السياسيّة، يتلقّى زالماي خليل زاد، سفير الولايات المتحدة الى الأمم المتحدة الأفغانيّ الأصل، اتصالات هاتفيّة يوميّة من سياسيين أفغان يحثونه على أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة السنة المقبلة، لكنه يقول إنه لن يفعل. رغم ذلك، هناك صورة منطبعة في الذهون أن مكتب كرزاي يشهد على زيارات كثيرة.

يُلقي كرزاي لوم ولادة طالبان من جديد على باكستان، ولقد أصاب في ذلك. فالسياسة التي تتبعها الولايات المتحدة مع أفغانستان وباكستان هي في كل مكان. قال دو هوب شافر: quot;على الناتو أن يجري حوارا جديا مع حكومة باكستانيّة جديدة قريبا، لأن من يثيرون الفوضى في باكستان هم نفسهم وراء الفوضى في أفغانستانquot;.

أرى الأوروبيين يتثاءبون. هل يمكن لوازيريستان أن تشكل خطرا على الغرب؟ حسنا، حسبما يُقال، يختبئ أيمن الظواهري وقادة القاعدة في المناطق الحدوديّة، لكنها مناطق معزولة. أما في ما يتعلّق بتفجيرات مدريد ولندن، فلا مفرّ من الأمور السيئة، أكانت في الماضي أو في المستقبل.

هذه اللامبالاة تؤدي الى فشل التحالف. فلقد أخفق الناتو في أن تثبت صلتها الوثيقة بالجيل الأوروبي المعاصر. تحتاج منظمة حلف شمال الأطلسي الى تصنيف جديد، عليها أن تكون أكثر يقظة في مدّ جسور السلام الثمين.

قد أطلق حملة إعلانيّة حيث يتحمّس البولاندييون والسلوفاكيون للحصول على الأمن والحريّة من خلال انتسابهما الى منظمة حلف شمال الأطلسي. اسألوا ماقدونيا وألبانيا وكرواتيا لما تقف على باب منظمة حلف شمال الأطلسي. كما سيتم الترحيب بجورجيا وأوكرانيا ذات يوم: دعوا الروس الذين أخضعوهم في الماضي يتذمّرون.

لا تعتبر كابول واعدة كبرلين، لكنهما متساويتان من حيث الأهميّة.

توزيع خدمة نيويورك تايمز